الهداية مع اللام لم تستعمل مع السبيل او الصراط ابدا في القرآن لان الصراط ليست غاية انما وسيلة توصل للغاية واللام انما تستعمل عند الغاية. وقد اختص سبحانه الهداية باللام له وحده او للقرآن لأنها خاتمة الهدايات كقوله (ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم) (الاسراء آية ٩) وقوله (يهدي الله لنوره من يشاء) (النور آية ٣٥).
قد نقول جاءت الهدايات كلها بمعنى واحد مع اختلاف الحروف.
(قل هل من شركائكم من يهدي الى الحق قل الله يهدي للحق أفمن يهدي الى الحق احق ان يتبع امن لا يهدي الا ان يهدى) (يونس آية ٣٥).
جاءت يهدي للحق المقترنة بالله تعالى لان معنى الآيات تفيد هل من شركائكم من يوصل الى الحق قل الله يهدي للحق الله وحده يرشدك ويوصلك الى خاتمة الهدايات، يعني ان الشركاء لا يعرفون اين الحق ولا كيف يرشدون اليه ويدلون عليه.
(يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات الى النور باذنه ويهديهم الى صراط مستقيم) (المائدة آية ١٦).
استعمل الهداية معداة بنفسها بدون حرف واستعملها في سياق واحد مع الفعل المعدى بالى ومعنى الآيات انه من اتبع رضوان الله وليس بعيدا ولا ضالا استعمل له الفعل المعدى بنفسه والذي في الظلمات هو بعيد عن الصراط ويحتاج الى من يوصله الى الصراط لذا قال يهديهم الى صراط مستقيم (استعمل الفعل المعدى بإلى).
نعود الى الآية (اهدنا الصراط المستقيم) (الفعل معدى بنفسه) وهنا استعمل هذا الفعل المعدى بنفسه لجمع عدة معاني فالذي انحرف عن الطريق نطلب من الله تعالى ان يوصله اليه والذي في الطريق نطلب من الله تعالى ان يبصره باحوال الطريق والثبات والتثبيت على الطريق.
إئت بقرآن غير هذا (ائْتِ بِقُرْآَنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥)) أيّ الآيات الملجئة أشد ما ذكر في الأنعام أو ما ذكر في يونس؟ ما ذكر في الأنعام يؤكد أكثر (فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآَيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٣٥)) هذا شديد. واضح أن مسألة التنزيل وما يطلبونه من الآيات الملجئة في الأنعام أشد فاقتضى أن لا يستوي الأمران.
سؤال: أحياناً يستخدم القرآن نَزَل؟ ألا تدل على طبقات عالية أعلى من طبقات فيكون نزل من درجة إلى درجة ونزّل وأنزل؟
نزل هو نزل بنفسه. أنزله هناك منزِل يعني تعدية إما بالهمزة أو بالتضعيف. لا يقتضي تغيّر مكاني هو كله نزول من مكان عالي ولا يختلف الارتفاع باختلاف الفعل، نزل من مكان عالي وأنزل يعني هناك من أنزله من مكان عالي وكذلك نزّل ولكن هناك الفرق بين الصيغتين مثل موّت وأمات، (فعّل) فيها شدة أو تكثير أو مبالغة يقولون موتت الإبل لا يقولون موّت الجمل بمعنى كثر فيها الموت، يقولون ماتت للقليل والكثير مات قد يقال للواحد مات الجمل مات البعير، موّتت للتكثير يعني كثُر فيها الموت.
سؤال: يقولون هذا فعل مجازي لأنه لم يمت من تلقاء نفسه ولكن الله أماته؟
قال تعالى في سورة العنكبوت (وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (٢٢)) وقال فى سورة هود (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (١٨)أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ (٢٠)) الكلام في سورة هود متعلق بالآخرة وبمحاسبة أهل الأرض أما السياق في سورة العنكبوت ففي الدعوة إلى النظر والتدبر في العلم والبحث (أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (١٩)) وهذا هو الذي يوصل إلى السماء، سيكون البخث والنظر والتدبر للعلم سيجعله يصعد للسماء وحتى عند ذلك لن يكون معجزاً. وهذا الذي يجعل الإنسان ينفذ إلى السماء. ثم إن كلمة السماء نفسها وردت في سورة العنكبوت ٣ مرات وفي هود مرتين وبهذا فإن سورة العنكبوت هي التي ورد فيها ذكر السماء أكثر من سورة هود ولهذا ذُكرت السماء في آية سورة العنكبوت ولم تُذكر في آية سورة هود. فالسمة التعبيرية للسورة أنه سوف تصعدون إلى السماء لكنكم لا تكونوا معجزين هناك.
آية (٢٢):
*ما دلالة اختلاف الفاصلة القرآنية فى قوله تعالى:(لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ (٢٢) هود) (لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرونَ (١٠٩) النحل)؟(د. فاضل السامرائى)
لم أتبين القصد من السؤال لكن في ذهني ملاحظات أقولها في هذه المسألة لعلها تكون جواباً عن السؤال أو جزءاً من الجواب الذي يبتغيه السائل. أولاً ثلاث مرات استعمل القميص بيّنة في ثلاثة مواضع: استُعمِل بيّنة مزوّرة في قوله (وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ) هذه بينة مزورة وليست بيّنة صحيحة (بدم كذب) جاءوا يستدلون على قولهم أن الذئب أكله بالقميص الذي عليه دم كذب. هذه البيّنة مزوّرة، إذن استعمله أولاً بينة مزورة. واستعمله مرة أخرى بيّنة صحيحة للوصول إلى براءة يوسف (وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ) إذن الأولى كانت مزورة والثانية بيّنة صحيحة للاستدلال على البراءة. والبيّنة الثالثة استعمل بيّنة صحيحة للدلالة على أن يوسف لا يزال حياً (اذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا) كانت بشرى لوالده وسبب لردّ بصره. بينة صحيحة في قميص يوسف وفي الرائحة تستعمل الآن بيّنة الكلاب البوليسية تستعمل للاستدلال على الرائحة. ليس بالضرورة أنه القميص الأول لكن يعقوب - عليه السلام - يعرف رائحة ابنه. وردت قميص ثلاث مرات واستعمل في كل مرة بيّنة، ثلاث بينات: بينة مزورة وبينة صحيحة للوصول إلى الحكم وبينة صحيحة للاستدلال على أن يوسف لا يزال حياً.
ـ فسقف البيت في اللغة يسمى سماء، قال تعالى: " مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ" ـ الحج: ١٥ يقول المفسرون :(أي ليمد حبلا إلى سقف بيته ثم ليخنق نفسه) فالسماء هنا بمعنى السقف
ـ وقد تكون بمعنى السحاب: "أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا " ّالرعد: ١٧
ـ وقد تكون بمعنى المطر :" ينزل السماء عليكم مدرارا" نوح
ـ وقد تكون بمعنى الفضاء والجو :"أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" النحل: ٧٩
ـ و ذكر هذا الارتفاع العالي :"فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) (الأنعام: ١٢٥)
فالسماء كلمة واسعة جدا قد تكون بمعنى السحاب أو المطر أو الفضاء أو السقف.
آية (١٩-٢٢):
*في سورة الرعد من الآية(١٩) إلى (٢٢) ما اللمسة البيانية في استعمال الأفعال المضارعة في أول الآيات وآخرها واستعمل ثلاثة أفعال ماضية في وسط الأفعال المضارعة؟(د. فاضل السامرائى)
نفس الاثنين الله يقول عن الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر يقول (لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا ﴿٢٦٤﴾ البقرة) ومرة ثانية يقول عليه (لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ﴿١٨﴾ إبراهيم) يعني آيتين عجيبتين ما الفرق بينهما؟ وحينئذٍ رب العالمين يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴿٢٦٤﴾ البقرة) على شيءِ مما كسبوا، في مكان آخر في آية أخرى (لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ) ما الفرق بينهما؟ أنا أقول لك أنت لا تملك شيئاً من مالك أو أقول أنت لا تملك من مالك شيئاً لغة أعجوبة. رب العالمين عندما اختار هذه اللغة العربية حسّنها ورقّاها حتى وصلت إلى قمة رقيها فنزل القرآن على تلك القمة وما كان للغة أخرى غير العربية أن تحمل هذا المطلق الإلهي والفهم النسبي. هذا الكلمة القرآنية تعطيك معنىً جديداً إلى يوم القيامة معبأة بمعانٍ لا تنضب وكل واحد على قدر ثقافته وفهمه وعقله وحضارته وعصره وحاجاته يستطيع من الجملة الواحدة من الآية الواحدة أن يستنبط فيها حكماً جديداً مدللاً عليه لم يخطر على بال الأجيال الذين سبقوه. لما نقول نحن لدينا كافر ومنافق كما قلنا قبل قليل أن هناك فرق بين الاثنين بين كافر وبين مؤمن لكن مؤمن منافق، الكافر لا يقدر على شيء مما كسب ليس لديه كسب يعني واحد يقول لا يوجد إله وفرضنا تصدق هل له أجر؟ الجواب لا.
فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ) لم تكن خائفة أو وجلة إنما خرجت لمواجهتهم. | لم يذكر امرأة ابراهيم لأن الخوف هنا كان طاغياً على البيت كله وأهله ولهذا لم تظهر امرأته لمواجهتهم. |
قال تعالى (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ ﴿٢٤﴾ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَاماً قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ ﴿٢٥﴾ الذاريات) وقال تعالى (وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِ بْراَهِيمَ ﴿٥١﴾ إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاماً قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ ﴿٥٢﴾ الحجر) الأولى منصوبة والثانية مرفوعة؟
يدخل هذا في حيّز ما ذكرناه، سلامٌ هو جزء من جملة اسمية (سلام) إما مبتدأ لخبرمحذوف (سلامٌ عليكم) أو خبر لمبتدأ محذوف.
القاعدة: المرفوع يفيد الاسمية والمنصوب جزء من جملة فعلية. إذا قلنا (ويلٌ) فهي جملة إسمية (ويلٌ له) وإذا قلنا ويلاً فهي جملة فعلية. قال تعالى (فضربَ الرقاب) جملة فعلية.
قالوا سلاماً أي حيّوه بالجملة الفعلية وابراهيم ردّ التحيى بخير منها عن طريق الجملة الاسمية قال سلام السلام الثابت الشامل الدائم ولذلك قال تعالى أن تحية أهل الجنة سلام يحيّون فيها بالجملة الاسمية (سلام عليكم بما صبرتم) وقال تعالى (وإذا حُييتم بتحيةٍ فحيّوا بأحسنَ منها أو رُدُّوها)إبراهيم لم يردّها وإنماحيّاهم بأحسن منها.
آية (٥٣):
*ما اللمسة البيانية في وصف الله تعالى لإسماعيل بالحليم واسحق بالعليم؟ (د. فاضل السامرائى)
(فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ) سورة الصافات آية ١٠١ و (فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ) سورة الذاريات آية ٢٨ و(قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ) سورة الحجر آية ٥٣.
وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥) وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (١٦) أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (١٧) وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٨)) فهنا لما كان السياق في ذكر النعم وتعداد النعم قال (وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) يعني وهنالك نعم أخرى ما ذكرناها ولتبتغوا من فضله، هنالك نعم أخرى ومنافع أخرى ما ذكرناها وما عددناها يطول ذكرها فلما كان السياق في ذكر النعم وتعدادها فأراد أن يقال (وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) وهنالك منافع ونعم أخرى لكن أشرنا (ولتبتغوا من فضله) أما السياق في فاطر فليس في تعداد النعم. وهذا في القرآن كثير عندنا العطف على مقدر موجود في القرآن كثيراً.
د. أحمدالكبيسى:
عندنا آية (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴿١٤﴾ النحل) وآية أخرى تقول (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴿١٢﴾ فاطر) هذا ليس نفس المعنى ففي قوله (الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ) هنا رب العالمين يلفت نظرك إلى آيات الله في الملاحة في الفلك نفسها في البوارج والسفن الحربية والتجارية وكيف أن الله سبحانه وتعالى أنزل قوانين لهذه الملاحة عندما يقول (وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ) تلك (مَوَاخِرَ فِيهِ) هنا (فِيهِ مَوَاخِرَ) قدّم البحر عليك أن تتأمل في آية الله في البحر نفسه وقوانينه هذه واحدة.
بعبده: لم يقل برسوله ولا بمحمد وإنما قال بعبده. الإختيار لكلمة (بعبده) له جملة معاني أولها: أن الإنسان مهما عظُم لا يعدو أن يكون عبداً لله تعالى لا ينبغي لأحد أن يدّعي مقاماً ليس للآخرين وحتى لا يًعظّم أكثر مما ينبغي (كما فعل النصارى بعيسى - عليه السلام - ) فاختيار كلمة عبد حتى لا يُدعى له مقام غير مقام العبودية. فمقام العبودية لله هو أعلى مقام للخلق وأعلى وسام يُنعم الله تعالى به على عباده الصالحين تماماً كما وصفت الآيات نوح - عليه السلام - (إنه كان عبداً شكورا) وأيوب (نعم العبد إنه أوّاب) والرسول - ﷺ - (وإنه لمّا قام عبد الله يدعوه). والعبودية نوعان: قسرية واختيارية، فالعبودية القسرية تتحقق شاء أم أبى (إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا) سورة مريم أما العبودية الإختيارية فهي أعلى مقام العبودية ولمّا ذُكر موسى - عليه السلام - ذكره الله تعالى باسمه وأعلى مقام لموسى كان في المناجاة (ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه) إلى قوله (خرّموسى صعقا) لم يكن ليقل خرّ عبدنا موسى أو جاء عبدنا موسى فلا يجوز أن ينسب العبودية له ثم يخرّ صعقاً هذا لا يحدث ولا يجوز أصلاً، أما الرسول - ﷺ - عندما ذكر بصورة العبودية أعقبها أنه عُرِج به إلى السماء وإلى سدرة المنتهى وخاطبه ربه بمقام لم يصل إليه أحد إلاّ هو - ﷺ - فلذا كان استعمال كلمة (بعبده) دلالة على زيادة التشريف له - ﷺ - والباء أيضاً إضافة تشريف وهي تدلّ على الرعاية والحفظ مثل قوله تعالى (فأوحى إلى عبده).
*ما الفرق بين التعليل بـ ( كي) وباللام في قوله تعالى (وليعلموا)؟ (د. فاضل السامرائى)
التعليل بكي واللام
هل التعليل بهما متطابق؟ الحقيقة أنه لا يبدو هناك فرق واضح بينهما في التعليل، فهما متقاربان جدا، غير أن الذي يبدو أن الأصل في (كي) أن تستعمل لبيان الغرض الحقيقي المؤكد، واللام تستعمل له ولغيره، فاللام أوسع استعمالا من (كي)، وهذا ما نراه في الاستعمال القرآني.
"وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها" الكهف ٢١، وهذا في أصحاب الكهف وهم يعلمون أن وعد الله حق ولا شك، وكيف لا وهم فارقوا قومهم لإيمانهم بالله تعالى؟ فلو قال (كي يعلموا) لكان المعنى أن هذا هو الغرض الحقيقي وقد كانوا يجهلون ذاك.
(كي) تستعمل للغرض الحقيقي، أما اللام فهي أوسع استعمالا منها، وأن الجمع بينهما يفيد التوكيد والله أعلم.
*(قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا (٢١) الكهف) على ماذا تدل جملة (غلبوا على أمرهم)؟ من هم الذين غلبوا على أمرهم؟ هل تدل على الهداية أو على الضلالة؟(د. فاضل السامرائى)
هم أصحاب الشأن الولاة أو الحكام إذا أرادوا أمراً فعلوه. الضمير في (أمرهم) للرعية. هذا قصد تعظيمهم.
*في قوله تعالى: (قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا (٢١)) في الإسلام نهي عن بناء المساجد على القبور فهل هذا كان مباحاً في الأمم السابقة؟(د. حسام النعيمى)
طلب الله تعالى من زكريا - عليه السلام - أن يذكره كثيرا (وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيراً) وهذا مناسب لعِظم البشارة وطلب منه الجمع بين الذكر الكثير والتسبيح (وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَار)هذا الشكر والذكر الكثير مناسب لعظم البشارة أما في مريم فقال تعالى على لسان زكريا مخاطباً قومه (فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً). إذن في آية آل عمران ذكر وتسبيح كثير ويوقم به زكريا نفسه وهو أدلّ على عِظم الشكر لله تعالى.
زكريا - عليه السلام - قدّم مانع الذرية في آل عمران من جهته على جهة زوجته (قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴿٤٠﴾) وهذا ناسب أمره هو بالذكر والتسبيح، أما في مريم فقدّم مانع الذرية من زوجته على الموانع فيه (قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً ﴿٨﴾) وهذا ناسب الأمر لغيره بالتسبيح.
في آل عمران ذكر أن الكبر أدركه وبلغه فقال (وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ) الفاعل الكبر، وفي مريم قال (وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا) هو الفاعل والكِبر مفعول به.
اي أعنا يا ربنا على تنفيذ المنهج لأنه سيوجد أعداء يمنعوننا من ذلك ولن نقدر على تطبيق المنهج بغير معونة الله. واشتملت الخاتمة بتوجيه المؤمنين الى التوبة والإنابة والتضرع إلى الله عزّ وجلّ برفع الأغلال والآصار وطلب النصرة على الكفار والدعاء لما فيه سعادة الدارين (رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) وقد ختمت السورة بدعاء المؤمنين كما بدأت بأوصاف المؤمنين وبهذا يلتئم شمل السورة أفضل التئام فسبحان الله العلي العظيم.
خلاصة: نحن مسؤولون عن الارض والمنهج كامل وعلينا ان ندخل في السلم كافة والمنهج له إطار: طاعة الله وتميز وتقوى. اما عناصر المنهج فهي: تشريع جنائي، مواريث، إنفاق، جهاد، حج، أحكام صيام، تكاليف وتعاليم كثيرة فلا بد أن نستعين بالله تعالى على أدائها لنكون أهلا للاستخلاف في الارض ولا نقع في أخطاء الامم السابقة.
***من اللمسات البيانية فى سورة البقرة***
*لماذا بعض أسماء السور وردت مرفوعة مثل الكافرون والمؤمنون وبعضها بالجرّ بالاضافة مثل سورة الحجِ و البقرةِ؟ (د. حسام النعيمى)
القرآن الكريم يستعمل اليم والبحر في موقفين متشابهين كما في قصة موسى ؟ مرة يستعمل اليم ومرة يستعمل البحر في القصة نفسها (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ (٦٣) الشعراء) (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ (٤٠) القصص) اليمّ كما يقول أهل اللغة المحدثون أنها عبرانية وسريانية وأكادية وهي في العبرانية (يمّا) وفي الأكادية (يمو) اليمّ وردت كلها في قصة موسى ولم ترد في موطن آخر ومن التناسب اللطيف أن ترد في قصة العبرانيين وهي كلمة عبرانية. كلمة البحر وردت عامة (وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ (٥٠) البقرة) (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ (١٤) النحل) عامة لكن من الملاحظ أن القرآن لم يستعمل اليم إلا في مقام الخوف والعقوبة أما البحر فعامة ولم يستعمل اليم في مقام النجاة، البحر قد يستعمله في مقام النجاة أو العقوبة. قال تعالى (فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ (٧) القصص) (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ (٣٩) طه) هذا خوف، (فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ (١٣٦) الأعراف) هذه عقوبة، (فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (٧٨) طه) (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ (٤٠) القصص) عقوبة، أما البحر فعامة استعملها في النِعم لبني إسرائيل وغيرهم (أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ (٦٣) النمل) (وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ (٦٧) الإسراء) في نجاة بني إسرائيل استعمل البحر ولم يستعمل اليم.
الآية الكريمة (وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (٤٦) الأنبياء) نذكر عن سؤال السائل ثم نذكر اللمسة البيانية. النفح فيه معنى النزارة هو أصله هبوب رائحة الشيء، نفحه أي أعطاه يسيراً. اللفح يقال لفحته النار تلفحه إذا أصابت وجهه (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ (١٠٤) المؤمنون) أو أصابت أعلى الجسد. والنفخ نفخ بفمه إذا أخرج من فمه الريح، هذا النفخ. إذن نفح فيه معنى النزارة أي القلة، هبوب رائحة الشيء أو أعطاه قليلاً. الآية فيها عدة مبالغات وتوكيدات: أولاً بدأت بلام القسم (لئن) هذا توكيد، و(إن) الشرطية التي هي احتمال حصول الشرط قليلاً أو كثيراً أو احتمال عدم وقوع وهي أقل من إذا. ثم قال (مسّتهم) المسّ هو دون النفوذ ويكفي في تحقيقه اتصال قليل، إتصال قليل هو المسّ (لئن مستهم) إتصال قليل وهذا غير النفوذ، مسّ خفيف والمس دون النفوذ وأي إتصال يسمى مساّ (لئن مستهم) مستهم مساً خفيفاً، نفح يسير يشم رائحة الشيء وليس فقط مس وإنما قال نفحة (يعني مرة لأن نفحة إسم مرة واحدة) إذن مسّ هو اتصال خفيف ونفح هو قليل ونفحة مرة واحدة ليس اتصال كثير وهو اتصال قليل وحتى لم يقل نفح أو نفخات، (من عذاب ربك) تبعيض، ليس كل العذاب وإنما بعض العذاب.
يعني على واقعنا الحالي هناك إنسان ترك الخمر ولكن كل ما يشوف الخمر يتذكر ويتمنى وبشكل رومانسي وهذا النبي ﷺ لما جاء وحرم الإسلام الخمر منع أحد أن يستعمل أواني الخمر لأنه يحن لها كما قال الشيخ محمد هو لسه عايش في الماضي ولو أنه تركه، لماذا الإسلام حرّم التماثيل لأن الناس لسه يعرفون الأصنام كان يعبدونها لا يكون يحن حينئذٍ هذه قاعدة عامة في الحياة في القيادة في الشغل في العمل في التطور في البناء في الاختراع في الأفكار إياك أن تترك الماضي للمستقبل ولكنك لسه أنت عايش فيه، حرِّر نفسك من البقاء في الماضي وليس من الماضي وحده كل الناس تتحرر من الماضي وكل الناس تدعي التقدم تحررنا من الماضي ولكننا لسه عايشين فيه حرر قلبك من أن تعيش في الماضي وليس التحرر من الماضي وحده.
*ما الفرق بين الحكم والفصل في القرآن الكريم؟(د. فاضل السامرائى)
فجاء بضمير الفصل والتعريف في الخبر، للدلالة على القصر، أي: هؤلاء الجامعون لهذه الأوصاف، هم الوارثون الحقيقيون وليس غيرهم ثم فسر هذا الإبهام ثم الإيضاح بعده من الفخامة ما فيه.
جاء في (الكشاف): (أولئك) الجامعون لهذه الأوصاف (هم الوارثون) الأحقاء بأن يسموا وراثاً دون عداهم ثم ترجم الوارثين بقوله: (الذين يرثون الفردوس) فجاء بفخامة وجزالة لإرثهم لا تخفى على الناظر".
ثم انظر إلى تقديم الجار والمجرور على الخبر، في قوله: (هم فيها خالدون) للدلالة على القصر وتناسب ذلك مع التقديم في الأوصاف السابقة: في صلاتهم خاشعون، للزكاة فاعلون، لفروجهم حافظون، لأماناتهم وعهدهم راعون، فجازاهم من جنس عملهم، فإن أولئك الذين قصروا أعمالهم على الخير، قصر الله خلودهم في أعلى الجنة، وهو الفردوس، فلا يخرجون عنه إلى ما هو أدنى درجة منه، فكان خلودهم في الفردوس لا في غيره. والفردوس أعلى الجنة وأفضلها ومنه تتفجر أنهار الجنة كما جاء في الحديث.
*مقارنة بين صفات المؤمنين فى سورتى المؤمنون والمعارج: (د. فاضل السامرائى)
إن آيات سورة (المؤمنون) في ذكر فلاح المؤمنين وآيات سورة المعارج في ذكر المعافين من الهلع وقد جعل كل صفة في مواطنها.
سورة المؤمنون... سورة المعارج
قال تعالى فى سورة (المؤمنون):... وقال تعالى فى سورة (المعارج):
الفعل عام يقع من الإنسان والحيوان والجماد وهو أعم شيء فعل الماء، فعل الرياح، وهو بقصد أو بغير قصد. العمل أخص من الفعل ويكون بقصد ولذلك قلّما يُنسب إلى الحيوان. العرب لم تقله في الحيوان إلا في البقر العوامل التي تحرث قصد الحرث، إذن العمل أخص من الفعل وينسب للإنسان وقلما ينسب إلى الحيوان. الصنع إجادة الفعل وهو أخص من العمل لا ينسب إلى حيوان ولا ينسب إلى جماد وليس كل عمل صنع حتى تحسن العمل (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (٨٨) النمل) إذن هو أخص من العمل. عندما يستخدم القرآن (بما يصنعون) أي يحاولون ويدبّرون ويتقنون ما يفعلون، يأخذون الحيطة ماذا نفعل لو قال كذا ماذا نصنع؟ هذا الصنع مدبّر إذن الصنع إجادة العمل. إذن كل فعل بحسب الآية التي ورد فيها في القرآن الكريم لكن بشكل عام الفعل أعم ويقع بقصد أو بغير قصد والعمل أخص من الفعل ويكون بقصد ويُنسب للإنسان والصنع إجادة العمل. اللغة العربية دقيقة إلى هذا الحد وهناك خلاف بين اللغويين أن هناك ترادف في القرآن أو لا، قسم يقول في القرآن ترادف وقسم يقول هي لغات، الترادف مثل المدية والسكين كلمتان تدلان على دلالة واحدة ويقولون أسماء السيف ليس مترادفة وإنما هي صفات اسمه السيف والباقي صفات مثل الحسام، وكذلك أسماء الأسد كلها صفات والإسم هو الأسد والصفات تكون في وجهه ومشيته، عضنفر صفة وليس كل أسد غضنفر، القسورة من القسر يقسر الفريسة يأخذها قسراً بقوة وشدة وعنف. في التفسير قد تفسر كلمة بكلمة بما هو أوضح للسائل ولا يجوز بيانياً أن تحل كلمة مكان كلمة في القرآن أما في الكلام العادي العام فيجوز وكل كلمة في القرآن لها مكانها المناسب الذي وضعت فيه ولا يجوز تبديلها حتى بكلمة تقاربها في الدلالة.
هو رسول واحد لكن في مواطن كثيرة ترد (كذبوا المرسلين) وهو رسول واحد. ولذلك علماؤنا يقولون من كذّب رسولاً فقد كذّب جميع الرسل الذين من قبله. هم كذّبوا نوحاً ومن قبله لأنهم أنكروا مبدأ الرسالة. الرسل من حيث المعنى لأنه هو رسول مبلّغ عن ربه منبّه على وجود رسل من قبله فإذا كذّبوه فقد كذّبوه بذاته وكذّبوا من نسب إليهم الرسالة لأنه ينسب االرسالة إليهم فإذا قيل هو كاذب فهو كاذب بكل قوله ومن ضمن قوله أنه هناك رسل من قبلي فكذبوا بهم جميعاً، وإشارة إلى إرتباط الرسل كأنهم جميعاً قافلة واحدة من كذّب واحداً منهم فقد كذّب الجميع.
*ما الفرق بين اعتدنا وأعددنا؟ القرآن الكريم يستعمل أعتدنا وأعددنا فلماذا استخدم هنا أعتدنا؟( د. فاضل السامرائى)
لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُواْ مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴿١٢٣﴾ لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلاَفٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ﴿١٢٤﴾ قَالُواْ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ ﴿١٢٥﴾ وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ ﴿١٢٦﴾)
والجذوة قد تكون قبسا وغير قبس، ولا شك أن الحالة الأولى أكمل وأتم لما فيها من زيادة نفع الشهاب على الجذوة، ولما فيها من الدلالة على الثبات وقوة الجنان.
وقد وضع كل تعبير في موطنه اللائق به، ففي موطن الخوف ذكر الجمرة، وفي غير موطن الخوف ذكر الشهاب والقبس.
؟ قال في سورة النمل: "فَلَمّا جاءَهَا نُودِيَ" وقال في سورة القصص: "فَلَمّا أَتاها نُودِيَ"فما الفرق بينهما؟
قال الراغب الأصفهاني مفرقا بين الإتيان والمجيء: الإتيان مجيءٌ بسهولة، ومنه قيل للسيلِ المارّ على وجهه أتي" (المفردات في غريب القرآن ٦). وقال: "المجيء كالإتيان، لكن المجيء أعم، لأن الإتيان مجيء بسهولة" (المفردات ١٠٢)
ولم يذكر أهل المعجمات ما ذكره الراغب، وإنما هم يفسرون واحا بالآخر، فيفسرون جاء بأتى، وأتى بجاء، غير أنهم يذكرون في بعض تصريفات (أتى) ما يدل على السهولة، فيقولون مثلا في تفسير الطريق الميتاء من (أتى) "طريق مسلوك يسلكه كل أحد" وذلك لسهولته ويسره. ويقولون :"كل سيل سهلته الماء أتيّ" و "أتّوا جداولها: سهلوا طرق المياه إليها" يقال: (أتّيت الماء) إذا أصلحت مجراه حتى يجري إلى مقارّه.. ويقال: أتّيت للسيل، فأنا أؤتّيه إذا سهلت سبيله من موضع إلى موضع ليخرج إليه.. وأتّيت الماء تأتيةً وتأتياً، أي: سهلت سبيله ليخرج إلى موضع"( لسان العرب (أتى) ١٨ / ١٤)
والذي استبان لي أن القرآن الكريم يستعمل المجيء لما فيه صعوبة ومشقة، أو لما هو أصعب وأشق مما تستعمل له (أتى). ويستعمل (أتى) لما هو أخف وأيسر.
*قال تعالى في سورة القصص (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٤)) كيف يقتل موسى رجلاً يعد أن يؤتى العلم والحكمة؟(د. حسام النعيمى)
أولاً عندما قتله لم يكن موسى - عليه السلام - نبيّاً لأنه لما ناقشه فرعون أو جادله لما قال (أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (١٧)) قال (قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (١٨) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (١٩)) أي قتلت نفساً. هو يعرف ماذا فعل لكن لا يريد أن يثيرها. قال موسى - عليه السلام - (قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (٢٠) فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٢١)) فالرسالة كانت بعد الفرار إذن هو لم يكن رسولاً مكلّفاً بالرسالة. كونه غير مكلّف جعل حياته ضلالاً كان ضالاً لأنه لم يكن يعرف أحكام التكليف. الضالّ هنا غير المكلّف أي ليس مكلّفاً بأحكام التكليف وليس بالمعنى الذي نفهمه الآن من فساد. لكن كان قبله أنبياء وكان يعرف بعض الأحكام بتغيراتها وبإنحرافاتها. لما ننظر في (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (١٥)) ما معنى الوكز؟ في اللغة هو الضرب بجُمع اليد على الذَقّن وقيل على الصدر. الذي يضرب بيده على الذقن هل ينوي القتل؟ الذَقّن (بفتح الذال والقاف) وجمعه أذقان بوزن سبب وأسباب. إذن موسى - عليه السلام - لم يكن ينوي القتل.
هذا الإقتران المخيف يعني جعلهم الله عز وجل كتوحيده الشرك وعقوق الوالدين (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴿٢٣﴾ الإسراء) ما قضى إلا هذا رب العالمين (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) ومن كرمه رب العالمين لم يقل حسنا قال إحساناً وهذا تقوم به بسهولة. أما الحُسن هذا درجة عالية لمن يسّره الله له ولهذا في الفقه الإسلامي لا يجوز أن تعطي أبوك زكاة لما رب العالمين قال الزكاة لمن؟ قال الصدقات (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ ﴿٦٠﴾ التوبة) لم يقل والأبوين، الأبوان (أنت ومالك لأبيك) ما لم تقتنع بأنك عبدٌ عند أبيك وكل ما تملكه إنما هو ملكٌ لأبيك فأنت لا تصل إلى مرتبة الحُسن ونحن نتكلم الآن عن مرحلة الحسن. ولهذا النبي ﷺ قيل له يا رسول الله أي العمل أفضل؟ قال "الصلاة على وقتها قالوا: ثم أيّ؟ قال: بر الوالدين" البر مجرد بر الوالدين يعني العمل الثاني بعد الصلاة لأن الصلاة ليس لها بديل وإذا كان البر هكذا فما بالك بالحُسن؟! والحسن لا يعمله إلا القليل لأن هذا يحتاج إلى ثقافة، إلى معرفة بالله عز وجل، إلى أن يُعلَّم هذا الإنسان هذا الأب المسلم ما معنى أن تكون مع أبيك حسناً؟ وهكذا أما البر ما دمت إنساناً أنت بك غريزة وميل طبيعي إلى أن تبر بأبويك ولهذا الله قال (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ) لمجرد كونك إنساناً من عناصر أنسنتك بعد أن أخرجك الله من المملكة الحيوانية وأطلق يديك من الأرض فسوّاك فخلقك فعدلك أطلق يديك حينئذٍ جعل من عناصر هذه الأنسنة أن تكون باراً بوالديك تميل إليهما، تنتسب إليهما، لهما حظوة واحترامٌ عليك وإلى كل المنظومة التي هي حسنٌ أو إحسانٌ أو برٌ ولكلٍ شرحها الذي يطول.
آية (١٤):
علامات الوقف ليست توقيفية وإنما من خلال ما كتبه علماء الوقف والإبتداء ومما أخذ. لكن هنا يوجد رواية أنه هناك وقف على كلمة العلم (والراسخون في العلم) فاعترض عليهم بعض الصحابة ونُسِب إلى إبن عباس أنه قال: والراسخون يعلمونه وأنا أعلمه أنا من الراسخين الذين يعلمونه. الكلام في هذه الآية يستدعي أولاً كما قلت هناك رواية بالوقف على الراسخون في العلم وما ورد به رواية لا يُردّ لكن نختار ما عليه جمهور المسلمين وما يوافق سياق الآية،. علامة الوقف في المصحف على كلمة (إلا الله) (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ٣ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (٧)) ليس هناك علامة على كلمة العِلم. لكن في الروايات موجود هنا وقف واللجان العلمية إختارت الوقف على لفظة الجلالة.
هنا عندنا كلمات: محكمات، متشابهات، تأويل ينبغي أن نفسر كل كلمة حتى نصل إلى المرجح في الوقف. الآن بصورة أولية الراجح في الوقف هذا (والراسخون في العلم يعلمون تأويله) حتى قسم رفض أن تكون الواو هنا عاطفة وإنما قال هي إستئنافية حتى في الوقف: يعني وما يعلم تأويله إلا الله لأنه حصر ثم قال إستأنف كلاماً والراسخون في العلم يعلمونه أيضاً ويقولون.
حينما يقول تعالى (آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ) هذه الآيات منها تستنبط الأحكام: الحلال والحرام والمواعظ والنصائح وكل شيء لأن القرآن منهج حياة وكل ما يتعلق بمنهج الحياة يُستنبط من هذه الآيات فهي أمٌ للكتاب كله.
ذكر عاقبة الكفر في الروم (مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ) ولم يذكر عاقبة الكفر في لقمان. السبب أنه ذكر عاقبة الكفر في الدنيا وعاقبة ذلك في الآخرة وقبلها قال (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤١) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ (٤٢)) هذا من عقوبات الكفر وذكر العاقبة فناسب ذكر العاقبة أيضاً في الكفر فلما ذكر عاقبتهم في الدنيا ناسب أن يذكر عاقبتهم في الآخرة. في لقمان لم يذكر ولم يرد هذا الشيء وذكر فقط الشكر ولذلك ذكر عاقبة الكفر والعمل في آية سورة الروم لأن هذا وقت حساب.
*لِمَ قال (فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) ولم يقل مهّدوا لأنفسهم؟
حتى (والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ) لم يقل هذا في لقمان لأنه في البقرة جرى هذا وطلب من أهل الكتاب أن يؤمنوا بما أُنزل إليه وما أنزل من قبلك في آيات كثيرة جداً (وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ (٤١) البقرة) إذن يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وهؤلاء لم يؤمنوا (أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ (٧٥)) (وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا (٧٦)) (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ (٩١)) هم لا يؤمنون بما أُنزل إليه بينما هو طلب يؤمنون بما أنزل إليك وحتى في آخر البقرة قال (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ (٢٨٥)) طابع السورة هكذا وفي لقمان لم يجد مثل هذا أصلاً ولذلك مفتتح سورة البقرة فيها طابع السورة موجود في مفتتح سورة البقرة.
آية (٦):
(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ (٦))
فكيف لما مليون صف؟! هؤلاء كلهم أقرب الملائكة إلى الله (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ) (وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) رب العالمين في هذه القضايا يخاطب هؤلاء أقرب وأحب الملائكة إليه، فلما خلق آدم قال لهؤلاء أو جزء منهم (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) أنت ألست تعبدني؟ وأنت تسبح؟ اتركوا عملكم وقعوا له ساجدين. إذاً رب العالمين يخاطب هؤلاء الملائكة المشغولون فالذي يقع هو الذي كان مشغولاً بشيء ثم انتبه. يعني واحد يشتغل أو يكتب سمع ابنه وقع أو طاح رأساً ركض عليه ترك الشغل الذي بيده لأهمية الحدث الآخر. فرب العالمين قال (فَقَعُوا) بالفاء (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) من روحي، لا يستحق أن تسجدوا له لأنه طين أو أني سويته ولكن لأني نفخت فيه من روحي (فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) كلٌ ترك عمله قسمٌ منهم هو ما خاطب كل الملائكة ولكن مجموعة منهم أنتم عندما أنفخ فيه روحي رأساً فقعوا اتركوا الذي في أيديكم (فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) وهذا الفرق بين فقعوا له وبين اسجدوا وبين خروا.
آية (٢٠):
*ما اللمسة البيانية في استخدام (الذي) مرة ومرة (التي) مع عذاب النار؟(د. فاضل السامرائى)
الكلام هو لنساء النبي - ﷺ - ورضي الله عنهنّ. (ومن يقنت منكم) العلماء يقولون (من) لفظها لفظ مذكر ومعناها وفقٌ للسياق بما يوافق السياق. يعني ممكن أن تأتي (من) للمفرد المؤنث وتأتي للمفرد المذكر وتأتي للمثنى وتأتي لجمع الذكور وتأتي لجمع الإناث لكن لفظها لفظ مذكر فأنت تقول: من درس أو من يدرس. بعد ذلك يمكن أن تعيد عليها بالإفراد أو التثنية أو الجمع أو التذكير أو التأنيث فيمكن أن تقول: من يدرس ينجحون، من درس نجحوا، من درس نجحت، من درس نجحا، من درس ينجحون، فيقول مرة أعدت على اللفظ ومرة أعدت على المعنى. أنت ماذا تريد من المعنى؟ فإذا قلت : من درس نجحوا، تريد الذين درسوا نجحوا ويمكن إبتداءً أن تقول من درسوا نجحوا ومن درسن نجحن ومن درست نجحت لكن غالباً لو نظرنا في آيات القرآن الكريم نجد أنه مع (من) إبتداءً يُراعي لفظها لفظ المفرد المذكر فيقول مثلاً (وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا (٧٥) طه) فأحياناً ينظر لمّا يكون الكلام على المفرد دائماً عن المفرد لكن لما يكون عن الجمع يبدأ بالإفراد مراعاة للفظ (من). (ومن يقنت) نظر إلى لفظ (من) أنه مذكر مفرد يقال (ومن يقنت) ثم بيّن (منكن) يعني من يقع منه القنوت منكن. فإذن (من) هنا روعي لفظها لأن قلنا لفظ (من) مفرد مذكر. المعنى هنا للمؤنث الجمع، ما الدليل على أن المعن للجمع المؤنث؟ الدليل أنه قال (منكن). فإذن في كلمة (يقنت) وهذا هو الماضي أولاً يبدأ بمراعاة لفظها ثم يُراعي معناها كأنما يعطي (من) حقها مرتين يعطي (من) حق اللفظ ثم يعطيها حق المعنى فقال (ومن يقنت منكن) راعى في كلمة (يقنت) حق اللفظ وهذه سُنّة العرب في كلامهم مع (من) تراعي حق اللفظ أولاً ثم تراعي حق المعنى. حتى يكون الكلام عاماً في البداية مع (من)
قد يُحذف للتعظيم وهذا ورد كثيراً في القرآن كما حذف جواب القسم في أوائل سورة ق (ق وَالْقُرْآَنِ الْمَجِيدِ (١)). جواب الشرط يُحذف في القرآن كثيراُ كما في قوله تعالى (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآَنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (٣١) سبأ) وقوله تعالى (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (١) الانشقاق) (وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (٥٠) الأنفال) وذلك حتى يذهب الذهن كل مذهب وهذا أمر عظيم فهناك من يستدعي العقوبات.
* ما دلالة استخدام صيغة صبّار شكور ولماذا جاءت صبّار مقدّمة على شكور؟(د. فاضل السامرائى)
أولاً كلمة (صبّار) الصبر إما أن يكون على طاعة الله أو على ما بصيب الإنسان من الشدائد. فالصلاة تحتاج إلى صبر وكذلك سائر العبادات كالجهاد والصوم. والشدائد تحتاج للصبر.
أما كلمة (شكور) فالشكر إما أن يكون على النعم (واشكروا نعمة الله) أو على النجاة من الشّدّة (لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين) فالشكر إذن يكون على ما يصيب الإنسان من النِّعَم أو فيما يُنجيه الله تعالى من الشِّدّة والكرب.
هذه الأولى لأنها مترتبة على التي قبلها، في قوله (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) هو كلام مستأنث أما بالفاء فهي تابعة بالضبط إلى الآية التي قبلها (وإن) كلام مستأنث يعني (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ) كلام جديد ليس له علاقة بالماضي إطلاقاً فالله تعالى تكلم عن التوحيد (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ ﴿٣﴾ فاطر) ثم قال (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ) ليس لها علاقة بالآية التي قبلها بدليل المضارعة يدل على الحال والاستقبال هذا الفرق بين (فإن) وبين (وإن). وعندنا (فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ) و (كذبت رسلٌ من قبلك) كذب رسلٌ واحد واحد كذب هذا وهذا لم يكذب ناس كذبوه وناس لم يكذبوه أما كُذّبت مجموعة صارت ظاهرة.
آية (٢٨):
*(كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء (٢٨) فاطر) ما المعنى الإعرابي للآية؟(د. فاضل السامرائى)
العلماءُ فاعل مؤخر مرفوع واللهَ مفعول به في محال نصب هل يجوز أن نقول الله لفظ الجلالة مفعول به؟ مثلاً في الأفعال الناقصة (كان الله غفوراً رحيماً) (كان) فعل ماضي ناقص لكن إذا ادخل على إسم من أسماء الله لا نقول فعل ماضي ناقص وإنما نقول فعل دوام واستمرار تأدباً مع الله. جواب الدكتور: قُل فعل ناسخ. هذا مصطلح إعرابي. و(إنما) تفيد القصر يعني أن الذين يخشون الله حق الخشية هم العلماء لأنهم يعرفون قدرته سبحانه ومن علِم خاف (أنا أعلمكم بالله وأتقاكم له) حديث شريف. وخشية العالم ليست كخشية الجاهل.
*ما الفرق بين كلمتى علماء وعالمون؟(د. أحمد الكبيسى)
صراط الجحيم يعني طريق الجحيم، هذا المستقيم الصراط هو الطريق الواسع والمستقيم وصف آخر للصراط، المستقيم هو أقرب الطرق الموصِلة إلى المراد أيّاً كان هذا المراد فهو أقرب الطرق إليه فليس هنالك أقرب منه طريق قويم ومستقيم وأقصر الطرق الموصلة إلى المراد ولا يحمل إيجاباً أو سلباً أو وصفاًً طيباً أو غير طيب. المستقيم الاستقامة أنه طريق مستقيم قويم التي توصلك إلى المطلوب بأقصر طريق وأقرب وأيسر طريق.
(فاستقم) استقم معناها كن معتدل الأمر لا تميل إلى الباطل أو كذا ما أراد ربنا من الأمور القويمة.
*ما دلالة تقديم (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) على (عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)؟
التقديم له عدة أمور أولاً كونه من المرسلين هو أفضل من كونه على صراط مستقيم لأن كونه نبي يتضمن أنه على صراط مستقيم، هو مرسل ونبي وهو أيضاً متضمن تضمناً أنه على صراط مستقيم لكن لو قال على صراط مستقيم أولاً لا يدل على أنه نبي، إذن هذا يتضمن. ثم هذا من تقديم السبب على المسبَب هو كان على صراط مستقيم بسبب أنه نبي فالرسالة سبب في كونه على صراط مستقيم، إذن هذا بتقديم السبب. ثم ذكرنا أنه أمر آخر لما قدّم (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) يمكن أن نعلق به (عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) لو أخرناه لا نستطيع أن نعلّق فتعطي توسعاً في المعنى أكثر.
*إذن في القرآن الكريم ليست هناك كلمة زائدة أو تعبير زائد؟
طبعاً لا يمكن. (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) و (عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) كل واحدة وردت في موطن بينما وردت في يس معاً كل واحدة في سياقها (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) في سورة البقرة في سياق إثبات الرسالة وليست في سياق الدعوة بينما في الزخرف في سياق الدعوة ثم ذكر أنه رسول (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ).
*نقرأ في بعض الكتب أن هذا حرف جر زائد فما مفهوم الزيادة في القرآن الكريم؟
إستراق السمع قد يكون بالتنصت وليس بالضرورة أن يكون هناك حركة، استرق السمع قد يكون بالتنصت يأتي من مكان خفي فيسترق. يسترق السمع يعني يقف ويُنصت أما الخطف ففيها حركة، إذن صار هناك فرق، واحدة يسترق السمع ليس بالضرورة فيها حركة وإنما يتنصت والخطف فيها سرعة يختلس يخطف بسرعة، أيها الأشد والأسرع؟ الخطف أو الاستراق؟ الخطف أسرع، أي الذي يحتاج إلى حفظ أكثر وأشد، الخطف أو الاستراق؟ الخطف. فالآية كلها تغيّرت بموجب هذا. أي الذي يحتاج شهاب ثاقب؟ الخطف. قال تعالى في الصافات (وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (٨)) ولم يقلها في سورة الحجر، ووصف الشيطان بأنه مارد والمارد هو العاتي ومردة الشياطين من العتاة وهذا يحتاج إلى ما هو أقوى، ثم قال (دحوراً) دحوراً هو مصدر بمعنى مطرودين، دحر يعني طرد، دحوراً مصدر في المبالغة، عذاب واصب يعني دائم، هذه كلها لم يقلها في سورة الحجر. في الحجر قال (وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (١٧)) وفي الصافات (وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (٧)) حفظاً مصدر والمصدر فيه تحقيق وثبوت وأقوى في الدلالة من الفعل، وقال (شهاب ثاقب)، الآن هل يمكن أن نضع أي كلمة في غير مكانها؟ إذن لما كان هؤلاء مردة سيقذفون من كل جانب ودحوراً ولهم عذاب واصب وحِفظاً. إذن ليس فقط المسألة في تناسب الفواصل شهاب ثاقب أو شهاب مبين وإنما هي واضحة من حيث اللغة لا يمكن إلا أن نضع ما وُضِع في مكانه.
آية (٢٢):
*ما الفرق بين الزوج والبعل ؟(د. فاضل السامرائى)
الأيدي هنا العلماء لهم فيها جملة توجيهات ويقولون يمكن أن تكون الأيدي بمعنى القوة (أصحاب القوة) ويمكن أن تكون بمعنى الكرم سواء كانوا أولو الكرم الذي يخرج منهم أو الكرم الذي ينزل عليهم من الله سبحانه وتعالى فيحتمل الأمرين أنهم الذين كرّمهم الله عز وجل لأن اليد تأتي بمعنى الكرم أو القوة سواء كانوا هم أكرم الناس أو أكرمهم الله عز وجل فهم أصحاب أيدي، لله سبحانه وتعالى عليهم يد ولهم يدٌ على الناس. أما الأبصار فبالإجماع يرون أنها البصيرة في العلم والدين. كانت لهم بصيرة في العلم والدين وهذا كرم من الله سبحانه وتعالى.
(إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (٤٦)) المصطفى من الاختيار والاصطفاء، الاخيار جمع خيّر وخير. يلفت النظر قوله تعالى (فأخلصناهم بخالصة ذكرى الدار) والكلام كان مع الرسول - ﷺ - لتذكيره بشأن هؤلاء: إبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم جميعاً الصلاة والسلام. (أخلصناهم بخالصة) أخلصه في الأصل بمعنى نقّاه وصفّاه من الشوائب يكون خالصاً منقىً. نقيّناهم التنقية لهم، وهناك صفة منقاة لهم فالتنقية جاءت مرتين: هم نُقّوا بين البشر وعندهم صفة انتُقيت لهم خالصة لهم دون غيرهم فالتنقية والإخلاص كان مرتين.
لو قيل في غير القرآن (أخلصناهم بخالصةٍ) خالصة نكرة عامة تحتاج إلى بيان فما هذه الخالصة؟ قال: ذكرى الدار. كلمة ذكرى ممكن أن تكون من التذكر تذكر الإنسان شيء فله بذلك ذكرى ويمكن أن تكون من التذكير فهو يقدّم ذكرى للآخرين فاللفظ يمثل المعنيين. والمعنيين مرادان يعني هم يذكرون الآخرة دائماً ويُذكّرون بها، هذا شيء أخلصوا به.
الإسلام هو دين الله وهو الدين من أول الأنبياء إلى يوم الدين وقد سبق في القرآن الكريم ذكر نوح وابراهيم ولوط ومن اتبعهم بأنهم من المسلمين لكن دين الإسلام كإسلام أُطلق على ديننا وسيدنا محمد - ﷺ - هو أول من أسلم.
*ما الفرق بين قوله تعالى (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿٧٢﴾ يونس) (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ ﴿١٢﴾ الزمر) (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿١٠٤﴾ يونس)؟(د. أحمد الكبيسى)
(وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿٧٢﴾ يونس) (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ ﴿١٢﴾ الزمر) (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿١٠٤﴾ يونس) وهكذا وما بينها من فروق بحروف. أبيّن الفرق بين (أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) و (أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) و (لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) حروف مختلفة ولكنها تختلف في المعنى تماماً.
عايل أي ظالم أو معتدي (أدنى ألا تعولوا) أن لا تعتدوا في عدم المساواة بين النسوة.
* ما دلالة استخدام (ما) وليس (من) في سورة النساء (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء (٣))؟(د. فاضل السامرائى)
(من) لذات من يعقل، للذات، من هذا؟ هذا فلان، من أبوك؟ أبي فلان، من أنت؟ أنا فلان. إذن (من) لذات العاقل سواء كانت إسم استفهام أم شرط أم نكرة موصوفة أم إسم موصول. (ما) تستعمل للسؤال عن ذات غير العاقل مثل ما هذا؟ هذا حصان، ما تأكل؟ آكل كذا. وتستعمل لصفات العقلاء، الذات أي الشخص الكيان. (ما) تستخدم لذات غير العاقل ولصفات العقلاء. لذات غير العاقل مثل الطعام (أشرب ما تشرب) هذه ذات وصفات العقلاء مثل تقول من هذا؟ تقول خالد، ما هو؟ تقول تاجر، شاعر. (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء (٣) النساء) عاقل، صفة، أي انكحوا الطيّب من النساء. (ما) تستخدم لذات غير العاقل وصفاتهم (ما لونه؟ أسود) ولصفات العقلاء (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) الشمس) الذي سواها هو الله. مهما كان معنى (ما) سواء كانت الذي أو غيره هذه دلالتها (وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى (٣) الليل) من الخالِق؟ الله هو الخالق. إذن (ما) قد تكون لصفات العقلاء ثم قد تكون للسؤال عن حقيقة الشيء (قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ (٦٠) الفرقان) يسألون عن حقيقته، فرعون قال (وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٣) الشعراء) يتساءل عن الحقيقة. وقد يؤتى بها للتفخيم والتعظيم (الْقَارِعَةُ (١) مَا الْقَارِعَةُ (٢) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (٣) القارعة) (وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (٢٧) الواقعة) تفخيم وتعظيم سواء كان فيما هو مخوف أو فيما هو خير، عائشة قالت أبي وما أبي؟ ذلك والله فرع مديد وطود منيب.
فرعون كان يعبد آلهة وهو يرى نفسه هو الإله الأعلى الأكبر (فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (٢٤) النازعات) (وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ (١٢٧) الأعراف) إذن هو كان يعبد آلهة من دون الله لكن في نفسه ربنا سبحانه وتعالى أخبر عن فرعون وقومه (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (١٤) النمل) هذا الكلام عن فرعون وقومه، هو في نفسه يرى الآيات (وجحدوا بها) أي بالآيات التي ظهرت على يد موسى ؟، تسع آيات، في الكلام جحدوا بها أما في أنفسهم فهم مؤمنون بها. (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) إذا جحد الشيء ربنا يحاسبه على ما أظهر (آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٩١) يونس) إذن فرعون في حكمه كان مشركاً يعبد آلهة (فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (٢٤) النازعات) (وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ (١٢٧) الأعراف) (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٣٨) القصص) إذن هو ليس موحداً وإنما مشرك كافر يعبد آلهة. أما في قوله (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (٣٦) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا (٣٧)) هو لا يريد أن يفعل ذلك في الحقيقة لأنه يعلم أنه لا يمكن أن الصعود إلى أسباب السموات والأسباب هي ما يتوصل به إلى شيء أي الذريعة التي تتوصل بها إلى أمر من الأمور هو السبب والطريق هو السبب (فَأَتْبَعَ سَبَبًا (٨٥) الكهف) أي مشى في طريق.
*ما دلالة سؤال الجلود فقط دون غيرها من الأعضاء التي شهدت عليهم في الآية (حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢٠) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا (٢١) فصلت)؟
الجلود تحس العذاب وينالها العذاب وتدركه (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ (٥٦) النساء)
*(الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٦٥) يس) (حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢٠) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢١) فصلت) ما اللمسة البيانية في اختلاف ختام الآيتين؟ ولماذا قالوا لجلودهم وليس للسانهم مثلاً؟ ولماذا تشهد الجلود دون باقي الأعضاء؟(د. فاضل السامرائى)
قال تعالى في سورة الشورى (وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (٣١)) وقال في سورة العنكبوت (وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (٢٢)) والأمر الذي يوضح السياق هو آية سورة هود أيضاً (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (١٨)أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ (٢٠)) الكلام في سورة هود متعلق بالآخرة وبمحاسبة أهل الأرض أما السياق في سورة الشورى ففي الكلام على نِعم الله تعالى في الأرض وفي شؤون أهل الأرض (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (٢٧) وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (٢٨) وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (٢٩)) أما السياق في سورة العنكبوت ففي الدعوة إلى النظر والتدبر في العلم والبحث (أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (١٩)) وهذا هو الذي يوصل إلى السماء، سيكون البخث والنظر والتدبر للعلم سيجعله يصعد للسماء وحتى عند ذلك لن يكون معجزاً.
؟ (إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ) هذا للتأكيد رجل يسأل من ربك؟ تقول له إن الله ربي كان بإمكانك أن تقول له الله ربي لكن لكي تؤكد له المعنى قلت إن الله ربي، طيب هذا جواب لسائل. لو تقرأ الآيات التي قبلها تراها تماماً بالضبط هكذا مرة سيدنا عيسى يعرض نفسه لا يجادله أحد قال (وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴿٥٠﴾ إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ) حينئذٍ سيدنا عيسى عليه السلام كان يعظهم جاء يعلمهم الدين إن الله ربي وربكم بالتأكيد.
عندنا آيات أخرى شيء أعجوبة فما من آيتين إلا وفيها سر انظر (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ﴿١٧٣﴾ البقرة) (به) مقدمة، الآية الأخرى (وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ﴿٣﴾ المائدة) ولا في واحد يسأل عن الفرق، هناك حيوانات، ذبائح سواء كانت إبل أو غنم أو ما شاكل ذلك وهناك قسم أهل بها لغير الله ومنها أهل لغير الله بها، ليس هذا عبثاً. فرق بين أني أنا رجل مسلم ولكن أنا ذبحت ذبائح وما أحسنت الذبح يعني ما سميت باسم الله ولا ذبحت على القبلة ولا أهديتها لمن ينبغي أن تُهدى لها بالطريقة الشرعية ولا قلت هذا لوجه الله والثواب لفلان أخطأت، هذا (وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ). وهناك من هو أصلاً لا يؤمن هو أصلاً هو ذبحها على قبر، ذبحها على إمام، هذا لوجه الإمام لوجه القبر الفلاني، لوجه الحسين، لوجه الكاظم، لوجه عبد القادر الجيلاني، لوجه السيد البدوي هذا كل هذا غير مأكول ولكن الفرق أن الذبيحة كلها من أساسها دخلت في الشرك أو لا هي صحيحة لكن أنت عندما أردت أن تذبح لم تحسن وأخطأت خطأً، إذاً فهما قضيتان وليست قضية واحدة ولهذا الله قال (مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ ﴿١٠٣﴾ المائدة) هذه أهل بها لغير الله، هي أصلاً لغير الله يعني شرك.
فرب العالمين قال ربما تكون أنت مسافر لحاجات كالتجارة أو الدراسة أو تزور قريباً رحل إلى أمريكا إلى مصر إلى بابل في العراق في كل مكان فيه آثار الأمم التي أهلكها الله بظلمها أنت بعد ما تنتهي من شغلك إذهب وانظر إليها (ثُمَّ) هذا خطاب لمن يسير في الأرض لهدفٍ آخر ولكن رب العالمين يقول دع لك فرصة يوم، نصف يوم إذا كنت في مكان فيه آثار الظلمة اذهب وشوفها هذا (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا) أنهي شغلك تجارتك ثم انظروا، الفريق الثاني ليس لديه شغل كما قال الدكتور نجيب للسياحة فقط وأنتم تعرفون الآن أن السياحة فن عالمي يعني شركات في كل الدنيا فقط للسياحة، يقول لا تقضي وقتك في الملاهي والحانات والخمور إقضيها بشيء نافع ولهذا من أعظم النوافع والمنافع الآثار. الآثار في كتاب الله عز وجل قضية هائلة ولهذا حرص أعداء هذه الأمة أن يأخذوا كل آثارها لأن هذه الآثار وثيقة كما أنت عندك جنسية وجواز، الآثار جواز ووثيقة وجنسية الأمة أمة بلا آثار ما تملك أن تعرف من هي؟ ما هو الدليل على أنك أنت كذا؟ يعني لما النبي ﷺ مسحت كل آثاره أين هي؟ لم يبق شيئاً ولهذا عندما سقط العراق في اليوم الأول من سقوطه جاءت شاحنات كبيرة حوالي ١٦ شاحنة أخذت المتحف العراقي المليء بالآثار من آشور ومن بابل القديمة إلى يومنا هذا الدولة العباسية والأموية والخلفاء الراشدين ومن قبلهم ومن قبلهم كنسوها بالآخر.
ورب العالمين يقول (فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ) انظر خيراً وشراً يقول (فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا) وحينئذٍ هذه الآثار للخير وللشر، للشر لكي تحمد الله على العافية وللخير لكي تحمد الله على الإيمان من أجل هذا إن زيارة الآثار عبادة عظيمة.
في سورة الأعراف (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ ﴿٢٠﴾) اختار تعالى للتقوى كلمة اللباس الذي يواري السوءات الباطنة (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴿٢٦﴾) واختيار الريش مناسب للباس الذي يواري السؤات الخارجية. وفي هذه الآيات تحذير من الله تعالى لذرية آدم ((يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴿٢٦﴾).
آية (١١):
*لماذا استخدمت كلمة ابليس مع آدم ولم تستخدم كلمة الشيطان؟(د. فاضل السامرائى)
قال تعالى في سورة البقرة (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴿٣٤﴾) وفي سورة الأعراف (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ ﴿١١﴾) ابليس هو أبو الشياطين كما إن آدم أبو البشر وبداية الصراع كان بين أبو البشر وأبو الشياطين. والشيطان يُطلق على كل من كان كافراً من الجن أي على الفرد الكافر من الجنّ.
آية (١٢):
*لماذا جاء ذكر ابليس مع الملائكة عندما امرهم الله تعالى بالسجود لآدم مع العلم أن ابليس ليس من جنس الملائكة؟(د. فاضل السامرائى)
*قال تعالى في سورة آل عمران (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ (١٢٤) بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ (١٢٥)) وفي الأنفال قال (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ (٩)) فما هو العدد النهائي للملائكة في معركة بدر؟(د. فاضل السامرائى)
نقرأ الآيات حتى يتضح الأمر قال (فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ (٩)) مردفين يعني متبعين يعني ألف يتبعهم ألفاً، ألف يتبعهم ألف يعني صاروا ألفين، ألف من الملائكة مردفين يعني ألف يتبعهم ألف، مردفين من ردف يعني تبعه وليس معناها الركوب وإنما جاء بعده، خلفه، إذن صاروا ألفين. (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ (١٢٤)) ألفان وثلاثة آلآف صاروا خمسة آلآف فقال (بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ (١٢٥) آل عمران) ألف مردفين يعني ألفين وثلاثة آلآف صاروا خمسة آلآف.
*ما اللمسة البيانية في التقديم والتأخير في (وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ)الأنفال و (وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ )آل عمران؟وذكر (لكم) وحذفها؟
د. فاضل السامرائى :
أما في سورة الأنفال قدّم الأموال على(في سبيل الله) لأنه تقدّم ذكر المال والفداء في الأسرى وعاتبهم الله تعالى على أخذ المال إذن السياق كله في المعاتبة على أخذ المال من الأسرى.
آية (٢٤):
*متى يكون استعمال (أو) و (لا) (وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى (٣٧) سبأ) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ (٩) المنافقون) (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ (٢٤) التوبة) (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ (٣١) النور)؟(د. فاضل السامرائى)
الواو من حيث الحكم يسمونها مطلق الجمع أما (أو) فلها معاني الإباحة والتخيير.
خيّر أبِح قسّم بأو وأبْهِمِ واشكُك وإضرابٌ بها أيضاً نُمِى
السورتان التاسعة والسبعون والثمانون، خاتمة النازعات فيمن طغى وآثر الحياة والدنيا وفيمن خاف مقام ربه (فَأَمَّا مَنْ طَغَى (٣٧) وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (٣٩) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (٤١)) وفي أواخرها (إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (٤٥)) وفي أوائل عبس ذكر من استغنى ومن جاءه يسعى وهو يخشى، يعني من طغى ومن خاف مقام ربه (عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (٢) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (٣) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (٤) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (٥) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (٦) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (٧) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (٨) وَهُوَ يَخْشَى (٩)) أما من استغنى هذا من طغى وآثر الحياة الدنيا وأما من جاءك يسعى وهو يخشى هذا من خاف مقام ربه إنما أنت منذر من يخشاها. أمثلة لما ذكره في خواتيم سورة النازعات. في خاتمة النازعات ضرب مثالين الذي طغى والذي خاف مقام ربه ثم قال (إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا) وفي بداية سورة عبس ذكر من استغنى مقابل الذي طغى وآثر الحياة الدنيا ومن جاءك يسعى وهو يخشى مقابل الذي خاف مقام ربه وهو يخشى - إنما أنت منذر من يخشاها.
تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله
سورة عبس
*هدف السورة*
لهذا جاء السمع مفرداً لعدم تعدد مدركاته أما الأبصار فتعددت مدركاته لذا جمع والأفئدة جمع في الأصل. قد يجمع السمع إذا تعدد.
آية (٢٩):
*قال تعالى (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ (١)) ولم يصرح بالقرآن كأن يقول استمع نفر من الجن قرآناً كما قال في آية أخرى (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ (٢٩) الأحقاف) ما الفرق ؟(د. فاضل السامرائى)
بعض الصحابة قال بايعنا على الموت وبعضهم قال ما فهمنا هذا وقالوا بايعنا على أن لا نفِرّ والعلماء قالوا المعنى واحد فالذي يقاتل ولا يفرّ كأنه يبايع على الموت فالبيعة كانت على الموت. فالرسول - ﷺ - كان مادّاً يده ويأتي الناس ويضربون على يده فجاء الرسول - ﷺ - بيده اليمنى وقال هذه يد عثمان إكراماً لعثمان وهذه مما أُكرِم به عثمان. وإكرام عثمان كان أولاً بتزويجه إبنتي رسول الله - ﷺ - لذا نترضى عليه وعلى جميع صحابة رسول الله - ﷺ - ونترك ما شجر بينهم إلى الله عز وجل ولا نتطاول عليهم. فكانت هذه البيعة. البيعة كانت مع يد رسول الله - ﷺ - لكن الله عز وجل أراد أن يبين للمسلمين أن البيعة هي مع الله تعالى تعظيماً لشأن البيعة وإلا يدُ الرسول - ﷺ - مستعملة للبيعة حقيقة ولذلك لم تُذكر ولذلك ذكرت يد الله تعالى ولله المثل الأعلى وقلنا أكثر من مرة أن صفات الله عز وجل وكل كلام يتعلق بشأن الباري نُمِرّه كما هو ونفهمه كما تعيننا عليه اللغة. يد الله فوق أيديهم يعني هم يبايعون الله وهذا تصوير بالبيعة إفهمها كما تشاء لكن ليس بهذه الأصابع وإنما بما يليق بجلال قدره سبحانه وتعالى. منهم من يقول معانها أن قدرته فوق قدرتهم، بيعته فوق بيعتهم، رحمته فوق أيديهم، لكن هي هكذا. البيعة تكون عادة بالأيدي فقال (يد الله فوق أيديهم) أي تأكيداً لمبايعتهم لله سبحانه وتعالى وهي بيعة مع الله عز وجل إعظاماً لهذه البيعة وإكراماً لشأن المبايعين ١٤٠٠ صحابي مات رسول الله - ﷺ - وهو عنهم راضٍ والله تعالى عنهم راضٍ.
لأنهم كانوا يتكلمون اللغة على سجيتها ونحن نتعلم لا نعرف النحو ولا البلاغة. علم اللغة نفسها لا نأخذه إلى على الهامش ولا نُحسن الكلام أصلاً. علم النحو مفيد في فهم نص القرآن الكريم. والعلماء يضعون للذي يتكلم في القرآن ويفسره شروطاً أولها التبحر في علوم اللغة وليس المعرفة ولا تغني المعرفة اليسيرة في هذا الأمر. النحو والتصريف وعلوم البلاغة من التبحّر فيها يجعلك تفهم مقاصد الآية فإذا كنت لا تعرف معنى الواو والفاء ولا تعرف ما دلالة المرفوع والمنصوب لن تفهم آيات القرآن.
آية (٣٦):
*قال تعالى (إنما الحياة الدنيا لعب ولهو) عدد أشياء كثيرة وفي غير موطن في القرآن قال (إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ (٣٦) محمد) فقط ولم يذكر بقية الأطوار كما في آية الحديد، لماذا؟(د. فاضل السامرائى)
كل موطن في القرآن الكريم يذكر (وما بينهما) يأتي تعقيب على من يذكر صفات الله تعالى بغير ما يستحق، تعقيب على قول النصارى (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) وعلى قول اليهود (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (١٨) المائدة). بعد أن قال تعالى (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا (١٧) المائدة) يقول بعدها (وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧) المائدة) لِمَ يتخذ الولد وهو الغني؟ له ملك السموات والأرض وما بينهما لا يحتاج الولد. اليهود يقولون نحن أبناء الله وأحباؤه تأتي بعدها (وما بينهما) لماذا رقّيتم أنفسكم؟ هو تعالى لا يحتاج هذا حتى يتخذكم أبناء، لِمَ يتخذكم أبناء وهو الغني؟
لاحظنا أنه في كل موطن يقول (وما بينهما) تأتي تعقيب في الله على ما لا يليق.
قال (إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ (٥)) هذا قسم وجواب القسم (وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ (٦)) وقال في الآخر (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٦٠)). (إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ) في الآخرة إما جنة أو نار والدين هنا للحساب (وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ). إن ما توعدون لصادق وإن الدين لواقع فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون.
*****تناسب خواتيم الذاريات مع فواتح الطور*****
خاتمة الذاريات (فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ (٥٩) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٦٠)) وفي الطور (إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (٧) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (٨) يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (٩) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (١٠) فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١١))، (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٦٠)) مقابل (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١١)) المشهد هو واحد، كلا المشهدين في الآخرة. المكذبون طائفة من الذين كفروا.
تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله
تم بحمد الله وفضله ترتيب هذه اللمسات البيانية في سورة الذاريات للدكتور فاضل صالح السامرائي والدكتور حسام النعيمى زادهما الله علما ونفع بهما الاسلام والمسلمين و الدكتور أحمد الكبيسى والخواطر القرآنية للأستاذ عمرو خالد وقامت بنشرها أختنا الفاضلة سمرالأرناؤوط فى موقعها إسلاميات جزاهم الله عنا خير الجزاء.. فما كان من فضلٍ فمن الله وما كان من خطأٍ أوسهوٍ فمن نفسى ومن الشيطان.
*****تناسب خواتيم الرحمن مع فواتح الواقعة*****
خاتمة سورة الرحمن في اليوم الآخر (مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ (٧٦)) وقبلها يتكلم عن أصحاب النار (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ (٤١)) ومن خاف مقام ربه (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦)) (وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (٦٢)) وفي الواقعة (إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (١) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (٢)) نفس المشهد ثم ذكر جزاء أصحاب اليمين والسابقين وأصحاب الشمال وقد ذكرهم أيضاً في سورة الرحمن.
سؤال: إذا كان هذا الأمر حتى هذه السورة مرتبط خواتيم السور ببدايات السور التي تليها فلم كانت الحاجة إلى الفصل بين السور وبعضها في القرآن الكريم طالما أنه وحدة واحدة كما يقول المستشرقون؟
السورة لها مقصد وكُتب عن وحدة السورة وهناك رسالة عن وحدة السورة والسورة لها أهدافها ومقاصدها ووحداتها مثلاً سورة البقرة ليست كسورة الرحمن وسورة النساء ليست كسورة الكهف كل سورة لها وحدة غير السورة التي تليها لكنها مرتبطة في أوائلها وأواخرها كأنها واحدة والآيات مرتبطة بعضها ببعض، الآيات داخل السورة نفسها متناسبة لكن السور ليست متشابهة لأن بعضها أحكام فالرحمن ليست مثل سورة التحريم أو الطلاق لكن هناك ارتباط وتناسب.
سؤال: هل أسماء السور توقيفية من عند الله سبحانه وتعالى؟ هكذا قرأنا في الأحاديث "فبدأ بالبقرة وآل عمران"، وسورة براءة تسمى براءة والتوبة.
في خاتمة الرحمن ذكر (مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ (٧٦)) الجنة وفي الواقعة قال (إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (١) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (٢)) تكلم في اليوم الآخر ثم ذكر جزاء السابقين وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال وذكرهم بصورة أخرى في خواتيم سورة الرحمن.
الأشياع هم أتباع الرجل على جماعة واحدة والأتباع هم أنصار الرجل لكن ما الفرق؟ الأشياع أنصار أيضاً لكن الأشياع أعمّ قال تعالى (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (٥١) القمر) المخاطَب زمن الرسول - ﷺ - أشياعهم الأمم السابقة، نحن أشياع سيدنا محمد - ﷺ - وأتباعه الذين معه وقتها. القرآن الكريم لم يستعمل التبع إلا من كان مع الرسول - ﷺ - وقتها، كل أتباع الرجل من كان معه (فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا (٢١) إبراهيم). الأشياع ليس بالضرورة واستعملها الله تعالى للمتقدم والمتأخر، تكلم عن سيدنا نوح - عليه السلام - (وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (٧٥)) ثم قال (وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ (٨٣) الصافات) أين إبراهيم - عليه السلام - من نوح - عليه السلام - ؟ من شيعته أي من شيعة نوح، صحيح الفروع مختلفة لكن أصل الرسالة واحدة. سيدنا نوح - عليه السلام - كان أسبق بكثير من إبراهيم. فالأشياع أعمّ من الأتباع، الأتباع من كانوا معه فقط ولا يستعمل للمتأخر. التبع يكون معه والأشياع عامة وفي القرآن يستعمل الأشياع أعمّ من التبع.
آية (٥٢):
*لماذا جاءت (وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (١٢) يس) بالنصب (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (٥٢) القمر)مرفوعة؟(د. فاضل السامرائى)
الآية الكريمة (لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (٦٥) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (٦٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (٦٧) الواقعة) المُغرَم معناه المدين أثقلته الديون، نحن نستعمل المغرم بمعنى الذي وقع في الغرام، المغرم بمعنى الغرام معناه يتقاضاه كما يتقاضى الغريم دينه. فإذن المُغرَم هو المدين والمدين يتقاضاه الدائن. المحروم مقتصر على نفسه ليس عنده شيء لكن ليس بالضرورة مدين يتقاضاه أحد إذن المغرم مدين يتقاضاه الدائن أما المحروم فليس بالضرورة. إذن المُغرَم هو محروم وزيادة. أيها الأولى بالتوكيد بالخسارة؟ المُغرم أولى بالتوكيد لذا جاءت الآية (إِنَّا لَمُغْرَمُونَ) المغرم والمحروم ليسا بدرجة واحدة المُغرم مطلوب يتقاضاه الدائن يطلبه، إذن المغرم هو محروم وزيادة فهو أولى بالتأكيد من حيث الخسارة أما المحروم فهو محروم فقط وهذه قاعدة رياضية.
آية (٧٣):
*(نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ (٧٣) الواقعة) ما اللمسة البيانية في هذه الآية؟ وما دلالة المقوين؟(د. فاضل السامرائى)
يتكلم عن النار والمقوين المسافرين الذي يذهبون في القواء، القواء هو القفر. يذهب في القفر يعني مسافر وقسم قالوا المحتاجين قالوا القواء قد يكون بمعنى الاحتياج، إذا كان بهذا المعنى ستكون من المشترك اللفظي المفردات أحياناً تشترك في أكثر من معنى، قسم قال القواء هو الاحتياج والمقوين يعني المحتاجين وقسم قالوا المسافرين الذي ذهبوا في القواء يعني القفر يحتاجوها في القفر إما للإستدفاء أو الطعام، وتذكرة تذكرهم بالآخرة فهي تذكرة من ناحية ومتاع من ناحية الأخرى، متاع للانتفاع بها وتذكر بالنار لأنه لم لم يعلموا النار كيف يذكرهم بالنار؟ فلا بد أن يعرفوها حتى تحذرهم ويخوفهم فجعلها ربنا تذكرة ومتاع للمقوين.
آية (٧٩):
ذكر في سورة الملك وأعدّ لمن بلاه فأساء فقال (وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٦) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (٧)) ولمن بلاه فأحسن (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١٢)) وكذلك ذكر في سورة التحريم فيمن أساء وأحسن، فيمن أساء قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٧)) وفيمن أحسن قال (يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٨)) ذكر أيضاً نموذجين في الملك وفي التحريم.
تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله
تم بحمد الله وفضله ترتيب هذه اللمسات البيانية في سورة التحريم للدكتور فاضل صالح السامرائي والدكتور حسام النعيمى زادهما الله علما ونفع بهما الاسلام والمسلمين والدكتور أحمد الكبيسى والشيخ خالد الجندى والخواطر القرآنية للأستاذ عمرو خالد وقامت بنشرها أختنا الفاضلة سمرالأرناؤوط فى موقعها إسلاميات جزاهم الله عنا خير الجزاء.. فما كان من فضلٍ فمن الله وما كان من خطأٍ أوسهوٍ فمن نفسى ومن الشيطان.
وكذلك في قوله تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (٦٥) التوبة) ليقولن جواب قسم وليس جواب شرط. وفي قوله تعالى (وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ).
آية (١٨):
*ختمت الآية بقوله تعالى (والله بما تعملون خبير) فما اللمسة البيانية في تقديم العمل على الخبرة هنا علماً أني في آيات أخرى يقدم الخبرة على العمل (خبير بما تعملون)؟ (د. فاضل السامرائى)
السورتان الحادية والستون والثانية والستون الصف والجمعة. ربنا تعالى في نهاية الصف قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (١٤)) هذا تعليم، وماذا قال في بداية الجمعة؟ قال (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢)) هذا تعليم، فقال ويعلمهم الكتاب والحكمة. في الجمعة ذكر الذين هادوا وفي الصف الذين آمنوا فقال في آخر الصف قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (١٠)) وفي الجمعة قال (قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٦) وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٧)) الذين هادوا لا يتمنون الموت والمؤمنون يجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فصارت مقارنة بين هؤلاء وهؤلاء.
لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) دلالة التنكير للأنفس هي للعموم والشمول أي جنس النفس أيُّ نفس لا يكلفها الله تعالى إلا وسعها، إلا ما تطيقه. الرسول - ﷺ - لما يقول "إذا أمرتكم بأمر فاتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن أمرفانتهوا" في مسألة النهي نقطع فلما نُهينا عن الربا إنتهى الأمر لا نقول هذا ربا وهذا رُبيّ ربا خفيف هذا لا يجوز. وإذا أمرنا بأمر نأتي منه بقدر طاقتاتنا. أمرنا بالصيام فإذا كان الإنسان مريضاً يخفف عنه. والوسع هنا بمعنى الطاقة أو القدرة (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) أي إلا ما تطيقه، ما تستطيعه.
*في سورة البقرة قال تعالى (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا (٢٨٦)) وفي آية أخرى قال (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا (٧) الطلاق) فما الفرق بين الآيتين؟(د. أحمد الكبيسي)
(لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا) في القدرة على أداء التكاليف يعني صلاة صوم زكاة، (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا) من حيث الصدقات يعني العبادات المالية والعبادات العسكرية "رب درهم غلب مائة ألف درهم" واحد مليونير عنده عشرة ملايين درهم تبرع بمليون درهم هذا عمل عظيم وواحد عنده درهمين تبرع بدرهم هذا أجره أكبر لأنه تبرع بنصف ماله وذاك تبرع بعشر ماله.
* لماذا جاءت الآية (سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (٧) الطلاق) ولم تأتي على نسق قوله تعالى (إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٦) الشرح)؟ (د. فاضل السامرائى)
رابعاً: (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (١٨) النساء) التوبة المرفوضة هي التي تكون حين يشرف الإنسان على الموت ويدرك أنه صار قريباً منه كأن الموت لم يقع بعد بدليل أنه استطاع أن يتكلم فهو لم يمت بعد. وعلى هذا نقول أن كلمة (حضر) عندما تأتي مع الموت فيها معنى القرب والمشاهدة وكأنه فيها نوع من التجسيد للموت كأن الموت حيٌّ يحضر مع من يحضر حوله من أهل الذي ينازع فيشهد هذا الموت.
جاء:
أما (جاء) ففيه معنى القرب الشديد وتحقق الوقوع. هذا الفعل استعمل في القرآن بهذه الصيغة.
قال تعالى في سورة الأنعام (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ (٦١)) مجيء الموت هنا معناه وصول عمر الحيّ إلى نهايته فكأن الموت يخبر بهذه النهاية وتقدير الكلام: إذا جاء قضاء الموت على الحيّ توفت روحه الملائكة أي أخذتها وافية غير منقوصة. (جاء أحدكم الموت) أي اقترب منه ووقع حدث الموت. استوفت الملائكة روحه فيه القرب الشديد وتحقق الوقوع.
وفي سورة المؤمنون (حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩)) قد يقول قائل هم يتكلم ما أدركه الموت، كلا. الكافر يقول رب ارجعون بعد قبض روحه، الرجوع إلى الدنيا يريد أن يرجع إلى الدنيا بعد أن يخرج من الدنيا فإذن هنا معناه (جاء أحدهم الموت) أي اقترب منه وتاله وفارقته الروح. عند ذلك لما يرى ما يرى من هول الحساب يبدأ يقول رب ارجعون. طلب الرجوع إنما يكون لمن فارق الحياة وليس لمن هو في هذه الدنيا. موضعان في القرآن ورد فيهما (جاء) فيهما معنى المفارقة، مفارقة الروح.
يدرك:
إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَا وَأَغْلَالاً وَسَعِيراً ﴿٤﴾)
نلاحظ فى هذه الآية أنه تعالى أكّد الإعتاد والعذاب (إنا أعتدنا) كما أكد الخلق والهداية سابقاً (إنا خلقنا، إنا هديناه). وهنا يأتي سؤال وهو ما الفرق بين اعتدنا وأعددنا؟ القرآن الكريم يستعمل أعتدنا وأعددنا فلماذا استخدم هنا أعتدنا؟ لأن أعتد فيها حضور وقرب والعتيد هو الحاضر (هذا ما لدي عتيد) أي حاضر وقوله (وأعتدت لهن متكئاً بمعنى حضّرت أما الإعداد فهو التهيئة وليس بالضرورة الحضور كما في قوله تعالى (وأعدوا لهم ما استطعتم) بمعنى هيّأوا وليس حضروا وقوله (ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عُدّة) أما في سورة النساء فقال تعالى (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً ﴿١٨﴾) لأنهم ماتوا فأصبح الحال حاضراً وليس مهيأ فقط، وكذلك ما ورد في سورة الفرقان (وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً ﴿٣٧﴾) قوم نوح أُغرقوا وماتوا أصلاً فجاءت أعتدنا. أما في سورة النساء (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ﴿٩٣﴾) هؤلاء لا يزالون أحياء وليسوا أمواتاً فجاءت أعد بمعنى هيّأ.
إشترط أهل علوم القرآن أن يكون متبحراً ولا تكفي المعرفة اليسيرة في اللغة، هذا كلامهم. أن يكون متبحراً في النحو وفي التصريف وفي علم اللغة وفي الاشتقاق وفي البلاغة حتى يفهم كلام الله سبحانه وتعالى. هناك معنى عام مفهوم لكن المعنى الدقيق يفهمه المتبحرون في اللغة. سيبويه بدأ (هذا باب نفي الفعل: فعل نفيه لم يفعل، قد فعل نفيه لما يفعل، لقد فعل نفيه ما فعل، هو يفعل إذا كان في الحال ما يفعل وإذا في الاستقبال لا يفعل ويفعلنّ نفيه لا يفعل، سوف يفعل نفيه لن يفعل، ما كان ليفعل وهكذا بدأ بها سيبويه).
ثم قدم الصاحبة على الولد لأن الولد إنما يكون من الصاحبة (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ (١٠١) الأنعام).
*لماذا اختار كلمة صاحبة في قوله تعالى (وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (٣) الجن)؟ وهل كل امرأة تعد صاحبة؟(د. حسام النعيمى)
أولى لك) عبارة تقال على جهة الزجر والتوعد والتهديد تقول لمن تتوعده وتتهدده، (أولى لك يا فلان) أي: ويل لك، واشتقاقها من (الولي) وهو القرب، فهو اسم تفضيل يفيد قرب وقوع الهلاك.
جاء في (الكشاف): (فأولى لهم) "وعيد بمعنى: فويل لهم، وهو أفعل من الولي وهو القرب ومعناه: الدعاء عليهم بأن يليهم المكروه".
وجاء في (روح المعاني): (أولى لك فأولى) "من الولي بمعنى القرب، فهو للتفضيل في الأصل غلب في قرب الهلاك ودعاء السوء، كأنه قيل: هلاكاً أولى لك بمعنى: أهلكك الله تعالى هلاكاً أقرب لك من كل شر وهلاك... وفي الصحاح عن الأصمعي، قاربه ما يهلكه: أي نزل به... وقيل: اسم فعل مبني ومعناه: وليك شر بعد شر".
واختيار هذا الدعاء أنسب شيء ههنا، فهو دعاء عليهم وتهديد لهم بالويل القريب والشر الوشيك العاجل، فهو مناسب لإيثارهم العاجلة وتقديمهم الفجور والشهوات وتأخيرهم الطاعات، فكما عجلوا في فجورهم وشهواتهم ومعاصيهم عجل لهم الويل والثبور. وهو مناسب لجو العجلة في السورة الذي ذكرنا قسماً من مظاهره.
لقد ورد هذا الدعاء في سورة محمد فقال: (فأولى لهم) غير أننا نلاحظ الفروق التعبيرية الآتية بينهما:
١ـ إنه كرر الدعاء في سورة القيامة في الآية الواحدة فقال: (أولى لك فأولى) ولم يكرره في سورة محمد بل قال: (فأولى لهم).
٢ـ ثم إنه عاد فكرر الآية: (أولى لك فأولى) كلها في سورة القيامة، فكان تكراران: تكرار جزئي في الآية، وتكرار كلي للآية.
٣ـ في آية (أولى لك فأولى) كرر لفظ (أولى) فقط ولم يكرر (لك).
٤ـ فصل بين الدعائين في الآية الواحدة بالفاء.
٥ـ فصل بين الآيتين بـ (ثم).
وبالتأمل في السياقين نجد السبب واضحاً.
قال تعالى في سورة محمد: (ويقول الذين أمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت فأولى لهم).
والدوام على الصلاة معناه المواظبة عليها والانهماك فيها حتى تنتهي، وعدم الانشغال عنها، وليس المراد أنهم يصلون أبداً.
جاء في (البحر المحيط): "ديمومتها، قال الجمهور: المواظبة عليها وقال ابن مسعود: صلاتها لوقتها.
وقال عقبة بن عامر: يقرون فيها ولا يلتفتون يميناً ولا شمالاً".
وجاء في (فتح القدير): "أي لا يشغلهم عنها شاغل، ولا يصرفهم عنها صارف، وليس المراد بالدوام أنهم يصلون أبداً".
وجاء في (روح المعاني): "أخرج ابن المنذر عن أبي الخير أن عقبة قال لهم: من الذين هم على صلاتهم دائمون؟ قال: قلنا الذين لا يزالون وأما ارتباطها بقوله: (إن الإنسان خلق هلوعاً) فهو أجمل ارتباط وأحسنه ذلك أن الدوام الصلاة علاج للجزع، وعلاج لمنع الخير. فإن الجزوع شخص لا يصبر.
وعلاج هذه الصفة أن يتعلم الصبر ويتعوده، والدوام على الصلاة والمواظبة عليها والاستمرار عليها من أحسن ما يعود على الصبر، فإن هذه الأعمال تقتضي صبراً متواصلاً، ولذا لا يدوم، عليها كثير من النسا، فهم يصلون ولمكن لا يدومون على صلاتهم، بل ينشغلون عنها بأنفسهم وقلوبهم وتسرح في دواخلهم صوارف تنال كثيراً من صلاتهم. فالدوام عليها علاج من أنجع الأدوية للتعويد على الصبر والمعافاة من الجزع.
وهي كذلك علاج لمنع الخير ذلك أن الدائم في صلاته يتعود أن يعطي من نفسه ووقته لربه، بل يعطيه نفسه كلها ووقته في الصلاة، وأم يتحرر من العبودية لرغبته وشهوته فيدوم على أمر ليس في مصلحة دنيوية ظاهرة له، بل قد يفوت عليه شيئاً علاجاً كما ذكر ربنا في قوله في صلاة الجمعة": (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها) [الجمعة]
فالدوام على الصلاة علاج ناجع لهذه النفوس الجاسية لتسمح من وقتها ومالها وكل ما يربطها برغباتها وشهواتها ولذا لمك يكف بقوله: (إلا المصلين) بل قال: (الذين هم على صلاتهم دائمون).
ثم قال بعد ذاك: (والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم)
*ما دلالة استخدام لفظة الرحمن وليس الله تعالى مع القوة والنصرة والجند في الآية (أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (٢٠) الملك)؟ (د. فاضل السامرائى)
فعلاً هناك آيتان وردت فيها (من دون الله) واحدة في الكهف (وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا (٤٣)) وفي القصص (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ (٨١)) وهذه الآية معنا (أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (٢٠) الملك) وليس من دون الله. السياق يوضح السبب ويوضح الأمر.