في آية البقرة جاءت في الرد على اليهود والنصارى (وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى (١١١)) قال ربنا تعالى (تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (١١١) بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (١١٢)) يدخلها المسلم في مقابل اليهود والنصارى الذين قالوا (لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى) القرآن رد عليهم (تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (١١١) بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (١١٢)) يعني بلى يدخلها كل مسلم والإسلام كم مرة يدخل الإنسان به؟ مرة واحدة من قال أشهد أن لا إله الله مرة واحدة فهو مسلم أما تفويض الأمر والاتباع كثير فلما يتعلق الأمر بالتفويض والاتباع يقول (يسلم) بالمضارع لأنها تتكرر ولما يذكر الدخول في الإسلام فهو مرة واحدة فيستعمل الماضي (أسلم). الحاكم في السياق هو المسرح الذي تتم فيه الأحداث.
إن هذه الآية جاءت في معرض اللوم للمسلمين الذين أظهروا الشجاعة وحُبَ اللقاء ولو كان فيه الموت ولم يرضوا التحصن في المدينة والدفاع دون الحرب كما أشار به الرسول - ﷺ - فلذلك نزع الله تعالى صفة التشريف عن الموت في سبيل الله وهي الشهادة وعدل عنها وصرّح بلفظ الموت فقط.
آية(١٤٤):
*(وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ (١٤٤) آل عمران) و(وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَابًا مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (١٤٥) آل عمران) ما الفرق بين سيجزي وسنجزي؟(د. فاضل السامرائى)
الآية توضح المسألة (وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ (١٤٤) آل عمران) (فلن يضر - وسيجزي الله) هو لم يتكلم بضمير المتكلم أما الآية الثانية (وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (١٤٥) آل عمران) بالإسناد إلى ضمير المتكلم (نؤته منها - وسنجزي) الفعل في الحالين مسند إلى ضمير المتكلم الله أما تلك فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين يعني لا ينقلب على عقبيه هذا شخص والذي يجزي هو آخر وهو الله سبحانه وتعالى أما الثانية الفاعل واحد والمؤتي واحد والمجازي واحد وسنجزي الشاكرين هو لله سبحانه وتعالى. الفرق أنه صرّح بالفاعل في آية وأضمر في الأخرى.