ج ١٠، ص : ٨١
يدا عندهم يكافئونه عليها بحماية ما كان له عندهم من قرابة، وفى ذلك نزلت سورة الممتحنة للنهى عن موالاة أعداء اللّه وأعدائهم.
(وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) أي ومن يتولهم وهم على تلك الحال فأولئك المتولون لهم هم الظالمون لأنفسهم ولجماعتهم بوضعهم الموالاة فى غير موضعها، فهم قد وضعوا الولاية فى موضع البراءة، والمودّة فى محل العداوة، وقد حملهم على هذا الظلم نعرة القرابة وحميّة الجاهلية.
ونحو الآية قوله فى سورة الممتحنة :« لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ».
وبعد أن بين ما وصل إليه حالهم من الإخلال بالإيمان انتقل إلى بيان سبب ذلك فقال :
(قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ) أي قل لهم وإن كنتم تفضّلون حظوظ الدنيا وشهواتها من الآباء والأبناء والإخوان والأزواج والعشيرة والأموال والتجارة على حب اللّه ورسوله والجهاد فى سبيله الذي وعدتم عليه أنواع السعادة الأبدية فى الآخرة، فانتظروا حتى يأتى أمر اللّه : أي عقوبته التي تحل بكم عاجلا أو آجلا.
وقد ذكر سبحانه الأمور الداعية إلى مخالطة الكفار وحصرها فى أربعة :
(١) مخالطة الأقارب وذكر منهم الآباء والأبناء والإخوان والأزواج، ثم ذكر الباقي بلفظ العشيرة.
(٢) الميل إلى إمساك الأموال المكتسبة.


الصفحة التالية
Icon