ج ١٠، ص : ٥٨
الإيضاح
(فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ) أي فإذا انقضت الأشهر الأربعة التي حرم عليكم فيها قتال المشركين، فافعلوا معهم كل ما ترونه موافقا للمصلحة من تدابير الحرب وشئونها، لأن الحال بينكم وبينهم عادت إلى حال الحرب بانقضاء أجل التأمين الذي منحتموه، وذلك بعمل أحد الأمور الآتية :
(١) قتلهم فى أي مكان وجدوا فيه من حلّ وحرم.
(٢) أخذهم أسارى، وقد أبيح هنا الأسر الذي حظر فى سورة الأنفال بقوله :
« ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ » لأن الإثخان وهو الغلب والقوة والسيادة قد وجد.
(٣) حصرهم وحبسهم حيث يعتصمون بمعقل أو حصن، بأن يحاط بهم ويمنعوا من الخروج والانفلات حتى يسلموا وينزلوا على حكمهم بشرط ترضونه أو بدون شرط.
(٤) القعود لهم كل مرصد : أي مراقبتهم فى كل مكان يمكن الإشراف عليهم فيه، ورؤية تجوالهم وتقلّبهم فى البلاد.
وهذه الآية تسمى آية السيف، إذ جاء الأمر فيها بالقتال وقد كان مؤجّلا ومنسا إلى أن يقوى المسلمون، وكان الواجب عليهم فى حال الضعف الصبر على الأذى.
(فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي فإن تابوا عن الشرك الذي يحملهم على عداوتكم وقتالكم ودخلوا فى الإسلام بأن نطقوا بالشهادتين، وأقاموا الصلاة المفروضة كما تقيمونها فى الأوقات الخمسة والصلاة مظهر الإيمان وأكبر أركانه، وهى مطلوبة من الغنى والفقير والأمير والمأمور. وهى حق اللّه على عباده تزكّى أنفسهم وتهذب أخلاقهم وتؤهلهم للقيام بحقوق عباده « إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ » وآتوا الزكاة المفروضة فى أموال الأغنياء


الصفحة التالية
Icon