ج ١، ص : ١٢١
العجل : لن نصدّقك في قولك إن هذا كتاب اللّه، وإنك سمعت كلامه، وإن اللّه أمر بقبوله والعمل به حتى نرى اللّه عيانا لا ساتر بيننا وبينه، فيكون كالجهر في الوضوح « والجهر في المسموعات كالمعاينة في المبصرات ».
(فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) أي فأخذت الصاعقة من قال ذلك، والباقون ينظرون بأعينهم، وقد فصل ذلك في سورة الأعراف وفي التوراة : إن طائفة منهم قالوا لما ذا اختص موسى وهارون بكلام اللّه من دوننا، وشاع ذلك في بنى إسرائيل وقالوا لموسى بعد موت هارون : إن نعمة اللّه على شعب إسرائيل لأجل إبراهيم وإسحاق فتعمّ الشعب جميعه، وأنت لست أفضل منه، فلا يحق لك أن تسودنا بلا مزية، وإنا لن نؤمن لك حتى نرى اللّه جهرة، فأخذهم إلى خيمة العهد فانشقت الأرض وابتلعت طائفة منهم وجاءت نار من الجانب الآخر فأخذت الباقين.
وهكذا كان حال بنى إسرائيل مع موسى يتمردون ويعاندون، وسوط العذاب يصبّ عليهم صبّا، فأصيبوا بالأوبئة وأنواع الأمراض وسلطت عليهم هوامّ الأرض وحشراتها حتى فتكت بالعدد العديد والخلق الكثير، فليس ببدع منهم أن يجحدوا دعوة النبي صلى اللّه عليه وسلم ويعاندوها.
(ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) يرى بعض المفسرين أن اللّه أحياهم بعد أن وقع فيهم الموت بالصاعقة وغيرها ليستوفوا بقية آجالهم وأرزاقهم، وكانت تلك الموتة لهم كالسكتة القلبية لغيرهم. ويرى آخرون أن المراد بالبعث كثرة النسل، أي إنه بعد أن وقع فيهم الموت بشتى الأسباب وظنّ أنهم سينقرضون، بارك اللّه في نسلهم ليعدّ الشعب بالبلاء السابق للقيام بحق الشكر على النعم التي تمتع بها الآباء الذين حلّ بهم العذاب بكفرهم لها.
وإنما قص اللّه علينا هذا القصص ووجهه إلى من كان من اليهود في عصر التنزيل لبيان وحدة الأمة، وأن ما يبلوها به من الحسنات والسيئات وما يجازيها به من النعم


الصفحة التالية
Icon