ج ١٠، ص : ١٠٢
وحرمان من شاءوا من رحمة اللّه وملكوته، واللّه يقول :« وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ ؟ » وزادوا القول بعصمة البابا في تفسير الكتب الإلهية، ووجوب طاعته فى كل ما يأمر به من الطاعات، وينهى عنه من المحرمات.
روى الإمام أحمد والترمذي وابن جرير عن عدىّ بن حاتم رضى اللّه عنه أنه لما بلغته دعوة الرسول صلى اللّه عليه وسلم فرّ إلى الشام وكان قد تنصر فى الجاهلية، فأسرت أخته وجماعة من قومه ثم منّ رسول اللّه عليها وأعطاها فرجعت إلى أخيها ورغبته فى الإسلام وفى القدوم على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقدم عدى المدينة وكان رئيسا فى قومه طىء (وأبوه حاتم الطائي المشهور بالكرم) فتحدث الناس بقدومه، فدخل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو يقرأ (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون اللّه) قال فقلت : إنهم لم يعبدوهم فقال :(بلى إنهم حرموا عليهم الحلال وأحلّوا الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم).
وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يا عدىّ ما تقول ؟ أ يضرك أن يقال اللّه أكبر ؟
فهل تعلم شيئا أكبر من اللّه ما يضرك ؟ أ يضرك أن يقال لا إله إلا اللّه، فهل تعلم إلها غير اللّه ؟
ثم دعاه إلى الإسلام فأسلم وشهد شهادة الحق قال فلقد رأيت وجهه استبشر، ثم قال :
إن اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون.
(وَ ما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً) أي اتخذوا رؤساءهم أربابا من دون اللّه، والربوبية تستلزم الألوهية، إذ الرب هو الذي يجب أن يعبد وحده، والحال أنهم ما أمروا على لسان موسى وعيسى ومن اتبعهما فيما جاءا به من عند اللّه، إلا أن يعبدوا ويطيعوا فى الدين إلها واحدا بما شرعه لهم وهو ربهم ورب كل شىء ومليكه.
ثم علل الأمر بعبادة إله واحد فقال :
(لا إله إلا هو) أي لا إله غيره فى حكم الشرع وفى نظر العقل، وإنما اتخذ المشركون آلهة من دونه بالرأى والهوى جهلا بصفات الألوهية، إذ ظنوا أن لبعض