ج ١، ص : ٢٩
والأخلاق والآداب والمواعظ - هو للّه ومن اللّه ليس لأحد غيره فيه شىء، وكأنه قال اقرأ يا محمد هذه السورة بسم اللّه الرحمن الرحيم، أي اقرأها على أنها من اللّه لا منك، فإنه أنزلها عليك لتهديهم بها إلى ما فيه خيرهم وسعادتهم فى الدنيا والآخرة، وكذلك كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يقصد من تلاوتها على أمته أنه يقرأ عليهم هذه السورة باسم اللّه لا باسمه أي أنها من اللّه لا منه، فإنما هو مبلّغ عنه تبارك وتعالى كما جاء فى قوله :
(وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ).
[سورة الفاتحة (١) : الآيات ٢ الى ٧]
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٣) مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥) اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)
صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (٧)
الإيضاح
(الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) الحمد لغة هو المدح على فعل حسن صدر عن فاعله باختياره سواء أسداه إلى الحامد أو إلى غيره.
والمدح يعم هذا وغيره فيقال مدح المال، ومدح الجمال، ومدح الرياض.
والثناء يستعمل فى المدح والذم على السواء، فيقال أثنى عليه شرا، كما يقال أثنى عليه خيرا.
والشكر هو الاعتراف بالفضل إزاء نعمة صدرت من المشكور بالقلب أو باللسان أو باليد أو غيرها من الأعضاء كما قال شاعرهم :
أفادتكم النعماء منّى ثلاثة يدى ولساني والضّمير المحجّبا
يريد أن يدى ولسانى وقلبى لكم، فليس فى القلب إلا نصحكم ومحبتكم، ولا فى اللسان لا الثناء عليكم ومدحكم، ولا فى اليد وسائر الجوارح والأعضاء إلا مكافأتكم وخدمتكم.