٢٩_ التعرض لنظريات في علم الفلك، والطبيعة، وعلم النفس: كما في تفسيره للآيات التي فيها تعرض لبعض المظاهر الفلكية، والطبيعية كالحديث عن السماء، والأرض، والسحاب، والمطر، وتكوين الجنين، وخصائص النبات ونحو ذلك، كما في تفسير قوله _تعالى_: [إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً] وغيرها من الآيات.
وكذلك تعرَّض لبعض النظريات في علم النفس، وما جاء في القرآن من الإشارات إلى ذلك العلم.
٣٠_ العناية بعالم الحيوان، والطير: فكثيراً ما يتعرض لها عند ورودها في الآيات، كالكلب، والذئب، والخنزير، والغراب، والهدهد، وغيرها، فتراه يذكر تعريفها، وطبائعها، وفصائلها، ومواطنها، وأنواعها، وغرائب عجائبها.
٣١_ التعرض للمعادن، وما يستخرج من الأرض: ومن أمثلة ذلك ما جاء في تفسير سورة الإسراء من قوله _تعالى_: [قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً (٥٠)].
فإنه تكلم عن الحديد بكلام عجيب بديع، حيث قسم أصنافه إلى ثمانية عشر صنفاً باعتبار تركيب أجزائه، وبين خصائص كل صنف.
وقل مثل ذلك في حديثه عن الزجاج في سورة النور، حيث تكلم عليه بكلام علمي، بين فيه تعريفه، واسمه في اصطلاح الكيمياء، واسمه عند العرب، وغيرهم، ومن اشتهر بصناعته، إلى غير ذلك.
٣٢_ إيراد النوادر والمُلح: فكثيراً ما يورد ذلك في تضاعيف تفسيره لبعض الآيات؛ حتى يعضد المعنى الذي يرجحه أو يميل إليه، ولأجل أن يخفف من جفوة المباحث الجادة، ويلطف من عنف الممارسة للمناقشات القوية الرصينة؛ فلهذا أودع تفسيرَه كثيراً من القصص التاريخية، والنظرات النقدية، والمُلح والنوادر والأفاكيه الأدبية التي تُروِّح عن القارئ، وتعضد ما هو بصدده.
١٢_ والمصباح: اسم للإناء الذي يوقد فيه بالزيت للإنارة، وهي من صيغ أسماء الآلات مثل المفتاح، وهو مشتق من اسم الصبح، أي ابتداء ضوء النهار؛ فالمصباح آلة الإصباح أي الإضاءة.
وإذا كان المشكاة اسماً للقصيبة التي توضع في جوف القنديل كان المصباح مراداً به الفتيلة التي توضع في تلك القصيبة. ١٨/٢٣٦
١٣_ والزجاج: صنف من الطين المطيِّن من عجين رمل مخصوص يوجد في طبقة الأرض، وليس هو رمل الشطوط.
وهذا العجين اسمه في اصطلاح الكيمياء (سليكا) يخلط بأجزاء من رماد نبت يسمى في الكيمياء (صودا) ويسمى عند العرب الغاسول، وهو الذي يتخذون منه الصابون، ويضاف إليهما جزء من الكلس (الجير) ومن (البوتاس) أو من (أكسيد الرصاص) فيصير ذلك الطين رقيقاً ويدخل للنار فيصهر في أتون خاص به شديد الحرارة حتى يتميع، وتختلط أجزاؤه، ثم يخرج من الأتون قطعاً بقدر ما يريد الصانع أن يصنع منه، وهو حينئذ رخو يشبه الحلواء؛ فيكون حينئذ قابلاً للامتداد وللانتفاخ إذا نفخ فيه بقصبة من حديد يضعها الصانع في فمه، وهي متصلة بقطعة الطين المصهورة، فينفخ فيها، فإذا داخلها هواء النَّفَس تمددت، وتشكلت بشكل كما يتفق، فيتصرف فيه الصانع بتشكيله بالشكل الذي يبتغيه؛ فيجعل منه أواني مختلفة الأشكال من كؤوس، وباطيات، وقنينات كبيرة وصغيرة، وقوارير للخمر، وآنية لزيت المصابيح تَفْضُل ما عداها بأنها لا تحجب ضوء السراج، وتزيده إشعاعاً.
وقد كان الزُّجاج معروفاً عند القدماء من الفينيقيين وعند القبط من نحو القرن الثلاثين قبل المسيح ثم عرفه العرب وهم يمسونه(١) الزجاج والقوارير.
قال بشار:

ارفق بعمرو إذا حركت نسبته فإنه عربي من قوارير
وقد عرفه العبرانيون في عهد سليمان، واتخذ منه سليمان بلاطاً في ساحة صرحه كما ورد في قوله _تعالى_: [قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ].
(١) _ هكذا في الأصل، والصواب: يسمونه. (م)


الصفحة التالية
Icon