ج ١٠، ص : ٨٤
وكذلك حب رسوله يجب أن يكون فوق هذه أيضا، فإنه صلى اللّه عليه وسلم كان المثل الأعلى فى أخلاقه وآدابه، وقد أرسله اللّه هداية للعالمين إلى يوم الدين.
(وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) أي الخارجين من حدود الدين والشريعة ومن سلامة الفطرة إلى فساد الطباع، ومن نور العقل إلى ظلمة الجهل والتقليد.
وقد جرت سنته تعالى أن يكون الفاسقون محرومين من الهداية الفطرية التي يهتدى إلى معرفتها الإنسان بالعقل السليم والوجدان الصحيح، ومن ثم فهم يؤثرون حب القرابة والمنفعة الطارئة كالمال والتجارة على حب اللّه ورسوله والجهاد فى سبيله.
هذا وقد جاءت أحاديث كثيرة فى فضل حب اللّه ورسوله، منها ما
رواه الشيخان من حديث أنس مرفوعا « ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون اللّه ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا للّه، وأن يكره أن يعود فى الكفر كما يكره أن يقذف فى النار »
وعنه أيضا « لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من والده وولده والناس أجمعين »
وما
رواه البخاري عن عبد اللّه بن هشام قال :« كنا مع النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب فقال له عمر :
لأنت أحبّ إلىّ من كل شىء إلا نفسى التي بين جنبىّ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم :
لا والذي نفسى بيده حتى أكون أحبّ إليك من نفسك التي بين جنبيك. فقال عمر :
فإنه الآن، واللّه لأنت أحب إلىّ من نفسى، فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم :
الآن يا عمر ».
والوسيلة إلى هذه المعرفة والحب كثرة الذكر والفكر وتدبر القرآن والتزام أحكام الشرع.
والذكر الحق هو ذكر القلب مع حسن النية وصحة القصد وتأمل سنن اللّه وآياته فى الخلق وأن تذكر حين رؤية كل شىء من صنع اللّه، وسماع كل صوت من مخلوقات اللّه، أنه يسبح بحمده تعالى ويدل على قدرته وحكمته ورحمته.