٢٣_ الربط بين هداية القرآن لمصالح المعاش الدنيوي، والمعاد الأخروي: كما في تفسيره لقول الله _ عز وجل _: [وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ].
فإنه أتى بكلام بديع حول هذا المعنى، وهكذا دأبه في كل مناسبة تمر به.
٢٤_ العناية بعلم الجغرافيا: فقد تبين في تفسيره مدى نبوغه وضلوعه في هذا العلم؛ فكثر إيراده له؛ لأنه يحتاج إليه في تحديد المواضع والأماكن التي ورد ذكرها في القرآن الكريم؛ فلهذا كان يتحرى الصواب، ويحرص على تحقيق مواقع تلك المواضع والأماكن كبابل، ومدين، وثمود، والأحقاف وغيرها.
وقل مثل ذلك في عنايته بخطوط الطول، ودوائر العرض، كما في تفسيره لقوله _تعالى_: [قَالَ مَا مَكَّنَنِي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ].
٢٥_ العناية بالتاريخ: ويظهر ذلك من خلال تتبعه الأحداثَ، ومعرفة أسباب النزول؛ فتراه يرجح أن هذه السورة أو الآية نزلت أولاً؛ بناءً على ما ترجح عنده من الحوادث التاريخية وهكذا...
وتراه يفيد من التاريخ في الأحوال التي نزلت فيها النوازل، فأفتى فيها علماء ذلك المِصْرِ بكذا وكذا، وأفتى غيرهم بكذا وكذا.
٢٦_ الاستشهاد بأقوال الفلاسفة، والحكماء: فهو يورد أقوالهم، ويفند ما خالف الحق من آرائهم، ويوظف الحكمة في الاستدلال، والتحليل.
ولهذا تراه يتعرض لأقوال أفلاطون، وأرسطو، وينقل آراء الفلاسفة المنتسبين للإسلام كالكندي، والفارابي، وابن سيناء، ويبين ما فيها من حق، وباطل.
٢٧_ التعرض لبعض مسائل الطب، والتشريح، والأحياء: فقد جاء تفسيره محتوياً على نظرات في ذلك الميدان، كما في تفسير قوله _تعالى_: [وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا] وغيرها من الآيات.
كما في حديثه في سورة النور عن أن أصل لون البشر البياض، وأن التشريح أثبت أن ألوان لحوم البشر التي تحت الطبقة الجلدية متحدة اللون ٢١/٧٤_٧٥.
وكما في حديثه في السورة نفسها عن حالة النوم ٢١/٧٦.
٧_ و[الأَيَامَى]: جمع أَيِّم _بفتح الهمزة وتشديد الياء المكسورة_ بوزن فَيْعِل وهي المرأة التي لا زوج لها كانت ثيباً أم بكراً.
والشائع إطلاق الأيم على التي كانت ذات زوج ثم خلت عنه بفراق أو موته.
وأما إطلاقه على البكر التي لا زوج لها فغير شائع، فيحمل على أنه مجاز كثر استعماله.
والأيم في الأصل من أوصاف النساء قاله أبو عمرو والكسائي.
ولذلك لم تقترن به هاء التأنيث؛ فلا يقال: امرأة أيّمة.
وإطلاق الأيم على الرجل الخلي عن امرأة إما لمشاكلة، أو تشبيه.
وبعض أئمة اللغة كأبي عبيد والنَّضْر بن شميل يجعل الأيم مشتركاً للمرأة والرجل، وعليه درج في الكشاف والقاموس. ١٨/٢١٥
٨_ و[الأَيَامَى]: صيغة عموم؛ لأنه جمع معرف باللام، فتشمل البغايا.
أمر أولياؤهن بتزويجهن؛ فكان هذا العموم ناسخاً لقوله _تعالى_: [وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ] فقد قال جمهور الفقهاء: إن هذه ناسخة للآية التي تقدمت، وهو قول مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد، ونقل القول بأن التي قبلها محكمة عن غير معين، وزوج أبو بكر امرأة من رجل زنى بها لما شكاه أبوها. ١٨/٢١٦
٩_ والمقصود: الأيامى الحرائر، خَصَّصه قوله بعده: [وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ].
وظاهر وصف العبيد والإماء بالصالحين أن المراد اتصافهم بالصلاح الديني، أي الأتقياء.
والمعنى: لا يحملكم تحقق صلاحهم على إهمال إنكاحهم؛ لأنكم آمنون من وقوعهم في الزنى، بل عليكم أن تزوجوهم؛ رفقاً بهم، ودفعاً لمشقة العنت عنهم.
فيفيد أنهم إن لم يكونوا صالحين كان تزويجهم آكد أمراً.
وهذا من دلالة الفحوى؛ فيشمل غير الصالحين غيرَ الأَعفّاء والعفائف من المماليك المسلمين، ويشمل المماليك غير المسلمين.
وبهذا التفسير تنقشع الحيرة التي عرضت للمفسرين في التقييد بهذا الوصف.


الصفحة التالية
Icon