ج ١، ص : ١٥٠
(وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ قالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ ؟ ) قوله : فتح اللّه عليكم، أي بيّنه لكم خاصة في التوراة من الأحكام والبشارة بالنبي صلى اللّه عليه وسلم، والتعبير عنه بالفتح للإشارة إلى أنه سر مكتوم وباب مغلق لا يقف عليه أحد، وقوله :(لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ) أي ليحتجوا عليكم به فيقطعوكم بالحجة ويبكتوكم وقوله :(عِنْدَ رَبِّكُمْ) أي في حكمه وكتابه، وقوله :(أَفَلا تَعْقِلُونَ) أي أفلا تعقلون هذا الخطأ الفاحش وأن ذلك يكون حجة عليكم.
أي إذا اجتمع بعض ممن لم ينافق إلى بعض ممن نافق، قال الأولون عاتبين على الآخرين من المنافقين وعاذلين لهم على الإفضاء إلى المؤمنين بما بينت لهم التوراة من الإيمان بالنبي الذي يجىء مصدقا لما معهم كى يقيموا عليهم الحجة من كتاب ربهم، من قبل أن ما حدّثوا به موافق لما في القرآن، ولو لا أن محمدا نبىّ لما علم بهذا الذي حكاه عنهم.
(أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ) أي أ يقول اللائمون ما قالوا، ويكتمون من صفات النبي صلى اللّه عليه وسلم ما كتموا. ويحرّفون من كتابهم ما حرّفوا ؟
ولا يعلمون أن اللّه يعلم ما يسرون من كفر وكيد، وما يعلنون من إظهار إيمان وودّ، فإن كانوا يؤمنون بأن اللّه محيط بكل شىء علما، فلم لا يخشون بأسه، وهو المطّلع على الظاهر، والعالم بما يجول في الضمائر، والمجازى على ذلك بالخزي في الدنيا والعذاب المهين فى الآخرة ؟
(وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) الأميون واحدهم أمي، وهو من لا يقرأ ولا يكتب، أي إنه يكون كما ولدته أمه، ومنه
الحديث :« إنّا أمة أميّة لا نكتب ولا نحسب »،
والأمانى : واحدها أمنية وهى التلاوة كما قال كعب ابن زهير :
تمنّى كتاب اللّه أوّل ليلة وآخره لاقى حمام المقادر


الصفحة التالية
Icon