٤٢_ تعاهده لتفسيره بالتهذيب، والتشذيب، والزيادة: وهذه الفقرة قريبة من السابقة؛ فيظهر أنه بعد أن فرغ من تفسيره صار يتعاهده بالتشذيب، والتهذيب قبل أن يطبع، بدليل أنه قد أشار في خاتمة التفسير أنه انتهى منه عام ١٣٨٠هـ، ومع ذلك يورد فوائد ونقولاً من كتب ثم يحيل إليها في الهامش، وربما ذكر تاريخ طباعة تلك الكتب المحال إليها وهي تحمل تاريخاً حديثاً بالنسبة لتاريخ انتهائه من التفسير، أي أنها صدرت بعد انتهائه من تفسيره.
مثال ذلك ما نجده في تفسير سورة الإسراء ١٥/١٩، حيث نقل كلاماً من كتاب، ثم عزا إليه في الهامش، وقال: =حرَّره عارف عارف في المجلة المسماة: (رسالة العلم) بالمملكة الأردنية عدد ٢ من السنة ١٢ كانون الأول سنة ١٩٦٨م+ ا_هـ.
وهذه السنة الميلادية توافق بالتاريخ الهجري سنة ١٣٨٨هـ تقريباً.
وهذا يعني أنه أضاف هذه الفائدة بعد فراغه من التفسير بثمان سنوات.
٤٣_ كثرة النقول: فالتفسير طافح بالنقول عن الأئمة والعلماء في شتى الفنون سواءٌ كانت شرعية، أو لغوية، أو بلاغية، أو غيرها من فروع العلم والثقافة العامة.
٤٤_ كثرة الاستشهاد: سواء بالأشعار، أو الأمثال، أو الحوادث العامة، فجاء تفسيره حافلاً بالشواهد من هذا القبيل، كما في قصة الوزير الأندلسي محمد ابن الخطيب السلماني مع ملك المغرب.
حيث قال ×: في تفسير قوله _تعالى_: [يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ]: أعيد خطاب بني إسرائيل بطريق النداء مماثلاً لما وقع في خطابهم الأول؛ لقصد التكرير للاهتمام بهذا الخطاب، وما يترتب عليه؛ فإن الخطاب الأول قُصِدَ منه تذكيرهم بنعم الله _تعالى_ ليكون ذلك التذكير داعية لامتثال ما يَرِدُ إليهم من الله من أمر، ونهي على لسان نبيه".
وبين الرسول _عليه الصلاة والسلام_ تصرفات ولاة الأمور في شؤون الرعية، ومع أهل الذمة، ومع الأعداء في الغزو، والصلح، والمهادنة، والمعاهدة، وبَيَّنَ أصول المعاملات بين الناس.
فمتى اهتم ولاة الأمور وعموم الأمة باتباع ما وَضَّح لهم الشرع تحقق وعد الله إياهم بهذا الوعد الجليل. ١٨/٢٨٣_٢٨٤
١٨_ وهذه التكاليف التي جعلها الله قواماً لصلاح أمور الأمة، ووعد عليها بإعطاء الخلافة والتمكين والأمن _ صارت بترتيب تلك الموعدة عليها أسباباً لها، وكانت الموعدة كالمسبب عليها؛ فشابهت من هذه الحالة خطاب الوضع، وجعل الإيمان عمودها، وشرطاً للخروج من عهدة التكليف بها، وتوثيقاً لحصول آثارها بأن جعله جالب رضاه وعنايته؛ فبه يتيسر للأمة تناول أسباب النجاح، وبه يحف اللطف الإلهي بالأمة في أطوار مزاولتها واستجلابها، بحيث يدفع عنهم العراقيل والموانع، وربما حف بهم اللطف والعناية عند تقصيرهم في القيام بها، وعند تخليطهم الصلاح بالفساد؛ فرفق بهم ولم يعجل لهم الشر، وتلوَّم لهم في إنزال العقوبة.
وقد أشار إلى هذا قوله _تعالى_: [وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ (١٠٥) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عَابِدِينَ (١٠٦) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ].
يريد بذلك كله المسلمين، وقد مضى الكلام على ذلك في سورة الأنبياء كقوله: [إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا] في سورة الحج.


الصفحة التالية
Icon