بعد الذي) قضية مهمة جداً (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) هذا العلم الذي جاءك لأننا قلنا (الذي) فهو علمٌ لا يمكن أن يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ولا يتغير وهو التوحيد لا إله إلا الله الذي جاء به الكتاب العزيز، هذه الرسالة التوحيدية العظيمة هذا التوحيد هو فصل الخطاب لا يتغير ولا يتبدل ولا فيه تساهل، والآية تقول (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ) من أن الله ثلاثة أو أن العُزير ابن الله أو أن المسيح ابن الله هذه الإشراكات إياك أن تتبعهم (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) من أن الله واحد لا شريك له وأن الشرك لا يُغفَر وأنه لا يضر مع التوحيد ذنب هذه القضية الرئيسية المركزية في هذا الدين (بَعْدَ الَّذِي) (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴿١٢٠﴾ البقرة) هذا الذي فبالتالي الإتباع مطلق والرضى عنك إن لم تتّبعهم مطلق والعذاب إن اتبعتهم مطلق أو إن اتبعت أهوائهم (مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) أصبحت مشركاً مثلهم. هكذا يعبَّر عن الأشياء المهمة بـ (الذي) فحيثما وجدت (الذي) في جملة اعلم أن الأمر خطير.
فالمأساة هي من الأسى، فلان يأسى وفلان آسن وفلان أسيان يعني حزنه حزن دائم إما دائم أبدياً قطعياً أو دائم مدة طويلة هذا هو الفرق بين (لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ) واحد رسب ينجح في السنة القادمة لكي لا تحزن على رسوبك لكن واحد فُصِل من الجامعة فصل يعني رسب سنتين متتابعتين وفصل نقول لكي لا تأسَ على فصلك لأن هذا فصل نهائي هذا هو الفرق فكلما قرأت في القرآن الكريم لكي لا تحزن فهو مؤقت ولكي لا تأسى فهو دائم.
آية (١٥٤):
* (لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ (١٥٤) آل عمران) وليس من مضاجعهم؟(د. فاضل السامرائى)
يذهبون إلى مضاجعهم من الموت حيث يموتون، إلى مضاجع الموت وليس من الفراش، ليس كلهم يقومون من الفراش، كلهم يقومون من المضجع. لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم التي يموتون فيها إذن المضجع النهائي الذي يموتون فيها، إلى مضاجعهم أي إلى حيث الموت.
*ورتل القرآن ترتيلاً:
(ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ (١٥٤) آل عمران) الأمنة من الأمن والنعاس أول النوم وكان مقتضى الظاهر أن يقدّم النعاس ويؤخر الأمنة لأن (أمنة) بمنزلة النتيجة والغاية للنعاس تماماً كما جاء في آية الأنفال (إذ يغشيكم النعاس أمنة منه) ولكنه قدّم الأمنة هنا تشريفاً لشأنها حيث جُعِلت كالمنزَّل من الله تعالى لنصرهم ولأن الأمن فيه سكينة واطمئنان للنفس أكثر من النعاس. فالنعاس يُخشى منه أن يكون نوماً ثقيلاً وعندها يؤخَذون على حين غرّة.
*لِمَ قال عن الطائفة الأولة (منكم) ولم يقيّد الثانية بهذا الوصف فقال تعالى (يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم) ولم يقل طائفة منكم وطائفة منك قد أهمتهم أنفسهم؟(ورتل القرآن ترتيلاً)