ج ١٠، ص : ٦٧
مكة وظهور الإسلام لأمنهم من ظهورهم عليهم ورجائهم فى إيمانهم، وعلم أنه يوجد من المنافقين من يزيّنون لهم ذلك، واللّه يريد أن تطهر جزيرة العرب من خرافات الشرك وأدران الوثنية، ويمحّص المؤمنين من النفاق ومثالبه.
من جراء هذا أعاد الكرة بإقامة الأدلة على وجوب قتال الناكثين للعهد المعتدين عليهم بالحرب الذين بدءوهم بالقتال وهمّوا بإخراج الرسول أو حبسه أو قتله.
الإيضاح
(أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ؟ ) أي قاتلوا هؤلاء المشركين لأسباب ثلاثة :
(١) إنهم نكثوا الأيمان التي حلفوها لتأكيد عهدهم الذي عقدوه مع النبي صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه على ترك القتال عشر سنين يأمن فيها الفريقان على أنفسهم، ويكونون فيها أحرارا فى دينهم، لكنهم لم يلبثوا أن ظاهروا حلفاءهم بنى بكر على خزاعة حلفاء النبي صلى اللّه عليه وسلم ليلا بالقرب من مكة على ماء يسمى الهجير، وكان هذا من أفظع أنواع الغدر، ولما علم بذلك
رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال :« لا نصرت إن لم أنصركم »
وتجهز إلى مكة سنة ثمان من الهجرة.
(٢) إنهم هموا بإخراج الرسول صلى اللّه عليه وسلم من وطنه أو حبسه حتى لا يبلغ رسالته، أو قتله بأيدى عصبة من بطون قريش ليتفرق دمه فى القبائل، فتتعذر المطالبة به، وإلى ذلك يشير قوله تعالى :« وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ ».
(٣) إنهم بدءوا بقتال المؤمنين فى بدر حين قالوا بعد العلم بنجاة عيرهم : لا ننصرف حتى نستأصل محمدا وأصحابه ونقيم فى بدر أياما نشرب الخمر وتعزف على رءوسنا القيان، وكذا فى أحد والخندق وغيرهما.