ج ١، ص : ١٢
لهذا أنزل، وممن سلك هذا المسلك الزجّاج فى تفسيره معانى القرآن، والواحدي النيسابورى في تفسيره (البسيط) وأبو حيان محمد بن يوسف الأندلسى فى البحر المحيط (٣) ومنهم من وجه النظر إلى القصص والأخبار عمن سلف، وقد نحا هذا النحو أقوام زادوا فى قصص القرآن ما شاءوا من كتب التاريخ والإسرائيليات. وليتهم اقتصروا على النقل من التوراة والإنجيل والكتب المعتمدة لدى أهل الكتاب، لكنهم أخذوا جميع ما سمعوه عنهم من غير تفريق بين غثّ وسمين، ولا تنقيح لما يخالف الشرع ولا يطابق العقل، ومن أشهر هؤلاء الثعلبي، وصاحب الخازن علاء الدين بن محمد البغدادي المتوفى سنة ٧٤١ ه.
(٤) ومنهم من وجّه همه إلى الأحكام الشرعية من عبادات ومعاملات وكيفية استنباطها من الآيات، وربما استطردوا إلى إقامة الأدلة عليها، والرد على المخالفين مما لا تعلق له بالتفسير كما فعل القرطبي فى تفسيره.
(٥) ومنهم من عنى بالكلام فى أصول العقائد ومقارعة الزائغين، ومحاجة المخالفين وللإمام الرازي المتوفى سنة ٦١٠ ه فى ذلك القدح المعلّى فى تفسيره الكبير المسمى بمفاتيح الغيب، فقد خرج فيه من باب إلى باب، حتى ليقضى الناظر العجب من صنيعه. ومن ثمّ قال أبو حيان الأندلسى فى البحر المحيط : جمع الرازي فى تفسيره أشياء كثيرة طويلة لا حاجة إليها فى علم التفسير، ولذلك قال بعض العلماء : تفسيره فيه كل شىء إلا التفسير ا ه.
(٦) ومنهم من اتجه إلى الوعظ والرقائق ممزوجة بحكايات المتصوفة والعبّاد، وفى بعضها خروج عن حدود الفضائل والآداب التي جرى عليها القرآن.
(٧) ومنهم من سلك طريق التفسير بالإشارة إلى دقائق لا تنكشف إلا لأرباب السلوك، ويمكن إرادتها مع إرادة ظاهر المعنى، وقال إن ذلك من كمال الإيمان ومحض العرفان.