ج ١١، ص : ١٣٢
الإيضاح
(وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ) أي لا تحزن لقولهم ولا تبال بما يتفوّهون به فى شأنك مما لا خير فيه.
(إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) أي لأن الغلبة والقهر للّه تعالى لا يملك أحد من دونه شيئا منها، فهو يهبها لمن يشاء ويحرمها من يشاء وليست للكثرة دائما كما يدعون « كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ » وقد وعد اللّه بها رسله والذين آمنوا بهم واتبعوهم من أوليائه كما قال :« كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ » وقال :
« وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ».
(هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) أي هو السميع لما يقولون من تكذيب بالحق وادعاء للشرك فيكافئهم على ذلك، وهو العليم بما يفعلون من إيذاء وكيد، فهو مذلّهم ومحبط أعمالهم.
ثم أقام الدليل على كون العزة للّه جميعا وكون الجزاء بيده فقال :
(أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) أي ألا إن للّه كل من فى السموات والأرض عبيدا مملوكين له، لا مالك لشىء من ذلك سواه، فكيف يكون إلها معبودا ما يعبده هؤلاء المشركون من الأوثان والأصنام، والعبادة للمالك دون المملوك، وللرب دون المربوب.
ثم بين أنه لا شريك له أبدا.
(وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكاءَ) أي إن هؤلاء المشركين الذين يعبدون غير اللّه تعالى بدعائهم فى الشدائد واستغاثتهم فى النوازل والتقرب إليهم بالقرابين والنذور - لا يتبعون شركاء له فى الحقيقة يدبرون أمور العباد ويكشفون الضر عنهم، إذ لا شريك له.
ثم أكد ما سلف وزاده بيانا فقال :
(إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) أي ما يتبعون فى الحقيقة فيما يقولون


الصفحة التالية
Icon