اثنين رب العالمين عز وجل يختم الآية الأولى بقوله (فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (١٩٣) البقرة) وفي الثانية يقول (فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣٩) الأنفال) من حيث أن الثاني ربما يتوسل إليكم بأساليبه مدّعياً أنه منكم أنه مسلم أنه يوحِّد الله وهذا خطير أخطر من الأول فالأول معروف أن هذا وثني لا يؤمن بالله إطلاقاً ولذلك جرت سنة الله في خلقه بناءً على هاتين النهايتين في الآيتين (فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) وكل احتلالٍ ظالم، خُذ التاريخ كله ما من دولة محتلة دولة قوية تحتل بلداً ضعيفاً إلا انتهت تلك الدولة القوية إلى لا شيء وبزمنٍ قصير غير متوقع حتى تصبح عبرة يعني جيش النمرود جيش جيش دولة فرعون (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (٥١) الزخرف) تغرق الدولة كلها في ساعة جيوشها وضباطها ووزراؤها وكنوزها دولة صار لها آلاف السنين دولة فرعون آلاف السنين عمرها وهكذا خذ الإتحاد السوفييتي هذه الدولة الجبارة احتلت أرض بسيطة دمرتها تدميراً واختفت هذه القوة الجبارة هي وحلف وارسو الخ اختفت من الوجود وهكذا كل محتل وفي زمنٍ قصير هذا المحتل القوي الجبار المتمكن الذي لا يُقهر عندما يحتل دولة ضعيفة ينتهي باللامنظور لا تعرف كيف، كالتسونامي تسونامي إما من مرض كما فعل في النمرود جراد وقمل وبعوض يدخل في الآذان أو موجة مياه كما فعل في فرعون أو أزمة مالية كما يحدث الآن أو أمراض قاتلة كالإيدز والسرطان.
*يقول ؟ "يولد المرء على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" وفي أواخر سورة نوح لما دعا على قومه قال (وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (٢٦) إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (٢٧)) كأنه تعهد بأن هؤلاء القوم لا يلدون إلا فاجراً كفاراً؟(د. فاضل السامرائى)
هذا يسمونه في البلاغة في باب المجاز المرسل يسمونه إعتبار ما سيكون. هؤلاء كيف سيكونون في المستقبل مثل قوله تعالى (قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا (٣٦) يوسف) كيف يعصر الخمر؟ باعتبار ما سيكون سيعصر ما سيكون خمراً من عنب وغيره، هذا يسمونه مجاز مرسل باعتبار ما كان واعتبار ما سيكون. إذن (وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (٢٧) نوح) باعتبار ما سيكونون، سيكون هؤلاء في المستقبل وهو إستدل بهذا على الأقوام الهالكين. إذن هم خلقوا على الفطرة ولكن هم باعتبار ما سيكونون في المستقبل سيكونون كفاراً، هذا مجاز مرسل اعتبار ما سيكون مثل قوله تعالى (إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (٥٣) الحجر) كيف يكون الغلام عليماً؟ باعتبار ما سيكون. مجاز مرسل من علاقة مشابهة لأن المجاز المشهور يكون علاقة مشابهة تدخل في مجال الإستعارة. يقال هذا كلام مجازاً أي ليس حقيقة وهذا من باب التوسع في المعنى حتى سيبويه يقول باب التوسع في الكلام. سيدنا نوح قال (وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (٢٧)) والله تعالى قال له (وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ (٣٦) هود) ثم هو استمر على ما حصل في قومه من الذرية المتواصلة وهو باعتبار ما حصل في الأقوام السابقة فقال هؤلاء مثل هؤلاء.
آية (٢٨):
*ياء المتكلم متى تُسَكَّن ومتى تُحرَّك مثل وجهيَ ووجهي؟(د. فاضل السامرائى)


الصفحة التالية
Icon