ومثّل الله الشرك والمشرك الذي اتخذ مع الله إلهاً يتعزز به، ويزعم أنه سينال منه النفع، ودفع الضرر كالعنكبوت اتخذت بيتاً وهو أوهن البيوت وأوهاها، فما ازدادت باتخاذه إلا ضعفا إلى ضعفها. كذلك المشرك ما ازداد باتخاذه ولياً ونصيراً من دون الله إلا ضعفاً، لأن قلبه انقطع عن الله، ومن انقطع قلبه عن الله حلّه الضعف من كل وجه. وتعلقه بالمخلوق زاده وهناً إلى وهنه، فإنه اتكل عليه وظن منه حصول المنافع، فخاب ظنه وانقطع أمله، وأما المؤمن فإنه قوي بقوة إيمانه بالله وتوحيده وتعلقه بالله وحده، الذي بيده الأمر والنفع ودفع الضرر، وهو المتصرف في أحواله كلها، كالعبد الذي استقام على صراط مستقيم في أقواله وأفعاله، منطلق الإرادة تحررعن رق المخلوقين، غير مقيد لهم بوجه من الوجوه، بخلاف المشرك فإنه كالعبد الأصم الأبكم الذي هو كَلٌّ وعالة على مولاه، أينما يوجهه لا يأت بخير، لأن قلبه متقيد للمخلوقين مُسْتَرق لهم، ليس له انطلاق ولا تصرف في الخير ولا شعور به.
ومثله أيضاً كالذي خر من السماء فتخطفته الطيور ومزقته كل ممزق.