فى قوله تعالى (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٣) الفاتحة) فيه إضفاء الأمل في قلبك أيها العبد الفقير إلى رحمة ربك فصيغة فعلان أي (الرحمن) تفيد الدلالة على التجدد كقولنا عطشان فهي لا تدل على الثبوت بل على التجدد والامتلاء بهذا الوصف وصيغة فعيل أي الرحيم تدل على الثبوت في الصفة كقولنا طويل أو جميل فجاء السياق القرآني بهاتين الصيغتين للدلالة على أن رحمته سبحانه وتعالى ثابتة ومتجددة فالعطشان يذهب ظمأه إن شرِب ولكن الكريم لا تزول عنه هذه الصفة ولو افتقر فكان الترادف بين الصيغتين فعلان وفعيل أي الرحمن الرحيم يبث في الحنايا الرحمة الدائمة التي تباشر العباد.
اياك نعبد واياك نستعين:
قدم المفعولين لنعبد ونستعين وهذا التقديم للاختصاص لانه سبحانه وتعالى وحده له العبادة لذا لم يقل نعبدك ونستعينك لانها لا تدل على التخصيص بالعبادة لله تعالى اما قول اياك نعبد فتعني تخصيص العبادة لله تعالى وحده وكذلك في الاستعانة (اياك نستعين) تكون بالله حصرا (ربنا عليك توكلنا واليك انبنا واليك المصير) (الممتحنة آية ٤) كلها مخصوصة لله وحده حصرا فالتوكل والانابة والمرجع كله اليه سبحانه (وعلى الله فليتوكل المتوكلون)(ابراهيم ١٢)
(قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا) (الملك آية ٢٩) تقديم الايمان على الجار والمجرور هنا لان الايمان ليس محصورا بالله وحده فقط بل علينا الايمان بالله ورسله وكتبه وملائكته واليوم الآخر والقضاء والقدر لذا لم تأت به آمنا. أما في التوكل فجاءت وعليه توكلنا لا توكلنا عليه لان التوكل محصور بالله تعالى.
*الآن لماذا كررت اياك مع فعل الاستعانة ولم يقل اياك نعبد ونستعين؟
هذا رب العالمين قال (إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) لأن هذا شرك وكلنا نعرف أنهم قالوا أن عزير ابن الله والمسيح ابن الله وغير ذلك كثير فرب العالمين قال (لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) وهم المشركون، الثانية (فَمَنْ) هنا الكلام مبتدأ هنا بالفاء بناءً على آية قبلها (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآَنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ ﴿١٥﴾ يونس) قال (فَمَنْ أَظْلَمُ) تفريعاً على هذا، لماذا قال لا يفلح المجرمون؟ لأن هؤلاء كفار قريش وزعماء قريش وقادتها ما حرفوه من أجل تحيز ديني اليهود والنصارى الرهبان والأحبار حرّفوا القرآن من منطلق طائفي وفئوي ومذهبي كما هو معروف. كل واحد يفسر التوراة والإنجيل وينحرف بها على وفق ما تحققه مصلحته باعتباره مذهباً أو طائفة من هؤلاء وهؤلاء كفار قريش ما كان فيهم طائفة ولا حزب بس غيرة وحسد وقالوا (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ﴿٣١﴾ الزخرف) كيف هذا اليتيم يصبح نبياً؟ أين المغيرة بن شعبة وأمية بن خلف وفلان الفلاني الخ؟ قضية عنصرية وحسد، فهم مجرمون هذا الفرق بين الظالمون وبين المجرمون.
والأمر الآخر أيضاً أنه تعالى قال في آية سورة البقرة (وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) ولم يقل ادعوا من استطعتم كما قال في هود (وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) ونسأل لماذا جاءت الآية في سورة هود بـ (وادعوا من استطعتم) ولم تأتي في آية سورة البقرة؟ ونقول أنه في آية سورة البقرة عندما قال (من مثله) افترض أن له مثل إذن هناك من استطاع أن يأتي بهذا المثل وليس المهم أن تأتي بمستطيع لكن المهم أن تأتي بما جاء به فلماذا تدعو المستطيع إلا ليأتي بالنصّ؟ لماذا تدعو المستطيع في سورة البقرة طالما أنه افترض أن له مثل وإنما صحّ أن يأتي بقوله (وادعوا شهداءكم) ليشهدوا إن كان هذا القول مثل هذا القول فالموقف إذن يحتاج إلى شاهد محكّم ليشهد بما جاءوا به وليحكم بين القولين. أما في آية سورة هود فالآية تقتضي أن يقول (وادعوا من استطعتم) ليفتري مثله، هم قالوا افتراه فيقول تعالى ادعوا من يستطيع أن يفتري مثله كما يقولون. إذن فقوله تعالى (وادعوا شهداءكم) أعمّ وأوسع لأنه تعالى طلب أمرين: دعوة الشهداء ودعوة المستطيع ضمناً أما في آية سورة هود فالدعوة للمستطيع فقط.
ومما سبق نلاحظ أن الآية في سورة البقرة بُنيت على العموم أصلاً (لا ريب، من مثله، الحذف قد يكون للعموم، ادعوا شهداءكم). ثم إنه بعد هذه الآية في سورة البقرة هدّد تعالى بقوله (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (٢٤)) والذي لا يؤمن قامت عليه الحجة ولم يستعمل عقله فيكون بمنزلة الحجارة.
ثم نسأل لماذا حدد في آية سورة هود السور بعشر سور؟ هذا من طبيعة التدرج في التحدي يبدأ بالكل ثم بالأقل فالأقل.
*لماذا لا يُذكر سيدنا اسماعيل مع ابراهيم واسحق ويعقوب في القرآن؟(د. فاضل السامرائى)
أولاً توجد في القرآن مواطن ذُكر فيها ابراهيم واسماعيل ولم يُذكر اسحق وهناك ٦ مواطن ذُكر فيها ابراهيم واسماعيل واسحق وهي:(١٣٣)(١٣٦)(١٤٠) البقرة (٨٤) آل عمران (٣٩) ابراهيم (١٦٣) النساء
وكل موطن ذُكر فيه اسحق ذُكر فيه اسماعيل بعده بقليل أومعه مثل قوله تعالى (فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (٤٩) و(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (٥٤)) مريم) إلا في موطن واحد في سورة العنكبوت (٢٧)).
وفي قصة يوسف - عليه السلام - لا يصح أن يُذكر فيها اسماعيل لأن يوسف من ذرية اسحق وليس من ذرية اسماعيل (وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آَلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦)) (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آَبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (٣٨)).
وقد ذُكر اسماعيل مرتين في القرآن بدون أن يُذكر اسحق في سورة البقرة (١٢٥) (١٢٧) لأن اسحق ليس له علاقة بهذه القصة أصلاً وهي رفع القواعد من البيت.
آية (١٠):
* ما معنى غيابة الجب (قَالَ قَآئِلٌ مَّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ (١٠) يوسف)؟ وهل هي من الغياب؟(د. فاضل السامرائى)
ونلاحظ في القرآن أنه تعالى عندما يستعمل (من) يعطف عليها ما لا يعقل كما في قوله تعالى في سورة الحج (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴿س﴾(١٨)). أما عندما يستعمل (ما) فإنه يعطف عليها ما يعقل (ولله يسجد.. دابة والملائكة) وهو خط بياني لم يتخلف في القرآن أبدا والحكمة البيانية منه الجمع.
** ومثل التقديم على فعل الإستعانة قوله تعالى (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (١٢) ابراهيم) وقوله ( على الله توكلنا ربنا، الأعراف) وقوله (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (٨٨) هود) فقدم الجار والمجرور للدلالة على الإختصاص وذلك لأن التوكّل لا يكون إلا على الله وحده والإنابة ليست إلا إليه وحده.
ولم يقدم مفعول الهداية على فعله قلم يقل : إيانا اهد كما قال إياك نعبد وذلك لأن طلب الهداية لا يصح فيه الإختصاص إذ لا يصح أن تقول اللهم اهدني وحدي ولا تهد أحداً غيري أو خُصني بالهداية من دون الناس وهو كما تقول اللهم ارزقني واشفني وعافني. فأنت تسأل لنفسك ذلك زلم تسأله أن يخصك وحدك بالرزق والشفاء والعافية فلا يرزق احداً غيرك ولا يشفيه ولا يعافيه.
آية (١٧):
*ما دلالة إستعمال الأفعال المسندة إلى الموت؟(د. حسام النعيمى)
قال ابن عباس في تفسير قوله تعالى: ﴿وأرسلنا الرياح لواقح﴾؛ قال: لواقح للشجر والسحاب. وهو قول الحسن وقتادة والضحاك من التابعين. وذكر هذا القول أيضاً الطبري والقرطبي.
وقال طائفة من المفسرين: لواقح جمع لاقح، أي: حاملة للسحاب والخير، وضدها الريح العقيم.
فعلى الأول: تكون لواقح جمع ملقحة. وعلى الثاني: تكون جمع لاقح.
ولا معارضة بينهما، فلقد صوب إمام المفسرين الطبري كِلا القولين جميعاً، ذلك بأن الرياح تُلقَّحُ بمرورها على التراب والماء والشجر فيكون فيها اللقاح، وهي بذلك لاقحة نفسها. كما أنها ملقحة لغيرها، وإلقاحها السحاب والشجر هو عملها فيهما.
حقائق علمية:
التلقيح الريحي ضروري في عملية الإخصاب وخاصة للنباتات ذات الأزهار الفاقدة لجاذبية الحشرات.
التفسير العلمي:
أصبح من المقرر عند علماء النبات أن التلقيح عملية أساسية للإخصاب وتكوين البذور، حيث تنتقل حبيبات اللقاح (Pollen Grain) من العناصر الذكرية للزهرة (Anthers) إلى العناصر الأنثوية فيها (Stigmas) حيث يتم الإخصاب.
والتلقيح قد يكون بين العناصر الذكرية والأنثوية للزهرة الواحدة أو النبتة الواحدة ويسمى عندئذ بـ "التلقيح الذاتي" (Self Pollination) وقد يكون بين نبتتين منفصلتين ويسمى حينئذ بـ "التلقيح المختلط" (Cross Pollination).
تختلف طرق انتقال حبيبات اللقاح باختلاف نوع النبات، فهناك فضلاً عن التلقيح بواسطة الإنسان - ثلاثة طرق أخرى:
- التلقيح بواسطة الحيوانات: كالحشرات (Insect Pollination) والطيور (Bird Pollination).
- التلقيح بواسطة المياه (Water Pollination).
- التلقيح بواسطة الرياح (Anemophily).
إنّ للرياح، كما تذكر الموسوعة العالمية دوراً هاماً في عملية نقل اللقاح في النباتات التي تفتقد الأزهار ذات الرائحة والرحيق والألوان الجاذبة للحشرات حيث تقوم الرياح بنشر اللقاح على مسافات واسعة قد تصل إلى ٨٠٠ كيلومتر.
أما في آية فاطر فالكلام على البحر وليس على وسائط النقل (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ (١٢)) كل الكلام على البحر (وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا) فقدّم (فيه) (وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ) وقبلها قال (وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ (١١)) الكلام ليس في وسائط النقل أما في آية النحل في وسائط النقل فقدم صفة واسطة النقل وهنا الكلام على البحر فقدم ضمير البحر (وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ) هذا بالنسبة للتقديم.
بالنسبة للواو (لتبتغوا) و(ولتبتغوا):
إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) رجع للإفراد بعد أن قال (من آياتنا، لنريه، باركنا) قال (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) ليدل على أنه واحد لا شريك له منزه عن الشرك وذكرنا في أكثر من مناسبة أن هذا أسلوب مضطرد في القرآن الكريم أنه حيث يذكر ضمير التعظيم لا بد أن يسبقه أو يأتي بعده ما يدل على أنه واحد لا شريك له. وقال (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) ولم يقل إنه سميع بصير، (هو) ضمير الفصل الإعلان له الكامل في ذلك وأنه مختص به سبحانه. يأتي السؤال لماذا قال (السميع البصير) وكان المضمون أن يأتي بما يدل على القدرة؟
سؤال: هل هناك فرق في النحو بين (إنه هو السميع البصير) و(إنه السميع البصير)؟
التعريف في النحو هو ما دلّ على شيء معيّن (إزالة الإشتراك عن الشيء) أما التنكير فهو عام. في الآيات القرآنية التي وردت كلمة (الكذب) فيها بالتعريف هي آيات خاصة بأمر معين أما التي وردت فيها كلمة (كذب) بالتنكير فهي تتعلق بأمر عام. مثال في استخدام كلمة (الكذب) بالتعريف في القرآن قوله تعالى في سورة آل عمران (كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴿٩٣﴾ فَمَنِ افْتَرَىَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴿٩٤﴾) الكذب هنا متعلق بالمسألة في الآية أما في قوله تعالى في سورة الكهف (هَؤُلَاء قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً ﴿١٥﴾) ليس هناك أمر خاص وإنما هو أمر عام لذا جاءت كلمة (كذب) بالتنكير.
*ما دلالة استخدام صيغة الفعل المضارع في قوله تعالى (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (١٨) الكهف) مع أن الأحداث انتهت ومضت ؟(د. فاضل السامرائى)
عدم ذكرها في سورة مريم هو المناسب لأن الآية في السورة خطاب لزكريا - عليه السلام - عندما دعا ربه ليهب له غلاماً فقال تعالى (إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى) فيتعجب زكريا (أنّى يكون لي غلام) فقال تعالى (ولقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا) بمعنى أن الله تعالى خلقه ولم يكن شيئاً أصلاً ولو قال شيئاً مذكورا لا تظهر قدرة الله تعالى لأنها ستفيد أنه كان شيئاً لكنه لم يكن مذكورا. فالخلق من أبوين أيسر عند الله من الخلق من العدم لكن الله تعالى يريد أن يُظهر أنه خلق زكريا ولم يكن شيئاً مذكوراً أي خلقه من العدم وهذا أصعب من الخلق من ابوين وكله عند الله تعالى سهل لكننا نتحدث من منطق البشر. والعموم يدلُ على القدرة الأكبر ولو قال في آية سورة مريم (شيئاً مذكورا) لم تؤدي المعنى المطلوب في الآية. وهذا أدلُ على القدرة، كذلك في قوله تعالى (أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا) لم يأت بكلمة مذكورا هنا أيضاً لأن الخطاب في الآية للذين أنكروا البعث فهم يستبعدون أن يعيدهم الله بعد موتهم فيخبرهم الله تعالى أن الإعادة أيسر من الإبتداء بالخلق من عدم ونفي الشيء هو أبلغ من الذكر.
آية (١٠):
*ما الفرق التعبيري والبياني بين قصة زكريا - عليه السلام - في سورتي مريم وآل عمران ولماذا جاء في إحداها ثلاث ليال وفي الأخرى ثلاثة أيام؟ (د. فاضل السامرائى)
إذا استعرضنا الآيات في كلتا السورتين نجد فروقات منها:
؟ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) آية١٨٣
؟ (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون) آية َ١٧٩
؟ (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ )آية ١٤٤– (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ)آية ١٥٨
وكل من هذه الآيات هي اول آية في الربع التي ذكرت فيه.
؟ الربع الرابع: باقي أجزاء منهج الاستخلاف
؟ الجهاد والانفاق(وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ(١٩٠)وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ(١٩١)
؟ الحج وأحكامه (١٩٦ - ٢٠٠)
لما كان موسى في حالة خوف قال (كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا) فبدأ بما يذهب الهم ويذهب الغم وينجي من الخوف. إذن التسبيح أخص من الذكر والذكر أعم.
آية (٣٦):
*ما دلالة كلمة (سؤلك) فى قوله تعالى: (قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (٣٦) ؟ (د. فاضل السامرائى)
كلمة سؤل بتسكين الهمزة أي ما سألته وهي من أوزان اسم المفعول لأن أوزان اسم المفعول ثمانية من جُملتها فُعل بضمّ الفاء وتسكين العين مثل نكر في قوله تعالى (لقد جئت شيئا نكرا) وكلمة خُبث اي المخبوث.
آية (٣٩):
*(وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧) القصص) (إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (٣٨) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ (٣٩) طه) فما الفرق بين الآيتين؟ وما الفرق بين ألقيه واقذفيه؟(د. فاضل السامرائى)
قال تعالى (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) كلهم يسبحون في آن واحد، (كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ) يوم القيامة كلهم مع بعضهم، (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ) كلٌ على حدة، (كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ) كلٌ على حدة كل واحد في أزمان مختلفة.
هل هي لغوية معروفة أو خصوصية في القرآن الكريم؟
أصل اللغة ما ذكرنا والقرآن كسى بعض الكلمات دلالات خاصة به في سياق القرآن.
آية (٣٤):
*ما الفرق بين (مِتم) بكسر الميم و(مُتم) بضم الميم؟(د. حسام النعيمى)
مُتم بالضم مسندة إلى المعلوم. مات يموت فيقول مُت أنا وهنا تكون التاء فاعلاً مبني في محل رفع الفاعل (للمتكلم) أو مُت أنت. لكن إذا أردت أن تبنيها للمجهول يعني وقع عليه الموت بمعنى أُميت تصير (مِتَّ ومِتُ أنا) تُكسر الميم. (أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (٣٤))موضوع الضم والكسر لأن هذا فعل أجوف والأجوف عندما يُبنى للمجهول يكون بهذه الصيغة.
آية (٤٤):
* ما معنى الآية(أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا)؟ (د. فاضل السامرائى)
هناك مسميات كالذين آمنوا والذين هادوا والنصارى ثلاثة هؤلاء من صنف هؤلاء يتبعون أنبياء معروفين مشهورين وهؤلاء كلٌ آمن بنبيه على اختلافٍ بينهم في بعض القضايا ولكنهم يبعثون على أنهم من أتباع رسولٍ محددٍ معين ولا يبعثون مع الذين هم تركوا نبيهم إلى تحريفٍ أو تخريفٍ آخر كاملاً، هذا واحد إذاً هناك ناس من أمم الرسل، هذا واحد. هناك ناس كانوا من أمم الرسل ولكنهم تركوا جزءاً أو كلاً حتى انزلقوا إلى الوثنية لكنهم في البداية كانوا يتبعون رسولاً صحيحاً نبياً صحيحاً حقيقياً كالصابئة وسنتكلم عنهم بعد قليل. هؤلاء ناس من أتباع الأنبياء ولكن في الأخير صار عندهم شيء من الخلل وأصبحوا بين اليهود والنصارى لا هم يهود ولا هم نصارى يعني صار تحريفهم كبيراً هؤلاء صنف لكنه محسوب مع الذين يؤمنون بأنبياء حقيقيين ولو أنهم ابتعدوا عنهم. وهناك ناس لا، مشركون لا يؤمنون بنبيٍ، لا قبل هذا في ناس يؤمنون بنبي ولكن ليس نبياً حقيقياً هو نبيٌ متنبئ يدعي النبوة وهو ليس نبياً وهم المجوس هذا صنف ثالث الصنف الرابع المشركون والوثنيون. رب العالمين عز وجل من رحمته شمل هؤلاء جميعاً بأن كل واحد منهم يتوب قبل الموت فإنه ناجٍ (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) إذا آمن وعمل صالحاً انتهى.
وجه ارتباط هذه الآية بما قبلها ظاهر، إذ أن كلا من الفروج والأمانات ينبغي أن يحفظ، فالفروج ينبغي أن تحفظ وتصان وكذلك الأمانات. ومن لم يحفظ الأمانة والعهد، فهو ملوم كما هو شأن من لم يحفظ فرجه. ومن ابتغى ما لا يحل من الفروج عاد، وكذلك الباغي على الأمانة عاد ظالم.
وقد قدم الأمانة على العهد، وجمع الأمانة وأفرد العهد. أما جمع الأمانة، فلتعددها وتنوعها فهي كثيرة جداً، فمن ذلك ما يؤتمن عليه الشخص من ودائع الناس وأموالهم، ومنها ما يطلع عليه من أسرار الناس وأحوالهم، ومنها الأقوال التي يسمعها ويستأمن عليها مما لا يصح أن يذيعه منها، ومنها أن يودع شخص أهلاً له عند شخص حتى يعود ويقول له: هؤلاء أو صغاري عندك أمانة حتى أعود، أو حتى يكبروا، فهو يتولى أمرهم ويرعاهم، والزرع قد تجعله أمانة عند شخص فيرعاه ويتعهده ويحفظه، والحكم أمانة، والرعية أمانة عند أميرهم ومتولي أمرهم، والقضاء أمانة ثقيلة، والشرع أمانة، قال تعالى: ( إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال) [الأحزاب].
جاء في (البحر المحيط): "والأمانة الظاهر أنها كل ما يؤتمن عليه من أمر ونهي، وشأن ودين ودنيا، والشرع كله أمانة، وهذا قول الجمهور ولذلك قال أبي بن كعب: من الأمانة أن اؤتمنت المرأة على فرجها".
وفي الحديث(المؤذن مؤتمن) يعني: أن المؤذن أمين الناس على صلاتهم وصيامهم، فصلاة الناس وصيامهم أمانة عنده. وفي الحديث أيضاً: (المجالس بالأمانة) و "هذا ندب إلى ترك إعادة ما يجري في المجلس من قول أو فعل، فكان ذلك أمانة عند من سمعه أو رآه. والأمانة تقع على الطاعة والعبادة والوديعة والثقة والأمان، وقد جاء في كل منها حديث"، وفي الحديث: "الإيمان أمانة ولا دين لمن لا أمانة له" وفي حديث آخر: "لا إيمان لمن لا أمانة له" وفي الحديث: "أستودع الله دينك وأمانتك" أي: أهلك، ومن تخلفه بعدك منهم، ومالك الذي تودعه".
قال تعالى في سورة النور (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴿٢٦﴾) وإذا نظرنا إلى السياق في السورة وجدنا أن الكلام في السورة عن النساء ورميهن بالإثم والقذف ورمي الأزواج لأزواجهم (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴿٤﴾) (إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿١١﴾) وقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿٢٣﴾) وقد جاء في بداية السورة (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿٢﴾) بتقديم الزانية على الزاني لأن الفِعلة تأتي من النساء أولاً ثم إن بعض النساء تحترف هذه المهنة ولا يحترفها رجل.
آية (٢٩):
*ما الفرق بين لا جناح عليكم وليس علكم جناح؟ (د. فاضل السامرائى)
* (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (٣٢) الفرقان) نُزّل تعني التفريق أوالتنجيم فكيف تتناسب مع (جملة واحدة)؟(د. حسام النعيمى)
يردّ القرآن (كذلك) أي هكذا أنزل (لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا) أي جعلناه رَتَلاً يتبع بعضه بعضاً كما يقال سار الجُند رتَلاً وهذا رَتَل من السيارات وليس رتْْل بالسكون وإنما رَتَل بالفتح. لو قيل في غير القرآن : لولا أنزل عليه القرآن جملة واحدة لا تستقيم كلمة (كذلك). الفرق بين أُنزِل ونزّل أن أنزل كأنه مرة واحدة ولذلك أنزل التوراة والإنجيل ونزّل من معانيها التدرّج. قوله تعالى (إنا أنزلناه في ليلة القدر) أي جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ثم بعد ذلك نزل مفرّقاً؟ نزّل (فعّّل) تأتي للتدرج كما تقول علّمه، التعليم لا يكون جملة واحدة وإنما يكون بتدرّج، أعلّمه مرة واحدة تعلّمه شيئاً معيناً. لكن نزّل (فعّل) لا تأتي دائماً للتدرج وقد تأتي لمعنى التكثير والمبالغة وقد تأتي بنفس معنى أنزل: عندما تقول: كرّمت الجامعة المتفوق الأول لا يعني التدرج وإنما مرة واحدة، نوع من التكريم والتعظيم والمبالغة، قدّمت زيداً وأخّرت عمرواً ليس فيه تدرجاً قد يكون المعنى للتكثير أنه للمبالغة.
واللام للمِلك وشِبهه وفي تعدية أيضاً وفي تعليل
جُمِع السحرة لهذا الغرض وليس المقصود مجرد الجمع وإنما لغرض محدد واضح وكأنها لام العلة مثل قولنا أعددتك لهذا اليوم. هنالك معاني تذكر في كتب النحو لمعاني أحرف الجر تتميز في الاستعمال غالباً وأحياناً يكون فيها اجتهادات لأنها تحتمل أكثر من دلالة وحتى النحاة قد يختلفون في الدلالة لأن الجملة قد تحتمل أحياناً أكثر من دلالة ظاهرة أو قطعية.
آية (٤١):
*ما الفرق بين الآية (وَجَاء السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالْواْ إِنَّ لَنَا لأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (١١٣) الأعراف) و (فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (٤١) الشعراء)؟(د. فاضل السامرائى)
إن الذي أوردته من سورة النمل، هو كل ما ورد عن قصة موسى في السورة. وأما ما ذكرته من سورة القصص فهو جزء يسير من القصة، فقد وردت القصة مفصلة ابتداء من قبل أن يأتي موسى إلى الدنيا إلى ولادته، وإلقائه في اليم والتقاطه من آل فرعون، وإرضاعه ونشأته وقتله المصري وهربه من مصر إلى مدين، وزواجه وعودته بعد عشر سنين وإبلاغه بالرسالة من الله رب العالمين، وتأييده بالآيات، ودعوته فرعون إلى عبادة الله إلى غرق فرعون في اليم، وذلك من الآية الثانية إلى الآية الثالثة والأربعين.
فالقصة في سورة القصص إذن مفصلة مطولة، وفي سورة النمل موجزة مجملة. وهذا الأمر ظاهر في صياغة القصتين، واختيار التعبير لكل منهما.
هذا أمر، والأمر الثاني أن المقام في سورة النمل، مقامُ تكريم لموسى أوضح مما هو في القصص، ذلك أنه في سورة القصص، كان جو القصة مطبوعا بطابع الخوف الذي يسيطر على موسى عليه السلام، بل إن جو الخوف كان مقترنا بولادة موسى عليه السلام، فقد خافت أمه فرعونَ عليه، فقد قال تعالى: "وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي" القصص: ٧، ويستبد بها الخوف أكثر حتى يصفها رب العزة بقوله: "وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا" القصص: ١٠
ثم ينتقل الخوف إلى موسى عليه السلام، ويساوره وذلك بعد قتله المصري: "فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفاً يَتَرَقَّبُ ١٨". فنصحه أحدُ الناصحين بالهرب من مصر لأنه مهدد بالقتل: "فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ ٢١"، وطلب من ربه أن ينجيه من بطش الظالمين: "قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ٢١". فهرب إلى مدين وهناك اتصل برجل صالح فيها، وقص عليه القصص فطمأنه قائلا: " لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ٢٥"
واستعمل القرآن فؤاد وقلب مع أم موسى (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠) القصص) الفؤاد المغلّف يقصد ما بداخله والعرب عندما تستعمل الفؤاد، تستعمل القلب، تستعمل اللب تعني الموضع الذي يكون فيه الفكر والعاطفة وجاء في القرآن (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) هل المراد على وجه التعيين هي هذه العضلة؟ أم هناك شيء في الصدر لا نعلمه؟ لأن العلم كل يوم يكتشف شيئاً جديداً ونحن نؤمن بكلام ربنا كما هو فإلى الآن هو عمى البصيرة يعني الموضع الذي يكون فيه الفكر والبصر هو الذي يعمى.
الفؤاد هو الغشاء الذي يغطي والحديث الذي بين أيدينا يوضح ذلك بشكل لا لبس فيه لأنه إستعمل الكلمتين في مكان واحد إستعمل للفؤاد الرقة وللقلب اللين واللين غير الرقة والله أعلم.
*ذكرت سابقاً الفرق بين القلب والفؤاد فما دلالة قوله تعالى في سورة القصص (فأصبح فؤاد أم موسى فارغاً إن كانت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها)؟ (د. حسام النعيمى)
العرب تستعمل القلب والفؤاد بمعنى واحد ولكن الحديث فرّق بين الإثنين فجعل الفؤاد للغشاء " أرقّ أفئدة وألين قلوباً" فأخذنا بقول "اللسان" أنه يكون الغشاء هو الفؤاد وهذا لا يتعارض مع الآية ففراغ فؤاد أم موسى يتضمن فراغ القلب أيضاً وليس فراغاً حقيقياً وفيه إشارة إلى عدم الإنشغال فهي لم تعد منشغلة. وقوله تعالى (لولا أن ربطنا على قلبها) أي صبّرناها لأن الربط على القلب بمعنى التصبير، ربط على قلبه أي صبّره هكذا هي في المعجم.
آية (١٣):
* ما هي دلالة التعليل بـ ( كي) في قوله تعالى (كي تقرّ عينها ولا تحزن) وباللام في قوله تعالى (ولتعلم)؟(د. فاضل السامرائى)
البِرّ أن توفر له حاجاته لكن قد تقدمها بشكل غير لائق فيها شيء من الغلظة أو الخشونة وقد تشتم أباك وقد تزدريه من كِبَره أو تزدري أمك لكن الإحسان أن تعطي هذين الأبوين هذا البر بشكل في غاية الدقة والأناقة والجمال من حيث أنك تكون خادماً لهما وتقريباً وبلا مبالغة ولا مباهاة ٩٩% من هذه الأمة يتعاملون مع آبائهم وأمهاتهم عند العطاء بهذا الخضوع والذل. وهذا الذل من أعظم أنواع العز (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ ﴿٢٤﴾ الإسراء) هذا الذل هو من أعظم أنواع العز في الأرض. ولهذا ملوك الأرض والذين فتحوا البلدان والذين قاموا بأنواع من الحضارات والتحضّر أمام والديه كالعبد هذا الذل العبقري الذي هو أعلى قيمة الإنسان العظيم العزيز.
كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (آية ١٥٤) ثم يذكر أسباب الهزيمة والمعصية (الآية ١٥٢). مرتبط ببدايات السورة في قوله تعالى (زين للناس حب الشهوات) وهذه الشهوات هي التي تدفع للمعصية وكذلك الربا تؤدي الى الخلافات ولهذا وردت آية الربا في سورة آل عمران أيضاً (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) آية ١٣٠.
أما تسمية السورة بـ (آل عمران) فهي إكرام لزوجة عمران والسيدة مريم ابنة عمران فالسيدة مريم عليها السلام كانت رمزاً للثبات في العبادة والعفّة وزوجة عمران كانت رمزاً للثبات بنصرة الإسلام (رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا) وحينها كان المسجد الأقصى مأخوذاً من المؤمنين فنذرت ما في بطنها لخدمة المسجد الأقصى ووضعتها أنثى وتقبلها الله تعالى منها. وكذلك سورة آل عمران فيها نظرة عالية للمرأة بذكر زوجة عمران ومريم عليها السلام التي رفعت من الروح المعنوية لدى سيدنا زكريا - عليه السلام - فدعا ربه أن يهب له ذرية صالحة. وفي هذا إشارة أن رمز الثبوت هم النساء ولذا جاء ترتيب سورة النساء مباشرة بعد سورة آل عمران. هذا والله أعلم.
ملحوظة: هناك سمة تعبيرية للسورة أي سورة تكثر فيها كلمات معينة مثل كلمة الله في سورة البقرة وكلمة الرب في سورة آل عمران والرحمن والرحمة في سورة مريم أكثر سورة في القرآن تردد فيها الرحمة والرحمن.
***من اللمسات البيانية فى سورة آل عمران***
آية (٣):
*ما الفرق بين دلالة كلمة الكتاب والقرآن؟(د. فاضل السامرائى)
التقديم أن تعطي وتقدم مما عندك أما الكسب فأن تجمع وتأخذ بنفسك. ننظر كيف يستعمل القرآن قدمت وكسبت: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤١) الروم) قبلها ذكر كسباً غير مشروع (وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (٣٩) الروم) هذا كسب فقال بما كسبت أيديكم كسب وليس تقديم. آية الشورى (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ (٣٠)) قبلها ذكر كسب وسوء تصرف (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاء إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (٢٧)) هذا كسب فقال كسبت. آيات التقديم ليست في سياق الكسب مثال (وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ (٣٦) الروم) قبلها قال (وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُم مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٣٣)) ليس فيها كسب. (
هؤلاء المذكورون بهذه الصفات (أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ) واقتران لفظ الرب مع الهداية اقتران في غاية اللطف والدقة لأن الرب هو المربي والموجه والمرشد والمعلم، هذا الرب في اللغة. لم يقل على هدى من الله وإنما قال على هدى من ربهم وفيها أمران: يمكن أن يقال هدى من الله لأن الله لفظ الجلالة إسم العلم كل الأمور تنسب إليه يصح أن تُنسب إليه بإسمه العلم وأحياناً تنسب إلى صفاته بما يناسب المقام، ينسب لله ما يشاء وكلها تنسب لإسمه العلم ولكن هناك أشياء من الجميل أن تنسب إلى صفاته سبحانه وتعالى مثل أرحم الراحمين، الرحمن الرحيم فهنا قال على هدى من ربهم والرب في اللغة هو أصلاً المربي والموجه والمرشد فيناسب اللفظ مع الهداية واختيار لفظ الرب مع الهداية كثير في القرآن وهو مناسب من حيث الترتيب اللغوي (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (٥٠) طه) (قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (٦٢) الشعراء) (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (١٦١) الأنعام) كثيراً ما تقترن الهداية بالرب وهو اقتران مناسب لوظيفة المربي. إضافة إلى أن ربهم أمحض لهم بالنصح والتوجيه والإرشاد وإفادته هو. (أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ) لا شك أن ربهم يهدهم فيه إخلاص الهداية وإخلاص التوجيه ورب الإنسان يعني مربيه أخلص له من غيره، هناك دلالة لطيفة بين الرب والهدى وبين بالإضافة ربهم هم، لو استعمل إسم العلم ليس فيه علاقة بهم وإنما عامة لكن على هدى من ربهم لا شك أن ربهم هو أرحم بهم وأرأف بهم لذا فاختيار كلمة رب مناسبة مع الهداية. ثم إضافته إليهم أمر آخر أنه أرأف بهم وأرحم بهم "على هدى من ربهم هم" لأن ربه هو أرأف به وأرحم به وأطلب للخير له.
عَلَى الْكَافِرِينَ (٧١) الزمر) (وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (٦) غافر) (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ (٩٦) وَلَوْ جَاءتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ (٩٧) يونس) (كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُواْ أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (٣٣) يونس) كلها لم ترد في القرآن لم ترد إلا بهذا المعنى وهذه الدلالة، حق القول أو حقت الكلمة لم ترد إلا بهذه الدلالة.
آية (١٤):
* (فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٤)السجدة) كيف ينساهم الله تعالى؟(د. حسام النعيمى)
هذا يُسمّى حكاية الحال بمعنى إذا كان الحدث ماضياً وكان مهماً فإن العرب تأتي بصيغة المضارع حتى تجعل الحدث وكأنه شاخص ومُشاهد أمامك. والمضارع يدل على الحال والاستقبال والإنسان يتفاعل عادة مع الحدث الذي يشاهده أكثر من الحدث الذي لم يره أو الذي وقع منذ زمن بعيد فالعرب تحول صيغة الأحداث إلى صيغة مضارع وإن كانت ماضية، وهذا الأمر ورد في القرآن كثيراً كما في قوله تعالى في سورة البقرة (قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٩١)) قتل الأنبياء هي حالة مستغربة وفي القرآن يأتي بصيغة المضارع مع الأشياء التي تدل على الحركة والحيوية والمهمة. وقد جاء في قوله تعالى في سورة فاطر (وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ (٩)) جاء فعل أرسل بصيغة الماضي ثم فعل (فتثير) بصيغة المضارع ثم فعل (فسقناه) بصيغة الماضي مع أن السّوق يأتي بعد الإثارة والأحداث كلها ماضية لكن الإثارة مشهد حركة فجعلها بصيغة المضارع ليدل على الحضور. وهذا الأمر نجده أيضاً في السيرة ففي ما روي عن الصحابي الذي قتل أبا رافع اليهودي الذي آذى الرسول - ﷺ - قال يصف ما حصل شعراً:
فناديت أبا رافع فقال نعم فأهويت عليه بالسيف فأضربه وأنا دهش
فجعل صيغة المضارع للمشهد الأبرز وهو الضرب فكأن السامع يرى الحادثة أمامه ويرى الصحابي وهو يضربه.
آية (٢٧):
*ما إعراب كلمة أرضهم وديارهم في الآية (وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً ﴿٢٧﴾)الأحزاب) ؟(د. فاضل السامرائى)
فعل أورث ينصب مفعولين وعليه فإن أرضهم مفعول به أول وديارهم مفعول به ثاني لفعل أورثكم.
آية (٢٨):
اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا) الشكر ليس لساناً فقط وإنما هو عمل ولذلك أعربها قسم مفعول به اعملوا الشكر، مثلاً لو أعطاك الله مالاً فشكره ليس أن تقول الحمد لله فقط وإنما أن تؤدي حقّه فإن لم تؤدي حقه فأنت لست بشاكر ولو بقيت تشكر ربك كلاماً طوال عمرك يعني شكر النعم القيام بحقها فالشكر عمل مع القول وليس قولاً فقط. اعملوا الشكر (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا). وقسم يجعل شكراً حال أي اعملوا كونكم شاكرين وقسم يجعلها مفعول لأجله وهي ليس كما قيل شاكروا آل داوود شكراً وإنما هذا واحد من المعاني وإنما الشكر هو عمل أن تؤدي الحقوق التي عليك فيما آتاك الله من النعم، أن تقوم به عملاً. أعطاك الله جاهاً فتنفع الناس بجاهك في الخير، أعطاك الله علماً وكتمته أنت آثم حتى لو قلت الحمد لله على ما أعطاني من النعمة، إذا كنت كاتماً للعلم فأنت لست بشاكر. (وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) الشكور مبالغة فالذي يشكر ربه دائماً لأن هذا متعلق بالأعمال ومتعلق باللسان.
*ما الفرق بين استعمال كلمة (شكورا) و (شكرا)؟(د. فاضل السامرائى)
الشكور تحتمل الجمع والإفراد في اللغة وهي تعني تعدد الشكر والشكر في اللغة يُجمع على الشكور ويحتمل أن يكون مفرداً مثل القعود والجلوس، وفى آية الإنسان الجمع يدل على الكثرة أي لا نريد الشكر وإن تعدد وتكرر الإطعام باعتبار الجمع.
الإنذار في القرآن الكريم لا يكون خاصاً للكفار والمنافقين وقد يأتي الإنذار للمؤمنين والكافرين. والإنذار للمؤمن ليس فيه توعد فهو للمؤمنين تخويف حتى يقوم المؤمن بما ينبغي أن يقوم به كما في قوله تعالى (إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ﴿١١﴾ يس) وهذا ليس فيه تخصيص لمؤمن أو كافر. وقد يأتي الإنذار للمؤمنين (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴿٢١٤﴾ الشعراء) (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴿١٨﴾فاطر) وقد يكون للناس جميعاً (وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ ﴿٤٤﴾ ابراهيم) (وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴿٥١﴾الأنعام).
* ما اللمسة البيانية في استعمال الأفعال المضارعة واستعمال أفعال ماضية في وسط الأفعال المضارعة؟(د. فاضل السامرائى)
الإخبار يتعدد (وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (١٤) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥) البروج)، فإذن يحتمل أن يكون خبر على خبر يعني (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) (عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) كما نقول إنه من أهل بغداد من أصحاب الثراء. كما يحتمل أن يكون متعلقاً بالمرسَلين يعني إنك على صراط مستقيم متعلق بقوله إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم أرسلت على صراط مستقيم سيكون متعلق بما قبله. إذن يحتمل أن يكون خبر على خبر ويحتمل أن يكون متعلقاً بما قبله يعني أنك من الذين أرسلوا على صراط مستقيم أنت من المرسلين على هذا الأمر على صراط مستقيم. الفرق بين التقديرين من حيث الدلالة لو جعلناه خبر بعد خبر كان ممكن الاستغناء بأحد الخبرين (إنك لمن المرسلين) وتكون جملة تامة لكن أنه على صراط مستقيم أنه من المرسلين إذن لا يجوز الاستغناء عن (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ). إذن لو جعلناه خبر بعد خبر يحتمل أن نستغني بواحد نقول (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) أو إنك (عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) والمعنى تام. إذن يحتمل أن نكتفي بأحد الخبرين والمعنى تام بما نريد نحن. وربنا قال في موطن آخر اكتفى (تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٢٥٢) البقرة) لم يقل على صراط مستقيم، أو قد يكتفي بـ (إنك على صراط مستقيم) (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (٤٣) الزخرف) هذا إذا جعلناه خبراً أما إذا جعلناه متعلقاً لا يصح ولا يكتفي يجب أن يكون متعلق به ويذكر الأمران معاً إذن كل تقدير له دلالة، لو جعلناه خبر يمكن أن نكتفي ماذا يريد المتكلم أن يقول؟ إذا أراد أن يكتفي بذلك قال (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) أو أراد أن يكتفي بأنه على صراط مستقيم يقول (على صراط مستقيم) وإذا أراد الارتباط والتعلق ليس له أن يقول ذلك.
مليم) من ألام أي شديد الملامة. عندنا لامه وألامه فيها زيادة. عندما نقول اللغة تأتي بالثلاثي والرباعي بمعنى واحد وعندنا شواهد على ذلك: يقول لبيد يتحدث عن المطر:
سقى قومي بني مجد وأسقى نميراً والقبائل من هلال
سقى واسقى بمعنى واحد في مكان واحد لكن يقولون أسقى لما أدخل عليها الهمزة كأنه صار أغزر.
أما ابن طوق فقد أوفى بذمته كما وفى بقلاص النجم حاديها
أوفى بمعنى وفى ولكن فيها زيادة.
لامه على الشيء أي بكّته وعاتبه وألامه أيضاً لوم لكن فيها زيادة. ألآم مضارعها يليم فهو مليم إسم فاعل يعني كأنه صار يلوم نفسه هو، هو كثير اللوم لنفسه صار يلوم وصار يستغفر.
(فنبذناه) لم يقل فنبذه الحوت مع أنه قال (فالتقمه الحوت): فالتقمه الحوت لأن فيها ضيق والخير يُنسب إلى الله تعالى ونسبة الضر تأتي لغير الله سبحانه وتعالى على صورتها على صورة الحال، إنسان رمي في البحر فالتقمه الحوت مع أن الله عز وجل سخّر الحوت ليلتقمه. الأولى كأنه موت والثانية كأنها إحياء لذا قال (فنبذناه بالعراء) إذا قال نبذه الحوت ليس فيها شيء وإنما هي صورة طبيعية لكن حتى يبين أن فعل الرحمة هو من الله سبحانه وتعالى نتيجة هذا الإستغفار والتوبة والنفس اللوامة أن الله سبحانه وتعالى إستجاب له.
آية (٦):
*ما إعراب كلمة (الكواكب) في قوله تعالى (بزينة الكواكب)؟ (د. فاضل السامرائى)
الكواكب بدل.
وللبدل عدة أغراض منها:
؟ أن يكون للإيضاح والتبيين كما في قوله تعالى (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ (١٨٤) البقرة) طعام مسكين إيضاح للفدية.
؟ قد يكون للمدح أو الذمّ كما في قوله تعالى (كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ (١٥) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (١٦) العلق) و (وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣) التين).
نِعْمَ فعل ماضي جامد وهذا أشهر إعراب وإن كان هناك خلاف بين الكوفيين والبصريين هل هي إسم أو فعل لكن على أشهر الأقوال أنه فعل ماضي جامد. (وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (٣٠) ص)، نعم الرجل زيد، ويضرب في باب النحو نِعم وبئس (نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (٤٠) الأنفال)، (وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (٩٨) هود) بعدها فاعل لأنه يأتي بعدها المقصود بالمدح والذم. لما تقول: نِعْمَ الرجل محمود، نعربها على أشهر الأوجه: نِعْمَ فعل ماضي على أشهر الأوجه، الرجل فاعل، محمود فيها أوجه متعددة منها أن يكون خبراً لمبتدأ محذوف أي الممدوح محمود أو مبتدأ والخبر محذوف مع محمود الممدوح ورأي آخر يترجح في ظني أن محمود مبتدأ مؤخر وجملة (نعم الرجل) خبر مقدم يعني محمود نِعم الرجل وهو الذي يترجح في ظني. (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) المخصوص محذوف نتكلم عن داوود - عليه السلام -. تقول محمود نِعْم الرجل هذا جائز لكن هو على الإعراب الذي رجحناه يجوز التقديم والتأخير وعلى الإعراب الآخر يكون خبراً مقدماً والمبتدأ محذوف لكن لماذا يرجح هذا أو هذا هذا أمر يتعلق بالنحو. أنا يترجح عندي أن فيها خمسة أوجه، قسم يقول بدل وقسم يقول عطف بيان وفيها أوجه كثيرة وأنا يترجح عندي أنه مبتدأ لأنه يمكن أن ندخل عليه (كان) نِعَم الرجل كان محمود و(كان) تدخل على المبتدأ والجملة قبلها خبر لأنه لو كان خبراً لنُصِب لكنه ورد مرفوعاً نِ‘ْم الرجل محمودٌ.
آية (٣٢):
*ذكر الدكتور في حلقة سابقة في قضية عودة الضمير على غير مذكور ودلّ عليه السياق عندي مثال مطلع قصيدة: (فإن تنجو منها يا حزيم بن طارق فقد تركت ما خلف ظهرك بلقعا) ودل السياق على أنه الخيل فهل يمكن إعطاؤنا مثالاً من القرآن؟(د. فاضل السامرائى)
في القرآن الكلمتان موجودتان عبادي مرسومة بالياء وعبادِ بالكسرة وكلتاهما مضافة إلى ياء المتكلم. في القرآن عندما يقول (عبادي) بالياء مجموعة العباد أكثر فكأنه يحذف معناه أن العباد أقل. عبادي أحرفها أكثر من عباد فهم أكثر هذا في القرآن كله إذا قال عبادي بالياء فالمجموعة أكثر مثال (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا (٥٣) الزمر) هؤلاء كثرة لأنه (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣) يوسف)، (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ (١٨٦) البقرة) كلهم بدون استثناء لم يستثني فجاء عبادي بالياء، يجبهم كلهم، (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (٥٣) الإسراء). (فَبَشِّرْ عِبَادِ (١٧) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ (١٨) الزمر) قلة، (قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ (١٠) الزمر)، (يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (٥٦) العنكبوت) هناك قال اتقوا ربكم صارت التقوى إضافة إلى الإيمان وهنا لم يقل اتقوا ربكم، ثم هو قال (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ (١٠) الزمر) هؤلاء قلة، (يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (٥٦) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (٥٧) العنكبوت) كثرة فجاء بـ(عبادي) مع الكثرة و(عبادِ) مع القلة.
د. أحمد الكبيسى :
قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا (١) النساء) وفي الأعراف (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا (١٨٩) الأعراف)، في الزمر قال (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا (٦) الزمر) أضاف ثم بدل الواو، حينئذٍ واضحة خلق الخلق من شيء آخر الخلق غير الإبداع خلقت شيء من شيء خلقكم من طين وليس من عدم فهو خلق حواء من آدم إذاً (وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا) خلق حواء من آدم وآدم خلقه من الطين، طيب ثم قال (وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا) هو خلق حواء لكن حواء ممكن تصبح خادمة أو جارية قال لك لا جعلتها زوجة فالجعل تغيير الوظيفة. إذاً بعد أن خلقها جعل وظيفتها أنها زوجه ثم قال (ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا) وقطعاً ثم دليل على التراخي واضح جداً. إذاً هذا الفرق بين خلق وبين جعل.
آية (٢):
* ما الفرق بين تبدل وتتبدل ؟(د. فاضل السامرائى)
نلاحظ في القرآن كله وليس فقط في هذه الآية الحذف كما جاء في القرآن مثل (تنزّل وتتنزّل، تبدّل وتتبدّل) وهذا الحذف في عموم القرآن وحيث ورد مثل هذا التعبير في القرآن سواء في الفعل أو غيره يكون لأحد أمرين:
١. للدلالة على أن الحدث أقلّ.
٢. أن يكون في مقام الإيجاز.
آية أخرى في سورة غافر (أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ (٢١)) (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (١٩) غافر) ليس سبباً. لما يأتي بالفاء الفاء سبب، ما قبلها سبب يفضي لما بعدها أما الواو جملة إخبار. هذا خط عام وهذه اللغة والعرب كانت تفهم هذه المعاني، أبو سفيان وأبو جهل كانوا يستمعون إلى القرآن (إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى (٤٧) الإسراء) لا يعلم أحدهم مكان الآخر فيلتقون ويتعاهدون على أن لا يعودوا ثم يعودوا. هم فهموا لغة القرآن ولكن (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا (١٤) النمل). كل كلمة في القرآن عاشقة لمكانها وكل كلمة مقصودة لذاتها.
لماذا لا نفهم نحن القرآن الآن كما فهموه في السابق؟
لأنهم كانوا يتكلمون اللغة على سجيتها ونحن نتعلم لا نعرف النحو ولا البلاغة. علم اللغة نفسها لا نأخذه إلى على الهامش ولا نُحسن الكلام أصلاً. علم النحو مفيد في فهم نص القرآن الكريم. والعلماء يضعون للذي يتكلم في القرآن ويفسره شروطاً أولها التبحر في علوم اللغة وليس المعرفة ولا تغني المعرفة اليسيرة في هذا الأمر. النحو والتصريف وعلوم البلاغة من التبحّر فيها يجعلك تفهم مقاصد الآية فإذا كنت لا تعرف معنى الواو والفاء ولا تعرف ما دلالة المرفوع والمنصوب لن تفهم آيات القرآن.
آية (٢٤):
الفرق بين الله والرب معروف: الله لفظ الجلالة إسم العلم مشتق من الإله كما يقال والرب هو المربي والموجه والمرشد لكن سبب الإختيار في الآية (لَوْ شَاء رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً) لو شاء ربنا دعوة الخلق وهدايتهم لأنزل ملائكة لأن الرسل دعوهم إلى عبادة الله (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ) قالوا (لَوْ شَاء رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً) لو شاء هداية الخلق ودعوتهم كان أنزل ملائكة والرب هو الهادي والموجه والمرشد لذلك أنسب أن يقول ربنا ولذلك كثيراً ما يقترن الرب بالهداية (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (١٦١) الأنعام) (قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (٦٢) الشعراء) كثيراً ما يقترن بالهداية، الله سبحانه وتعالى كل شيء بيده (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء (٥٦) القصص) لو شاء ربنا دعوة الخلق وهدايتهم فالمناسب مع الهداية الرب لأنه الهادي والمرشد والمربي، العبادة أقرب شيء لله (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ) والرب تستعمل لغير الله وهي غير خاصة بالله فنقول مثلاً رب البيت، حتى في سورة يوسف (إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ (٢٣) يوسف) (اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ (٤٢) يوسف) لأن الرب هو القيم والمرشد والموجه فأنسب مع إنزال الملائكة وجعونة الخلق وهدايتهم كلمة الرب.
آية (١٦):
*ما الفرق بين كلمة ريح ورياح في القرآن الكريم؟(د. فاضل السامرائى)
كلمة ريح في القرآن الكريم تستعمل للشّر كما في قوله تعالى في سورة فصّلت (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ ﴿١٦﴾).
مسألة (السيئات): الفعل عفا يعفو تستعمل للذات، للأشخاص وللأشياء. يقال عفا عن ديْن زيد أي تنازل عن الدَيْن ويقال عفا عن زيد فيم إرتكب، بمعنى سامحه. فإذن هي تستعمل للإثنين بـ (عن) التي فيها صورة الإنقطاع كأنه يقطعه عما كان فيه، يتجاوز عنه. لو استعمل التنكير (ويعفو عن سيئات) بالنكرة، النكرة يفترض أنها عامة لكن أحياناً في مثل هذا الموضع يتخيل الإنسان أنه تخصيص أي أنه سبحانه يعفو عن سيئات ولا يعفو عن سيئات أخرى سيكون بهذا المعنى فما قال سيئات وإنما ذكر جنس السيئات فقال (ويعفو عن السيئات) يعفو عن السيئات بكل جنسها. ولو قال في غير القرآن : ويعفو عن سيئاتهم كما قال (يقبل التوبة عن عباده) أي سيئات عباده قد تعني سيئات هؤلاء فقط لكن سِمة العفو العام منسوبة لله سبحانه وتعالى فهو عفو مطلق ويعفو عن السيئات بإطلاق ولا ينحصر عفوه في جهة معينة. ولو قيل في غير القرآن ويعفو عن سيئاتهم كان يفهم أن العفو لهؤلاء فقط. فالعفو صفة عامة لله تعالى صفة العفو عن السيئات فهو عفو غفور والعفو عن السيئات هي صفة ثابتة لله سبحانه وتعالى لذلك لما يرتكب الإنسان سيئة ويتوب إلى الله تعالى يكون مطمئناً أن العفوّ عن السيئات سيعفو عنه. عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول إنني لا أحمل همّ الإجابة ولكنني أحمل همّ الدعاء، أي أن يكون قلبه حاضراً وهو يسأل الله تعالى أن يعفو عن سيئاتي لأنه يجب أن يكون القلب حاضراً عند الدعاء وعند سؤال الله تعالى أن يعفو عنه لأنك تخاطب ذا صفات عظيمة سبحانه وتعالى، تخاطب كريماً مطلق الكرم، تخاطب عفواً مطلق العفو. المهم أن يحضر قلبك هذا الحضور الذي يتجه إلى الله سبحانه وتعالى بما تريد ولذلك كلمة السيئات لا تصلح مكانها كلمة سيئات ولا كلمة سيئاتهم.
المسألة تتعلق بالسياق ففي سورة طه السياق كله مبني على التثنية من قوله تعالى (اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي ﴿٤٢﴾) إلى قوله (فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى (٤٧)) وقوله (قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى ﴿٦٣﴾) أما في سورة الشعراء فالسياق كله مبني على الإفراد والوحدة من قوله تعالى (قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ ﴿١٨﴾) مع العلم أن أوائل السورة فيها تثنية من قوله تعالى (قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُم مُّسْتَمِعُونَ ﴿١٥﴾) إلى قوله (فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿١٦﴾) ثم يُغيّب هارون وتعود إلى الوحدة ويستمر النقاش مع موسى وحده (قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (٢٧)) ثم يوجّه فرعون الكلام إلى موسى مهدداً إياه وحده (قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (٢٩)) (قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ (٣٠)) (قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ﴿٣٤﴾).
وكلمة رسول في اللغة تُطلق على الواحد المفرد وعلى الجمع، توجد كلمات في اللغة تكون الكلمة مفردة تختلف في التثنية والجمع يعود إلى الإفراد مثل كلمة بشر (أبشراً منا واحداً نتّبعه) مفرد وقوله تعالى (فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ (٤٧) المؤمنون) مثنى وقوله تعالى (بل أنتم بشر مما خلق) جمع. وكلمة طفل (ثم يخرجكم طفلاً) وكلمة ضيف.
كأن كونهم لا يخرجون من النار ولا يستعتبون صورة من صور العذاب المهين يوم القيامة. ثم قال في البداية (إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ (٣)) وفي النهاية (فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٣٦)) صاحب الآيات التي ذكرها رب العالمين (وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣٧)). الآيات في السموات ينبغي أن يٌحمد عليها الله وينزه ويعظّم، إذن فيها تناسب.
*****تناسب خواتيم الجاثية مع فواتح الأحقاف*****
الإيفاء أن تعطي وتؤدي ما عليك كاملاً من غير نقص ولا شك أن ترك النقص لا يتحقق إلا إذا أدّيت زيادة على القدر الواجب. والعقود جمع عقد وهو ربط الحبل بالعروة والعقد هو الالتزام الواقع بين جانبين في فعل ما فالصلاة عقد بينك وبين الله تعالى وعليك الإيفاء به فالوفاء بالعقد يتطلب منك حرصاً ومبالغة في أداء ما تعهدت به.
آية (٢):
*ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله (ولا يجرمنكم شنئان قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا(٢) المائدة وقوله (ولا يجرمنكم شنئان قوم على أن لا تعدلوا(٨) المائدة؟ لماذا جاءت مرة (على أن) ومرة (أن)؟(د. فاضل السامرائى)
يقولون الإنزال عام لا يخص التدرج أو غير التدرج لكن التنزيل هو الذي يخص التدرج، نزّل الذي فيه التدرج (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) القدر) أنزلناه من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا جملة واحدة، هناك مراحل لنزول القرآن الكريم من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ثم نزل منجماً. لكن الذي يبدو أن الفرق بين نزّل وأنزل أنه نزّل تفيد الاهتمام نظير وصى وأوصى وكرّم وأكرم ففي المواطن التي فيها توكيد واهتمام بالسياق يأتي بـ (نزّل) والتي دونها يأتي بـ (أنزل). إذن نزّل آكد وأقوى في موطن الاهتمام أشد من أنزل.
*ما الفرق بين (أنزل إليه) و(أنزل عليه)؟(د. فاضل السامرائى)
(على) أقوى من (إلى) وتأتي (على) في الغالب في العقوبات (وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (٤١) الذاريات) وفيها معنى الاستعلاء هي استعلاء ولذلك كان فيها معنى الشدة والقوة، أما (إلى) فليست كذلك وإنما تفيد منتهى الغاية فقط. ربنا لما يقول مرة (لولا أنزل عليه ملك) (لولا أنزل إليه ملك) نلاحظ أن السياق يختلف وهناك فرق بين إليه وعليه، قال تعالى(وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَّقُضِيَ الأمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ (٨) الأنعام) فيها تهديد، (وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (٧) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (٨) الفرقان) ليس فيها تهديد. الأقوى (على) إذن نزّل أقوى من أنزل وعلى أقوى من إلى.
آية (١٠):
سياق القصة في سورة الأعراف ورد في العقوبات وإهلاك الأمم الظالمة من بني آدم وفي سياق غضب الله تعالى على الذين ظلموا (فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا إِلاَّ أَن قَالُواْ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴿٥﴾) القائلون في الآية بمعنى القيلولة، وفي سياق العتب عليهم (قليلاً ما تذكرون، قليلاً ما تشكرون).
في سورة البقرة جمع تعالى لإبليس ثلاث صفات (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴿٣٤﴾) (أبى، استكبر، وكان من الكافرين) وهذه الصفات لم تأت مجتمعة إلا في سورة البقرة لبيان شناعة معصية إبليس، أما في الأعراف فقال (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ ﴿١١﴾) فذكر صفة لم يكن من الساجدين فقط.
في سورة البقرة جاء الخطاب بإسناد القول إلى الله تعالى (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ ﴿٣٥﴾) والملاحظ في القرآن أنه لما ينسب الله تعالى القول إلى ذاته يكون في مقام التكريم، أما في الأعراف عندما طرد إبليس جمعهما في الكلام (قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُوماً مَّدْحُوراً لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ ﴿١٨﴾ وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴿١٩﴾).
في النساء أيضاً ٥٩ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (٥٩) النساء) أطيعوا الله وأطيعوا الرسول لكن ليس وحده وأولي الأمر منكم أيضاً المرة الوحيدة رب العالمين جعل طاعتين طاعة لله وطاعة للرسول لكن طاعة الرسول مشترك هو وأولي الأمر. أطيعوا الله انتهينا وأطيعوا الرسول وأولي الأمر لأول مرة وآخر مرة يأتي الأمر بأن تطيع أولي الأمر مع طاعة النبي بالضبط من حيث أن طاعة هؤلاء أولي الأمر هي طاعة الرسول ﷺ. فهمنا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فهمناها أيضاً فيما شرّع فيما أمر ونهى فرب العالمين كما جعل أن طاعة الرسول من طاعة الله (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ (٨٠) النساء) هنا من يطع أولي الأمر فقد أطاع الرسول (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) من هم أولي الأمر؟ طبعاً من الناس من يقول هم الحُكام وهذا ليس صحيحاً فالكلام يتكلم عن الشرع حلال وحرام (العلماء ورثة الأنبياء) ولذلك قليل من العلم خير من كثير من العبادة وأنتم تعرفون (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ (٢٨) فاطر) والكلام طويل في هذا فرب العالمين يقول أطيعوا الله هذا انتهينا هنا طاعة جديدة بحقل خاص للرسول وأولي الأمر الذي له مسألة الفتوى الحلال والحرام. والسؤال من هم أولي الأمر؟ طبعاً التفاصيل كثيرة موجزها أصحاب الدليل (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ (١٠٨) يوسف) يعني أرني دليلك وإلا كل واحد تعلّم آيتين وصار شيخاً ويُلحن كل وقت إن تلاها لا للعلم.
ألا يمكن أن يتعاور الوصف بالبخس والقليل مع بعضهم البعض؟ يمكن إذا أُريد بالبخس ما هو ليس من قدر الشيء الذي بيع ولا يستقيم مع آيات الله. ليس هناك شيء بقدر الآيات لذلك لا يستقيم إلا القلّة.
آية (١٠):
* قال تعالى (لا يرقبون في مؤمن إلاّ ولا ذمة (١٠) التوبة) ما الفرق بين القربى والإل؟ وما أصل كلمة الإل؟(د. حسام النعيمى)
القرآن الكريم يستعمل أتى لما هو أيسر من جاء، يعني المجيء فيه صعوبة بالنسبة لأتى ولذلك يكاد يكون هذا طابع عام في القرآن الكريم ولذلك لم يأت فعل جاء بالمضارع ولا فعل الأمر ولا إسم الفاعل. نأتي للسؤال (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (٢٧) مريم) الحمل سهل لكن ما جاءت به أمر عظيم من الولادة وأصل المسألة امرأة ليست متزوجة تحمل هذا أمر عظيم وهي كانت خائفة من هذا وكيف تواجه قومها لما قيل لها (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا (٢٦) مريم) أن هذا المجيء صعب عليها هي علمت أنها ستواجه قومها وقومها سيواجهوها ولذلك قال (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ) لكن كيف واجهوها؟ كان الجواب (قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا). ليس هذا فقط قال تعالى (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (٨٩) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (٩٠)) المجيء صعب. قال (فَإِذَا جَاءتِ الصَّاخَّةُ (٣٣) عبس) شديدة، (فَإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (٣٤) النازعات) شديدة، (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (١) الغاشية) لم يقل أتتك الغاشية وإنما حديث الغاشية لكن هناك الصاخة جاءت والطامة جاءت. (
القبول هو أخذ الشيء برضى، أنت تعطي إنساناً شيئاً ما فإذا قبِله معناه أخذه وهو راضٍ، هذا الشيء الطبيعي. التوبة هي الإنابة إلى الله سبحانه وتعالى. كلُ إنسان معرّض للخطأ وخير الخطائين التوابون، يعود بسرعة. فالتوبة هي العودة إلى طاعة الله سبحانه وتعالى. التوبة هي الكفّ عن المخالفة والعودة إلى الطاعة. أنه يكفّ عن هذه المخالفة ويعود إلى الطاعة لا أن يكون منغمساً في المخالفة ويقول تبت يا رب، لا لكن ينبغي أن يكفّ أولاً ثم يعود إلى طاعة الله سبحانه وتعالى..
أذكِّر في الفرق بين (عن الشيء) و(من الشيء)، ما الفرق بين (يقبل التوبة عن) و(يقبل التوبة من)؟ ثم نعود إلى الآيات ونقف عندها حتى تتضح الصورة ويتبين لنا كيف أن هذا الكتاب ليس من عند بشر. عندما نقول: "فلان كان يمشي بسيارته وخرج من الطريق السريع" معناه وجد منفذاً وخرج وهذا المنفذ متصل بالطريق السريع. لكن لو قيل لك: "فلان بسيارته خرج عن الطريق السريع" معناه إنحرف كأنما انقلبت سيارته. هذه الصورة الآن نحن نفهمها بعد ألف عام فكيف كان العربي يفهم الفرق بين من وعن؟.
(عن) لمجاوزة الشيء، (من) لابتداء الغاية كأنه ابتدأت غايته من الطريق. مع (من) كأنه تبقى الصِلة هناك شيء ولو صلة متخيلة أما (عن) ففيها انقطاع (يضلون عن سبيل الله) أي لا تبقى لهم صلة. فما فائدة هذه القطيعة؟ القطيعة مقصودة مرادة. التوبة ترتقي إلى الله سبحانه وتعالى ولو قيل في غير القرآن (يقبل التوبة من عباده) كأن الإثم الذي تاب عنه يبقى متصلاً به. وهذه التوبة يتخيل الإنسان صورة مادية للصلة بالله سبحانه وتعالى والصلة المادية بالله عز وجل منهيٌ عنها لا ينبغي أن تتخيل ذلك – ليس كمثله شيء، كل ما خطر ببالك فالله عز وجل بخلاف ذلك-.
في قضية الإيمان وردت ١٢ مرة ولم تدخل الباء على أي منها لم يرد آمن بالله وبرسوله وإنما وردت بالله ورسوله، عدم دخول الباء يشير إلى أن الإيمان بالرسول نابع وهو امتداد إيماننا بالله أي أن ما بُعث به محمد - ﷺ - إنما هو من عند الله ولذلك لم تدخل الباء على كلمة (رسوله) لأنه لا فرق بين أن نؤمن بالله وبين أن نؤمن برسول الله - ﷺ - لهذا جمع الله تعالى بين لفظ الجلالة ورسوله بحرف الواو. على صعيد آخر وجدنا أن حرف الباء قد دخلت على كلمة الرسول في قضية الكفر قال تعالى (وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ (٥٤) التوبة) وهنا دخول الباء ضروري لأن الكفر بالله مختلف عن الكفر برسول الله، فالكفار لم يؤمنوا بوجود إله واحد قادر على البعث والنشور وهذا كفرهم بالله أما كفرهم برسول الله ذلك أنهم كانوا يلقبون الرسول محمد - ﷺ - قبل أن يُبعث بالصادق الأمين وكان معروفاً بينهم بخلقه الكريم فلما بُعث فيهم قالوا عنه ساحر أو مجنون (وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ (٣٦) الصافات) (وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (٤) ص) وهذا كفرهم برسول الله وبمعرفتهم له وفي هذا قال تعالى (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ (٣٣) الأنعام).
آية (١٠):
*ما هو إعراب كلمة (عليهُ الله) في الآية (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (١٠) الفتح)؟ وما دلالة الضمّ في (عليهُ) ؟ (د. فاضل السامرائى)
تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله
تم بحمد الله وفضله ترتيب هذه اللمسات البيانية في سورة ق للدكتور فاضل صالح السامرائي والدكتور حسام النعيمى زادهما الله علما ونفع بهما الاسلام والمسلمين و الدكتور أحمد الكبيسى والخواطر القرآنية للأستاذ عمرو خالد وقامت بنشرها أختنا سمرالأرناؤوط فى موقعها إسلاميات جزاهم الله عنا خير الجزاء.. فما كان من فضلٍ فمن الله وما كان من خطأٍ أوسهوٍ فمن نفسى ومن الشيطان.
أسأل الله تعالى ان يتقبل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفعنا بهذا العلم فى الدنيا والآخرة ويلهمنا تدبر آيات كتابه العزيز على النحو الذى يرضيه وأن يغفر لنا وللمسلمين جميعاً يوم تقوم الأشهاد ولله الحمد والمنة. وأسألكم دعوة صالحة بظهر الغيب عسى الله أن يرزقنا حسن الخاتمة ويرزقنا صحبة نبيه الكريم فى الفردوس الأعلى.
الرجاء توزيع هذه الصفحات لتعم الفائدة إن شاء الله وجزى الله كل من يساهم في نشر هذه اللمسات خير الجزاء في الدنيا والآخرة.
العلماء يختلفون أحياناً في تفسير النص سواء كان آية أو غيرها. سيبويه ذهب إلى أنها متصلة. المتصلة يعني هي التي يُجرّ عنها بالتعيين لا يستغني ما بعدها عما قبلها مثلاً: أعندك دفتر أم قلم؟ ستجيب عندي كذا. أرأيت محمداً أم خالداً؟ يجاب عنها بالتعيين بمعنى أيّ، أيهما عندك؟ أنت تجيب بالتعيين هذا أو ذاك، أضربت خالداً أم وبّخته؟ تجيب بالتعيين. تصير متصلة وقد تكون بعد سواء (سَوَاء عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ (٢١) إبراهيم) (وَسَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (١٠) يس). المنقطعة بمعنى (بل) جملة منفصلة (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٦) أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (٣٧) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا يَتَخَيَّرُونَ (٣٨) أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (٣٩) القلم) بمعنى (بل)، (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (٢٨) ص) بمعنى بل أنجعل؟ (أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ (٣٩) الطور) (أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ (٣٨) الطور) (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ (٣) السجدة) بمعنى (بل)، (هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء (١٦) الرعد) ينتقل إلى أمر آخر وسؤال آخر (أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ) وما بعدها ليس مرتبطاً بما قبلها، هذه المنقطعة. أما المتصلة فلا يستغني ما قبلها عما بعدها: عندك فلان أم فلان؟.
فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيرًا جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ (٨٢) التوبة) هل هو القليل من الضحك؟ أو من الوقت؟ المعنى: فليضحكوا ضحكاً قليلاً وقتاً قليلاً وليبكوا بكاءً كثيراً زمناً كثيراً ولو أراد تعالى أن يحدد يأتي بما يحدد كما قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (٤١) الأحزاب) المراد هنا الذكر. هناك تعبيرات يسموها احتمالية ويراد بها أن تجمع لها المعاني من باب التوسع في المعنى. مثلاً في الأحكام الشرعية: (وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ (٢٨٢) البقرة) و (لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ (٢٣٣) البقرة) هذا حكم شرعي. (وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ) (لا) ناهية وليست نافية بدليل الراء في (يضارَّ) مفتوحة. هل هي لا يضارَر؟ أي لا يضره أحد أو لا يضارِر، هو لا يضر أحداً؟ محتمل أن الكاتب والشهيد يضغط عليه ويضر عليه ويهدد فيغير من شهادته يحتمل هذا المعنى أو أن الشهيد لا يريد أن يشهد لأسباب في نفسه، يغير في الشهادة. لا يضارَر أو لا يضارِر؟ لو أراد أن يقيّد كان يقول ولا يضارَر فيكون قطعاً هو المقصود (نائب فاعل) لو أراد أن الكاتب هو الذي يُضرِ يقول لا يضارِر. مع أن الله سبحانه وتعالى قال في القرآن (ومن يرتدد) في مكان وقال (ومن يرتد) في مكان آخر (من يشاقق) و (من يشاق) بدل أن يقول ولا يضارِر أو ولا يضارَر جاء بتعبير يجمعهما معاً يريد كلاهما. إذن لو فك يجعل هناك عطف لكنه أوجز تعبيراً ويجمع المعاني ويسمى التوسع في المعنى.
*ما إعراب (وقومَ نوح) في سورة الذاريات (وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (٤٦)) ولماذا جاءت منصوبة؟(د. فاضل السامرائى)
ننظر في الآية قبلها تتكلم عن فرعون (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (٤٠)) فصار العطف ظاهراً (وقومَ نوح) معطوفة على الضمير المفعول به في (فأخذناه) أي أخذناه وأخذنا قوم نوح. وقسم يقول معطوفة على (فبنذناهم) أي نبذناه ونبذنا قوم نوح. كثير يكون العطف في حالات مثل في سورة الأعراف (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً (٦٥)) معطوفة على (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ (٥٩)) الأولى. ليس بالضرورة أن يكون العطف على الأقرب ولكن على المعنى. في سورة الأعراف (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً (٦٥) وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا (٧٣)) معطوفة على (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ) الأولى ثم تمتد القصص. لما قال تعالى هنا في الذاريات (فأخذناه وجنوده) ثم قال (وقومَ نوح) العطف على الهاء في (فأخذناه). والعطف على ضمير جائز بعضها بشروط وبعضها بغير شروط. فأخذناه وأخذنا قومَ نوح ونبذناه ونبذنا قومَ نوح.
آية (٤١):
*ما الفرق بين أنزلنا –أرسلنا إليك وعليك؟(د. فاضل السامرائى)
جاء في القرآن الكريم قوله تعالى (هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ (٥٦) لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ (٥٧) يس) والاتكاء يحسُن في هذا الموضع. وقال تعالى (مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ (٥١) ص) يرتبط الاتكاء مع الطعام والشراب وكذلك في سورة الرحمن (مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (٥٤)) و (مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ (٧٦)) وقوله تعالى (مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (١٦) الواقعة) و (مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (٢٠) الطور) جاء في السياق مع هذه الآيات ذكر الطعام والشراب.
فالاتكاء غاية الراحة ولهذا وًصِف به أهل الجنة ولم يأت وصفهم بالنوم لأنه لا نوم في الجنة أصلاً. ووصِفوا في القرآن بأوصاف السعادة فقط يتحادثون فيما بينهم ويتذاكرون ما كان في الدنيا والاتكاء غاية الراحة والسعادة.
آية (٥٦):
*في القرآن الكريم يذكر الجن قبل الإنس في مواطن كثيرة (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) الذاريات) أما في سورة الرحمن فقدم الإنس (فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (٥٦) الرحمن) فما دلالة التقديم والتأخير؟(د. فاضل السامرائى)
وفي سورة سبأ (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ ﴿١٢﴾) استعملت كلمة ريح مع سليمان لكنها لم تُخصص لشيء فجاءت عامة قد تكون للخير أو للشر لأن الله سخّرها لسليمان يتصرف بها كيف يشاء.
آية (٢٠):
*ما هي الآية الكريمة التي استعصت على الدكتور لمعرفة لمساتها البيانية؟(د. فاضل السامرائى)
*ما الحكمة في عدم استخدام كلمة الزوجين في الآية ( وما خلق الزوجين الذكر والانثى)فى سورة الليل؟ كما يأتي في معظم الآيات التي فيها الذكر والانثى كقوله تعالى:( (فجعل منه الزوجين الذكر والانثى)(سورة القيامة) وقوله: (وأنه خلق الزوجين الذكر والانثى)(سورة النجم) ؟(د. فاضل السامرائى)
إذا استعرضنا الآيات في سورة القيامة نرى ان الله سبحانه وتعالى فسر تطور الجنين من بداية (ألم يك نطفة) الى قوله (فجعل منه الزوجين الذكر والانثى) فالآيات جاءت اذن مفصلة وكذلك في سورة النجم (وأنه هو اضحك وأبكى) الى قوله (انه خلق الزوجين الذكر والانثى). لقد فصل سبحانه مراحل تطور الجنين في سورة القيامة وفصل القدرة الالهية في سورة النجم أما في سورة الليل فإن الله تعالى أقسم بلا تفصيل هذا من ناحية ومن ناحية أخرى قوله تعالى (إن سعيكم لشتى) يقتضي عدم التفصيل وعدم ذكر الزوجين. لماذا؟ لأن كلمة الزوج في القرآن تعني المثيل كقوله تعالى (وآخر من شكله أزواج) وكلمة شتى تعني مفترق لذا لا يتناسب التماثل مع الافتراق فالزوج هو المثيل والنظير وفي الآية (إن سعيكم لشتى) تفيد التباعد فلا يصح ذكر الزوجين معها. الزوج قريب من زوجته مؤتلف معها (لتسكنوا اليها) وكلمة شتى في الآية هنا في سورة الليل تفيد الافتراق. فخلاصة القول اذن ان كلمة الزوجين لا تتناسب مع الآية (وما خلق الذكر والانثى)من الناحية اللغوية ومن ناحية الزوج والزوجة لذا كان من الانسب عدم ذكر كلمة الزوجين في الآية.
****تناسب فواتح النجم مع خواتيمها****
اللام قد تكون للتعليل، من معانيها التعليل مثل قولنا جئت للإستفادة هذه لام التعليل وقد تأتي للإنتهاء. أما (إلى) معناها الأساسي الإنتهاء أما اللام فقد تأتي للإنتهاء وضربنا مثلاً في حلقة سابقة (كل يجري لأجل مسمى) و(كل يجري إلى أجل مسمى). تقول أنا أعددتك لهذا اليوم، كنت هيأتك لهذا اليوم، (فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ (٣٨) الشعراء) جمعناهم لهذا اليوم لغرض هذا اليوم وما فيه حتى نبين حقيقة موسى - عليه السلام -، أعددناهم لهذا ليوم أما تلك الجمع بمعنى الانتهاء إلى يوم القيامة وقسم يقول بمعنى السَوْق (السَوْق إلى ميقات يوم معلوم) (لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ (٥٠) الواقعة) أي مسوقون إلى ميقات يوم معلوم، يخرجون من الأجداث سراعاً يتبعون الداعي لا عوج له ثم يأتون إلى مكان محدد يجتمعون فيه، منتهى الغاية. اللام لا تدل على هذا الانتهاء ولها دلالات أخرى:
واللام للمِلك وشِبهه وفي تعدية أيضاً وفي تعليل
جُمِع السحرة لهذا الغرض وليس المقصود مجرد الجمع وإنما لغرض محدد واضح وكأنها لام العلة مثل قولنا أعددتك لهذا اليوم. هنالك معاني تذكر في كتب النحو لمعاني أحرف الجر تتميز في الاستعمال غالباً وأحياناً يكون فيها اجتهادات لأنها تحتمل أكثر من دلالة وحتى النحاة قد يختلفون في الدلالة لأن الجملة قد تحتمل أحياناً أكثر من دلالة ظاهرة أو قطعية.
آية (٥١):
*مداخلة مع د. أحمد الكبيسى:
هناك (ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ ﴿٥١﴾) في سورة الواقعة ثم رب العالمين يقول (وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ ﴿٩٢﴾) تقدمت الضالون هناك في (ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ) والفرق واضح تماماً وهو أن الله تعالى يقولها حكاية يخاطبهم وهم في الدنيا فالضال قد يهتدي.
آية (٦٤):
٣. لم يذكر أنها من القانتين في الأنبياء وذكرها من القانتين في سورة التحريم. ونسأل لماذا لم تأتي (القانتات) القانتات بدل القانتين؟ لأنه في القاعدة العامة عند العرب أنهم يغلّبون الذكور على الإناث وكذلك في القرآن الكريم عندما يذكر المؤمنون والمسلمون يغلّب الذكور إلا إذا احتاج السياق ذكر النساء ومخاطبتهن. وكذلك عندما يذكر جماعة الذكور يقصد بها العموم. وإضافة إلى التغليب وجماعة الذكور فهناك سبب آخر أنه ذكرها من القانتين وهو أن آباءها كانوا قانتين فهي إذن تنحدر من سلالة قانتين فكان هذا أمدح لها وكذلك أن الذين كملوا من الرجال كثير وأعلى أي هي مع الجماعة الذين هم أعلى فمدحها أيضاً بأنها من القانتين ومدحها بآبائها وجماعة الذكور والتغليب أيضاً.
ونعود إلى الآيتين ونقول لماذا جاء لفظ (فيه) مرة و(فيها) مرة أخرى؟ فنقول أن الآية في سورة الأنبياء (فنفخنا فيها من روحنا) أعمّ وأمدح:
دليل أنها أعمّ: ونسأل أيهما أخصّ في التعبير (ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها) سورة التحريم أو (والتي أحصنت فرجها) سورة الأنبياء؟
فنقول أن الأخصّ مريم ابنت عمران وقوله تعالى (ونفخنا فيها من روحنا) أعمّ من (نفخنا فيه) وأمدح. إذن مريم ابنت عمران أخصّ من التي أحصنت فرجها فذكر الأخصّ مع الأخصّ (فنفخنا فيه) وجعل العام مع العام (ونفخنا فيها). وكذلك في قوله تعالى (وجعلناها وابنها) في سورة الأنبياء أعمّ فجاء بـ (فيها) ليجعل الأعمّ مع الأعمّ. وسياق الآيات في سورة الأنبياء تدل على الأعمّ.
عرفنا الآن لماذا هي أعم ويبقى أن نعرف لماذا هي أمدح؟ أيهما أمدح الآية (وجعلناها وابنها آية) أو(صدّقت يكلمات ربها)؟ الآية الأولى أمدح لأن أي كان ممكن أن يصدق بكلمات ربها لكن لا يكون أي كان آية، والأمر الثاني أن ذكرها مع الأنبياء في سورة الأنبياء لا شك أنه أمدح من ذكرها مع النساء في سورة التحريم فالآية في سورة الأنبياء إذن هي أمدح لها.
ثم ذكر صفة متشابهة في اليهود والمنافقين في السورتين قال في اليهود في الجمعة (فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (٦) وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٧)) وقال في المنافقين (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٤)) فذكر الصفتين في السورتين إحداهما في اليهود والأخرى في المنافقين وهي الجُبْن فيهما. قال في المنافقون (وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (٧)) وفي الجمعة قال (وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (١١)) كأنما جزء من آية واحدة وكأنها تتمة لما قبلها.
سؤال: واضح أن الصلاة في القرآن الكريم لها عدة دلالات اصطلاحية، الصلاة بمعنى الدين كما في قوله (أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا (٨٧) هود)؟
الدين الشرعي، الشرعية هي التي تعرفها نحن أقاويل وأفاعليل ولكن هي في اللغة بمعنى الدعاء. (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٠)) تسبيح، فناسب تسبيح المؤمنين وذكرهم تسبيح ما في السموات وما في الأرض، الكل يسبح بحمد الله فأنتم أيضاً سبحوه.
تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله
العقاب: (إن ربك سريع العقاب وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٦٥) الأنعام) وصف لله سبحانه وتعالى لكن لم يصف نفسه جلّت قدرته بأنه سريع العذاب. نجد مثلاً آيات العقاب منها (ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بُغي عليه لينصرنه الله (٦٠) الحج) عاقب وعوقب في الدنيا، (إن الله شديد العقاب (٢) المائدة) صفة عامة، (العاقبة) النتيجة لأنها مأخوذة من عقب القدم هو مؤخر القدم ولذلك يقولون: نكص على عقبيه. فاستعمل العاقبة وليس العقاب، العاقبة إستعملها للخير وللشر بينما العقاب لا يستعمل إلا للشر. إستعمل العاقبة للخير لأنها بمعنى نتيجة العمل يعني ما يعقب العمل، بدل ما يقول : ما يعقب عملك يكون كذا قال: عاقبة عملك. هي تحمل ما يكون عقب الشيء لأن إرتبطت بعقب القدم. عاقبة هذا العمل بمعنى ما يعقبه، ما يأتي بعده قد يكون خيراً وقد يكون شراً. ولذلك إستعمل العاقبة في ٣٢ موضعاً في القرآن كله بهذا الإحصاء (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (١٣٧) آل عمران) هذا في الدنيا، لكن في الآخرة (فكان عاقبتهما أنها في النار خالدين فيها (١٧) الحشر) نتيجة العمل لأن الكلام على ما يعقب العمل، خير في الدنيا (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (١٢٨)الأعراف) النتيجة التي تعقب هذا العمل هي للمتقين. و(وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (١٣٢) طه).
وقال تعالى في آية أخرى (إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١١١) التوبة) في الآية الأولى قال تؤمنون بالله، يعني طلب منهم الإيمان بالله والاستمرار عليه وهنا قال اشترى من المؤمنين فوصفهم بالإيمان. هناك طلب منهم أن يجاهدوا في سبيل الله (تجاهدون في سبيل الله) عندهم الأموال والأنفس يجاهدون فيها لكن في الثانية باع واشترى ولم يبقى عندهم مال ولا أنفس (فاستبشروا ببيعكم). هناك جهاد وهنا يقاتلون والجهاد ليس بالضرورة من القتال فالدعوة جهاد (وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (٥٢) الفرقان) أما القتال حرب (فيقتلون ويُقتلون) وهذا أقوى الجهاد. أي تضحية أكبر من أن يدفع الواحد نفسه فلا يبقى عنده مال ولا نفس؟ هذه أكبر ولذلك في الآية الأولى قال (ويدخلكم جنات) لما أدخلهم جنات هل بالضرورة أنها صارت مُلكهم؟ في الثانية قال (بأن لهم الجنة) كأنهم اشتروا الجنة فصارت تمليكاً لهم كأن الله تعالى اشترى منهم أنفسهم وأموالهم بالجنة، هذا تمليك أما في الآية الأولى فليس فيها تمليك فالإدخال ليس بالضرورة أن يكون تمليكاً، الثانية بيع وشراء هذا هو الفوز الأعظم ولذلك قال فيها (ذلك هو الفوز العظيم).
آية (١٤):
تنكير كلمة (مخرج) هل هو للدلالة على أي مخرج؟ لم يقل يجعل له المخرج المعلوم. سيكون هناك مخرج ما هذا المخرج؟ لا ندري لكن على جه اليقين هناك مخرج كما قال موسى - عليه السلام - (قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (٦٢)) لا يدري كيف ولكن هو يقيناً الله تعالى سيوجهني ويهديني إلى طريق الخلاص. كلمة (كلا) في الآية كلمة ردع وانظر إلى القرآن كيف استعمل؟ في البداية قال: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (٥٢)) رفعٍ لقيمتهم لكن لما قالوا (قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (٦١)) نزلوا رتبة وقال (أصحاب موسى) ولم يقل عبادي. في البداية قال (أسر بعبادي) رفعٌ لقيمتهم لأنهم كانوا هم المؤمنين لكن لما وصلوا البحر صار عندهم شك قالوا (إنا لمدركون) وهذا الشك أنزلهم رتبة من عبودية الله إلى صحبة موسى - عليه السلام - وهي رتبة عالية ولكن شتان بين أصحاب موسى وعباد الله فقال تعالى (أصحاب موسى) ولم يقل عبادي.
آية (٤)-(٦):
*ما الفرق من الناحية البيانية بين كلمتي (واللآئي) و(اللآتي) في القرآن الكريم ؟(د. فاضل السامرائى)
لفظ اللآئي هي لفظة متخصصة وهي مشتقة من اللآء أو التعب وقد استخدم هذا اللفظ في الآيات التي تفيد التعب للنساء كما في الحيض في قوله تعالى: (واللآئي يئسن من المحيض). أما لفظ (اللآتي) فهو لفظ عام.
*(وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ (٤) الأطلاق) (وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ (٦) الطلاق) ما الفرق بين الأحمال والحمل؟(د. فاضل السامرائى)
وغلبهم؟ (يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ) فصّل المجمل الذي سبق.
سؤال: إذن لا يجب أن نتعب أنفسنا في تفسير القرآن لأنه واضح أن الآيات تفسر بعضها فلا نحتاج إلى تفسير لفهم كتاب الله؟
لا شك أن هناك استفادة كبيرة من الآيات بعضها من بعض لكن هناك استنباطات أخرى وأحكام. بالنسبة للعوام يمكن أن يفهموا كتاب الله تعالى كل على حسب علمه. قال تعالى (لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ (٨٣) النساء) إذن هناك أحكام تحتاج إلى استنباط، فهم القرآن يكون كل واحد على قدر ما أوتي من علم. ليس القرآن صعباً كما يقول بعض المسلمين أنهم يقرأون القرآن ولا يفهمون شيئاً، هذا غير صحيح لأن هناك آيات مفهومة مثل (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) الإخلاص) (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣) الفاتحة) كل واحد يفهمها (وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا (٢٧٥) البقرة) آيات الأحكام فيها سهولة للجميع.
تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله
تم بحمد الله وفضله ترتيب هذه اللمسات البيانية في سورة المجادلة للدكتور فاضل صالح السامرائي وإضافة بعض اللمسات للدكتور حسام النعيمى زادهما الله علما ونفع بهما الاسلام والمسلمين والخواطر القرآنية للأستاذ عمرو خالد وقامت بنشرها أختنا الفاضلة سمرالأرناؤوط فى موقعها إسلاميات جزاهم الله عنا خير الجزاء.. فما كان من فضلٍ فمن الله وما كان من خطأٍ أوسهوٍ فمن نفسى ومن الشيطان.
وردت الكوافر في القرآن (وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ (١٠) الممتحنة) الكوافر أشمل وأعم من الكافرات. الكوافر أكثر من الكافرات لأنه جمع تكسير والكافرات أقل لأنه جمع قلة، الكافرات دخلت في الكوافر أما المؤمنين والمؤمنات فليس هناك جمع قلة وكثرة. نحن مضطرون أن نقول المنافقين والمنافقات لكنا لسنا مضطرين لقول الكافرين والكافرات. الكوافر جمع كافرة تحديداً وهو جمع تكسير جمع كثرة. جمع منافق منافقون ومنافقة منافقات، جمع ساجد ساجدون سُجّد سجود، هذه ليس فيها اختيار وهذا ما ورد في اللغة العربية. ميّت جمعها موتى وأموات وميّتون لكن مسلم جمعها مسلمون ليس عندنا اختيار. يقول العرب إن لم يكن جمع آخر فالجمع السالم يدل على الكثرة والقلة، هذا نص.
****تناسب فواتح سورة الممتحنة مع خواتيمها****
والجواب أنهما ليسا بمرتبة واحدة في الأهمية، فالصلاح أهم من الصدقة ذلك أنم الذي ينجي من العذاب، هو كونه من الصالحين لا كونه متصدقاً فإن المؤمن قد لا يتصدق بصدقة أصلاً ومع ذلك يدخل الجنة بصلاحه فقد يكون ليس معه ما يتصدق به. فالذي ينجيه من العذاب، ويدخله الجنة، هو أن يكون من الصالحين، والتصدق وإنما يكون من الصلاح. والذي يدلك على ذلك قوله تعالى في سورة (المؤمنون): (حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ﴿٩٩﴾ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) فإنه ذكر الصلاح ولم يذكر الصدقة، لأن الآية لم تقع في سياق الكلام على الأموال وإنفاقها، وذلك يدل على أن الصلاح هو مناط النجاة وأنه هو الأهم فعبر عن كونه من الصالحين بأسلوب الشرط، لأنه أقوى في الدلالة على التعهد والتوثيق، فقد اشترط على نفسه أن يكون من الصالحين، وقطع عهداً على نفسه بذلك فأعطى الأهم والأولى أسلوب الشرط الدال على القوة في الأخذ على النفس والالتزام وأعطى ما هو دونه في الأهمية والأولوية، أسلوب التعليل ولم يجعلهما بمرتبة واحدة.
وقد تقول: إذا كان الأمر كذلك فلم قدم الصدقة على الصلاح؟
إما شاكراً وإما كفورا): شاكراً صيغة إسم فاعل وكفورا صيغة مبالغة لم يجعلهما على نمط واحد لم يقل إما شاكراً وإما كافراً أو إما شكوراً وإما كفورا. لأن الشكور قليل مصداقاً لقوله تعالى (وقليل من عبادي الشكور) ول قال تعالى شكورا لكان أخرج من بينهم الشاكرين وهم الأكثر فالآية حينها لن تشكل مجموعة الخلق الشاكرين. وكذلك لم يقل كافراً (اسم فاعل) لأن الكافر لم يستعملها القرآن الكريم مقابل الشاكر وإنما بمقابل المؤمن (فمنكم كافر ومنكم مؤمن) إذن لا تصح المقابلة (شاكرا) و(كافرا) لأن القرآن لم يستعملها هكذا. صيغة كفور يستعملها القرآن لأمرين : للكافر المبالغ في الكفر (إن الإنسان لكفور مبين) (وكذلك نجزي كل كفور) ولجاحد النعمة غير الشاكر (إما شاكراً وإما كفورا) (وكان الشيطان لربه كفورا). وهنا يأتي سؤال: كي تكون كفرواً بمعنى غير شاكر في قوله تعالى (وكان الشيطان لربه كفورا)؟ يدل على ذلك اللام في (لربه) لأن الكفر المقابل للإيمان يُعدّى بالباء لا باللام كما في قوله تعالى (إن الذين يكفرون بالله ورسوله) (وكانوا بشركائهم كافرين) فلا نقول يكفر لله وإنما يكفر بالله. وكذلك الكفر المقابل للشكر لا يُعدّى باللام فكفران النعمة يتعدى بنفسه (فاشكروا لي ولا تكفرون)بمعنى كفر النعمة أو كفر صاحب النعمة (وإن كفرتم) إذن ما هي اللام في (لربه)؟ اللام هنا هي لام التقوية إذا جئنا بصيغة المبالغة أو اسم الفاعل هذا الفعل الذي يتعدى بنفسه يمكن إضافة لام التقوية له كما في قوله تعالى (وهو الحق مصدقاً لما معه) فعل صدّق يتعدى بنفسه واللام للتقوية وكذلك قوله تعالى )فعّال لما يريد) أي فعّال ما يريد. إذا تأخر الفعل أو كان مصدراً أو صيغة مبالغة قد يُؤتى باللام المقوّية كما جاء في قوله تعالى (وكان الشيطان لربه كفورا).
ثم نلاحظ أن هنالك أمر في آية الأحقاف هو لم يكتفي بذكر الهداية إلى الحق، هو في الجن قال (يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ) في الأحقاف قال (يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٠)) لم يتوقف في آية الأحقاف عند الحق وإنما اتسع الأمر (يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٠)). لماذا إلى طريق مستقيم؟ الحق أعم من الطريق المستقيم ثم لو لاحظنا السياق الذي ورد فيه الطريق المستقيم قال قبلها (قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٩)) يعني هذه الدعوة ليست بدعة أنا ابتدعتها وإنما هي طريق سلكها الأنبياء والرسل والطريق هي السبيل الذي تطرقه الأرجل، السبيل الذي كثرت سابلته وميسر أما الطريق فهو الذي تطرقه الأرجل سواء كان ميسراً أو غير ميسر. يعني ساروا فيه قبله فلما قال (قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ) يعني طريق طرقته الأرجل. قال (وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ (٢١)) إذن هي طريق مسلوكة، إذن هذه ليست طريقة مبتدعة وإنما سلكها الأنبياء والرسل من قبله.
ثم قال (فآمنا به) جاء بالفاء الدالة على سرعة الاستجابة، تفيد الترتيب والتعقيب. يعني سمعنا فآمنا إذن جاء بالفاء الدالة على سرعة الاستجابة سمعوا فآمنوا.
ليس بالضرورة هو أقسم على شيء أنه نفى كونه مجنوناً ثم ذكر قول الذين كفروا لأن هؤلاء الذين كفروا قالوا بعد أن نزل عليه الذكر ولم يقولوا قبله (لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (٥١)). فإذن هم قالوا بعد نزول الذكر عليه وربنا سبحانه وتعالى نفى هذا الأمر عن الرسول - ﷺ - (مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (٢)) ثم وضح لنا أنهم يقولون إنه لمجنون فأراد أن يبرئ ساحته. ذكر (مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ) لأنهم قالوا (وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ). فائدة الخطاب من الله تعالى للنبي - ﷺ - (مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (٢)) لأن كثرة الكلام لو كان غير الرسول - ﷺ - قد يثبت في نفسه شيئ فأراد أن يثبته.
تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله
تم بحمد الله وفضله ترتيب هذه اللمسات البيانية في سورة القلم للدكتور فاضل صالح السامرائي والدكتور حسام النعيمى زادهما الله علما ونفع بهما الاسلام والمسلمين والدكتور أحمد الكبيسى والخواطر القرآنية للأستاذ عمرو خالد وقامت بنشرها أختنا الفاضلة سمرالأرناؤوط فى موقعها إسلاميات جزاهم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء.. فما كان من فضلٍ فمن الله وما كان من خطأٍ أوسهوٍ فمن نفسى ومن الشيطان.
أسأل الله تعالى ان يتقبل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفعنا بهذا العلم فى الدنيا والآخرة ويلهمنا تدبر آيات كتابه العزيز والعمل به على النحو الذى يرضيه وأن يغفر لنا وللمسلمين جميعاً يوم تقوم الأشهاد ولله الحمد والمنة. وأسألكم دعوة صالحة بظهر الغيب عسى الله أن يرزقنا حسن الخاتمة ويرزقنا صحبة نبيه الكريم فى الفردوس الأعلى.
واختيار تعبير (أن يفعل بها) بالبناء للمجهول دون أن يقول مثلاً: (أن تصيبها فاقرة) أو (تحل بها) أو نحو ذلك له سبب لطيف. ذلك أن قوله: (أن يفعل بها) معناه أن هناك فاعلاً مريداً يفعل بفقار الظهر ما يريد من تحطيم وقصم. أما القول: (أن تصيبها) أو (تحل بها) فكأن ذلك متروك للمصادفات والظروف، فقد تكون الفاقرة عظيمة أو هينة والفواقر بعضها أدهى من بعض. فقوله: (أن يفعل بها) أنسب اختيار في هذا السياق إذ لا تترك ذلك للمصادفات والموافقات، بل كان ذلك بقدر.
ثم إنه لم يقل: (أن نفعل بها) بإسناد الفعل إلى ذاته العلية، لأنه لم يرد أن ينسب إيقاع هذه الكارثة والشر المستطير إلى نفسه كما هو شأن كثير من التعبيرات التي لا ينسب الله فيها السوء إلى ذاته العلية نحو قوله: (وأنا لا ندري أشر اريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا) [الجن] وقوله (وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر كان يؤسا) [الإسراء] فلم ينسب الشر إلى ذاته.
آية (٢٦-٢٧):
ثم قال بعدها: (كلا إذا بلغت التراقي وقيل من راق)
"والضمير في (بلغت) للنفس وإن لم يجر لها ذكر". وعدم ذكر الفاعل ولا ما يدل عليه مناسب لجو العجلة الذي بنيت عليه السورة. ونحوه ما مر في حذف جواب القسم في أول السورة، وحذف عامل الحال (قادرين) وعدم ذكر ما جرى عليه الضمير في قوله: (لا تحرك به لسانك لتعجل به) وغيره مما سنشير إليه.
(وقيل من راق) وحذف الفاعل وإبهامه في (قيل) مناسب لإضماره وعدم ذكره في (بلغت التراقي) كلاهما لم يجر له ذكر، وكذلك الإبهام في (راق) مناسب لسياق الإبهام هذا، فإن كلمة (راق) مشتركة في كونها اسم فاعل للفعل (رقي يرقي) وهو الذي يقرأ الرقية على المريض ليشفى، وفي كونها اسم فاعل للفعل (رقي يرقى) بمعنى (صعد) ومنه قوله تعالى: (أو ترقى في السماء) [الإسراء].
واختلف في تفسير هذه الآية على هذين الوجهين:
من يرقيه فيشفيه وينجيه من الموت؟
وقوله تعالى يبصّرونهم بمعنى أنه يوم القيامة يُري بعضهم بعضاً فهذه صيغة مضارع مبني للمجهول.
*وردت (لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (١١) المعارج) (وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ (٦٦) هود) كلمة (يومِئذ) الميم مكسورة غير يومَئذ؟(د. فاضل السامرائى)
يومِئذ هذه مضاف إليه، كلمة يوم مجرورة مكسورة. فكلمة يومِئذ مضاف ومضاف إليه (من خزي يومِئذ).
*لما قال تعالى (يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (١١) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (١٢) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (١٣) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ (١٤) المعارج) ثم ينجيه لم يقل ينجّيه. لماذا؟(د. فاضل السامرائى)
تلك من نجّى تلبُّث يرد أن ينتهي من العذاب بأي صورة أما هذه إشارة إلى أن العذاب لا يمكن أن يُحتمل يفتدى بكل شيء وينجو بسرعة لا أن يمكث لا أن يتلبث (وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ (١٤) المعارج) لا يحتاج إلى تمهل وتلبث لأن العذاب لا يطاق ولا يستطيع الصبر عليه طويلاً حتى يمكث فيه وإنما يريد أن ينتهي بأي شكل ويبتعد عنه فقال (ينجيه).
آية (١٩-٣٥):
*لمسات بيانية من سورتي المؤمنون والمعارج (من موقع موسوعة الاعجاز):
من سورة (المؤمنون):
في اللغة تستعمل (ما) لذوات غير العاقل ولصفات العقلاء (وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ (٢٩) طه) ماذا في يمينه؟ عصاه، (تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا) لذات غير العاقل ولصفات العقلاء. تقول من هذا؟ هذا فلان، تسأل ما هو؟ تسأل عن صفته فيقال مثلاً هو تاجر، (من هو؟) تسأل عن ذاته. (ما) هي تستعمل لأمرين: لذات غير العاقل ولصفات العقلاء (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء (٣) النساء) عاقل وربنا سبحانه وتعالى يستخدمها لنفسه كما جاء في سورة الشمس (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧)) يتكلم عن نفسه سبحانه. (ما) تقع على صفات أولي العلم جميعاً حتى قسم من النُحاة أدق لا يقولون العقل لأن الله تعالى لا يوصف بالعقل ولا يصق نفسه أنه العاقل وإنما العالِم، فيقول النحاة لذوي العلم وذوات غير العاقل. في سورة الليل قال تعالى (وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى (٣)) من الخالق؟ الله سبحانه وتعالى، في سورة الكافرون (وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٣)) ما أعبد هو الله تعالى، (وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ (٤)) الأصنام غير عاقلة و(ما) تستعمل لذوات غير العاقل وتستعمل لصفات العقلاء.


الصفحة التالية
Icon