وعندما قال سبحانه الحمد لله رب العالمين فهو حاضر دائما فنودي بنداء الحاضر المخاطب. الكلام من اول الفاتحة الى مالك يوم الين كله ثناء على الله تعالى والثناء يكون في الحضور والغيبة والثناء في الغيبة اصدق واولى أما اياك نعبد واياك نستعين فهو دعاء والدعاء في الحضور اولى واجدى اذن الثناء في الغيبة اولى والدعاء في الحضور اولى والعبادة تؤدى في الحاضر وهي اولى.
إهدنا الصراط المستقيم
هذا دعاء ولا دعاء مفروض على المسلم قوله غير هذا الدعاء فيتوجب على المسلم قوله عدة مرات في اليوم وهذا بدوره يدل على اهمية الطلب وهذا الدعاء لان له اثره في الدنيا والآخرة ويدل على ان الانسان لا يمكن ان يهتدي للصراط المستقيم بنفسه الا اذا هداه الله تعالى لذلك. اذا ترك الناس لانفسهم لذهب كل الى مذهبه ولم يهتدوا الى الصراط المستقيم وبما ان هذا الدعاء في الفاتحة ولا صلاة بدون فاتحة فلذا يجب الدعاء به في الصلاة الفريضة وهذا غير دعاء السنة في (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة) (البقرة آية ٢٠١).
والهداية هي الالهام والدلالة. وفعل الهداية هدى يهدي في العربية قد يتعدى بنفسه دون حرف جر مثل اهدنا الصراط المستقيم (تعدى الفعل بنفسه) وقد يتعدى بإلى (وانك لتهدي الى صراط مستقيم) (الشورى آية ٥٢) (واهديك الى ربك فتخشى) (النازعات آية ١٩) وقد يتعدى باللام (الحمد لله الذي هدانا لهذا ) (الاعراف ٤٣) (بل الله يمن عليكم ان هداكم للايمان) (الحجرات آية ١٧)
*ما الفرق بين الآيتين (وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللّهَ قَادِرٌ عَلَى أَن يُنَزِّلٍ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (٣٧) الأنعام) (وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ فَانْتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ (٢٠) يونس)؟(د. فاضل السامرائى)
سورة واحدة فكان يقول (مثله)، في المدينة (في سورة البقرة) المكان الوحيد الذي قال (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٣) البقرة). هنا القرآن إنتشر وأسلوبه صار معروفاً، الآن يقول لهم (بسورة من مثله) لو قال : بسورة مثله كما قال سابقاً يعني سورة مثل سور القرآن الكريم. (من) هذه للتبعيض، هو هل له مثل حتى يطالَبون ببعض مماثله؟ هو لم يقل : فاتوا بمثله وإنما ببعض ما يماثله ولا يوجد ما يماثله فما معناه؟ هذا معناه زيادة التوكيد. لما تأتي (مثل) ويأتي عليها حرف في شيء ليس له مثل معنى ذلك توكيد كما قال تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١) الشورى) الكاف للتشبيه، ومثل للتشبيه معناه أنه لو تخيلتم لو أن تصوّركم أنجدكم بأن تتخيلوا مثالاً لهذا القرآن فحاولوا أن تأتوا بمثل ذلك المثال، بجزء من ذلك المثال الذي تخيلتموه فهذا أبعد في التيئيس من قوله (مثله) مباشرة.
بسورة مثله أي بسورة مماثلة، (من مثله) يعني بسورة من بعض ما تتخيلونه مماثلاً. هذا إمعان في التحدي وأبعد لأنه صار القرآن منتشراً. فلو تخيلت أيها السامع شيئاً يماثل القرآن وهذا غير ممكن لأنه سبق وقال تعالى (لا يأتون بمثله) فإتوا ليس بمثله بمثل هذا الذي تخيلتم وإنما بجزء من مما تتخيلونه مماثلاً له فكان أبعد من التحدي لأن هذه الآية نزلت في المدينة بعد أن كان القرآن قد إنتشر وعمّت الرسالة. كما قال الله عز وجل (ليس كمثله شيء) يعني لو أن عقلك تخيّل مثالاً فالله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء لو تخيّلت مثالاً يعني إبعاد للصورة.
*ما اللمسة البيانية في استعمال صيغة المضارع مرة وصيغة الماضي مرة أخرى في قوله تعالى (من كان يريد الآخرة) و (من أراد الآخرة)؟(د. فاضل السامرائى)
قال تعالى في سورة يوسف ( فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ﴿١٥﴾) باستخدام كلمة يشعرون وليس يعلمون لأنه أحياناً يعتري الإنسان شعور بشيء لكن ليس له علم به. وبالنسبة لإخوة يوسف لم ينتابهم الشعور بالقرابة أو المعرفة لذا نفى الله تعالى عنهم الشعور لأن نفي العلم لا ينفي الشعور أما نفي الشعور فينفي العلم وهم لم ينتابهم شعور مطلقاً.
آية (١٦):
*ما الفرق بين أتى وجاء ؟(د. فاضل السامرائى)
القرآن الكريم يستعمل أتى لما هو أيسر من جاء، يعني المجيء فيه صعوبة بالنسبة لأتى ولذلك يكاد يكون هذا طابع عام في القرآن الكريم ولذلك لم يأت فعل جاء بالمضارع ولا فعل الأمر ولا إسم الفاعل. المجيء صعب. قال (فَإِذَا جَاءتِ الصَّاخَّةُ (٣٣) عبس) شديدة، (إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) النصر) هذا أمر عظيم هذا نصر لا يأتي بسهولة وإنما حروب ومعارك، إذن الإتيان والمجيء بمعنى لكن الإتيان فيه سهولة ويسر أما المجيء ففيه صعوبة وشدة ويقولون السيل المار على وجهه يقال له أتيّ مرّ هكذا يأتي بدون حواجز لأنه سهل. (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ (١٧) النمل) ليس هنا حرب، (وَجَاؤُواْ أَبَاهُمْ عِشَاء يَبْكُونَ (١٦) يوسف) هذه فيها قتل. إذن هنالك فروق دلالية بين جميع كلمات العربية سوءا علمناها أو لم نعلمها. رأي الكثيرين من اللغويين قالوا ليس هناك ترادف في القرآن إلا إذا كانت أكثر من لغة (مثل مدية وسكين) ولا بد أن يكون هناك فارق.
*ما معنى عشاءً؟ (د. فاضل السامرائى)
*ما اللمسة البيانية في استخدام كلمة (لله) بدل (الله) في قوله قوله تعالى (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴿٨٧﴾) في الجواب على الآية في سورة المؤمنون(قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴿٨٦﴾ ُ)وفي آية أخرى في سورة الرعد جاءت الآيات (قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللّهُ ﴿١٦﴾)؟(د. فاضل السامرائى)
من حيث اللغة لو سألنا من صاحب هذه الدار؟ يكون الجواب لفلان أو فلان. فهي من حيث اللغة جائزة أن نقول الله أو لله. أما لماذا اختار الله تعالى (الله) مرة و(لله) مرة؟ لأن السياق في آية المؤمنون كان في السؤال عن الملكية (قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿٨٤﴾ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) وقوله في نفس السورة أيضاً (قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿٨٨﴾ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ ﴿٨٩﴾ ) إذن السؤال عن الملكية فيكون الجواب (لله) ولأن السياق كله في الملكية جاء بلام الملكية.
أما في آية سورة الرعد (قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴿١٦﴾). فالسياق في مقام التوحيد وليس في مقام الملكية وإنما عن الذات الواحدة لذا جاء الجواب (الله).
*متى يأتي الضر قبل النفع في القرآن؟(د. فاضل السامرائى)
وفي سورة المؤمنون (حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩)) قد يقول قائل هم يتكلم ما أدركه الموت، كلا. الكافر يقول رب ارجعون بعد قبض روحه، الرجوع إلى الدنيا يريد أن يرجع إلى الدنيا بعد أن يخرج من الدنيا فإذن هنا معناه (جاء أحدهم الموت) أي اقترب منه وتاله وفارقته الروح. عند ذلك لما يرى ما يرى من هول الحساب يبدأ يقول رب ارجعون. طلب الرجوع إنما يكون لمن فارق الحياة وليس لمن هو في هذه الدنيا. موضعان في القرآن ورد فيهما (جاء) فيهما معنى المفارقة، مفارقة الروح.
يدرك:
في سورة النساء (أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ (٧٨)) الآية كأنما تصور من ينتقل من مكان إلى آخر هرباً من الموت والموت يسعى وراءه حتى يدركه أينما كان ولو كان متحصناً في بروج مشيدة قوية الجدران محكمة الأبواب. لما يدركه يكون قريباً منه ويقبض بعد ذلك. يُفهم من الآية أنه يموت قطعاً. يدرككم أي لما يصل إليكم وسيكون نتيجته مفارقة الحياة. وفيه صورة الملاحقة والهارب الذي يلحقه شيء. حتى في المجاز تقول أدركت ما يريد فلان أي تتبعت عباراته بحيث وصلت إلى الغاية من عبارته.
يأتي:
في سورة ابراهيم (يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (١٧)) إتيان الموت المراد به إتيان أسبابه من وسائل العذاب لأن الكلام على المعذَّب بنار جهنم العذاب في جهنم بعد قيام الساعة (لا موت). (يأتي) هنا بمعنى إتيان أسباب الموت، أسباب التعذيب تصيبه وتلاحقه في كل مكان وتأتيه اسباب الموت لكن (وما هو بميت) لأنه في النار لا يوجد موت وإنما عذاب. الموت قريب منه بمحيء أسبابه لأن الإحراق من أسباب الموت لكن الإحراق بالنار يوم القيامة هو من أسباب الموت لكن لا يفضي إلى الموت فالموت قريب منه لكنه لا يقع.
قال تعالى في سورة الذاريات (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ ﴿٢٤﴾ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَاماً قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ ﴿٢٥﴾ فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ ﴿٢٦﴾ فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ ﴿٢٧﴾ فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ﴿٢٨﴾ فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ ﴿٢٩﴾ قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ﴿٣٠﴾ ) وقال تعالى في سورة الحجر (وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِ بْراَهِيمَ ﴿٥١﴾ إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاماً قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ ﴿٥٢﴾ قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ ﴿٥٣﴾ قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ ﴿٥٤﴾ قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ ﴿٥٥﴾ قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ ﴿٥٦﴾).
في سورة الذاريات جاء وصف ضيف ابراهيم - عليه السلام - بالمكرمين وهذا له معنى في سياق الآيات في السورة وعدم ذكر صفة الضيف في آية الحجر يُبنى عليه المعنى. وإذا استعرضنا سياق الآيات في السورتين يتبيّن لنا لماذ ودت الصفة في سورة ولم ترد في الأخرى:
سورة الذاريات... سورة الحجر
سلام ورد التحية وردّ التحية من الإكرام (فَقَالُوا سَلَاماً قَالَ سَلَامٌ)... لم يذكر ردّ التحية ولم يرد الإكرام هنا (فَقَالُواْ سَلاماً قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ)
ونذكر مسألة أخرى: هنالك رأي آخر أن الواو عطف على عِلّة محذوفة (ولتبتغوا) جوّز بعضهم أن تكون معطوفة على علة محذوفة لتنتفعوا ولتبتغوا. ليست معطوفة على (وترى) لأن هذه مرفوعة. قسم جوّز أن يكون فيها وجه آخر يعني ليس فقط المعطوف على تستخرجوا ولتأكلوا وإنما عطف عل علة مقدرة أيضاً يجوز، هنالك أمر مقدر نعطف عليه هذا يجوز في اللغة والسياق في الآية يحتمل.
حُفّت السورة كلها بالتسبيح والتحميد قبلها وبعدها ولعلّ في هذا إشارة إلى أنه - ﷺ - سينُقل إلى مكان وعالَم كله تسبيح: سورتي النحل (أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) وسورة الكهف (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا )، وآياتها حُفّت بالتسبيح والتحميد في بدايتها بالآية ١ وفي آخرها (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ) آية ١١١. وقد سُبقت السورة بالمعيّة في أواخر سورة النحل (إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ ) آية ١٢٨ ومن أعلى أنواع المعيّة أن يُعرج به - ﷺ - إلى حيث من يُحبه بعدما لاقى من الأذى ما لاقاه من قومه وهذه أعلى معيّة للرسول - ﷺ - وكأنه هو أعلى من الذين اتقوا والذين هم محسنون.
بداية السورة: سبحان: كما هو معروف لغوياً سبحان هي إما إسم مصدر أو عَلَمٌ على التسبيح. ولقد ورد التسبيح في القرآن الكريم في سور شتّى فورد بصيغة الفعل الماضي (سبّح لله ) وفعل مضارع (يُسبح لله) أو فعل أمر (فسبّح باسم ربك) وورد بتعدية الفعل نفسه (سبّح اسم ربك الأعلى) (وتسبّحوه بكرة وأصيلا) وبالباء (فسبّح باسم ربك) وورد بلفظ تسبيح وتسبيح اسمه (سبّح اسم ربك) فنحن نسبّحه ونسبّح له ونسبّح باسمه ونسبّح بحمده (فسبّح بحمد ربك ولستغفره) وباللام.
الواو كما هو معلوم لا تفيد ترتيب ولا تعقيب وإنما الواو لمطلق الجمع فقط. عندما نقول دخل محمد وأحمد لا يعني أن محمد دخل أولاً، ليس بالضرورة. الكفار يقولون (وَقَالُواْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٢٩) الأنعام) لو أخذت على الترتيب معناها أنهم يؤمنون بالعبث لكنهم يقولون (وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) الترتيب أنهم يحييون ويموتون. إذن الواو لا تفيد ترتيب ولا تعقيب، تحتمل هذا وذاك، أقبل محمد وخالد، محمد قبل أو خالد قبل أو الاثنين جاءا معاً تحتمل، إذن هنا ليس معنى ذلك أن الرعب جاء بعد الفرار ولم يقل (ثم) ليس هنالك ترتيب ولو قال ثم تفيد الترتيب والتراخي والفاء تفيد الترتيب والتعقيب والواو لمطلق الجمع. إذن أصل المسألة لعل السائل يظن أن المفروض الرعب أولاً ثم الفرار. الواو فقط لمطلق الجمع. يبقى لماذا جاء بهذا الترتيب؟ الواو لا تفيد الترتيب إذن ليس معنى الآية أن التولية قبل الرعب. ربنا تعالى يقدم مرة الأرض على السماء ومرة السماء على الأرض ومرة يقدم النفع على الضر ومرة الضر على النفع. التقديم يكون حسب الأهمية وهنا يدخل هذا في باب التقديم والتأخير بحسب الأهمية. هم لماذا ذهبوا إلى الكهف؟ حتى لا يطلع عليهم الناس (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ (١٣) الكهف) خرجوا من القوم ليسلموا من الفتن، إذن المهم أن لا يطلع عليهم أحد ولا يعرفهم أحد، خرجوا فارين بدينهم من أذى قومهم فذهبوا إلى الكهف ودخلوا فيه من باب أنه آمن لهم. إذن المهم هو أن لا يطلع عليهم أحد، حتى لا يشي بهم حتى لا يؤتى بهم فيفتنون. ماذا يعنيهم الرعب؟ المهم ألا يتفرس فيهم أحد فيعرفهم هذا المهم أن يولي منهم فراراً أراد ربنا أن يحميهم فيوقع الهيبة فيهم فيفر منهم حتى لا يتفرس بهم فلا يعرفهم حتى يحميهم.
الفرق بين ليال وأيام: اليوم هو من طلوع الشمس إلى غروبها (باختلاف المفهوم المستحدث السائد أن اليوم يشكل الليل والنهار)، أما الليل هو من غروب الشمس إلى بزوغ الفجر. وقد فرّق بينها القرآن في قوله تعالى في سورة الحاقة (سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ﴿٧﴾) وهذا هو التعبير الأصلي للغة. وفي آية سورة آل عمران لا يستطيع زكريا - عليه السلام - أن يكلّم الناس ثلاث أيام بلياليهن لكن جعل قسم منها في سورة آل عمران وقسم في سورة مريم.
هناك ممهدات للقصة هى سبب اختيارالليل في سورة مريم وهي:
*النداء الخفي (إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيّاً ﴿٣﴾) هذا النداء الخفي يذكّر بالليل لأن خفاء النداء يوحي بخفاء الليل فهناك تناسب بين الخفاء والليل.
*ذكر ضعفه وبلوغ الضعف الشديد مع الليل (قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً) وكلمة عتيّا تعني التعب الشديد وقد ذكر في آيات سورة مريم مظاهر الشيخوخة كلها مع الليل مالم يذكره في آل عمران لأن الشيخوخة تقابل الليل وما فيه من فضاء وسكون والتعب الشديد يظهر على الإنسان عندما يخلد للراحة في الليل، أما الشباب فيقابل النهار بما فيه من حركة.
*ويذكر في سورة مريم (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) يعني بعد الموت والموت عبارة عن ليل طويل ولم يذكر هذا الأمر في آل عمران.
هذه كلها هي المقدمات والآن نأتي إلى صلب الموضوع:
؟ قصة ابراهيم مع النمرود آية ٢٥٨ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)
؟ قصة عزير والقرية الخاوية آية ٢٥٩ (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِي هََذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
؟ قصة ابراهيم والطير آية ٢٦١ (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
وفي القصص الثلاث تأكيد على قدرة الله تعالى وأنه (لا إله إلا هو) فكيف لا نقبل بتنفيذ المنهج أو نكون مسؤولين عن الأرض بعدما أرانا الله تعالى قدرته في الكون؟
؟ الربع الأخير: الإنفاق (الآيات ٢٦١ – ٢٨٣)
هذا أمر والأمر الآخر من الناحية البيانية قال في سورة طه (إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (٣٨)) لم يذكر ما يوحى، الآن مبهمة، (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ) بيّن إذن صار بيان بعد الإبهام (إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (٣٨)) (فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (٢٨) طه) "مضى بها ما مضى من عقل شاربها"، لا يذكر. (إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (٣٨)) ما ذكر الذي أُوحيَ به ثم جاء بـ (أن) المفسرة (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ) بيّن ما أوحى إليها، إذن صار إيضاح بعد الابهام، بيان بعد الابهام هذه (أن) المفسّرة. (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ) الآن عندما ترى تابوتاً مقفلاً متى تعلم ما فيه؟ عندما تفتحه، يصير إيضاح بعد الإبهام بعد الفتح. من الناحية البيانية إيضاح بعد الإبهام في الأمر وإيضاح بعد الإبهام في المسألة. إذن من الناحية البيانية هناك تناسب كلاهما إيضاح بعد الإبهام. ثم هناك أمر، القذيفة في اللغة شيء يُرمى به فكان موسى في سورة طه قذيفة رمي بها فرعون قُذِفت في البحر فأغرقته. ولذلك لما نلاحظ العقوبة التي ذكرها في كلتا القصتين متناسبة مع (اقذفيه). قال في خاتمة فرعون في القصص (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ (٤٠)) ألقيناهم لكن بمهانة (فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ (٧) القصص) (فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ) كلها إلقاء. في فرعون (فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (٢٨) طه) قذيفة ألقيت في البحر عليهم فغشيهم من اليم ما غشيهم، فكان قذف أبلغ في التعبير كأن موسى هو الكبسولة والتابوت هو القذيفة فقذف بها فرعون فأهلكته. لا يناسب أن يقال ألق ابنك في البحر ولكن ألقي التابوت.
سؤال: قد يرى أحدنا تعارضاً أو تناقضاً بين القولين، ماذا قال تحديداً؟
الآية الكريمة (وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (٤٦)المسّ طبعاً دون النفوذ في اللغة يكفي فيه أيّ إتصال هذا هو المسّ. المسّ خفيف أخف من اللمس. أما بقية الآية نتكلم أن الآية فيها جملة مبالغات في بيان العذاب: أولاً قال (مسّتهم) والمسّ قلنا يكفي في تحققه أيّ إتصال وليس النفوذ. ثم قال (نفحة) والنفح هو الشيء أو النزر اليسير تقول نفحه أي أعطاه شيئاً يسيراً والنفحة هي هبوب رائحة الشيء. نفح هو الفعل والنّفْح هو المصدر. لما تقول نفحه أي أعطاه شيئاً يسيراً من المال، فيها قِلّة وقلنا نفحة هي هبوب رائحة الشيء.
الشيخ الشعراوي رحمة الله عليه عنده التفاتة حلوة قال (العرب أصحاب أذن حساسة في اللغة) يعني كثيراً ما يقرأ من الصحابة واحد موجود من البدو من الأعراب يقول لك الله ما يقول هذا الكلام؟ فالإذن حساسة في اللغة كالشعراء يعرف الزحاف متى يكون؟ إذا واحد قرأ بيت أي زحاف يقول له هذا غير موزون. ولهذا رب العالمين سبحانه وتعالى كما يقول لك واحد كان جالساً عند المنصور لما ولي الحكم واحد إعرابي جالس والمنصور يخطب وهو أمير المؤمنين وحكم العالم فأخطأ قال له أنت أخطأت رجع وعاد الكلام بعد ساعة أخطأ قال له ما هذا؟ أخطأ باللغة وبعد قليل أخطأ قام هذا الإعرابي وقال (والله أعلم أنك وليت الأمة بالقضاء والقدر) يعني أنت لا تستحق الحكم لكن قضاء وقدر أتى بك ولا واحد أمير عربي يغلط ثلاث مرات هكذا فرب العالمين نزل القرآن العرب وهو معجزتهم فرب العالمين لما قال (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ) ساكتين ولكن لما قال (وَالصَّابِئُونَ) كلهم انتبهوا. إذاً الصابئون أداؤه سبب من أسباب شدة انتباه المسلمين أيها العرب المسلمون انتبهوا إلى هذه الكلمة الصابئون مقصودة لنفسها ولذاتها عليكم أن تدرسوها دراسة مستقلة فالصابئون إذاً مرفوعة على أساس لفت الانتظار كما واحد يدق جرس أو يدق طاولة حتى الناس ينتبهون فالقرآن دق الحروف فلما قال (وَالصَّابِئُونَ) كلٌ فز شو الصابئون؟ يعني انتبهوا وأعربوها كما تشاءون ولكن انتبهوا إلى أن الصابئين لهم وضعٌ خاص.
سؤال: لكن سيدي الفاضل إذا كانت القضية قضية حسٌ لغوي وهذا الحس اللغوي منذ القرون العباسية بدأ يخفت فلم ننتبه إلى سر هذا العلو سور هذا الرفع في هذه الكلمة في قرونٍ متأخرة ولم نعاملهم معاملة أهل الكتاب في بعض الأحيان؟
نحن الآن في عصر العجمة اللغة العربية لغة الآن لا يعرفها إلا القلة من الناس البارعون فيها.
فيكون المعنى على هذا: والذين هم أصحاب الأمانات والعهود، أي: هم أهلها ومتولوها لو قيل بدل ذلك: الذين هم يرعون الأمانة والعهود، لم تفد هذه الفائدة الجليلة.
ثم قال بعد ذلك: (والذين هم على صلواتهم يحافظون)
فختم بالمحافظة على الصلاة، وهي آخر ما يفقد من الدين، كما في الحديث الشريف، فلعل الختم بالمحافظة عليها إشارة إلى ذلك، أي أنها خاتمة عرى الإسلام.
إن ذكر الصلاة في البدء والخاتمة تعظيم لأمرها أيما تعظيم.
جاء في (روح المعاني): "وفي تصدير الأوصاف وختمها بأمر الصلاة تعظيم لشأنها وتقديم الخشوع للاهتمام به، فإن الصلاة بدونه كلا صلاة بالإجماع، وقد قالوا: صلاة بلا خشوع جسد بلا روح".
فقد بدأ بالخشوع في الصلاة، وكأنه إشارة إلى أول ما يرفع، وختم بالمحافظة عليها إشارة إلى آخر ما يبقى، والله أعلم.
والخشوع غير المحافظة، فالخشوع أمر قلبي متضمن للخشية والتذلل، وجمع الهمة والتدبر، وأمر بدني وهو السكون في الصلاة كما سبق ذكره فهو صفة للمصلي في حال تأديته لصلاته. وأما المحافظة فهي المواظبة عليها، وتأديتها وإتمام ركوعها وسجودها وقراءتها والمشروع من أذكارها، وأن يوكلوا نفوسهم بالاهتمام بها، وبما ينبغي أن تتم به أوصافها.
وقيل: "المراد يحافظون عليها بعد فعلها من أن يفعلوا ما يحبطها ويبطل ثوابها".
وكل ذلك مراد، لأنه من المحافظة عليها.
وذكرت الصلاة أولاً بصورة المفرد ليدل ذلك على أن الخشوع مطلوب في جنس الصلاة، ففي كل صلاة ينبغي أن يكون الخشوع، أياً كانت الصلاة فرضاً أو نافلة، فالصلاة ههنا تفيد الجنس.
وذكرت آخراً بصورة الجمع للدلالة على تعددها من صلوات اليوم والليلة إلى صلاة الجمعة والعيدين وصلاة الجنازة، وغيرها من الفرائض والسنن، فالمحافظة ينبغي أن تكون على جميع أنواع الصلوات.
تستعمل فيما دون ذلك من أمور المعيشة اليومية كالبيع والشراء والتجارة وغيرها مما هو دون العبادات في الأهمية. بينما (لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلًا مِن رَبِّكُمْ ) هذه في التجارة ليست فى العبادة. (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ (٩٣) المائدة) طعام هذا أكل لا يتعلق في العبادة، (لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ (٢٩) النور) (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا (٦١) النور) ليست في العبادة. حتى لو الدلالة واحدة وهي النفي لا بد أن يغاير بين الأدوات الموجودة العربي كان يفهم هذا الكلام وأكثر من هذا وكانوا يتكلمون بها لكنهم لا يضعوها في مكانها في كلامهم يأتوا بجمل لكن لا يمكن أن يرتبوا كلاماً بمستوى القرآن لذلك هم قالوا أي كلام بمقدار أقصر سورة في القرآن (الكوثر) هو مُعجِز لأنه كيف يجمع كل هذه الأمور وهذا الحشد البياني الهائل في هذا؟! ذكرنا سابقاً أنني أذكر أستاذاً في الأدب العربي في جامعة بغداد سأل لماذا القرآن كلام معجز مع أن العرب فهموه وهو كلامهم؟ أستاذ آخر يُدرِّس اللغة قال ألا يفهم أستاذ الأدب كلام المتنبي ويشرح مفرداته للطلاب؟ فلماذا لم يفعل مثله؟
آية (٣٠):
* ما الفرق بين (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (٣٠) النور) و(وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ (١١٢) النحل)؟ (د. فاضل السامرائى)
نضرب أمثلة: قال تعالى في الأعراف (قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ (٧١)) وقال في يوسف (مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ (٤٠)) وقال في النجم (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى (٢٣)). ننظر السياق في الأعراف فيها محاورة شديدة حيث قال (قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧٠) قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (٧١)) فيها تهديد، كلام شديد من أولئك كيف تتركنا نترك آلهتنا ونعبد الله فقال (نزّل).
الآيتين في سياق قصة موسى - عليه السلام - وهناك جملة اختلافات في التعبير في القصة. في سورة الأعراف تبدأ القصة بأحداث طويلة ممتدة من مجيء موسى - عليه السلام - إلى فرعون وحتى نهاية فرعون وفيها كلام طويل عن بني إسرائيل. أما في سورة الشعراء فالقصة تأخذ جانب من مقابلة موسى وفرعون وينتهي بنهاية فرعون. وفي كل قصة اختار التعبيرات المناسبة لكا منها. ونلاحظ أن التفصيل في سرد الأحداث في سورة الشعراء أكثر والمواجهة والتحدي بين موسى وفرعون. وعليه فقد انطبعت كل التعبيرات بناء على هذين الأمرين.
ومن ناحية ثالثة، ؟إن كل تعبير مناسبٌ لجو السورة الذي وردت فيه القصة، ذلك أن الترجي من سمات سورة القصص، والقطع من سمات سورة النمل. فقد جاء في سورة القصص قوله تعالى: "عَسى أن ينْفَعَنا أوْ نَتّخِذَهُ وَلَدا" وهو ترَجٍّ. وقال: ""عَسَى رَبّي أَن يَهْدِيَني سَوَاءَ السّبيلِ" وهو ترجٍّ أيضا. وقال: " لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ" وقال "لَعَلّكُم تَصْطَلونَ"، وقال: "لَعَلّي أَطّلِعُ إلى إِلَهِ موسَى"، وقال: "لَعَلّهُمْ يَتَذكّرونَ " ثلاث مرات في الآيات ٤٣، ٤٦، ٥١، وقال: "فَعَسَى أَنْ يَكونَ مِنَ المُفْلِحينَ"، وقال: "ولَعَلّكُم تَشكُرونَ ٧٣"وهذا كله ترجّ. وذلك في عشرة مواطن في حين لم يرد الترجي في سورة النمل، إلا في موطنين وهما قوله: "لَعَلّكُمْ تَصْطَلونَ"، وقوله: "لَعَلّكُمْ تُرْحَمونَ"
وقد تردد القطع واليقين في سورة النمل، من ذلك قوله تعالى على لسان الهدهد: "أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَأٍ بِنَبَأٍ يَقِينٍ"النمل: ٢٢، وقوله على لسان العفريت لسيدنا سليمان: "أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ" النمل: ٣٩ وقوله على لسان الذي عنده علم من الكتاب: "أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ " النمل: ٤٠
فانظر كيف ناسب الترجي ما ورد في القصص، وناسب القطع واليقين ما ورد في النمل.
ثم انظر بعد ذلك قوله تعالى في القصة: "سَآتيكُمْ مِنْها بِخَبَر" ومناسبته لقوله تعالى في آخر السورة: "الْحَمْدُ لِلّه سَيُريكُمْ آيَلتِهِ فَتَعْرِفوَها ٩٣" وانظر مناسبة "سَآتيكُمْ" لـ "سَيُرِيَكُمْ".
وبعد كل ذلك، انظر كيف تم وضع كل تعبير في موطنه اللائق به:
؟ كرّر فعل الإتيان في النمل، فقال: "سَآتيكُمْ مِنها بِخَبَر أوْ آتيكُمْ بِشِهابٍ"، ولم يكرره في القصص، بل قال: "لَعَلّي آتيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أوْ جَذْوَةٍ"
*لماذا جاءت كلمة (واستوى) مع موسى عليه السلام في الآية (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٤) القصص) بينما لم ترد مع يوسف عليه السلام (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٢٢) يوسف)؟(د. فاضل السامرائى)
إذاً هكذا هو الحسن والفرق بين الحُسن والجمال أن الجمال شيءٌ متميز عن غيره من حيث قيمته الجمالية، الحُسن هو الجمال إذا كثر واشتد وتعمق حتى صار مبهجاً. إذاً الإحسان جمالٌ مبهج أحياناً جمال عادي هذا كأس جميل هذا بيت جميل لكن هناك جمال عندما تراه تقف وتقول سبحان الخلاق العظيم! ما هذا الجمال! إذا انبهرت بذلك وابتهجت نفسك به يسمى حسناً. من أجل هذا التاريخ ينقل لنا عن بعض الذين عاملوا أبويهم بحسنٍ مبهج عجائب. ولهذا اقصر طريقٍ إلى الجنة هو التعامل مع الوالدين بحُسن هو البِرّ ومن رحمة الله رب العالمين قال (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴿٧٨﴾ الحج ) رب العالمين تكلم عن بر الوالدين حتى لا ييأس أحد أنت ما دمت تكفي والديك أنت بخير لكن هذا الخير يتفاوت الجنة يا جماعة مائة درجة كل درجة بينها وبين الأخرى كما بين السموات والأرض وكل درجة عن درجة في النعيم كما بين الكوخ والقصر من أجل هذا قال (فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا ﴿٧٥﴾ طه) (وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا ﴿٢١﴾ الإسراء) إذا أردت أن تدخل الجنة فبالبِرّ، وإذا أحببت أن تترقى في الدرجات العلى التي هي منازل الأنبياء والصديقين والشهداء فعليك بالإحسان أولاً ثم تنتقل إلى الحُسن، تكون في غاية الذل وأن تقدم لهم ثم في غاية الجمال والحسن المبهج لنفس الأبوين. فالأبوان عندما يرونك كيف تقبل يده كيف تقوم كيف تحترمهم يشعرون ببهجة. من أجل هذا أنت أعظم أنواع الإنسان يوم القيامة إذا جئت وأبواك راضيان عنك من حيث أنك بلغت القمة في التعامل معهما لأنك قدمت لهما ما قدمت بحسنٍ وليس بمجرد إحسان بل ترقيت من البِرّ إلى الإحسان إلى الحُسن أصبحت أنت مبهجاً لهما إلى أن ماتا بين يديك وهما في غاية البهجة حينئذٍ لا عليك ما فعلت.
في سورة البقرة ست آيات كلها للمستقبل (الآيات: ١٢٩-٢٠٩-٢٢٠-٢٢٨-٢٤٠-٢٦٠)، في آل عمران أربع آيات كلها للدائم ( الآيات: ٦-١٨-٦٢-١٢٦)، في النساء (الآيات ٥٦-١٥٨-١٦٥) آية واحدة للمعنى الثابت كهذه الآية في آل عمران (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨). العزيز الحكيم قيامه بالقسط هو ليس للمستقبل وإنما هو ثابت دائم. في المائدة مرة للمستقبل ومرة حكم عام (الآيات: ٣٨-١١٨)، الأنفال في أربعة مواضع للدوام (الآيات: ١٠-٤٩-٦٣-٦٧) وفي التوبة موضعين للمستقبل والدوام (الآيات: ٤٠-٧١)، إبراهيم الآية ٤، النحل آية ٦٠، النمل الآية ٩، العنكبوت الآية ٢٦ و ٤٢، الروم ٢٧، لقان ٩ و ٢٧، سبأ ٢٧، فاطر ٢، الزمر ١، غافر ٨، الشورى ٣، الجاثية ٢ و ٢٧، الأحقاف ٢، الفتح ٧ و ١٩، الحديد ١، الحشر ١ و ٢٤، الممتحنة ٥، الصف ١، الجمعة ١ و ٣، التغابن ١٨،. فحتى يكون الحكم عاماً ينبغي أن نمر بكل الآيات لأن هذا كلام الله عز وجل ولذلك ينبغي أن يكون إستقصاء وإحاطة بما في السور.
آية (٧):
*ما دلالة آيات متشابهات في القرآن الكريم؟(د. فاضل السامرائى)
ذكرنا أن التقديم والتأخير هو بحسب السياق وهو الذي يحدد هذا الأمر. السياق في الروم هو في ذِكر الكافرين ومآلهم (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤١) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ (٤٢) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ (٤٣) مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (٤٤)) إذن السياق في ذِكر الكافرين فقدّمهم وقال (مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ). في لقمان قال (أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ) بدأ بالشكر فلما تقدم الشكر (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِِ) بدأ بالشكر قال (وَمَن يَشْكُرْ) التقديم والتأخير كله بحسب المناسبة لذلك نلاحظ يقدّم الكلمة في موطن ويؤخّرها في موطن آخر بحسب السياق الذي ترد فيه.
في الأفعال في سورة لقمان (وَمَن يَشْكُرْ) بين مضارع وماضي بينما في الروم بصيغة الماضي (مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (٤٤)) فلِمَ التنوع في الصيغة الزمنية في الفعل؟
في البقرة قال (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) ما قالها في لقمان وقال في البقرة (والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ) ولم يقلها في لقمان، وقال في لقمان (وَيُؤْتُونَ الزَّكَاة) وفي البقرة قال (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) وهذه أعم من الزكاة والزكاة من الإنفاق فإذن مما ينفقون تحت طياتها الزكاة. (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) وهذا متعلق بالسورة نفسها كما ذكرنا أن في لقمان شاع فيها تردد اذكر لآخرة وهنا جو السورة ومفتتح السورة غالباً ما يكون له علاقة بطابع السورة من أولها إلى نهايتها. في سورة البقرة، قال (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) وبعدها قال (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (٨)) هذا من الغيب لم يؤمنوا لا بالله ولا باليوم الآخر. وقال على لسان بني إسرائيل (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً (٥٥)) إذن هم لا يؤمنون بالغيب وطلبهم عكس الغيب لذلك هو قال (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) وليس مثل هؤلاء الذين يقولون آمنا وما هم بمؤمنين ولا مثل هؤلاء الذين طلبوا أن يروا الله جهرة بينما في لقمان قال (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ (٢٥)) إذن هم مؤمنون بالغيب وقال (وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ (٣٢) لقمان) إذن هم دعوا الله، يختلف الطابع.
رب العالمين يقول (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا ﴿٣٤﴾ البقرة) هذه آية وفي سورة ص لم يقل اسجدوا وإنما قال (فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴿٧٢﴾ص) مداخلة وانتباهة هائلة من أم راضي في الشارقة. رب العالمين يقول (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴿٣٤﴾ البقرة) في آية ص قال (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ ﴿٧١﴾ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴿٧٢﴾ ص) وآية أخرى (خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ؟﴿٥٨﴾ مريم) ما الفرق بين سجدوا وبين وقعوا له ساجدين وبين خروا سجداً؟ والله تقتضي التفريق. وفعلاً الفرق بين (سجدوا) هذا سجود اعتيادي أنك أنت قمت بعملية السجود التي نفعلها في الصلاة هذه سجود كلنا نفعل سجود كسجود الصلاة سجدنا. في يوم الجمعة من السنن أن نقرأ سورة السجدة ونحن واقفون الإمام نحن واقفون خلفه ويقرأ هو سورة السجدة ويأتي إلى قوله تعالى (خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ﴿١٥﴾السجدة) خروا لماذا؟ ونحن واقفين ننزل رأساً إلى تحت (خروا). والخرّ هو الهبوط مع صوت من خرير الماء وهنالك فرق بين جريان الماء بلا صوت. الخرير من شلال نازل بصوت هذا خرّ (خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا) إما صوت البكاء مع السجود شخص قرأ آية يسجد لكن قرأ آية مؤثرة فبدأ بالبكاء وهو يبكي نزل على الأرض هبط بقوة لكي يسجد ولكن مع صوت هذا. مرة قال (خَرُّوا سُجَّدًا) ومرة قال (خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا) البكاء صوت السجود قال (خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا) من التسبيح سبحان الله وبحمده. إذاً الفرق بين سجدوا وخروا سجداً هذا. الفرق بين سجدوا وخروا سجداً وفقعوا له ساجدين كنت مشغولاً.
هذا أمر جارٍ وهو الأفصح في اللغة والأكثر والأشيع أن تبدأ بالمفرد المذكر ثم تبين المعنى. إذا طبقنا هذا على آية سورة الأحزاب (من يأت) و(من يقنت) مفرد مذكر ثم بين المعنى بـ(وتعمل).
القاعدة النحوية هو أن الفعل يؤنّث ويذّكر فإذا كان الفعل مؤنثاً ووقع بين الفعل والفاعل فاصلاً ثم إن الخطاب الموجه لنساء النبي - ﷺ - في قوله (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء) هذا خطاب خاص بهن فجاء بصيغة خطاب الإناث أما في الآية (يريد الله ليذهب عنكم الرجز أهل البيت ويطهركم تطهيرا) هذا الخطاب يشمل كل أهل بيت النبوة وفيهم الإناث والذكور لذا اقتضى أن يكون الخطاب بصيغة المذكر.
سؤال: هل هذا مثل قوله تعالى (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ (٣٠) يوسف)؟
لا هذا أمر مختلف، هذا غير (من) و(ما). يذكرون أيضاً قوله تعالى (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا (١٤) الحجرات) يقولون ومنهم الفرّاء وغيره أن الفعل لما يأتي ويسند إلى جمع جمع القلة يأتي بالتذكير ولما يأتي لجمع الكثرة يأتي بالتأنيث. فالنسوة جمع قلّة، كم واحدة قالت؟ قليل والأعراب كثير. فالقلة (قال نسوة) لأنهن قليلات هم جماعة الملكة وحاشيتها أما مع الأعراب قال (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا) فجاء بالتأنيث للدلالة على جمع الكثرة. فالعرب عندهم التأنيث يدل على عدد أكثر من التذكير (قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ (١١) إبراهيم.
سؤال: أليس التأنيث هنا لأن الجمع ليس له مفرد من جنسه؟ لا، هذا ليس له دخل.
آية سبأ (قُل لَّا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٢٥)) هي في سياق الدعوة والتبليغ والمحاجّة وهذا من باب الإنصاف في الكلام حتى يستميلهم يقول نحن لا نُسأل عما أجرمنا إذا كنا مجرمين كما لا تُسألون أنتم عن إجرامنا إذا كنا كذلك. أراد أن يستميل قلوبهم فقال (عما تعلمون) هذا يسموه من باب الإنصاف في الدعوة، غاية الإنصاف لا يريد أن يثيره خاصة في باب التبليغ يريد أن يفتح قلبه بالقبول وإذا قال تجرمون معناه أغلق باب التبليغ. وقال قبلها (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (٢٤)) هذا في باب الدعوة وفي باب التبليغ يجعله في باب الإنصاف في الكلام حتى لا يغلق الباب وهذا غاية الإنصاف. لأن السياق في سورة سبأ هو في سياق الدعوة (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ (٢٢)) (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ (٢٤)) (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (٢٦)) يريد أن يستميل قلوبهم وألا يغلق الباب فقال لهم كذلك.
في حين في آية سورة هود (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرَمُونَ (٣٥) هود) هذه في قصة سيدنا نوح - عليه السلام - (قل إن افتريته فعلي إجرامي) لأن الذي يفتري على الله تعالى مجرم (قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرَمُونَ) إذا أنتم نسبتم إليّ الافتراء ولست كذلك أنتم مجرمون بحقي إذا نسبتم الإفتراء إليّ أني أفتري على الله وأنا لست كذلك فأنتم مجرمون بحقي إذن وإن افتريته فأنا مجرم (فعلي إجرامي) وإن لم أكن كذلك فأنتم نسبتم الافتراء إليّ وأنا بريء من ذلك فأنتم إذن مجرمون بحقي.
قال تعالى (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ﴿١٨٤﴾ آل عمران) بالبينات والزبر والكتاب المنير، في سورة فاطر ٢٥ أضاف باء حرف جر قال (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ﴿٢٥﴾ فاطر) بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير أضاف حرف جر. هناك (بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ) القرآن، هنا (بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ) حينئذٍ واضحة كما قلنا في الآيات التي قبلها بذي وذي نفس النسق. نحن لدينا نوعين من الأنبياء أنبياء كتابه هو معجزته هذا بالبينات والزبر بدون باء وهو محمد ﷺ الوحيد الذي معجزته هي كتابه النبي صلى الله عليه وسلم. سيدنا موسى معجزته العصا واليد والقمل والضفادع والماء وغيرها يعني كثير (وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آَيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ ﴿١٣٣﴾ الأعراف) لكن التوراة شيء ولهذا التوراة ليس معجز ولهذا حرف وضاع وقسموه وحرفوه الخ ليس له نفس حصانة القرآن لأن الله سبحانه وتعالى جعل معجزته غير الكتاب فالكتاب علم فقه ليس بذلك الوعد الإلهي (وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴿٩﴾ الحجر) فلهذا التوراة الآن ما بقي منها شيء والإنجيل ما بقي منها شيء، أناجيل شبيهة كل ما يأتي ملك يعمل له إنجيل لماذا؟ البينات عند موسى وعيسى غير الكتابين عندهم إعجاز خالد لا يمكن أن ينكرها إلا إنسان ظلم نفسه.
نضع كل واحدة في سياقها: في البقرة التي لم يذكر على صراط مستقيم هذه أصلاً لم نر فيها ذكراً للدعوة، السياق ليس فيه ذكر للدعوة والدعوة هي صراط مستقيم، وردت في سياق القصص القرآني ذكرها في سياق قصة طالوت وجالوت وقسم من الأنبياء أيضاً، عندما ذكر قصة طالوت وجالوت وذكر قسماً من الأنبياء قال (تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٢٥٢) البقرة) يعني أراد أن يُخبر أن هذا دليل على إثبات نبوته - ﷺ - بإخباره عما لم يعلم من أخبار الماضي، قصة لم يعلمها لا هو ولا قومه فأجراها على لسانه أخبر بها أعلمه بها الله سبحانه وتعالى، فإذن لما ذكر هذه القصة التي لا يعلمها قومه ولا يعلمها هو فأجراها على لسانه هذا يدل على رسالته. كما ذكر تعقيباً في قصة نوح لما قال له (تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (٤٩) هود) الله تعالى أعلمه، فيها دلالة على كونه مرسَلاً من قِبَل الله سبحانه وتعالى يعني هذه دليل على إثبات نبوته ورسالته، في قصة يوسف (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ (١٠٢)) وهذه مثل تلك، يعني هذه هي البرهان والدليل على أنه - ﷺ - مرسَل من المرسلين لم يقل على صراط مستقيم هي ليست في سياق الدعوة وإنما في سياق إثبات نبوته.
وكذلك (يسّمعون) فيها مبالغة (لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ (٨) الصافات) يعني يريدون أقصى التسمع في أقصر وقت فقال يسّمعون لأن تسّمع يحتاج وقت طويل وهم يريدون الوقت القصير.
آية (١٠):
*ما هي اللمسات البيانية في الآية (إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (١٠) الصافات)؟(د. فاضل السامرائى)
قال في الأنبياء (وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ) وفي ص قال (وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ) العابدون يشملون أولي الألباب وزيادة، المكلَّف يجب أن يكون عنده عقل وإلا كيف يكلّف مجانين ليس عندهم عقل إذن العابدون أولي الألباب وزيادة. (وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ) العابدين فيها خصوصية يعني ليس فقط أولي الألباب، أولو الألباب وزيادة فصار عندنا أرحم الراحمين واستجبنا له وفكشفنا له والعابدين وآتيناه فأين نضع رحمة من عندنا؟ نضعها مع كل هذا في آية الأنبياء.
سؤال: النبي واحد والرب واحد والموقف واحد وهو المرض ولكن السياق ليس واحداً فلماذا هذا التغير؟
هل حصل تناقض رحمة منا أو رحمة من عندنا؟ من أين الرحمة؟ الضمير عائد على الله سبحانه وتعالى إذن ليس هناك تناقض لكن الاختيار بحسب السياق، اختيار المفردات بحسب السياق لم تتناقض القصتان لكن اختيار الكلمات بحسب السياق الذي ترد فيه.
سؤال: قد يقول قائل ماذا قال سيدنا أيوب بالضبط؟
قد يكون قال أكثر من هذا لكن ربنا ذكر هذا فقط، في هذا الموقف قال هذه الجملة وفي ذلك الموقف قال هذه الجملة، هل دعا مرة واحدة. ؟ لا، إذن لا تعارض ولا تغاير، لو قال لم يستجب له لصار تعارض.
آية (٤٥)-(٤٧):
*ما معنى أولي الأيدي والأبصار في (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (٤٥) ص) وما معنى المصطفَيْن الأخيار في (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ (٤٧) ص)؟ (د. حسام النعيمى)
٢. قال تعالى في سورة العنكبوت (إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ) العباد عباده والأرض أرضه ولإضافة الياء إلة كلمة عبادي والأرض ناسب سعة العباد سعة الأرض فأكدها بـ (إن) أما في آية سورة الزمر (وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ) لم يقتضي التأكيد للأرض بأنها واسعة وإنما جاءت فقط (وأرض الله واسعة).
٣. وجاء في سورة العنكبوت (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴿٥٧﴾) وهي تشمل جميع العباد ثم قوله تعالى (ثم إلينا ترجعون) جعلها مع الطبقة الواسعة عبادي). أما في سورة الزمر (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴿١٠﴾) الصابرون هم قلة فناسب سياق الآية كلها الطبقة القليلة مع عباد.
٤. وإذا استعرضنا الآيات في السورتين لوجدنا أن ضمير المتكلم تكرر ٥ مرات في سورة العنكبوت (عبادي، إياي، اعبدون، إلينا، أرضي) بينما جاء في سورة الزمر ضمير محذوف (قل يا عباد).
٥. آية سورة العنكبوت مبنية على التكلّم بينما آية سورة الزمر مبنية على الغيبة أي خطاب غير مباشر وتبليغ في استخدام (قل). وسياق الآيات في سورة العنكبوت مبني على ضمير ذكر النفس (ولقد فتنا الذين من قبلكم) (لنكفّرنّ عنهم) فالله تعالى يُظهر ذاته العليّة (وإن جاهداك لتشرك بي) (إلي مرجعكم فأنبئكم) (ووهبنا له اسحق) (يا عبادي الذين آمنوا) (لنبؤنهم في الجنة غرفا) (لنهدينهم سبلنا). أما سورة الزمر فمبنية عل ضمير الغيبة كلها (قل يا عباد) (فاعبد الله مخلصاً له الدين) (والذين اتخذوا من دونه أولياء) (ثم إلى ربكم مرجعكم) (دعا ربه منيباً إليه) (لا تقنطوا من رحمة الله) إلى آخر السورة (وسيق الذين كفروا) (وسيق الذين اتقوا ربهم).
هنا لم يأت بالقِسط بالكسر ولا غرابة مثلما عندنا كلمة البَرّ ضد البحر بفتح الباء والبُرّ أي الحنطة بضم الباء والبِر بكسر الباء أي الإحسان فلا غرابة أن تأتي لفظة مغايرة لمعنى لفظة أخرى بتغير حركة واحدة وهذه من سمات العربية. فإذن الإقساط هو عدم الجور. لكن ننظر عدم الجور أن لا تكون ظالماً مع من استعملت؟ (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى) اليتيمة حينما تكون في حجر رجل مسؤول عنها، يتولاها، كأنما يصونها كأن يكون من أقارب هذه اليتيمة، يموت أبوها فتنقل إلى داره يكون وصياً عليها فلما يكون وصياً عليها وعلى أموالها أحياناً إذا تزوجها قد يظلمها في صداقها يعني لا يعطيها الصداق الكافي الذي تستحقه فيقول الله عز وجل للمؤمنين إذا داخلكم شك خشيتم أن لا تكونوا عادلين مع اليتيمة وخشيتم أن لا تزيلوا عنها الظلم فتحولوا إلى سائر النساء (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ) وقطعاً الإنسان إذا كان عنده أكثر من يتيمة لانه إذا كان عنده يتيمتين لا يستطيع أن يتزوج اليتيمتين لأنهما أختان لأنه لا يجوز الجمع بين الأختين. فمعناه لا يوجد هناك أكثر من واحدة، قد يفكر بالزواج من واحدة لكن قد لا يعدل باتجاهها، قد لا يزيل عنها الظلم، قد يظلمها، فإذن الظلم متوجه إلى واحدة وليس إلى متعدد فاستعمل كلمة الإقساط (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى) كأنهن في موضع معرضات للظلم، كل يتيمة معرضة للظلم، كل يتيمة عند إنسان.
الرُشد يقال في الأمور الدنيوية والأُخروية أما الرَشَد ففي الأمور الآخروية فقط، هكذا قرر علماء اللغة. (فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا (٦) النساء) في الدنيا، (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ (٢٥٦) البقرة)، (وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (٢٤) الكهف) الرُشد في الأمور الدنيوية والأخروية أما الرَشد ففي الأمور الأخروية لا غير فالرُشد أعمّ ويشمل. الرشاد هو سبيل القصد والصلاح (وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (٢٩) غافر) أي سبيل الصلاح عموماً، طريق الصواب. الرشاد مصدر. المادة اللغوية واحدة لهذه الكلمات وهي كلها الرُشد والرَشد والرشاد كلها مصادر. رشِد ورَشَد.
آية (٣٥):
*في سورة غافر (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (٣٥)) لم يقل على قلب كل متكبر جبار، فهل الطبع على كامل قلب المتكبر الجبار أو على كل القلوب؟ وما الفرق بين الصيغتين؟(د. فاضل السامرائى)
نحن قلنا الإيمان الخاص المتبع للسنة يعني هذا دخل الإسلام في قلبه ويحاول أن يطبقه تطبيقاً كاملاً في النوافل وكل شيء، يترقى يصبح متقياً، المتقي هذا يتعامل مع القرآن بعد أن خدم في الإيمان الخاص بالسُنّة الآن ترقى إلى القرآن (الم ﴿١﴾ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴿٢﴾ البقرة) من حيث أن هذا الكتاب كما الله قال (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴿٢٨﴾ فاطر) فرق بين أن يقرأ شيئاً وبين أن يتعلم فيه كما قال أخونا من رأس الخيمة، هذا يبحث في علومه هذا من المتقين وبالتالي هذا يقود من أجل ذلك دائماً في القرآن الكريم ماذا يقول؟ مثلاً (الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) (وَلَأَجْرُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴿٥٧﴾ يوسف) (وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴿١٨﴾ فصلت) وهكذا كل القرآن المتقي جاء بعد الإيمان الخاص بدأ يأخذ من منهل عظيم من كتاب الله عز وجل أي صار من أهل العلم والفهم في هذا الكتاب وأنتم تعرفون أن العلم والفهم في هذا الدين أفضل من أي عبادة أخرى (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ ﴿١٨﴾ آل عمران) (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) لا يجب أن تكون عالماً (من تعلّم كلمة أو كلمتين أو ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً إلا أدخله الله الجنة). حينئذٍ بعد هذا، بعد المتقين الذين هم شريحة من المؤمنين إيمان خاص تطلع شريحة متقون يأتي الإسلام الأخير الإسلام الذي هو الإسلام المطلق العملي صفة الخلق المجتبون الأخيار هؤلاء طبعاً تفاصيلهم موجودة.
القرآن الكريم فيه تصوير رائع للأحداث مثلاً المشهد في سورة الشعراء (وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) يخاطبه الله تعالى على حبل طور ثم ينتقل من مناجاة موسى لربه إلى قصر فرعون وفرعون يتكلم (قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ) وهذا الإنتقال فيه لمسات بيانية في البنية الإيقاعية للقصة القرآنية إن شاء الله نتحدث عنها في حلقات قادمة كأن هناك كاميرا تصور المشاهد في القرآن أحد المفسرين قال طوي الزمن والمكان في المشهد بدل أن يفصل أنه ذهب إلى فرعون ودخل القصر إلى آخر الأحداث. المناظرة بين موسى - عليه السلام - وفرعون يوقف أمامها وقفة طويلة كما كان يقول أحد أساتذتنا في البلاغة.
(يقبل التوبة عن عباده): وردت (يقبل عن) في ثلاثة مواضع (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (١٦) الأحقاف)، (أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٠٤) التوبة)، (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (٢٥) الشورى) هذه الآيات الثلاث فيها نسبة قبول التوبة إلى الله سبحانه وتعالى إما بالحديث مباشرة (نتقبل عنهم) أو على سبيل الغيبة وهو سبحانه المتحدث فقال (عن) حتى تنفصل لأنها تعود إلى الله تعالى مباشرة.
آية (٢٩):
*(وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ (٢٩) الشورى) كلمة فيهما هل تدل على أن هناك دواب في السموات أو الكون ؟(د. فاضل السامرائى)
مثال: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١١٣) البقرة) المسألة هنا فى العقيدة والاختلاف في العقيدة بين ملل مختلفة.
مثال: (إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١٢٤) النحل) هنا ملة واحدة، الاختلاف فى العقيدة بين أهل ملة واحدة.
مثال: (أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (٣) الزمر) اعتقاد، خلاف في أمر المعبود.
مثال: (وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (٦٣) الزخرف) إذن عموم الاختلاف المذكور هو في الاعتقاد بين أهل الملل المختلفة أو أهل الملة الواحدة.
الاختلاف بمعنى التضاد في الآراء والمخالفة فهل يمكن أن نفهم معنى الاختلاف بمعنى التعقل بأن تأتي إلي وآتي إليك؟ يمكن وهذا مردود للسياق.
آية (٦٤):
* ما اللمسة البيانية في زيادة هو في آية سورة الزخرف (إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦٤)) عن آية سورة مريم (وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٣٦))؟
د. فاضل السامرائى :
قال تعالى في البقرة (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ (١٧٣) وفي المائدة (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ (٣). لو لاحظنا السياق في المائدة الكلام على التحليل والتحريم ومن بيده ذلك، رفض أي جهة تحلل وتحرم غير الله قال تعالى (أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (١) المائدة) ليس لكم أن تُحِلّوا والذي يُحِلّ هو الله تعالى، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ (٢) المائدة) الذي يُحِلّ هو ربنا سبحانه وتعالى، (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ (٤) المائدة) إذن هو سبحانه يجعل التحليل والتحريم بيده حصراً السياق ليس هنالك أي جهة تقوم بذلك ولذلك قدم (وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ (٣) المائدة) أُهِلّ يعني رُفِع الصوت بذبحه، أُهِلّ يعني هذا باسم الله والله أكبر، هذا لفلان، هذا لفلان. إذن هنا قدم (لغير الله) لأن ربنا هو الجهة الأولى والأخيرة التي بيدها التحليل والتحريم.
تذكير الفاعل المؤنث له أكثر من سبب وأكثر من خط في القرآن الكريم. فإذا قصدنا باللفظ االمؤنّث معنى المذكّر جاز تذكيره وهو ما يُعرف بالحمل على المعنى. وقد جاء في قوله تعالى عن العاقبة تأتي بالتذكير مرة وبالتأنيث مرة، وعندما تأتي بالتذكير تكون بمعنى العذاب وقد وردت في القرآن الكريم ١٢ مرة بمعنى العذاب أي بالتذكير. والأمثلة في القرآن كثيرة منها قوله تعالى في سورة الأنعام (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (١١)) و(وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (٨٤) الأعراف) و(فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (٧٣) الصافّات) وسورة يونس (فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ ﴿٧٣﴾) المقصود بالعاقبة هنا محل العذاب فجاء الفعل مذكراً، وعندما تأتي بالتأنيث لا تكون إلا بمعنى الجنّة كما في قوله تعالى (وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٣٧) القصص) وفي قوله تعالى في سورة الأنعام (قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدِّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴿١٣٥﴾).
*يقول تعالى(قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴿١١﴾ الأنعام) و (فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴿٣٦﴾ النحل) كلاهما عاطفة، الفاء و(ثم) لكن لماذا هناك سيروا في الأرض ثم انظروا وهنا سيروا في الأرض فانظروا؟(د. أحمد الكبيسى)
في البقرة (فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴿٣٧﴾) لم يذكر معاتبة الله تعالى لآدم وتوبيخه له وهذا يتناسب مع مقام التكريم في السورة حتى أنه لم يذكر في السورة إعتراف آدم ولم يقل أنهما تابا أو ظلما أنفسهما فطوى تعالى تصريح آدم بالمعصية وهذا أيضاً مناسب لجو التكريم في السورة. أما في سورة الأعراف قال تعالى (فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴿٢٢﴾ ) في مجال التوبيخ والحساب ثم جاء اعتراف آدم (قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴿٢٣﴾). وفي الأعراف تناسب بين البداية والإختيار (عتاب على قلة الشكر وعتاب على عدم السجود) الندم الذي ذكره آدم مناسب لندم ذريته عن معاصيهم وهذا ناسب لسياق الآيات في سورة الأعراف.
اتفق ندم الأبوين والذرية على الظلم (قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴿٢٣﴾). ذرية (إنا كنا ظالمين) بالصيغة الإسمية الدالة على الثبوت والإصرار وجاءت (ظلمنا) بالصيغة الفعلية أي أن التوبة فعلية وصادقة وليس فيها إصرار لذا جاءت العقوبة مختلفة فتاب سبحانه على الأولين وأهلك الآخرين.
إذا امتدح الله المؤمن بصفات محددة مثلاً (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ ﴿٢﴾ الأنفال) هذا حصراً (إنما) المؤمن الخاص (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴿٢﴾ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴿٣﴾ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ﴿٤﴾ الأنفال) شهادة بكالوريوس (هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) لماذا؟ امتدحهم الله بصفات لا تتوفر في كل المؤمنين فليس كل المؤمنين توجل قلوبهم إذا ذكر الله ففي الغالب لا يخافون أما هؤلاء (إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) يعني تجده يتقزم ويتحفظ ويتلفت فالصحابة الكرام كانوا إذا ذكر النبي ﷺ إذا كان نائماً يستيقظ يجلس فكيف إذا ذكر الله عز وجل؟ فقد أصبح مؤمناً خاصاً ممتازاً متميزاً بامتياز ولذلك أعطى الله مواصفاته كاملة في القرآن.
آية (٣):
*انظر آية (١٠). ؟؟؟
آية (٤):
*في سورة آل عمران (هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (١٦٣) آل عمران) وفي سورة الأنفال (لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤)الأنفال) وفي الأحقاف (وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا (١٩) الأحقاف)؟ (د. أحمد الكبيسى)
شاهدين على أنفسهم بالكفر يعني أنهم يظهرون ما هم عليهم من الشرك من نصب الأوثان وعبادتها كانا ينصبون الأصنام في الكعبة. شاهدين يعني يظهرون ما هم عليه من الكفر والشرك فكيف يعمرون مساجد الله؟ (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ (١٨) التوبة) فكيف يعمر هؤلاء مساجد الله وهم يشركون بالله أو يكفرون بالله ويأتون بالأوثان والأصنام أو يذكر أموراً مخالفة؟. هذا نفي من قِبَل الله تبارك وتعالى أنه لا ينبغي لهم ولا يصح لهم ولا يستقيم لأنهم شاهدون
على أنفسهم بالكفر، لا ينبغي أن يعمروا مساجد الله لأنهم شهدوا على أنفسهم بالكفر.
* لماذا استعمل صيغة الجمع في مساجد في قوله تعالى (مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (١٧) التوبة)؟(د. حسام النعيمى)
هذه الآية وردت فيها كلمة مساجد في الآية ١٧ من سورة التوبة وفي الآية ١٨ (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (١٨)) وردت كلمة مساجد أيضاً. في الآية ١٧ قُريء مساجد وقُريء مسجد لأنه كان يشار فيه ويراد هو المسجد الحرام فعندنا قراءتان سمعيتان. لكن الذين قرأوا مسجد (المسجد الحرام) هذا الشيء الطبيعي لأن الكلام عن المسجد. لما يقول مساجد الله وتُقرأ مساجد الله المسجد الحرام سيكون جزءاً من هذه المساجد. هم ليس لهم أن يعمروا المسجد الحرام ولا سائر المساجد لا حق لهم في ولوجها.
إستخدام القرآن الكريم في هذا ونظائره: يتذكر ويذّكّر أيها الأطول في المقاطع؟ (يتذكر: ي/ت/ذ/ك/ر/) خمسة مقاطع، (يذّكّر: ي/ذ/ك/ر/) أربعة مقاطع. يتذكر أطول ومقاطعه أكثر هذا أمر. والأمر الآخر يتذكّر فيها تضعيف واحد ويذّكّر فيها تضعيفان. إذن عندنا أمران: أحدهما مقاطعه أكثر (يتذكر) والآخر فيه تضعيف أكثر (يذّكّر) والتضعيف يدل على المبالغة والتكثير. القرآن الكريم يستعمل يتذكر الذي هو أطول لما يحتاج إلى طول وقت ويستعمل يذّكّر لما فيه مبالغة في الفعل وهزة للقلب وإيقاظه. مثال (فَإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (٣٤) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ مَا سَعَى (٣٥) النازعات) يتذكر أعماله وحياته كلها فيها طول، (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (٢٣) الفجر) يتذكر حياته الطويلة. (وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ (٣٧) فاطر) العمر فيه طول. (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (٥٥) الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ (٥٦) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (٥٧) الأنفال) هؤلاء يحتاجون إلى هزة، ما عندهم قلب ويحتاجون إلى تشديد لتذكر الموقف، هنا موقف واحد وهناك عمر كامل. يحتاجون إلى من يوقظهم ويحتاجون إلى مبالغة في التذكر تخيفهم وترهبهم وليس تذكراً عقلياً فقط وإنما هذا تذكر فيه شدة وتكثير للتذكر ومبالغة فيه بحيث تجعله يستيقظ، هذا يسمى مبالغة في التذكر. (
أولاً الجنة فيها درجات خيال (وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً (٢١) الإسراء) والدرجات نوعين درجة للرجل ودرجة في المنزلة في العطاء. يعني رئيس وزراء أعلى درجة بعد رئيس دولة قد يكون فقيراً ما عنده غير راتبه، أنا رجل عادي لكني ملياردير ولكني لست شيخاً فالشيخ درجة عالية هذا هو الشيخ نفسه درجة عالية، هذا الملياردير له درجة عالية ليس هو، ليس شخصه بس عنده في الجنة هكذا في ناس ملوك (يا علي إنك ملك الجنة وذو قرنيها) (أولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقيين والشهداء والصالحين) وبالتالي هذا هو درجته عالية وفي ناس درجته ليست درجة عالية لكن هو عنده أملاك عالية. الفرق بين (لَّهُمْ دَرَجَاتٌ) و (هُمْ دَرَجَاتٌ) هم درجات هو عالي هو من ملوك الجنة. وحينئذٍ ملوك الجنة هم درجات عالية. الشعب هناك ناس لهم هو في الجنة الرابعة السابعة العاشرة المائة مائة درجة مائة كوكب الجنة مائة كوكب كل كوكب بقدر هذه الأرض ترليونات المرات ومضاعفات. إذاً هذا الفرق بين هم درجات ولهم درجات.
آية (٢٦):
*ما دلالة استخدام الأبصار بالجمع والسمع بالإفراد في قوله تعالى (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُم مِّن شَيْءٍ (٢٦) الأحقاف)؟ (د. فاضل السامرائى)
الآية فيها وقفة أولاً على (عليهُ الله): هذه رواية حفص عن عاصم التي نقرأ بها وسائر القُرّاء قرأوها (عليهِ الله). ذكرنا أكثر من مرة أن قارئ القرآن أو الراوي عنه أشبه بشريط تسجيل لا يفكر ولا يتصرف إنما يلتقط ويحفظ. عاصم أحد قُرّاء الكوفة من السبعة أقرأ حفصاً (عليهُ الله) بناء على سماعه من قبائل من العرب وأقرأ أبا بكر شُعبة (عليهِ الله) وسائر القراء أقرأوا هكذا. هذا معناه أن بعض قبائل العرب قرأوها هكذا وأقرّهم عليها رسول الله - ﷺ - بأذن من ربّه. وقلنا أن القراءات القرآنية هي بقايا الأحرف السبعة التي اجتمع عثمان بن عفان رضي الله عنه و١٢ ألفاً من الصحابة على إحراقها. إذن (عليهُ الله) قراءة سبعية تصح الصلاة بها.
التوجيه الصوتي: يقولون كأن هذه القبائل العربية أرادت أن تبقي لفظ الجلالة مفخّماً لأن الموضع موضع عهد فقرأت (عليهُ الله) فيها عهد حتى تفخّم إسم الجلالة، وسائر القبائل قالت شأن هذه الكلمة شأن باقي الكلمات (عليهِ الله) وهذا الضّم ليس ابتكاراً لكن لأن الضمير في الأصل هو مبني على الضم كما نقول: منْهُ، لَهُ، كتبتُهُ، مع السكون والضم والفتح فهو مضموم إذن هذا بناؤه. (بهِ، إليهِ) هذا رعاية للكسرة التي قبله ولذلك الإعراب الصحيح لكلمة بِهِ: الباء حرف جر والهاء مبني على الضم وقد كُسِر لمناسبة الكسرة وأصلها بهُ لكنها ثقيلة) كذلك (فيهِ) مبني على الضم وقد كُسِر لمناسبة الياء. فالذين قرأوا (عليهُ الله) أجروه على المناسبة والغاية من الحفاظ على الأصل هو تفخيم إسم الجلالة عند هؤلاء فأقرّهم الرسول - ﷺ - على قراءتهم بأمر من ربه (عليهُ الله) وكذلك (عليهِ الله) قراءة قرآنية يصلّى بها.
وقد يسأل أحدهم جاء في القرآن قوله تعالى (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (٣١) محمد) فلم لم يقل نبلوا أنباءكم؟
هذا يدل على عِظم النبأ لأنه إذا بلى القليل من الأخبار فقطعاً سيبلي الكثير وإذا اختبر القليل فهو بالتأكيد يختبر الكثير. وإذا قال نبلوا أنباءكم تحتمل أن تعني لا يبلوا أخباركم فهل إذا بلى ما هو قليل سيترك ما هو أعظم؟ بالطبع لا فهو سيبلو الأنباء التي هي أعظم.
والصيغة الفعلية للنبأ (أنبأ) أقوى أيضاً منها للخبر (أخبر) (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (١٠٣) الكهف).
ملحوظة: في نشرات الأخبار التي تقدمها الإذاعات إن كان الخبر عظيماً يجب أن يقال نشرة الأنباء وإن كان خبراً عادياً يقال نشرة الأخبار.
والمُراد من هذا كله أن النبأ أعظم من الخبر.
آية (٣٣):
*لماذا يرد في القرآن أحياناً أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأحياناً أخرى يرد وأطيعوا الله والرسول؟(د. فاضل السامرائى)
في القرآن قاعدة عامة وهي أنه إذا لم يتكرر لفظ الطاعة فالسياق يكون لله وحده في آيات السورة ولم يجري ذكر الرسول - ﷺ - في السياق أو أي إشارة إليه كما جاء في سورة آل عمران (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴿١٣٢﴾). والأمر الآخر أنه إذا تكرر لفظ الطاعة فيكون قطعياً قد ذُكر فيه الرسول في السياق كما في قوله تعالى (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴿٥٤﴾ النور) و(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ﴿٣٣﴾ محمد) وهذا ما جرى عليه القرآن كله كقاعدة عامة.
آية (٣٤):
في خارج القرآن يمكن أن يقال: (ملك السموات والأرض له) لو قدمنا الخبر وكان المبتدأ معرفاً لأن أحياناً التقديم يصير واجباً إذا كان نكرة، تقول: في الدار رجل، (لا يجوز الابتداء بالنكرة ما لم تُفِد). لكن إذا كان المبتدأ معرفة فتقديم الخبر يقولون للإهتمام وأبرزها القصر. محمد قائم، قائم محمد، محمد في الدار، في الدار محمد، "محمد في الدار" هذه مبتدأ وخبر، "في الدار محمد" مبتدأ وخبر لكن قدمنا الخبر كأن الشخص يقول له لا ليس في الدار فتقول له لا في الدار، (محمد في الدار) إذا كان المخاطب خالي الذهن وسألته أين محمد؟ يقول: محمد في الدار ولا يقول في الدار محمد، الأصل عدم التقديم، الأصل حفظ المراتب وعدم التقديم: الفعل، الفاعل، المفعول به ثم القيود، هذا هو الأصل هذا لا يُسأل القائل لم قال هكذا؟ إذا قال أحدهم: أكرم محمدٌ خالداً لا نسأله لم قلت هذا؟. ولكن إذا قال محمد أكرم خالداً نقول لماذا قدّمت محمد؟ لأنه خالف الترتيب. "في الدار محمد" يجب أن يكون هناك أمر أن المخاطب يعتقد أن محمداً ليس في الدار، تقول له أنت هو في الدار، هو يرى أنه في الدكان، في المحل. من أهم أغراضه القصر وله أغراض أخرى كالاهتمام. في قوله تعالى (له ملك السموات والأرض) هذا حصراً، لو قلنا (ملك السموات والأرض له) هذا إخبار لكن لا ينفي أن يكون كما تقول فلان يملك وفلان لا يملك، لا يمنع أن يكون لأحد آخر ملك، هناك مالكين آخرين في هذا الملك، ليس هو الملك الوحيد وقد يكون هناك مالكون آخرون تحت هذا الملك، لكن له الملك حصراً لا ملك إلا هو حصراً ليس لغيره ولو قيل (ملك السموات والأرض له) يكون إخباراً وليس من باب الحصر.
*(لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ما دلالة ورود هذه الآية بعد الآية الأولى؟ وهل هناك علاقة رابطة بينهما؟
أصل البشرية الإنس، (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ (١٧٣) آل عمران) لا تنفع هنا الإنس، فإذن الإنس بمقابل الجنّ والناس بمقابل الجِنّة. الذي يدل على عموم الجنس في البشر الإنس ومقابله الجنّ، الجنّ مقابل الإنس والجِنّة مقابل الناس والجان مقابل الإنسان (خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (١٤) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ (١٥) الرحمن). هذا ليس من خصوصية الاستعمال القرآني وإنما هو في لغة العرب.
*في القرآن الكريم يذكر الجن قبل الإنس في مواطن كثيرة (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) الذاريات) أما في سورة الرحمن فقدم الإنس (فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (٥٦) الرحمن) فما دلالة التقديم والتأخير؟(د. فاضل السامرائى)
أوقد ناراً في الليل، صار أضيافه من الجنّ. قول علماؤنا لما يقولون لفظه لفظ مفرد عندهم إسناد. أنت تستطيع أن تقول كما قال القرآن (من خاف) ولك أن تقول (من خافوا) لكن بيان القرآن وأسلوبه في استعماله لما يستعمل (من) لما يستعمله للجمع يراعي لفظه مرة ومعناه مرة، يقدّم مراعاة اللفظ على مراعاة المعنى (ومن الناس من يقول آمنا بالله واليوم الآخر) يقول مفرد، (وما هم بمؤمنين) ما قال (وما هو) هذا السياق موجود في القرآن في مواطن كثيرة. لما يكون (من) يراد به الجمع يستعمل أولاً المفرد ثم بعد ذلك يأتي إلى الجمع. عندنا آيات أخرى: (ومن يطع الله والرسول) ومن يطع مفرد (فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم) جمع، هذا السياق يراعي اللفظ ويراعي المعنى، يقدم مراعاة اللفظ على مراعاة المعنى. كان العرب يلاحظون هذا ويعجبون ويقفون إجلالاً لكلام الله سبحانه وتعالى عندما يسمعونه كهذا الذي سمع قوله تعالى (وأنذرتكم صاعقة) وضع يده على رأسه قال ستسقط على رأسي، كانوا يتحسسون هذا.
(ولمن خاف مقام ربه جنتان) الذي خاف مقام ربه من آدم - عليه السلام - إلى قيام الساعة هو جماعة وليس واجداً، الخائفون كُثُر، فإذن جنتان وجنتان وجنتان إذن تكون جنّات، لذلك نجد القرآن في موضع آخر صحيح هو قال (ذواتا أفنان، فيهما عينان تجريان) ثم قال (متكئين) لما جاء يتحدث عن الخائفين قال متكئين يعني هؤلاء الخائفون قال متكئين لم يقل متكيء، راعى المعنى هنا. فلما قال متكئين، المتكئون لا يكون لهم حوراء واحدة وإنما حور عين، لا يكون لهم قاصرة طرف وإنما قاصرات. فلما جاء لذكر النساء في يوم القيامة كان لا بد أن يجمع، لا تكون واحدة فقال (فيهن قاصرات الطرف) كأنه يمهّد لقاصرات الطرف ما قال (فيهما) في الجنتين لأنه قال (متكئين) إذن صارت جنات، قال متكئين إنتقل إلى صورة الجمع، إلى صورة جنات وجنات تقتضي (فيهن) حتى يلائم أيضاً قاصرات الطرف.
في سورة الحجر (قَالَ إِنَّ هَؤُلاء ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ (٦٨)) كلمة ضيف جاءت بالمفرد مع أن الملائكة مكرمين يعني جمع؟ هذا سؤال لغوي نجيب عنه الآن: كلمة ضيف تقال للمفرد وللجمع في اللغة مثلها كلمة خصم تقال للمفرد وللجمع (وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (٢١) ص) وهذه ليست مختصة بالإفراد. وكذلك كلمة طفل تأتي للمفرد وللجمع عندنا كلمات في اللغة تأتي للمفرد وللجمع. وكذلك كلمة بشر (فَقَالُوا أَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا نَّتَّبِعُهُ (٢٤) القمر) مفرد (بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ (١٨) المائدة) جمع. عندنا كلمات تكون للمفرد وللجمع منها كلمة ضيف تكون للمفرد وللجمع. عندنا ضيوف وأضياف وعندنا خصم وخصوم وطفل وأطفال ورسول أيضاً تستعمل مفرد وجمع، ورسل، رسول جمع أيضاً تستعمل للمفرد والمثنى والجمع والمصدر أيضاً وهذا يسمى في اللغة إشتراك. الرسول تأتي بمعنى الرسالة والإرسال، المبلِّغ هذا الأصل فيها (فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦) الشعراء) (فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ (٤٧) طه) فإذن ضيف تأتي مفرد وجمع.
آية (٣٥):
*ما الفرق بين (نعمةً منا) و(نعمةً من عندنا)؟ (د. فاضل السامرائى)
أزفت الآزفة) (اقتربت الساعة) أليس يعتبر هذا صورة من صور التكرار؟ الدلالة واحدة لكن الأسلوب في التعبير مختلف؟ كلا، هو ذكر في سورة القمر ما لم يذكره في النجم، هناك إشارة وهنا توضيح، هناك لم يقل (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ) وهنا بيّنها، هناك لم يقل وانشق القمر ذكر أموراً لم يذكرها، هناك ذكر كلاماً عاماً وهنا ذكر توضيحاً لما ذكره فيما تقدم كأنها مقدمة (أزفت الآزفة) هذه مجرد إشارة، إذن في النجم إشارة وفي القمر توضيح (يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ (٦)) هذه لم تذكر في النجم، كأنه تبيين لما ذكره، كأنما هي بعدها في التوضيح وكأنها من سورة واحدة متصلة.
تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله
تم بحمد الله وفضله ترتيب هذه اللمسات البيانية في سورة النجم للدكتور فاضل صالح السامرائي والدكتور حسام النعيمى زادهما الله علما ونفع بهما الاسلام والمسلمين والخواطر القرآنية للأستاذ عمرو خالد وقامت بنشرها أختنا الفاضلة سمرالأرناؤوط فى موقعها إسلاميات جزاهم الله عنا خير الجزاء.. فما كان من فضلٍ فمن الله وما كان من خطأٍ أوسهوٍ فمن نفسى ومن الشيطان.
أسأل الله تعالى ان يتقبل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفعنا بهذا العلم فى الدنيا والآخرة ويلهمنا تدبر آيات كتابه العزيز والعمل به على النحو الذى يرضيه وأن يغفر لنا وللمسلمين جميعاً يوم تقوم الأشهاد ولله الحمد والمنة. وأسألكم دعوة صالحة بظهر الغيب عسى الله أن يرزقنا حسن الخاتمة ويرزقنا صحبة نبيه الكريم فى الفردوس الأعلى.
الرجاء توزيع هذه الصفحات لتعم الفائدة إن شاء الله وجزى الله كل من يساهم في نشر هذه اللمسات خير الجزاء في الدنيا والآخرة.
العرب وقريش وغيرها قد تخفف من الفعل المضعّف إذا صادفه تسكين. أصل الفعل ظلِلْت مضعّف. فعندهم هذا وقسم من العرب عندهم لغة قالوا هم بنو سُليم يحذفون دائماً ليس فقط في الفعل بل ما كان شبيهاً بالمضاعف إذا سُكّن آخره قلا يقولون أحسست وإنما أحست ولا يقولون هممت وإنما همت، صددت – صدت. هذه لغة من لغتهم فهذه لغة. يبقى السؤال لماذا استعمل هذه اللغة هنا مع العلم أنه لم يحذف في المضعف (إن ضللت، صددت) فلماذا استعملها هنا؟ استعملها في القرآن مرتين: هنا وفي سورة الواقعة (فظلتم تفكهون). هنالك ظاهرة عامة في القرآن الكريم أن القرآن يحذف من الفعل إذا كان زمنه أقل مثل (تتوفاهم وتوفاهم، استطاعوا، اسطاعوا، تتنزل، تنزل) مراعاة بين قصر الفعل والزمن.
هنا (وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا) يتكلم عن السامري الذي صنع العجل، كم ظلّ عاكفاً عليه؟ على مدة ذهاب موسى - عليه السلام - وعودته وليس كالذي يعبد الأصنام طول عمره لكن بمقدار ما ذهب موسى - عليه السلام - وعاد وقال له (لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا). إذن هذا البقاء قليل فحذف من الفعل لأن هذه العبادة لا تشبه عبادة الآخرين الذين يقضون أعمارهم في عبادة الأصنام لكن هذه مدة قصيرة بمقدار ما ناجى موسى - عليه السلام - ربه ثم عاد فحذف من الفعل إشارة إلى قصر الزمن. حتى في سورة الواقعة (لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (٦٥)) بداية الآيات (أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ (٦٣) أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (٦٤) لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (٦٥)) تفكهون، كم يتكلم؟ قليل فحذف من الفعل.
وعلى الأكثر أن اللام الوسطى المكسورة هي التي تُحذف، أصل الفعل ظلِلْت لكن ليس فيها قاعدة.
بدأت السورة بالكلام عن أزواج النبي (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (٣)) بدأت بالحديث عن أزواج النبي وأنه أسر لأحداهن ونبأت به وحذّرهما، وختم الكلام على امرأتين من أزواج الأنبياء السابقين عصتا ربهما امرأة نوح وامرأة لوط (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (١٠)) ثم ذكر امرأتين صالحتين امرأة فرعون ومريم بنت عمران. في البداية والحتام الكلام على النساء وطاعتهن. في البداية بدأ الكلام على نساء النبي - ﷺ - وانتهى الحديث عن النساء أيضاً وذكر نماذج وذكر تحذير أنه كونها زوجة نبي لا ينفعها مثل زوجة نوح (فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا) لا تقل إحداهن أنا أمرأة نبي هذا تحذير وكأنها رسالة إلى نساء النبي - ﷺ - أن انتبهوا. فالكلام كله في النساء وطاعة الله، العلاقة واضحة بين أزواج النبي - ﷺ - وزوجات الأنبياء السابقين. الخيانة هنا ليست بمعنى المصطلح الحديث الآن وإنما هي بمعنى عدم الإيمان به.
*****تناسب خواتيم التحريم مع فواتح الملك*****
وفي آية أخرى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آَتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (٥٠) الأحزاب) ليس في الآية انفصال فالكلام عن أزواج الرسول وهنا الإتصال قائم فالإنسان مع زوجته في اتصال قائم وليس هناك فصل لذا جاءت (لكيلا) متصلة.
وفي آية أخرى (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٧) الحشر) فصل (لكي لا) هنا لأنه يريد أن يفصل الأموال لأنها لا ينبغي أن تبقى دُولة بين الأغنياء وإنما يجب أن تتسع الأموال لتشكل الفقراء فاقتضى الفصل في رسم (لكي لا) في هذه الآية.
وهذا الأمر نقول أنه من باب الجواز فهو جائز أن تكتب لكيلا متصلة أو منفصلة (لكي لا) لكنها تُرسم أيضاً بما يتناسب مع الناحية البيانية والبلاغية بحيث تتناسب مع الأحكام.
آية (١١):
الكل أنصار الله والإجابة لم تكن نحن أنصارك إلى الله حتى لا تكون متعلقة به وإنما بالله مباشرة حتى لو ذهب وهذا يعلم صدقهم من خلال هذا الكلام فهم فعلاً صادقون ولم يربطوا الإجابة به شخصياً وإنما بأصل الرسالة وأصل الدعوة.
هل قالوا فعلاً هذا الكلام؟
هم قالوا مدلول هذا الكلام لأن ربنا سبحانه وتعالى حتى لو كان بغير لسان العرب يترجم أدق الترجمة لكن بأسلوب معجز، أدق الترجمة وينقل المعاني أدقهل لكن بأسلوب معجز. هم لم يتكلموا العربية فربنا نقل عنهم معنى الكلام تماماً بأسلوبه المعجز كما قالوا وبالتالي حينما نقل عن فرعون نقل الكلام الذي يريده فرعون لكن بأسلوب معجز وتعبير أدبي. أنا قرأت ترجمات لشاعر مترجمين مختلفين هي المعاني واحدة لكن لكل مترجم أسلوب مختلف بحسب ما أوتي من قوة بيان قصص نقرأها مترجمة لكن المترجم يعطيها وإن كانت الأحداث هي واحدة لكن كيف تصاغ وكيف تنقل؟ هذا ما حدث بالفعل لكن الله تعالى نقله لنا بأسلوب معجز.
****تناسب فواتح سورة الصف مع خواتيمها****
لكن الآية الثانية (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (٧)) الإيتاء هو الإعطاء. لما ننظر في سياق الآية الكلام على المال أي ما آتاها من مال (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) فالكلام على الإنفاق ولما يكون الكلام على الإنفاق الإنسان ينفق. والكلام هو على المطلقات أي ما أعطاها من الرزق، فلا يكلف الفقير أن ينفق ما ليس في وسعه بل لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها من حيث المال عندما يكون هناك إنفاق فبقدر ما عندك تُنفِق (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ) بهذا القدر أي بمقدار ما آتاه الله (لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها). أما هناك (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) فهي في التكاليف.
تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله
تم بحمد الله وفضله ترتيب هذه اللمسات البيانية في سورة الممتحنة للدكتور فاضل صالح السامرائي والدكتور حسام النعيمى زادهما الله علما ونفع بهما الاسلام والمسلمين والخواطر القرآنية للأستاذ عمرو خالد وقامت بنشرها أختنا الفاضلة سمرالأرناؤوط فى موقعها إسلاميات جزاهم الله عنا خير الجزاء.. فما كان من فضلٍ فمن الله وما كان من خطأٍ أوسهوٍ فمن نفسى ومن الشيطان.
أسأل الله تعالى ان يتقبل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفعنا بهذا العلم فى الدنيا والآخرة ويلهمنا تدبر آيات كتابه العزيز والعمل به على النحو الذى يرضيه وأن يغفر لنا وللمسلمين جميعاً يوم تقوم الأشهاد ولله الحمد والمنة. وأسألكم دعوة صالحة بظهر الغيب عسى الله أن يرزقنا حسن الخاتمة ويرزقنا صحبة نبيه الكريم فى الفردوس الأعلى.
الرجاء توزيع هذه الصفحات لتعم الفائدة إن شاء الله وجزى الله كل من يساهم في نشر هذه اللمسات خير الجزاء في الدنيا والآخرة.
وجدنا أنه في أحد عشر موضعاً ورد الموت مع أفعال هي: الموت مع (حضر) ورد في أربعة مواضع، مع (جاء) ورد في موضعين، مع (يدرك) ورد في موضعين، مع (يأتي) ورد في موضعين، مع (يتوفى) ورد في موضع واحد. لما ننظر في الاستعمال القرآني لهذه الأفعال وما ورد في معجمات اللغة نرى أنها متقاربة المعنى يكاد يكون الذي يجمعها هذا القُرب. لما تقول جاء معناه صار قريباً، حضر معناه صار قريباً، أتى أيضاً معناها القرب، أدركه معناها القرب، توفاه أخذه كاملاً معناه قريب منه فلا يكون الأخذ إلا عن قرب، فيها معنى القرب لكن هل يصلح أن تكون كلمة مكان كلمة؟ لا، لأن كل كلمة لها معناها الخاص الجزئي فوق الإقتراب بالمعنى الذي جعلها خاصة في هذا الموضع دون موضع آخر. بصورة موجزة نقول لما ننظر في الآيات التي فيها كلمة حضر نجد معنى القرب لكن نجد المشاهدة والملامسة أحياناً، إقتراب إلى حد الملامسة، إقتراب شديد. لما نأتي إلى جاء وأتى مع فارق نجد معنى القرب الشديد وتحقق الوقوع في جاء وفي أتي في موقع مع الفارق بينهما: جاء يكون العمل فيها أظهر والعربية أحياناً تراعي الصوت. لما ننظر إلى حروف (جاء) مكونة من جيم وألف وهمزة، لما ننظر إلى حروف (أتى) مكونة من همزة وتاء وألف فالمشترك بين الفعلين ألف وهمزة والمختلف جيم وتاء وكلاهما صوت شديد بالتعبير الحديث يقولون صوت انفجاري يحدث نتيجة إنطباق يعقبه إنفصال مفاجئ في نقطة معينة في المدرج الصوتي فكلاهما متقارب لكن الفارق أن الجيم مجهور والتاء مهموس. الجيم يهتز معها الوتران الصوتيان ويكون هذا الصوت أظهر وأنصع وأحياناً من مخرج واحد أحد الصوتين مجهور والآخر مهموس. التاء والدال من مخرج واحد لسانك يكون في نفس الموقع لما تقول (قد) تقلقل نجد نوعاً من الرنين لكن لما تقول (قت) التاء مهموسة ليس فيها الجهر. المجهور أقوى وأظهر ولذلك نقول جاء أظهر من أتى أو فيه شيء من الجهر والقوة أكثر من أتى.
وقد يرد السؤال: لماذا قدّم الشاكر على الكفور؟ قدّم الشكر لأنه قدّم ما يستدعي الشكر (النعم التي ذكرها) ثم أنه في السورة أفاض في ذكر جزاء الشاكرين في سبع عشرة آية من الآية (إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً ﴿٥﴾) إلى قوله (إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً ﴿٢٢﴾) في نهاية الآية بينما اختصر في عقاب الكافرين ولم يذكرهم إلا في آية واحدة هي (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَا وَأَغْلَالاً وَسَعِيراً ﴿٤﴾) إذن الإفاضة في ذكر جزاء الجنة وذكر الشاكرين اقتضى تقديم الشاكرين على الكافرين، وهناك أمر آخر أنه تعالى قدّم الرحمة على العذاب في آخر السورة أيضاً (يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً ﴿٣١﴾) لذا بدأ بالشاكرين (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ﴿٣﴾) فأول السورة وآخرها على نفس النسق.
ما) في الغالب تقال للرد على قول في الأصل يقولون في الرد على دعوى، أنت قلت كذا؟ أقول ما قلت. أما (لم أقل) قد تكون من باب الإخبار فليست بالضرورة أن تكون رداً على قائل لذلك هم قالوا لم يفعل هي نفي لـ(فعل) بينما ما فعل هي نفي لـ (لقد فعل). حضر لم يحضر، ما حضر نفي لـ قد حضر (يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ (٧٤) التوبة) (ما اتخذ) ضد قول اتخذ صاحبة ولا ولدا، لم يتخذ قد تكون من باب الإخبار والتعليم (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (١) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (٢) الفرقان) هذا من باب التعليم وليس رداً على قائل وليس في السياق أن هناك من قال وردّ عليه وإنما تعليم (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ) يخبرنا إخباراً (وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ) في الإسراء (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (١١١)) بينما نلاحظ لما قال في محاجته للمشركين (ما اتخذ الله من ولد) هم يقولون اتخذ الله ولد (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (٩١) المؤمنون).
إما أن تقوم بعمل لا ينبغي أن تقوم به فتندم فتلوم نفسها على ذلك، أو تترك عملاً ما كان ينبغي لها أن تتركه، فيفوتها خيره فتندم فتلوم نفسها على ذلك. والنفس هنا قدمت التكذيب والتولي: (ولكن كذب وتولى) وأخرت التصديق والصلاة (فلا صدق ولا صلى) فندمت في الحالتين فاقتضى ذلك أن تلوم نفسها من الجهتين، وأن تكثر ذلك وتبالغ في الملامة.
٣ـ كما ارتبطت بقوله: (بل يريد الإنسان ليفجر أمامه) ذلك أنه كذب وتولى، فقدم شهواته ومعاصيه.
٤ـ وارتبط قوله: (فلا صدق ولا صلى) بقوله: (يسأل أيان يوم القيامة) فهو مستبعد له مكذب به فهو لم يصدق ولم يصل.
٥ـ كما ارتبط ذلك بقوله تعالى: (ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وآخر) فإنه قدم التكذيب والتولي وأخر التصديق والصلاة.
٦ـ وارتبط قوله: (فلا صدق) بقوله: (بل الإنسان على نفسه بصيرة) ذلك أن التصديق أمر إيماني، وهو من دخائل النفوس التي لا يطلع عليها إلا الله. والإنسان أعلم من غيره بما في نفسه فهو على نفسه بصيرة، ثم إن الإيمان كما يقال: تصديق بالجنان وقول باللسان وعمل بالأركان، فهو لم يصدق بالجنان (فلا صدق) وكذب باللسان، كما قال تعالى: (ولكن كذب) فأظهر التكذيب (وتولى) ولم يعمل بالأركان فانتفت عنه حقيقة الإيمان.
٧ـ وارتبط عدم الصلاة والتولي بإلقاء المعاذير، فإنه سيسأل عن ذلك، فيحاول أن يدفع عن نفسه بالمعاذير.
٨ـ وارتبط قوله: (فلا صدق) وقوله: (ولكن كذل) بقوله: (أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه) فإنه لم يؤمن، والإيمان باليوم الآخر من أهم أركان الإيمان.
٩ـ وارتبطت هاتان الآيتان أعني قوله: (فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى) بقوله: (كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة) فهو قد أحب العاجلة، فكذب وتولى وترك الآخرة.
قال تعالى: (إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ﴿١٩﴾ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا ﴿٢٠﴾ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا ﴿٢١﴾ إِلَّا الْمُصَلِّينَ ﴿٢٢﴾ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ﴿٢٣﴾ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ﴿٢٤﴾ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴿٢٥﴾ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴿٢٦﴾ وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ﴿٢٧﴾ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ﴿٢٨﴾ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴿٢٩﴾ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴿٣٠﴾ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴿٣١﴾ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴿٣٢﴾ وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ ﴿٣٣﴾ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴿٣٤﴾ أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ )[سورة المعارج].
قال تعالى: (إن الإنسان خلق هلوعا)
بنى الفعل (خلق) للمجهول، ذلك أن المقام مقام ذم لا تكريم مقام ذكر جانب مظلم من طبيعة البشر. والله سبحانه لا ينسب الفعل إلى نفسه في مقام السوء والذم.
قال تعالى: (لقد خلقنا الإنسان في أحسن قويم) [التين] فنسب الفعل إلى ذاته في مقام المدح وقال: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لأدم) و (وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) [الأعراف] في حين قال: (يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفاً) [النساء] و(خلق الإنسان من عجل) [الأنبياء] و(إن الإنسان خلق هلوعاً) [المعارج]
والهلع فسره ربنا بقوله: (إذا مسه الشر جزوعاً وإذا مسه الخير منوعاً)، فهو الجزع عند مس الشر والمنع عند مس الخير.
٥. هذا أمر والأمر الآخر قال في سورة النحل (مسخّرات) من باب القهر والتذليل ولا يناسب الرحمة وليس من باب الإختيار. بينما في سورة الملك جعل اختيار (صافّات ويقبضن) من باب ما يفعله الطير ليس فيها تسخير وإعطاء الإختيار من باب الرحمة ثم ذكر حالة الراحة للطير (صافّات) وهذا أيضاً رحمة. إذن لفظ (الرحمن) مناسب لسورة الملك ولفظ (الله) مناسب لسورة النحل.
*لماذا جاءت صافات ويقبضن في الآية (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (١٩) الملك)؟ لم يقل صافات وقابضات؟(د. فاضل السامرائى)
أصل الطير للطيور صفّ الأجنحة والقبض حتى يتمكن من الصفّ. فالقبض طارئ والصفّ هو الأصل. والصفّ هو فرد جناحي الطير. الأصل في الطيران هو صفّ الأجنحة والقبض ليتمكن من الاحتفاظ بالتوازن فلما كان الصفّ هو الحالة الثابتة جاء بالصيغة الدالة على الثبوت وهو الإسم والإسم يدل على الثبوت ولما كانت الحالة طارئة وهي القبض جاء بالحالة الدالة على الحركة والتجدد وهو الفعل للدلالة على الحركة والتجدد. هذه حالة الطيران. إذا قال صافّات فقط هي ليست من دون قبض وهي تحتاج إلى القبض حتى تتمكن من الموازنة لكن القبض هو طارئ والصفّ هو الأصل الثابت لهذا قدّم صافّات أصلاً لأنه طيران. وصافات جاءت بالصيغة الثابتة للإسم للحالة الثابتة وجاء بالصيغة المتجددة الدالة على الحدوث للحالة المتجددة فناسب بين الحالة والصيغة.
آية (٢٠):
*ما أصل (ذا)؟ (د. فاضل السامرائى)