ثم (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) فاطر) هذه المنشيء لاحظ التخليق والإنشاء. ثم (جاعل الملائكة رسلاً) تكلم على جعل الملائكة ثم (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآَخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١) سبأ) هذا الذي في السموات والأرض ملك لله سبحانه وتعالى، ثم (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (١) الكهف) الملائكة والرسل وإنزال الكتاب فنماذج من آلآء الله سبحانه وتعالى ونعمه التي يُحمد عليها. فالحمد لله في سورة الفاتحة نظام كليٌّ وهذه جزئيات في بدايات أربع سور بينها نوع من التلازم والتشابك.
القدامى بحثوا في هذه المسألة وقالوا حيث يتقدم ما يتضمن النفع يسبق النفع وحيث يتقدم ما يتضمن الضر يقدم الضر. (قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١٨٨) الأعراف) قدم النفع على الضر وقال قبلها (مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (١٧٨) الأعراف) فلما قدم الهداية قدم النفع (مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي). وقال بعدها في نفس السياق (وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ) قدم النفع على الضر إذن مناسب هنا تقديم النفع على الضر لأن تقدّمها. في تقديم الضر: (قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ (٤٩) يونس) هنا قدم الضر وقبلها قال تعالى (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ (١١) يونس) هذا ضر، (وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَآئِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ (١٢) يونس) وبعدها قال (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا (٥٠) يونس) تقديم الضر أنسب.
*ما الفرق بين الضُرّ (وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ (١٧) الأنعام) والضَر (قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا (٤٩) يونس) والضرر (لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ (٩٥) النساء) والحديث الشريف "لا ضرر ولا ضرار"؟(د. فاضل السامرائى)
الحنيذ هو السمين فالحنيذ هو المشوي الذي يقطر وَدَكه أي دهنه فكلمة حنيذ تعني سمين ومشوي وما زال حاراً يقطر وَدَكه، لا تناقض بين سمين وحنيذ، السمين صفة من الصفات ولا تعارض ولا تناقض بينهم. وهذا دارج في اللغة العربية حتى في كلامنا العادي أحياناً تقول سافرت إلى بلد وذهبت عند فلان وبقيت عندهم ليلة وقضيت حاجة ومرة تذكر مكارمهم فتقول ذهبت إلى فلان وذبحوا لي وسهروا معي بالتفصيل، أنت تريد أن تركز على أي شيء؟.
آية (٧٢):
*قال تعالى في سورة ق (بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (٢)) وفي سورة هود (قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (٧٢)) وفي سورة ص (أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (٥))ما الفرق؟ (د. فاضل السامرائى)
أولاً صيغ العربية ودلالتها ثم التوكيد وعدمه. عجيب تدخل في صيغ المبالغة أو صفة المشبّه(فعيل، فعال، فُعّال) صيغة فُعّال من حيث المبالغة أكثر من فعيل نقول هذا طويل فإذا أردنا المبالغة نقول طوال. فعيل صفة مشبهة أو مبالغة، فعال أبلغ من فعيل باعتبار مناسبة لمدّة الألف ومناسبة لمدّة الصوت أحياناً صوت الكلمة يناسب المعنى فمدّة الألف أكثر من الياء فجعلوها للصفة الأبلغ. عُجاب أبلغ من عجيب.
مسألة التوكيد وعدم التوكيد أخبر عن العجيب لكنه غير مؤكد في الأولى ثم الثانية آكد.
جاءت في سورة يوسف على لسان إخوته لأنها تفيد التعظيم.*هل من رابط بين القسم ولغتهم؟ لم يخص القسم بلغة معينة وإنما أطلقها من زمن ابراهيم إلى الرسول - ﷺ -.
آية (٧٥):
*ما دلالة (فهو) في قوله تعالى في سورة يوسف (من وجد في رحله فهو جزاؤه)؟(د. فاضل السامرائى)
الجزاء هو: سيؤخذ بالجريرة إذن هو هي الجزاء.
آية (٨٠):
*ما دلالة الجمع في قوله تعالى (عسى الله أن يأتيني بهم جميعا) في سورة يوسف؟ (د. فاضل السامرائى)
الإثنين تفسد الجمع حسب كلام العرب ولكنهم في قصة يوسف وإخوته كانوا ثلاثة هم يوسف وأخوه الذي آواه إليه يوسف - عليه السلام - وأخوهم الكبير الذي قال (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيّاً قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُواْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقاً مِّنَ اللّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّىَ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ﴿٨٠﴾) فهم بالأصل ليسوا اثنين ولكن ثلاثة.
*(فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُواْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقًا مِّنَ اللّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّىَ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (٨٠) يوسف) ما اللمسات البيانية في الآية؟(د. فاضل السامرائى)
قال تعالى في سورة النحل (أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٧٩)) وقال في سورة الملك (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (١٩)). *أولاً وللعلم أن كلمة الرحمن لم ترد في سورة النحل كلها (١٢٨ آية) بينما وردت أربع مرات في سورة الملك (٣٠ آية). وكلمة الله في سورة النحل وردت ٨٤ مرة بينما وردت في الملك ثلاث مرات، هذا من حيث السمة اللفظية.
*وللعلم أيضاً لم يرد إسناد الفعل سخّر في جميع القرآن إلى الرحمن وهذا هو الخط العام في القرآن وإنما ورد (سخرنا، ألم تر أن الله سخر) ولهذا حكمة بالتأكيد.
*الأمر الآخر أن السياق في سورة المُلك هو في ذكر مظاهر الرحمن (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (١٥)) حتى لمّا حذرهم حذّرهم بما أنعم عليهم من قبل (وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (١٨)) ولم يقل فكيف كان عقاب كما جاء في آية سورة الرعد (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (٣٢)) وهذا من مظاهر الرحمة (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (١٥)) (أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (٢٠) أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (٢١)) فالسياق في السورة إذن في مظاهر الرحمن.
ولذلك لما تكررت بعد ذلك كانت إعادة للعبارة الأولى (وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (٩٧) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (٩٨) إعادة القول مرة أخرى بأسلوبه فأُعيد الكلام. (وأنا أشدد هنا أن ما ورد في القرآن هي ليست عبارات من نُقِل عنهم وإنما هي بألفاظ القرآن بما قالوه بواقع حالهم).
فائدة التكرار : هؤلاء أُدخلوا النار لأنهم قالوا هذا الكلام وليس كل تكرار معيباً.
آية (٥٣):
*انظر آية (١١). ؟؟؟
*ما الفرق بين ذكر الياء وعدم ذكرها في (عِبَادِي )و(عِبَادِ)؟(د. فاضل السامرائى)
هذه ظاهرة في القرآن. عبادي وعبادِ أيها الأكثر حروفاً؟ عبادي. كلما يقول عبادي يكون أكثر من عبادِ مناسبة لسعة الكلمة وطولها وسعة المجموعة. (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) الذين اسرفوا كثير (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣) يوسف) (وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (١٣) سبأ) (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ (١١٦) الأنعام) فقال يا عبادي.
(فبشر عبادِ الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه) أي الأكثر في العدد؟ الذين أسرفوا أكثر من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه فجاء بما هو أكثر (عبادي). ما قال يستمعون الحسن وإنما أحسنه وهؤلاء أقل.
الرأفة أخصّ من الرحمة والرحمة عامة. الرأفة مخصوصة بدفع المكروه وإزالة الضرر والرحمة عامة (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (١٠٧) الأنبياء)، (فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا (٦٥) الكهف) ليست مخصوصة بدفع مكروه. تقول أنا أرأف به عندما يكون متوقعاً أن يقع عليه شيء. الرحمة عامة (وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا (٤٨) الشورى) فالرحمة أعمّ من الرأفة. عندما نقول في الدعاء يا رحمن ارحمنا هذه عامة أي ينزل علينا من الخير ما يشاء ويرفع عنا من الضر ما يشاء وييسر لنا سبل الخير عامة. ))))))))))(د. فاضل السامرائى).
* ما الفرق بين (من عندنا) و(من لدنا) في سورة الكهف ؟وما الفرق بين عباد وعبيد؟
(فوجدا عبداً من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلّمناه من لدنا علما): في الحديث الشريف أن اسمه الخِضْر. سنقف عند كلمة عبد، عباد، عندنا، لدنا كلها فيها لمسات:
كلمة عبد في اللغة تعني إنساناً سواء كان مملوكاً أو حُرّاً.(عبداً) ما قال بشراً أو إنساناً لأنه يريد أن يربطه بالعبودية لله تعالى وهي أسمى المراتب للبشر كما قال تعالى (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً) في أروع المواطن سمّاه عبداً. جمع عبد: عبيد وعباد. كان يمكن أن يقول عبيدنا لكن جرى إستعمال الناس كلمة عبيد للمملوكين وعباد لعباد الله. والله سبحانه وتعالى يريد أن يُكرم هذا الإنسان فاستخدم له كلمة عباد (عبادنا). وهذا يعطينا إهتمام القرآن الكريم لإستعمال الناس. كلها في الأصل جمع لكلمة عبد الذي هو إنسان ويمكن أن يكون مملوكاً. كلمة عباد من الدرس الصوتي فيها ِعزة وشموخ والياء في عبيد فيها إنكسار وخضوع وهبوط. كان العرب يدركون هذا لأن هذه لغتهم ولذا وقفوا عاجزين أمام القرآن الكريم،.(عبداً من عبادنا) إكراماً له أنه من عبادنا.
التفصيل كما في قوله تعالى (إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا (٧٥).
آية (٧٩):
*ما الفرق بين المدّ و المدد؟(د. فاضل السامرائى)
المدّ والمَدد (وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (٧٩) مريم) مصدر هذا مفعول مطلق، (وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (١٠٩) الكهف) هذا إسم، مدد أي جنود أو غيره، المدّ هو المصدر. الضَر هو المصدر والضرر هو العلّة.
آية (٨٥-٨٦):
*(يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (٨٥) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (٨٦) مريم) وفي سورة الزمر وردت كلمة سيق للكافرين والمؤمنين (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا (٧١) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا (٧٣)) فما دلالة تغير الفعل في آية مريم واستخدام نحشر ونسوق؟(د. فاضل السامرائى)
وَلَوْ شَاء اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ) لذهب بسمعهم مع قصف الرعد يعني جعلهم صماً، وأبصارهم مع البرق، لماذا لم يفعل إذن؟ كان يمكن أن يذهب بسمعهم مع قصف الرعد وأن يذهب بأبصارهم مع ومض البرق، لا، هو أراد أن يستمر الخوف لأنه لو ذهب السمع لم يسمعوا ولو ذهب البصر لم يبصروا فأصبحوا بمعزل، هو أراد أن يبقوا هكذا حتى يستمر الخوف. وقدم السمع لأن الخوف معه أشد. هذا عذاب مضاعف وفيه مبالغات (الصيب مبالغة لأنه مطر شديد وظلمات وليس ظلمة ورعد وبرق وأصابعهم وليس أناملهم وصواعق وليست صاعقة ثم ذكر يخطف أبصارهم ثم قال (كلما) الدالة على التكرار وقال مشوا ولم يقل سعوا وقال إذا أظلم ولم يقل إن أظلم وقال لو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم لم يرد أن يذهب بها حتى يبقى الخوف وهذه كلها مبالغات.
سؤال: ألا يمكن أن يقال (ولو أظلم عليهم قاموا)؟ وما الفرق بين لو وإذا؟
لا، أصلاً (لو) قد تكون حرف امتناع لامتناع لو زارني لأكرمته، لو أظلم عليهم قاموا.
استطراد من المقدم: إذن لا نقف عند الأدوات هكذا يقول إذا، يقول لو، إذا فيها تحقق الوقوع و (لو) قد يكون امتناع لامتناع وقد لا يحدث الفعل أصلاً.
(وإذا أظلم عليهم قاموا) يعني وقفوا لم يتحركوا وهذا عذاب أيضاً.
آية (١٨):
*ما دلالة تكرار صفة (صم بكم عمي) بنفس الترتيب في القرآن؟ ولماذا إختلاف الخاتمة (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (١٨) و( صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ (١٧١)فى سورة البقرة ؟(د. حسام النعيمى)
من حيث اللغة المعيشة أو العيش هي الحياة المختصة بالحيوان أما الحياة فتستعمل للأعمّ والله تعالى يقول نبات حيّ ونبات ميّت. إذا أردنا أن نصف النبات بأنه حيّ نقول حيّ ولا نقول عائش، ربنا يوصف بأنه حيّ (الحي القيوم). إذن المعيشة الحياة المختصة بالحيوان هو أخص من الحياة أما الحياة أعمّ للحيوان والنبات وتستعمل في صفات الله سبحانه وتعالى. المعيشة خاصة بالحيوان فقط أما الحياة فعامة وتستعمل للحياة المعنوية المقابل للضلال (أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ (١٢٢) الأنعام). المعيشة هي لما يُعاش به (نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا (٣٢) الزخرف) ليس حياتهم وإنما ما يُعاش به من طعام وشراب (وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ (١٠) الأعراف) أي ما تأكلون. عرفنا الفرق بين معيشة وحياة من حيث اللغة. يبقى كيف استعملها؟
وأضيف هنا ما أجاب به الدكتور فاضل في حلقة سابقة على سؤال حول استخدام صيغة المبالغة (علاّم الغيوب): قال الدكتور كما أسلفنا أن علاّم تأتي لتفيد الكثرة مع كلمة الغيوب التي هي جمع ولم يقل تعالى عالم مع الغيوب، وقد جاء في القرآن الكريم قوله تعالى (خالق بشراً) خالق لبشر واحد (تفيد الحدوث بالمخلوق) ولم يقل خلاّق إلا عندما اقتضى المبالغة في السموات والأرض (بلى وهو الخلاّق العليم). فصفاته سبحانه كلها مطلقة وتدل على الثبوت مثل غافر الذنب، قابل التوب.
****تناسب بداية الحج مع نهايتها****
لكن لماذا قال الطفل في سورة النور في الآية موضع السؤال؟ (الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء) كل المذكورين في الآية موقفهم مختلف بالنسبة لعورات النساء أما الطفل فموقفه واحد بالنسبة لعورات النساء في جميع الحالات لأنهم لا يعلموا بعد عن عورات النساء فهي تعني لهم نفس الشيء فجعلهم كجنس واحد لذا أفرده مع أنه جمع لكن اختيار اللفظ ناسب سياق الآيات.
﴿الفرق بين الأعمى والكفيف: الأعمى هو الذي وُلِد أعمى من بطن أمه لا يريى. أما الكفيف فكان مبصراً ثم كُفّ بصره فيما بعد.(خالد الجندى) ﴾
*انظر آية (٢٩). ؟؟؟
آية (٦٣-٦٤):
*(قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٦٣) النور) نحن نعرف أن قد إذا دخلت على الفعل الماضي تؤكده وإذا دخلت على الفعل المضارع يكون الاحتمال في الموضوع فما معنى قوله تعالى (قد يعلم الله)؟ (د. فاضل السامرائى)
إذن حالة الخوف واضحة في قصة موسى في سورة القصص أما في سورة النمل فمطلقة، السلوك أيسر من الدخول (فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً (٦٩) النحل)أيسر، (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ (٢١) الزمر) أيسر. أين نضع اليسر مع الخوف أو مع الشدة؟ اليسر مع الخوف أن ييسر عليه المسألة. ففي حالة الخوف ذكر أخفّ الفعلين (اسلك) مع حالة الخوف ذكر أخف الفعلين، مناسبة ومناسبة أيضاً لسلوك الطرق فمن كل ناحية أنسب والمعنى لا يختلف كلاهما يقال لكن اختيار بياني.
سؤال: ماذا قال ربنا في واقع الأمر: اسلك أو أدخل؟
هي لا تختلف، جاء أو أتى لما أترجم جاء أو أتى، قلت له إذهب أو امضِ، لكن اختيار إذهب أو امضِ، الإنسان البليغ يختار لسبب لكن المعنى لا يختلف، ماذا قال إذهب أو أمضِ أترجمها حسب قدرتي البيانية والبلاغية أقول إذهب أو امضِ.
من قصة سليمان عليه السلام(١٥- ٤٤)
آية (١٦):
*في سورة النمل قال تعالى (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (١٦)) فكيف فهم سليمان كلام النمل مع أنه عُلِّم منطق الطير فقط؟(د. فاضل السامرائى)
التعبير لا يفيد الحصر، كونك تقول أعرف العربية لا يعني أنك لا تعرف غيرها. إذن هي لا تفيد الحصر، عُلِّم منطق الطير لكن لا ينفي أنه يعلم أموراً أخرى. هو قال علمنا منطق الطير لأن كلامه كان مع الهدهد وهذا ليس معناه الحصر، ليس فيها شيء ولا تفيد الحصر لم يقل ما علمنا إلا منطق الطير أو منطق الطير عُلّمنا فهذه تفيد الحصر.
آية (١٧):
*ما الفرق بين الحشر وسيق؟(د. فاضل السامرائى)
قال كلاهما لأنه حتى في سورة النمل قال (وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٨)) زاد عليها مقام التعظيم وقال في القصص (إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٣٠)). قال في النمل (وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) إذن ذكر ما ذكره في القصص بالتسبيح والتعظيم والتنزيه وزاد عليه (إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩)) إذن قال الأمرين قال هذا وقال ذاك، في الموطنين قال. (سبحان) تنزيه لله وهي إسم مصدر وهي مضاف ولفظ الدلالة الله مضاف إليه، (سبحان) مفعول مطلق فعله سبّح، التسبيح هو المصدر وسبحان إسم المصدر وقالوا (سبحان) علم على التسبيح أو قالوا إسم مصدر يعني لم يجمع كل حروف المصدر.
إذن ربنا تعالى قال لسيدنا موسى كل هذا (إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٣٠)) و(إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩)) لكن في النمل زاد عليه فيما يتناسب مع مقام التفخيم والتعظيم التي بنيت عليها القصة (فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٨))
؟ قال في النمل (وَأَلْقِ عَصَاكَ (١٠)) وفي القصص قال (وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ (٣١)) أن المفسِّرة أو المصدرية نظير يا موسى وأن يا موسى، ألق عصاك قول مباشر من الله وأن ألق عصاك تفسير كما ذكرنا. وهنالك أمر آخر سنذكره فيما بعد في حينه.
في النمل قال (يَا مُوسَى لَا تَخَفْ (١٠)) وفي القصص قال (يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ (٣١)). أولاً في مقام الإيجاز قال (لا تخف) وفي مقام التفصيل قال (أقبل ولا تخف) ثم ذكرنا أن القصص فيها شيوع جو الخوف يدل على أن موسى أوغل في الهرب فقيل له أقبل ولا تخف، أقبل تدل على أنه جد في الهرب وأوغل فيه وهذا يتناسب مع أمرين مع مقام التفصيل ومع شيوع الخوف.
سؤال: هل هناك فرق دلالي بين أقبل ولا تخف وأقبل لا تخف؟
في آل عمران أطيعوا الله والرسول هذا أسلوب جديد. يقول (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ) ما أضاف الرسول إلى نفسه بل عرّفه بالألف واللام هذا الرسول له صلاحيات أن يفسر لكم القرآن ويبين مجمله ويفصِّل ما خفي منه والخ حينئذٍ أنتم أطيعوا الله في القرآن الكريم ثم أطيعوا الرسول في تصرفاته في هذا القرآن الكريم. وقال ﷺ (إنما أوتيت القرآن ومثله معه) الذي هو هذا الذي بلغنا هو من أين يعرف النبي أن الصلاة خمس اوقات والصبح اثنين والظهر أربعة من أين يعرف؟ كما نزل القرآن الكريم بلفظه للمصطفى جاء بيانه (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ (١٧) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (١٩) القيامة) هذا الرسول (أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ) فقط مبلّغ يا مسلمون هذا أوحي إلي، (أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ)لا الآن النبي ﷺ هو يؤدي دوره كرسول له علم وله كلام موحى بمعناه لا بلفظه وله صلاحية الفهم (وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (١١٣) النساء) ورب العالمين علّم كل الأنبياء كما قال عن سيدنا عيسى (وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (١١٠) المائدة) وهكذا.
الأسلوب الثالث:
في لقمان أيضاً قال تعالى (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٢٦)) جاء بضمير الفصل (هو) وعرّف الغني. ضمير الفصل يقع بين المبتدأ والخبر وأصله مبتدأ وخبر بين إسم إنّ وخبرها، بين إسم كان وخبرها، بين مفعولين، ظنّ وأخواتها يفيد التوكيد ويفيد الحصر أحياناً فقوله إن الله هو الغني الحميد يعني ليس في الحقيقة غنيّ سواه. لمّا قال (وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) لم يذكر له مُلك بينما في تلك الآية ذكر له ملك (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) والمعروف أن الغني في كل العالم هو الذي يملك. في الآية الأولى لم يذكر الملك قال (وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ) كأنه يقول أنا غنيّ عنك وعن شكرك كما إذا قلت لأحد أعطني لأمدحك يقول لك أنا غني عن ذلك، ليس بالضرورة أن تكون مالكاً وحتى في حينها استشهدنا بقول الخليل لما أرسل له أمير الأهواز بِغالاً محمّلة وطلب منه أن يأتي إليه فقال الخليل:
أبلغ سليمان أني عنه في جِدَةٍ وفي غنى غير أني لست ذا مال
ربنا لم يذكر في آية لقمان الأولى أن له ملك والآية الأخرى ذكر له ملك ولا شك أن الذي يملك هو الغني لأنه (فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) يعني ذكر أنه غني والغنى درجات والناس يتفاوتون في الغنى وعندما تقول فلان غني يعني هو أحد الأإنياء وقد يكون هناك أغنياء آخرون وقد يكون هناك من هو أغنى منه، هو أحد الأغنياء. لكن هو الغني أي لا أحد سواه. فلما ذكر (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) لم يبق شيء للآخرين، فهو في الحقيقة هو الغني وحده فكل تعبير في مكانه أنسب وأيّ واحد عنده شيء من البلاغة يضع كل تعبير في مكانه كما هو في القرآن ولا يصح أن يضع هو الغني الحميد في مكان ليس فيه ملك وإنما كل كلمة في مكانها المناسب.
آية (١٣):
بعد أنا بالغ أصحاب القرية في تكذيبهم وردهم رداً غير جميل لم يتركهم رسل الله ولم يرحلوا عنهم وإنما أقسموا على صدقهم واستمروا على إبلاغهم دعوة ربهم قائلين (قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ) وفي هذا توجيه للدعاة أن لا يسأموا إذا جوبهوا بما يكرهون أو رُدوا رداً غير جميل أو اتهموا باتهامان باطلة بل عليهم أن يعيدوا النصح والتبليغ. وقولهم (ربنا يعلم) يجري عند العرب مجرى اليمين ويجاب بما يجاب به القسم فقوله (علم الله) و(ربنا يعلم) وما إلى ذلك هو نوع من القسم في كلام العرب ولذا أجيب بما يجاب به القسم وهو الجملة الإسمية المؤكدة بـ(إن واللام). واختيار هذا التعبير أنسب شيء هنا فإنه إضافة إلى القسم الذي فيه فإنهم نسبوا العلم إلى الله فقالوا (ربنا يعلم ذلك) فإنهم أرسلوا بأمره وبعلمه. وهو ههنا أبلغ من مجرد القسم بأن نقول (والله) أو (وربنا) فإن أصحاب القرية قالوا إن الرحمن لم ينزل شيئاً وإنكم تكذبون فيما ادعيتم به فرد عليه الرسل بأن ربنا يعلم صدقنا وإننا مرسلون إليكم. وقيل إن من قال (يعلم الله ذلك) وهو غير صادق فيما يقول فقد كفر لأنه نسب إلى الله الجهل بخلاف اليمين الكاذبة.
واختيار (الرب) مع الرسالة أنسب شيء فإن الرب هو المربي والهادي والهداية هي المقصودة من الرسالة ولذلك كثيراً ما يقترن الإرسال بالرب وذلك نحو قوله تعالى (لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا (١٣٤) طه) وقوله (ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا (٤٧) القصص) وقوله (لقد أبلغتكم رسالة ربي (٧٩) الأعراف) وقوله (إني رسول رب العالمين (٤٦) الزخرف).
*ما دلالة استخدام (ما) او حذفها في قوله تعالى (حتى إذا ما جاؤها شهد عليهم(٢٠)فصلت) وقوله (حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها(٧١)الزمر)؟(د. فاضل السامرائى)
قال تعالى في سورة فصلت (حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿٢٠﴾ ) وهذا من غرائب الأمور أن يشهد السمع والبصر والجلود على الناس ولذا اقتضى استخدام (ما) للتوكيد)، أما في سورة الزمر فقد جاءت الآية (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴿٧١﴾) وهنا الأمر عادي إذا جاءوا فُتحت الأبواب.
*ما الفرق بين يتلون عليكم آيات ربكم ويقصون عليكم في الآيات (أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ (٧١) الزمر) (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا (١٣٠) الأنعام)؟(د. فاضل السامرائى)
*(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (٢٣) النساء) في الآية السابقة التي حرّم الله تعالى بها نكاح زوجات الأب عبّر عن التحريم بالنهي فقال تعالى (وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ (٢٢)) فلِمَ عدل عنه إلى الماضي فقال (حُرِّمت) ولم يقل ولا تنكحوا أمهاتكم؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
إن أسلوب النهي كقولك لابنك لا تلعب الكرة فيه إيحاء بأنه كان يلعب بالماضي ولذلك نهيته عن المستقبل بخلاف قولك نُهينا عن لعب النرد فهذا يدل على تحريمه سابقاً ولاحقاً ولذلك عبّر عن نكاح زوجات الأب بالنهي لأن هذا الفعل كان شائعاً عند العرب ثم حرّمه الإسلام. أما نكاح المحارم من الأمهات والبنات والأخوات فهذا لم يكن لدى العرب قبل الاسلام ولذلك عبّر عنه بقوله (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ) ليبين لنا أن هذا التحريم أمر مقرر سابقاً وأتى القرآن ليثبته وهذا ما عبّر عنه ابن عباس بقوله: كان أهل الجاهلية يحرّمون ما حرّم الإسلام إلا امرأة الأب والجمع بين الأختين ولذلك عبّر عنه بالمضارع (وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ).
لاحظنا أنه في كل موطن يقول (وما بينهما) تأتي تعقيب في الله على ما لا يليق. (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا (١٧) المائدة) (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (١٨) المائدة).
قدير من صيغ المبالغة على وزن فعيل، إذا عمم القدرة (وهو على كل شيء قدير) أو أطلقها (وهو العليم القدير) قادر على كل شيء هذه يستعمل صيغ المبالغة (على كل شيء) فيها كثرة. إذا عمّم أو أطلق يستعمل المبالغة، إذا عممها أي إذا قال (على كل شيء) يستخدم (قدير) وإذا قيّدها بشيء يقول (قادر) (وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللّهَ قَادِرٌ عَلَى أَن يُنَزِّلٍ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (٣٧) الأنعام) قُيّدت بإنزال آية، (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (٦٥) الأنعام) قيدت بالعذاب، إذا قيّدها يقول قادر لأن قادر إسم فاعل وليس مبالغة، (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (٨١) يس) قادر إسم فاعل من فعل قدر، قدير صيغة مبالغة. قدر هي مشترك لفظي (فقدر عليه رزقه) مشترك لفظي أي لها أكثر من معنى، يقولون مشترَك لفظي وأنا أرجح مشترِك لأنه إسم فاعل لأن الفعل غير متعدي فلما تقول مشترَك يحتاج مشترك لكذا تقديراً والمشترِك هو الأصل. فحيث أطلق القدرة أو عممها أطلق الصفة (وهو على شيء قدير) ومتى قيّدها قال (قادر) ليس فيها مبالغة وليس فيها كثرة، قدير فيها كثرة. فإذن حيث أطلقها يأتي بصيغ المبالغة وحيث عمّمها بكل شيء يأتي بصيغة مبالغة وحيث قيّدها يأتي بإسم الفاعل، هذا الفارق الدلالي بين إسم الفاعل وبين صيغ المبالغة التي تدل على التكثير.
آية (٦٦):
* ما الفرق بين (ماأناعليكم بوكيل) و(لست عليكم بوكيل) ؟(د. فاضل السامرائى)
لكن لما ننتقل إلى بقية الرسالات وبقية ذكر الرسل الآخرين: الآيات على ألسنة أنبياء: الأولى على لسان نوح، هم قالوا (قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٦٠)) فقال (قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٦١) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٦٢)) أي هذه الجزئيات، والثاني على لسان هود (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ (٦٨)) والثالثة على لسان شعيب (فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آَسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ (٩٣)). عندما يستعمل كلمة رسالات يعني الدين أو الشريعة بهذه الجزئيات المتعددة والمتفرقة. والرسالة كانت لقضية واحدة لتحذير واحد.
يذّكرون أصلها يتذكرون في اللغة صار فيها إبدال. وأصل الفعل الثلاثي ذَكَر يذكر (أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (٦٧) مريم) الفعل الثلاثي المجرد هو (ذكر). تذكّر هذا مزيد بالتاء والتضعيف. إذّكّر حصل فيه إبدال التاء صارت ذالاً وهذا إبدال جائز، التاء صار فيها إبدال يصير إدغام (ذال وذال) الأول ساكن والعرب لا تبدأ بالساكن فجاءوا بالهمزة فقالوا إذّكّر مثل إطّهر، إفّعل، إدّبر هذا كله من الإبدال الجائز. إذن يتذكرون ويذّكّرون هما في الأصل فعل واحد لكن أحدهما فيه إبدال والآخر ليس فيه إبدال: يتطهرون ويطّهرون، يدّبر ويتدبر أصلهما فعل واحد لكن أحدهما حصل فيه إبدال والآخر ليس فيه إبدال، هذا من الناحية اللغوية الصرفية. لكن كيف يستعمل القرآن يتذكرون ويذّكّرون؟ يتذكرون ويذّكرون من حيث اللغة واحد حصل إبدال كما في اصتبر واصطبر (التاء صارت طاء)، إزتحم وازدحم هذا إبدال واجب، وهناك إبدال جائز (يتذكرون ويذّكرون).
في الفقه الإسلامي لا يجوز أن تعطي أبوك زكاة لما رب العالمين قال الزكاة لمن؟ قال الصدقات (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ ﴿٦٠﴾ التوبة) لم يقل والأبوين، الأبوان (أنت ومالك لأبيك) ما لم تقتنع بأنك عبدٌ عند أبيك وكل ما تملكه إنما هو ملكٌ لأبيك فأنت لا تصل إلى مرتبة الحُسن.
آية (٦٢):
*ما دلالة كلمة يرضوه في قوله تعالى (الله ورسوله أحق أن يرضوه) في سورة التوبة؟(د. فاضل السامرائى)
قال تعالى في سورة التوبة (يَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ ﴿٦٢﴾ إرضاء الله تعالى ورسوله أمر واحد لا اختلاف بينهما ومثل ذلك قوله تعالى (من أطاع الرسول فقد أطاع الله) لذا جاءت كلمة يرضوه بضمير الغائب المفرد وليس يرضوهما.
* ما دلالة أن يعود الضمير على واحد (يرضوه) فقط في الآية (يَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ (٦٢) التوبة) ولم يقل يرضوهما بما أنه ذكر الله ورسوله؟(د. فاضل السامرائى)
لا أرى شيئاً يماثل الإبل (البعير) لو نظرنا في الإبل العرب يستعملونها كل حين في عظم جثتها وشدة قوتها تحمل الأحمال الثقيلة إلى الأقطار البعيدة وتصبر على الجوع والعطش ثمانية أيام ولا يوجد حيوان في الدنيا يشبهها وترعى من كل ما تيسر وانقيادها للإنسان الصغير والكبير، تتأثر تأثراً كبيراً بالصوت الحسن (حادي الإبل) إذا أسرع الحادي تُسرع تتأثر بالصوت في حركتها، ويؤكل لحمها ويشرب حليبها ويستفاد من وبرها. هل يوجد حيوان في الدنيا مماثل له نفس الصفات؟ قد يكون هناك حيوانات ضخمة لكن ليست كالإبل التي فيها نِعَمٌ كثيرة. الإبل إسم جمع ليس له مفرد. والقرآن يستعمل كلمة الجمل (وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ (٤٠) الأعراف) الجمل هنا في الأغلب أنه الحبل الغليظ. إضافة أن البعض ذكر أن قوله تعالى بعدها (وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (١٩) الغاشية) قالوا من الناحية الفنية سنام الجمل مثل الجبل. نحتاج لنتدبر ونتأمل كل مخلوقات الله تعالى والله تعالى ضرب لنا أمثلة في الحيوانات مثل الذبابة لكن ليس فيها كما في الإبل من نِعَم. التدبر مطلوب في كل أمور خلق الإبل في كل أحوالها في صبرها وانقيادها وتذليلها ورعيها وكل شيء، تأمل كيف خُلِقت وكيف نستفيد منها كلهافي لحمهاووبرهاوحليبهاوفي ظني ليس هناك حيوان مماثل للإبل. وهذاالاستفهام في الآية(أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ)للتذكير بالنعمة.
تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله
سورة الفجر
*هدف السورة*
قد) تفيد التحقيق والتحقيق لا ينفك عنها إذا دخلت على الماضي وأحياناً يجتمع معها التقريب والتوقّع. التحقيق لا ينفك، لا محالة واقع إذا دخلت على الماضي وقد يكون مع التحقق التقريب أو التوقّع أو تجتمع كلها لكن يبقى التحقيق معها. (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ (٢٦) الأعراف) (قد) هنا لا فيها توقّع من بني آدم ولا فيها تقريب لكن فيها معنى التحقيق. (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ (١٢٣) آل عمران) فيها توقّع لأن الله تعالى وعدهم بالنصر (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ (٧) الأنفال) وفيها تقريب. التحقيق لا يفارق (قد). إذا دخلت على الفعل المضارع قد يكون للتحقيق والتكثير. (قد) حرف وإعرابها حرف تحقيق مبني (سائر الحروف مبنية).
*ماذا ينقصنا لنتعلم العربية حق التعلم؟
والسياق في سورة الفتح في المرحومين وفي الكلام عن الله (سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (٢٣)) الكلام عن الله (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (٢٤)) الكلام في الصحابة (لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (٢٥) إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (٢٦) لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا (٢٧)) هذا الكلام في المرحومين، فلما كان الكلام في المرحومين قدّم رحمته (لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء (٢٥)) ولما كان السياق في غير المرحومين أخّر رحمته. (سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ (٢٨)) هذا الكلام عن الله فقدّم ما يتعلق بالله والضمير يعود إليه.
في أكثر من مناسبة قلنا في هذه السورة الشيء يقابل ما يتضمنه أو يتضمن جزءاً منه. الرَشَد هو جزء من النفع فهذا ذكرناه مثل القاسطين والمسلمين وما إلى ذلك. إذن (لا أملك) هذا سياق السورة هكذا وإن كان قسم من المفسرين يذهبون إلى أن الرشد هنا بمعنى النفع أو الضر بمعنى الغيّ قسم يذهبون هكذا، يطوع هذه مع تلك فيقول الرشد معناه النفع حتى يقابل الضر أو يقابل الرشد بالغي قسم هكذا يذهب وقسم يأخذها من باب الإحتباك في البلاغة يعني هو الآن ذكر الضر والرشد فالمقصود أنه لا أملك ضراً ولا نفعاً ولا رشداً ولا غياً فذكر من كل قسم من المتقابلين جانب، مقابل النفع الضر ذكر الضر يعني لا ضر ولا نفع، ذكر الرشد يعني لا رشد ولا غيّ، قسم يذهب إلى هذا فذكر من كل متقابلين واحداً ليدل المذكور على ما يقابله. الضر مقابله النفع والرشد مقابله الغيّ فيأتي بالأربع صفات هذا يسمى الاحتباك، يذكر جانب ويقصد فيه ما يقابله. أنا أميل إلى أن السورة لها طابع خاص في المقابلات. إضافة أن هنالك أمر، لو نظرنا في السورة نجد أن الضر والرشد هو السمة وليس النفع أو الغي. لاحظ الضر: (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (٦)) هذا ضر، ذكر البخس والرهق (فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا (١٣)) هذا ضر، ذكر القاسطين الظالمين هذا يضرون غيرهم، يجر الضر على غيره، (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (١٩)) اجتمعوا عليه، (قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَد (٢٢)) يعني إذا خالفته، معناه إذا أراد أن يوقع بي عقاباً لا ييرني من الله أحداً، (حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ (٢٤)) هذا تهديد، هذا يوقع ضر. والرشد أكثر سورة مذكور فيها الرشد.


الصفحة التالية
Icon