ج ١٠، ص : ١٦٠
من بعض - لأن المؤمنين بينهم أخوة ومودة وتعاون وتراحم حتى شبه النبي صلى اللّه عليه وسلم جماعتهم بالجسد الواحد، وبالبنيان يشد بعضه بعضا، وبينهم ولاية النصرة فى الدفاع عن الحق والعدل وإعلاء كلمة اللّه.
أما المنافقون فيشبه بعضهم بعضا فى الشكوك والذبذبة وما يتبعها من الجبن والبخل وهما يمنعان من التناصر ببذل النفس والمال، وقصارى أمرهم التعاون بالكلام وما لا يشق من الأعمال، ومن ثم أكذب اللّه منافقى المدينة فى وعدهم لليهود حلفاتهم بنصرهم على النبي صلى اللّه عليه وسلم والمؤمنين إذا قاتلوهم فى قوله :« أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً، وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ، وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ. لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ، وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ ».
(يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) وصف اللّه المؤمنين فى هذه الآية بصفات خمس تضادّ مثلها فى المنافقين.
(ا) إنهم يأمرون بالمعروف والمنافقون يأمرون بالمنكر.
(ب) إنهم ينهون عن المنكر والمنافقون ينهون عن المعروف، وهاتان الخصلتان هما سياج الفضائل ومنع فشوّ الرذائل.
(ح) إنهم يؤدون الصلاة على أقوم وجه وأكمله بخشوع وإخبات للّه وحضور القلب فى مناجاته، والمنافقون إذا قاموا إلى الصلاة قاموا وهم كسالى يراءون الناس.
(د) إنهم يعطون الزكاة المفروضة عليهم وما وفّقوا له من التطوع، والمنافقون يقبضون أيديهم، والمنافقون وإن كانوا يصلون، لم يكونوا يقيمون الصلاة، وكانوا يزكون وينفقون ولكن خوفا أو رياء لا طاعة للّه تعالى كما قال سبحانه :« وَما مَنَعَهُمْ


الصفحة التالية
Icon