فمراعاة هذه القاعدة أكبر عون على معرفة حدود ما أنزل الله على رسوله و القيام بها. والقرآن قد جمع أجل المعاني وأنفعها وأصدقها بأوضح الألفاظ وأحسنها كما قال تعالى: ﴿ وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً ﴾ [الفرقان: ٣٣]، يوضح ذلك ويبينه وينهج طريقته:
القاعدة الثالثة
الألف واللام الداخلة على الأوصاف و أسماء الأجناس
تفيد الاستغراق بحسب ما دخلت عليه
وقد نص على ذلك أهل الأصول وأهل العربية، واتفق على اعتبار ذلك أهل العلم والإيمان. فمثلُ قوله تعالى:﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ـ إلى قوله تعالى ـ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: ٣٥] يدخل في هذه الأوصاف كل ما تناوله من معاني الإسلام والإيمان والقنوت والصدق إلى آخرها. وأن بكمال هذه الأوصاف يكمل لصاحبها ما رتب عليها من المغفرة والأجر العظيم، وبنقصانها ينقص، وبعدمها يفقد، وهكذا كل وصف رتب عليه خير وأجر وثواب، وكذلك ما يقابل ذلك كل وصف نَهى الله عنه ورتب عليه وعلى المتصف به عقوبة وشراً ونقصاً، يكون له من ذلك بحسب ما قام به من الوصف المذكور، وكذلك مثل قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الْأِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾ [المعارج من ١٩: ٢١]، عام لجنس الإنسان.
فكل إنسان هذا وصفه إلا من استثنى الله بقوله: ﴿ إِلَّا الْمُصَلِّين َ﴾ [المعارج: ٢٢] إلى آخرها كما أن قوله:﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾ [العصر ١، ٢] دال على أن كل إنسان عاقبته ومآله إلى الخسار ﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ [العصر: ٣] وأمثال ذلك كثير.


الصفحة التالية
Icon