o لنبدأ هنا في آية البقرة الله تعالى يقول لبني إسرائيل (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا) وإذ قلنا، في الأعراف (وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ) نفس القضية؟ لا، في البداية رب العالمين لما تاهوا وقالوا يا موسى نحن جُعنا (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا ﴿٦١﴾ البقرة) وشكوا له الخ.. رب العالمين أمرهم قال (وَإِذْ قُلْنَا) لهم نحن الله عز وجل قلنا لهم (ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ) وهي بيت المقدس كما تقول أصح الروايات لأن في آية أخرى تقول (ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ ﴿٢١﴾ المائدة) فهي إذاً بيت المقدس. إذاً رب العالمين في البداية أمرهم أن يدخلوا هذه القرية (وَإِذْ قُلْنَا) رب العالمين قالها مرة واحدة ولكن تعرفون بني إسرائيل ليسوا طيّعين ولا طائعين أهل نقاش فانظر فى قصة البقرة قالوا ما لونها وما هي الخ أهل لجاجة وكما هم اليوم فاليوم كل العالم يعلم أن أي مفاوضات مع اليهود لا تخرج منها بنتيجة لشدة ولعهم بالدوران والفر والكر والألفاظ المموهة والألفاظ التي تحتمل معنيين ليسوا صريحين.
أولاً لماذا قال في البقرة قال قولوا وفي آل عمران قال قل؟ في البقرة وجدت هذه الآية بعد قولٍ لأهل الكتاب (وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿ ١٣٥ ﴾ البقرة) مِلَة إبراهيم حنيفاً تجمعنا جميعاً (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا ﴿ ٦٧ ﴾ آل عمران) كان أبو الأنبياء جميعاً فنحن جميعاً على ملته، هذا المفروض نحن موحَّدون (قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا). آل عمران (وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا) إذاً الفرق بين قولوا يا مسلمون قُل يا محمد هذا واحد. (وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا) (وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا) الوحي لما يأتي من أين يأتي؟ من الله عز وجل الذي هو أعلى فلما يأتي من الله نقول أُنزِل علينا من الله لما يصل إلى محمد ﷺ نقول نزل إلى محمد معنى هذا ماذا؟ آمنا بالله وما أُنزِل علينا من الله فإيمان بالله بتصديق الربوبية أن هذا الكلام كلام الله لما نقول أُنزِل علينا نحن سنؤمن بأن هذا الكلام أنزل علينا من الله فنحن إذاً تصديق الربوبية. أُنزِل إلينا هذا الذي نزل نزل لمن؟ نزل لمحمد إذاً صار هناك تصديق النبوة والرسالة فالآيتان إحداهما تتحدث عن تصديق الربوبية والثانية تتحدث عن تصديق الرسالة والرسول والنبوة. إذاً كلمة علينا وإلينا ليست هي من باب الصدفة ما أُنزِل علينا من الله عز وجل هذا كتاب كلام الله التوراة والإنجيل والزبور وما أوتي موسى وعيسى كل هذا نؤمن بأنه قادم من الله هذا أُنزِل علينا وهذا الذي نزل نزل على إبراهيم وموسى وعيسى وإسحاق ويعقوب والأسباط إلى أخرهم محمد أنزل إليهم وأنزل إليهم أي يعني نحن نصدق بأن هؤلاء مرسلون من رب العالمين وهم صادقون في الرسالة.
هناك فرق بين مُلك ومِلك، المُلك الحُكم فرعون قال (وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ (٥١) الزخرف) يعني الحكم وليس مملوكة له. والمِلك من التملّك فصاحب المُلك مَلِك وصاحب المِلك مالك في الفاتحة نقول ملك يوم الدين ومالك يوم الدين لأنه تعالى الملك والمالك. لما يقول (ملك السموات والأرض) يعني هو الحاكم ولما يقول (له ما في السموات والأرض) هذا التملك مملوكة له. فإذن في مجموعة هذه الآيات أنه هو المالك وهو الملك، كل آية لا تدل على الأخرى (له ما في السموات) من التملك فهو ملكهما ومالكهما كما قال تعالى (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ (٢٦) آل عمران) المُلك هو مِلكه (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء) بيده التصرف فهي ملكه. في الفاتحة هنالك قراءتان متواتران ملك يوم الدين ومالك يوم الدين، الآية نزلت مرتين مرة ملك يوم الدين ومرة مالك يوم الدين وهي قراءات نزل بها جبريل وأقرها رسول الله ؟ بأمر من ربه. هناك عشر قراءات متواترة عن الرسول - ﷺ - أقرها الرسول - ﷺ - بأمر من ربه.
آية (٢٧):
(وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٧))
*(وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ (١٣١) النساء) لِمَ ذكر ربنا سبحانه وتعالى أمره لأهل الكتاب بالتقوى ثم عطف المسلمين عليهم؟ ولو قال: ولقد وصينا المؤمنين أن اتقوا الله ليشمل كل مؤمن منذ أن وُجِد الإنسان على الأرض إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
إن الإخبار بأن الله تعالى أوصى الذين أوتوا الكتاب من قبل مقصود منه إلهاب هِمم المسلمين وحثّهم على بلوغ تقوى الله تعالى لئلا تفضلهم الأمم التي من قبلهم من أهل الكتاب وبديهي أن الإنسان إن وُضِع ميزان التفاضل لا يقبل أن يسبقه أحد إلى خير أبداً.
آية (١٣٥):
*ما دلالة (قوامين بالقسط شهداء لله) في آية سورة النساء و (قوّامين لله شهداء بالقسط) في آية سورة المائدة؟(د. فاضل السامرائى)
فإذن الذي بدأ يتكلم الآن سيدنا عيسى ؟ فقال: (أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ) ما هذه الآية؟ بيان هذه الآية؟ (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (٤٩)) بيان هذه الآية (فأنفخ فيه) يعني أنا لأنه يتكلم عن نفسه فقال (فأنفخ).
لما ننتقل إلى الآية الأخرى: الكلام هنا من الله سبحانه وتعالى (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (١١٠) المائدة) الكلام معه وليس على لسان عيسىعليه السلام فقال (فَتَنْفُخُ فِيهَا) إذن لما قال هناك (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ) لأن كان يتكلم عن نفسه، أما هنا (تخلق) (فَتَنْفُخُ فِيهَا) الكلام من الله عز وجل إلى عيسى عليه السلام.
فيه وفيها:
انظر النظام: في البداية أنت تكوّن نفسك (خذ العفو) أي ألزم نفسك بتربية معينة فيها معنى الصفح والسماح، هذه الأمور في البداية هي لتربية النفس. ثم تنتقل إلى مرحلة ثانية الأمور التي لا جدال فيها، مثلاً تأتي إلى رجل مسلم لا يصلي فتقول له يا أخي لا يختلف إثنان أن الصلاة عمود الدين ثم بعد ذلك لما تصل إلى مرحلة أخرى قد تتحدث معه فيقول لك أنا مسلم أصلي مؤمن بالنظام الاقتصادي الفلاني لكن لا أؤمن أن الإسلام نظام إقتصادي لا ينبغي أن ننظر فيه أو أن المرأة كانت في الجاهلية لها زِيُّها والآن لها زي آخر فلماذا تصرون على حشمة المرأة؟ أو كما يقول بعض العامّة: المرأة الشريفة تمشي عريانة بين طابور عسكر ولا شيء عليها، ما هذا الكلام؟! فلما تصل إلى هذه الأمور ستنتقل من موضوع العُرف إلى موضوع جدل لتقنعه بقضية هو غير مقتنع بها فإذا وجدت ممارياً شعاره لا أقتنع ولو أقنعتني! أو أحياناً تتحاور مع شخص وتأتيه بنصوص يقول لك غلبتني، أنت لديك نصوص إسمح لي أن أذهب وآتي بمن لديه نصوص وقد وقع هذا الأمر معي شخصياً في دمشق سمعت رجلاً يشتم صلاح الدين الأيوبي فسألته: لماذ تشتم صلاح الدين؟ وتحاورنا ولما انقطع الرجل قال أنت عندك معلومات أنا سأذهب إلى فلان وآتي به ليحاورك في هذه القضية، يا أخي الله تعالى خلق لك عقلاً!. إذن هذا هو الترتيب الطبيعي (خذ العفو وامر بالعرف وأعرض عن الجاهلين): يربي نفسه، يكوّن نفسه، ينظر إلى الآخرين، يأمرهم بالشيء الذي لا مجال للجدال فيه.
**سؤال: ما اللمسة البيانية في الفعل (أُمُر)؟ ولماذا لم يستخدم فعل إنصح أو أُدعُ؟
عندنا قاعدة الإسم الظاهر أقوى وآكد من الضمير. فنلاحظ أن تكرارها يفيد توكيدها وتعظيمها. مثال: (فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (٩) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (١٠)) ما قال ما أدراك ما الهاوية ذكر الضمير وأجاب (نَارٌ حَامِيَةٌ (١١))، في سورة الهمزة لما ذكر الحطمة (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (٥)) أضاف إليه (نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (٦) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (٧)) أي الأعظم والأفخم نار حامية أو نار الله الموقدة؟ نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة. وقال وما أدراك ما الحطمة لم يقل وما أدراك ما هي، فلما جاء بالضمير اختزل في الكلام ولما ذكر الإسم الظاهر فخم وعظم وجاء بما هو أبلغ. وبعد ذلك قال (ليلة القدر خير من ألف شهر) كرر مرة أخرى وذكر فضلها وهذا تكرير آخر. هذا التعبير لم يرد في القرآن نظيره مطلقاً، يكرر مرتين لكن لا يكرر ثلاث مرات مثال (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (٢) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (٣)) ما قال الطارق النجم الثاقب، (وما أدراك ما الحطمة) لم يقل الحطمة نار الله الموقدة، لم يقل في جميع القرآن إلا في هذه الليلة العظيمة هنا قال (ليلة القدر خير من ألف شهر) كان يمكن أن يقول خير من ألف شهر. التكرار للزيادة في تفخيمها وتعظيمها لأن الذي أُنزل فيها كلامه وأعلى من كل شيء وهو كلامه سبحانه وتعالى أعلى من الطارق فلا يقاس بهذه الليلة التي أُنزل فيها سبحانه ومن هذا نستشف عظمة هذا القرآن الكريم ولم يرد في القرآن غير هذا التعبير. (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (٣)) هي أعلى عند الله تعالى.
مهتدٍ) بدون ياء هذا منقوص أصلها مهتدي وهذه مبتدأ مرفوعة (مهتد)، (منهم) خبر، مهتدٍ مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على الياء المحذوفة منع من ظهورها الثقل لأنه منقوص يقدر عليه الضمة أصلها مهتديٌ مرفوع علامة رفعه الضمة والضمة ثقيلة فحذفت الضمة بقي التنوين والياء مهتدي إلتقى ساكنان حذفنا الياء وبقي التنوين فصارت مهتدٍٍ.
آية (٢٧):
(ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ (٢٧))
*نظرة عامة على الآية :


الصفحة التالية
Icon