ج ١٠، ص : ٩٣
الإيضاح
(قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) أي قاتلوا أهل الكتاب، إذ هم جمعو أربع صفات هى العلة فى عداوتهم للاسلام، ووجوب خضوعهم لحكمه ما داموا فى داره إذ لو أجيز لهم حمل السلاح لأفضى ذلك إلى قتال المسلمين فى دارهم ومساعدة من يهاجمهم فيها كما فعل يهود المدينة وما حولها بعد تأمين النبي صلى اللّه عليه وسلم لهم، وجعلهم حلفاء له، وأجاز لهم الحكم فيها بينهم بشرعهم، وسمح لهم بالعبادة على النحو الذي يريدون، وكذلك فعل مع نصارى الروم فى حدود البلاد العربية.
وهذه الأمور الأربعة التي أسند إليهم تركها هى أصول كل دين إلهى، ومن ثم أمر بقتال الذين لا يقيمونها وهى :
(١) إنهم لا يؤمنون باللّه، وقد شهد القرآن بأن اليهود والنصارى فقدوه بهدم أساسه وهو التوحيد، إذ هم قد اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون اللّه، يشرّعون لهم العبادات ويحرمون ويحللون فيتبعونهم، وبذا أشركوهم فى الربوبية، ومنهم من أشرك به فى الألوهية كالذين قالوا عزير ابن اللّه، والذين قالوا : المسيح ابن اللّه، أو هو اللّه.
(٢) إنهم لا يؤمنون باليوم الآخر، إذ هم يقولون إن حياة الآخرة حياة روحانية محضة يكون فيها الناس كالملائكة، لكنا نؤمن بأن الإنسان لا تنقلب حقيقته، بل يبقى مؤلفا من جسد وروح، ويتمتع بنعيم الأرواح والأجساد.
ولا يوجد فيما بين أيدى اليهود والنصارى من التوراة نصوص صريحة فى البعث والجزاء بعد الموت، بل فيها إشارات غير صريحة فى ذلك.
(٣) إنهم لا يحرمون ما حرم اللّه ورسوله، فاليهود لا يحرمون ما حرم فى شرعهم