*ما دلالة الإختلاف في الشفاعة والعدل بين آيتي سورة البقرة (وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٨)) و (وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (١٢٣))؟
*د. حسام النعيمى :
العدل معناه ما يعادل الجُرم الذي هو الفدية. إيصال هذا المال أو المبلغ لمستحقه في حال قيام الإنسان بجريمة أو ما شابه لأهل المرتكب عليه الجريمة أو الشخص نفسه الإيصال له أسلوبان: الأول أن يرسل وفد صلح وشفاعة حتى يقبلوا ما يقدمه لهم فيبدأوا أولاً بإرسال الوفد ثم يذهب بالفدية أو المقابل. والصورة الأخرى أن يذهب إبتداء فيقدم ما عنده فإذا رفض يذهب ويأتي بوسطاء يسفعون له. الآيتان كل واحدة منهما نظرت إلى صورة. فنُفي الصورتان عن القبول فيما يتعلق بالأمم التي آمنت قبل اليهود بشكل خاص حتى يؤمنوا بالله تعالى ورسوله محمد - ﷺ - وبكتابه. الآية الأولى (وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٨)) هذه الصورة الأولى تقدمون الشفاعة غير مقبولة. الشفاعة ى تقبل والفدية لا تؤخذ. الآية (وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (١٢٣)) هذه الصورة الثانية. نجمع بين الآيتين على بعد ما بينهما هذه نظرت في صورة وهذه نظرت في صورة فانتفت كلتا الصورتين يعني لا يمكن أن يقبل منكم إلا أن تتبعوا هذا النبي لا تقدموا ابتداء ولا تأتون بالشفاعة هذا كله لا يُقبل والذي يقبل منكم هو الإيمان بما أنزلت مصدقاً لما معك.
الثمن القليل جاء حيثما ورد في الكلام عن حق الله سبحانه وتعالى ومعنى ذلك أن العدوان على حق الله سبحانه وتعالى مهما بلغ فهو ثمن قليل تحقيراً لشأنه وتهويناً من قدره. أي ثمن يناسب آيات الله عز وجل؟ لا شيء. فكل ثمن هو يقل في شأن آيات الله سبحانه وتعالى. فحيثما ورد الكلام عن آيات الله وعن عهد الله سبحانه وتعالى كله ثمن قليل لا يقابل. وليس معنى ذلك ثمن قليل أنه يمكن أن يشتروا به ثمناً كثيراً. كلا، وإنما بيان إلى أن هذا الثمن الذي أخذتموه لا يقابل آيات الله فهو قليل في حق الله سبحانه وتعالى وكل ثمن يؤخذ مقابل ذلك فهو قليل مهما عظُم. (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٧٧) آل عمران) هذا الثمن سماه قليلاً.
(وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (١٨٧) آل عمران) هذا ماضي صار. وصفه بالقِلة أياً كان هذا الثمن هم باعوه في نظرهم بثمن عظيم لكن وصفه القرآن بالقِلة فبئس ما يشترون.
(وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (١٩٩) آل عمران) ليس معناه يشترون ثمناً عظيماً ولكن هذا الثمن مهما كان نوعه فهو قليل في مقابل التضحية بآيات الله سبحانه وتعالى.
الفاء في (فَلَا يَحْزُنكَ) الفاء يمكن حذفها. ذكرها له معنى وحذفها له معنى. الفاء هنا عرّفتنا جواب الشرط ولو حذف الفاء لا تكون شرطية، هناك ضوابط لاقتران الفاء بجواب الشرط. الفاء تحتمل أن تكون موصولة وتحتمل أن تكون شرطية والذي يحدد أحياناً ضابط لفظي كأن يكون الجزم (من يدرس ينجح) هذا شرط للأن إسم الموصول لا يجزم. هذا الذي يحدد الفاء الموطن موطن وجوب اقتران الفاء بالشرط لأن هذا نهي (لا) الناهية إذا كانت (من) شرطية فالفاء لا بد أن تأتي، وإذا كانت (من) موصولة لا تأتي الفاء. لو لم تأتي بالفاء في الآية تكون موصولة، الفاء شرطية وهذا هو المقصود. وإذا كانت موصولة ومن كفر لا يحزنك كفره المعنى ليس واحداً. الشرط يفيد العموم قطعاً (من يستعن بالله يعنه) لا يقصد شخص معين. أما الموصول فلا يدل على الغموم لأن الموصول معرفة وقد يكون المعرفة للجنس أو للواحد (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (١١) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (١٢)وَبَنِينَ شُهُودًا (١٣) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (١٤) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (١٥) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآَيَاتِنَا عَنِيدًا (١٦) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (١٧) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (١٨) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (١٩) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (٢٠) المدثر) شخص معين واحد هو الوليد بن المغيرة. الموصول لا يقتضي أن يكون جنساً يحتمل أن يكون واحداً معيناً أو جنساً (أكرمت من زارني) من يزورني أكرمه، من يعتدي عليّ أعتدي عليه. الشرط يدل على العموم والكوصول ليس بالضرورة وفي الآية أراد تعالى العموم وليس جماعة معينة في الكفر وإنما الكلام على الإطلاق وفهمنا الإطلاق من الفاء.
ما) التي تدخل على المضارع هي لنفي الحال، (لا) يقولون للإستقبال وقسم من النُحاة يقولون قد تكون للحال وللاستقبال (وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً (٤٨) البقرة) هذا استقبال. ننظر كيف تستعمل في القرآن (وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (١٩) فاطر) هذا مشاهَد في الدنيا (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ (١٢) فاطر) هذا مُشاهَد (وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاء وَلَا الْأَمْوَاتُ (٢٢) فاطر) هذا مُشاهَد، (لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ (٩٥) النساء) عدم الإستواء هذا في الآخرة غير مشاهَد فقال (لا يستوي)، (لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ (١٠) الحديد) عدم الإستواء هذا في الآخرة، (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ (٢٠) الحشر) هذا في الآخرة غير مُشاهَد. (لا) تدل على النفي في الإستقبال (نفي غير مشاهد) وقسم يقولون قد تكون للحال وأكثر النحاة يقولون هي للإستقبال لكن قسم يقول قد تكون للحال والأكثر للإستقبال بدليل قوله تعالى (فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ (٢٠) النمل) هذه حال وليس استقبال فقال قد تأتي للحال أيضاً وهم متفقون على أنها للإستقبال. الأصل أن تكون للإستقبال لذلك يقول الزمخشري لا ولن أُختان في نفي المستقبل إلا أنّ في لن تأكيداً.
* ما الفرق بين الضُرّ (وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ (١٧) الأنعام) والضَر (قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا (٤٩) يونس) والضرر (لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ (٩٥) النساء) والحديث الشريف "لا ضرر ولا ضرار"؟(د. فاضل السامرائى)
يا أيها الناس) يتكلم عن الذين أرادوا من سيدنا موسى عليه السلام كما قلنا في حلقة سابقة أن يطلب لهم طعاماً غير المنّ والسلوى هذا فهمناه (أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ (٦١) البقرة). غير المسلمين من الجاهلية حرموا على أنفسهم بعض المباحات، الله تعالى قال (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (١٦٨) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (١٦٩) البقرة) رب العالمين قال لهم (مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (١٠٣) المائدة) وبالتالي لماذا تحرم على نفسك؟ أنت لماذا تحرم على نفسك أشياء الله حللها؟ من أجل هذا الخطاب للناس جميعاً (كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا) وأنتم تعرفون الآن كل الأديان ماعدا المسلمين بل إن بعض طوائف المسلمين كغيرهم يحرمون الحلال يعني مثلاً ناس حرموا البقر وناس حرموا الجمال البحيرة والسائبة والوصيلة والحام هذه إذا جابت بنت وبنت وبنت حرموها الخ الإسلام أبطل هذا كله. المسيحيين عندهم بعض المحرمات اليهود بعض فرق المسلمين يحرمون أيضاً هناك ناس لا يأكلون أرنب وناس لا يأكلون سمك الجري بسبب خزعبلات يعتقدونها وهذا كله لا يجوز لأن رب العالمين أباحها وقال (لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُم) فرب العالمين يخاطب الأمم غير المسلمة التي حرّمت على نفسها حلالاً لماذا تحرم ما أحل الله لك؟ وما أكثر المحرمات في الأديان السابقة وغير المتدينين من الوثنيين التي حرمت على أصحابها.
المهتدي أطول من المهتدِ. لما يكون أطول يكون فيه هداية أكثر إضافة إلى أمر آخر. نضرب مثالاً: (مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي (١٧٨) الأعراف) قبلها قال (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (١٧٥) الأعراف) هذا الذي آتاه الله آياته فانسلخ منها هل كان مهتدياً أول مرة أم لا؟ كان مهتدياً لكن كان يحتاج إلى قدر من الهداية أكبر حتى لا ينسلخ لذلك عقّب عليها بـ (المهتدي) لأن الهداية التي كانت عنده ما عصمته من الإنسلاخ فكان يريد هداية أكثر وأطول حتى يرسخ ولا يزل ولا يضل لذلك عقب (فهو المهتدي) مثل قوله تعالى (ذلك ما كنا نبغي). أما في سورة الإسراء (فهو المهتدِ) في قوله تعالى (وَمَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاء مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (٩٧) الإسراء) هؤلاء من أصحاب النار. ما الذي ينجي من الخلود في النار؟ أن يكون عنده هداية بسيطة (شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله) وقسم من الفروض. كانت تكفيهم قدر بسيط من الهداية يخرجهم من هذا. أما ذاك فكان يحتاج إلى هداية كبيرة حتى لا ينسلخ، أما هؤلاء فتكفيهم هداية قليلة.
من الناحية النحوية الإعرابية (المهتدِ) تقدّر الحركة على الياء المحذوفة (فهو المهتد: المهتد خبر مرفوع بالضمة المقدرة على الياء المحذوفة).
يمكن أن يقال لماذا لم يقسم بوقت آخر كالفجر أو الضحى في هذه السورة مع أنه أقسم بها في مواطن أخرى؟ لأنه لو أقسم بها لم تكن مرحلة للإستشهاد. الفجر ليس هنالك مرحلة للإستشهاد فالناس ما زالوا في أول الزمن ليس هنالك شاهد أما العصر يعني مرّ فترة طويلة وقيل أنها وقت صلاة العصر وهذا من معانيها. من معانيها الدهر ومن معانيها وقت صلاة العصر والمعنيين مرادان في السورة، صلاة العصر بحد ذاتها أي إنسان الآن من الصباح إلى المساء هناك وقت كافي لتعرف حقيقته الناس من أول الدهر إلى زمن العصر والرسول - ﷺ - كما في الحديث بُعث من العصر إلى المغرب فإذن هذه مدة كافية للإستشهاد فيها ووقع فيها من أحداث أي هي مدة كافية للاستشهاد أما الفجر والناس لم يستيقظوا فكيف يكون استشهاد وكيف يكون دليلاً على الاستشهاد بأنهم في خسر ليست هنالك مدة كافية تدل على الاستشهاد ولو قال الضحى أيضاً نفس الشيء لم تكن هنالك مدة كافية للاستشهاد، الفجر أول النهار والضحى بدايته، كذلك المغرب، المغرب غروب الشمس إذن غروب الحياة وزوال الدنيا فما الفائدة من الاستشهاد؟ لقد غربت الدنيا وذهبت والناس ذهبوا إلى الحساب فما الفائدة من الاستشهاد؟ لذلك أنسب وقت للقسم والاستدلال هو العصر مدة كافية من أول النهار إلى ما قبل الغروب مدة كافية للاستشهاد والدلالة على ما يفعله الإنسان في هذا العمر الطويل والملاحظ أنه إذا ذكر الأقوان بعد القسم بالأوقات يناسب بين القوم وما يُقسم به. مثلاً قال (والفجر) لما ذكر الفجر قال (ألم تر كيف فعل ربك بعاد) وعاد من أوائل الدنيا بعد نوح. لما أقسم بالضحى (والشمس وضحاها) قال (كذبت ثمود بطغواها) لأن ثمود بعد عاد والضحى بعد الفجر. هنالك مناسبة بين القسم بالوقت وبين الأقوام فإذا ذكر الأقوام فهي مناسبة للوقت الذي يقسم به كمحطة في تاريخ البشرية كلها.
في آل عمران خصص المتقين وقال الذين ينفقون فضيّق الدائرة وهذه لها علاقة بما قبلها لأنه في آل عمران طلب الأمر بالتقوى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٣٠) وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (١٣١)) فناسب (أعدت للمتقين)، قال قبلها اتقوا الله واتقوا النار فقال أعدت للمتقين. (الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء) وقد نهى عن أكل الربا (لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً) ثم قال المتقين الذين ينفقون بعكس آكل الربا (الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء) هذا يأخذ من الناس وهذا ينفق في السراء والضراء لما تقدم الأكل على الربا لأن الأكل هو الأخذ من الناس والذي ينفق هو يعطي الناس. المؤمنون ينفقون في الشدة حتى في السراء والضراء وآكل الربا يأخذ مال الذي وقع في الشدة، يأكل من مال من وقع في الشدة واضطر للإستدانة وهذا ينفق في شدته ورخائه.
*في القرآن نجد اتقوا الله واتقوا النار؟ فكيف نتقي الله؟
نحمي أنفسنا من الله (وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ (١٩٧) البقرة) يجب أن نحاذر من عقابه نبتعد عن محارمه وأصل التقوى الحذر شبهوها بالذي يمشي في أرض مشوكة يحذر يشمر ثيابه ويتحسس موقع أقدامه. والتقوى أن لا يراك مولاك حيث نهاك ولا يفتقدك حيث أمرك. أن نأتمر بالأوامر وننتهي عن النواهي.
آية (٢٢):
(مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٢٢))
*هل هناك من رابط بين هذه الآية وما سبقها؟


الصفحة التالية
Icon