ج ١٠، ص : ١٦٧
ببعثة الرسول ونصره وبما آتاه من الغنائم كما وعده، ومن ثم
قال صلى اللّه عليه وسلم للأنصار « كنتم عالة فأغناكم اللّه بي ».
(فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ) أي فإن يتوبوا من النفاق وما يصدر عنه من مساوى الأقوال والأفعال، يكن ذلك المتاب خيرا لهم فى الدنيا والآخرة، أما فى الدنيا فيما فيه من التوكل على اللّه والرضا بقضائه، والصبر على بلائه، والعمل لما فيه السعادة فى الآخرة ومعاشرة الرسول صلى اللّه عليه وسلم ومشاهدة فضائله وأخوّة المؤمنين بعضهم لبعض وما فيها من الودّ والوفاء الكامل والإيثار على النفس إلى نحو ذلك.
وأما فى الآخرة فبما علمت مما وعد اللّه به المؤمنين من الجنات التي تجرى من تحتها الأنهار والمساكن الطيبة.
(وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) أي وإن أعرضوا عما دعوا إليه من التوبة وأصروا على النفاق وما ينشأ منه من المساوى الخلقية والنفسية - يعذبهم اللّه عذابا أليما فى الدنيا بما يلازم قلوبهم من الخوف والهلع كما قال سبحانه « لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغاراتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ » وقال :
« يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ » فهم فى جزع دائم وهمّ ملازم.
وأما فى الآخرة فحسبك ما تقدم من وعيدهم بتلك النار التي تطلع على الأفئدة.
(وَ ما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) أي وما لهم فى الأرض كلها من يتولى أمورهم ولا من ينصرهم ويدافع عنهم، إذ من خذله اللّه فلا يقدر أحد أن يجيره.
أما فى الدنيا فقد أغلقت فى وجوههم الأبواب، فقد خص اللّه ولاية الأخوة والمودة والنصرة بالمؤمنين والمؤمنات دون المنافقين والمنافقات، وقد قضى الإسلام على جوار الجاهلية وعلى أحلافهم من أهل الكتاب فى الحجاز بالقتل والجلاء.
وأما فى الآخرة فقد تظاهرت النصوص على أنه لاولىّ ولا ظهير للكفار والمنافقين.