ج ١١، ص : ١٣٧
أجمعوا أمرهم بليل فلما أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء
والغمة : الستر واللبس، يقال إنه لفى غمة من أمره : إذا لم يهتد له، وقضاء الأمر :
أداؤه وتنفيذه، قال تعالى « فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ ». والإنظار : التأخير والإمهال، خلائف، أي يخلفون الذين هلكوا بالغرق، المنذرون : المخوّفون باللّه وعذابه.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه عناد المشركين لرسوله صلى اللّه عليه وسلم وتكذيبهم له بعد أن قامت البراهين على صدقه - قفى على ذلك بذكر أقوام الرسل قبله تسلية له صلى اللّه عليه وسلم وبيانا بأن قومه لم يكونوا بدعا فى عنادهم وتكذيبهم له بل سبقهم فى مثل فعلهم كثير من سالفى الأمم وكانت العاقبة فوز الرسل عليهم، وأتم اللّه لهم النصر، فلعل أولئك القوم يتدبرون حالهم فينزجروا بما فيه مزدجر لهم ويعترفوا بصدقه صلى اللّه عليه وسلم ويؤمنوا به قبل أن تفوت الفرصة السانحة فيندمون، ولات ساعة مندم.
الإيضاح
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ) أي واقرأ أيها الرسول على المشركين من أهل مكة وغيرهم فيما أوعدتهم به من عقاب اللّه لهم على مقتضى سننه فى المكذبين لرسله من قبلك - خبر نوح حين قال لقومه يا قوم إن كان قد شق عليكم قيامى فيكم بالدعوة إلى عبادة ربكم وتذكيرى إياكم بآياته الدالة على وحدانيته ووجوب عبادته - فإننى وقد وكلت أمرى إلى اللّه الذي أرسلنى واعتمدت عليه وحده بعد أن أديت رسالته بقدر طاقتى.
(فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ) أي فأعدّوا أمركم واعزموا على ما تقدمون عليه فى أمرى مع شركائكم الذين تعبدونهم من دون اللّه كما أدعو ربى وأتوكل عليه.


الصفحة التالية
Icon