وينبغي الوقف عند نهاية كل آية منها.
وقوله _تعالى_: [وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ] آية، وقوله: [مِنْ دُونِهِ] ابتداء الآية بعدها في سورة هود.
ألا ترى أن من الإضاعة لدقائق الشعر أن يُلْقِيَهُ مُلْقِيْهِ على مسامع الناس دون وقف عند قوافيه؟ فإن ذلك إضاعةٌ لجهود الشعراء، وتغطيةٌ على محاسن الشعر، وإلحاق للشعر بالنثر.
وأن إلفاء(١) السجع دون وقوف عند أسجاعه هو كذلك لا محالة؟
ومن السذاجة أن ينصرف ملقي الكلام عن محافظة هذه الدقائق؛ فيكون مضيعاً لأمر نفيس أجهد فيه قائله نفسه وعنايته.
والعلة بأنه يريد أن يبين للسامعين معاني الكلام فضول، فإن البيان وظيفةُ ملقي دَرْسٍ لا وظيفة منشد الشعر، ولو كان هو الشاعر نفسه. ١/٧٦
٨_ وآياتُ القرآنِ متفاوتةٌ في مقادير كلماتها؛ فبعضها أطول من بعض، ولذلك فتقدير الزمان بها في قولهم: مقدار ما يقرأ القارئ خمسين آية مثلاً، تقدير تقريبي، وتفاوت الآيات في الطول تابع لما يقتضيه مقام البلاغة من مواقع كلمات الفواصل على حسب ما قبلها من الكلام. ١/٧٧
٩_ وأما ترتيب الآي بعضها عقب بعض فهو بتوقيف من النبي"حسب نزول الوحي، ومن المعلوم أن القرآن نزل مُنَجَّماً آيات؛ فربما نزلت عدة آيات متتابعة أو سورة كاملة. ١/٧٩
١٠_ واتساق الحروف، واتساق الآيات، واتساق السور، كله عن رسول الله". ١/٧٩
١١_ إن الغرض الأكبر للقرآن هو إصلاح الأمة بأسرها؛ فإصلاحُ كُفَّارها بدعوتهم إلى الإيمان، ونبذِ العبادة الضالة، واتباع الإيمان، والإسلام.
وجيء في جانب بدء الخلق بالفعل الماضي، لأن السائر ليس له من قرار في طريقه، فندر أن يشهد حدوث بدء مخلوقات، ولكنه يشهد مخلوقات مبدوءة من قَبْل؛ فيفطن إلى أن الذي أوجدها إنما أوجدها بعد أن لم تكن، وأنه قادر على إيجاد أمثالها؛ فهو بالأحرى قادر على إعادتها بعد عدمها.
والاستدلال بالأفعال التي مضت أَمْكَنُ، لأن للشيء المتقرر تحققاً محسوساً.
وجيء في هذا الاستدلال بفعل النظر؛ لأن إدراك ما خلقه الله حاصل بطريق البصر، وهو بفعل النظر أولى وأشهر؛ لينتقل منه إلى إدراك أنه ينشئ النشأة الآخرة. ٢٠/٢٣٠
٥_ وقطع السبيل: قطع الطريق، أي التصدي للمارين فيه بأخذ أموالهم، أو قتل أنفسهم، أو إكراههم على الفاحشة.
وكان قوم لوط يقعدون بالطرق؛ ليأخذوا من المارة من يختارونه؛ فقطع السبيل فساد في ذاته، وهو أفسد في هذا المقصد.
وأما إتيان المنكر في ناديهم فإنهم جعلوا ناديهم للحديث في ذكر هذه الفاحشة، والاستعداد لها، ومقدماتها كالتغازل برمي الحصى اقتراعاً بينهم على من يرمونه، والتظاهر بتزيين الفاحشة زيادة في فسادها وقبحها؛ لأنه مُعِيْنٌ على نبذ التستر منها، ومعين على شيوعها في الناس. ٢٠/٢٤٠_٢٤١
٦_ وفي قوله: [مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْعَالَمِينَ] تشديد في الإنكار عليهم في أنهم الذين سنوا هذه الفاحشة السيئة للناس، وكانت لا تخطر لأحد ببال.
وإن كثيراً من المفاسد تكون الناس في غفلة عن ارتكابها؛ لعدم الاعتياد بها حتى إذا أقدم أحد على فعلها، وشوهد ذلك منه تنبهت الأذهان إليها، وتعلقت الشهوات بها. ٢٠/٢٤١
٧_ وأمره بإقامة الصلاة؛ لأن الصلاة عمل عظيم، وهذا الأمر يشمل الأمة؛ فقد تكرر الأمر بإقامة الصلاة في آيات كثيرة.
وعلَّلَ الأمر بإقامة الصلاة بالإشارة إلى ما فيها من الصلاح النفساني فقال: [إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ].