وفي بعض الآيات: يذكر فيها أسباب ذلك، ليعرف العباد الأسباب والطرق المفضية إليها، فيسلكوا النافع ويدعوا الضار، كقوله تعالى: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴾
[الليل: الآيات من ٥: ١٠] فبيَّن أن أسباب الهداية والتيسير إيمان العبد بحكمة ربه في سننه وخلقه وشرعه وأخذه بهذه السنن وانقياده لأمره الشرعي، وأن أسباب الضلال والتعسير ضد ذلك.
وكذلك قوله تعالى في صفة القرآن: ﴿ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ ﴾ [المائدة: ١٦]
﴿ يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ ﴾ [البقرة: ٢٦] وقوله: ﴿ فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ [الأعراف: ٣٠] فأخبر أن الله يهدي بالقرآن من كان قصده حسناً، ومن رغب في الخير، واتبع رضوان الله، وأنه يضل من فسق عن سنن الله الحكيمة، وتمرد على الله، وتولى أعداءه من شياطين الإنس والجن، ورضي بولايتهم عن ولاية رب العالمين.
وكذلك قوله تعالى: ﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ الصف: ٥] وقوله: ﴿ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ [الأنعام: ١١٠].
وكذلك يذكر في بعض الآيات الأسبابَ التي تنال بها المغفرة والرحمة، والتي تحق بها كلمة العذاب، كقوله: ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى ﴾ [طه: ٨٢]


الصفحة التالية
Icon