ج ١١، ص : ٦٥
وقد اتفق العلماء جميعا ما ديّهم وروحيهم على أن الأرض وجميع الأجرام السماوية قد وجدت بعد أن لم تكن وإن كانوا لا يزالون يبحثون عن كيفية تلك النشأة والقوة المتصرفة فى أصل مادتها.
وهم جميعا متفقون على توقع خراب هذه الأرض والكواكب المرتبطة بها فى هذا النظام الشمسى الجامع لها بأن تصيب الأرض قارعة من الأجرام السماوية تبسّها بسّا فتكون هباء منبثا.
وها هو ذا قد حصل البدء بالفعل والإعادة أهون من البدء، فمن قدر على البدء يكون أقدر على الإعادة كما قال فى سورة الروم :« وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ».
ومما يقرّب ذلك أن علماء الطبيعة أثبتوا أن هذه الأجساد الحية فى انحلال وتجدد دائمين فما ينحل منها ويبخر فى الهواء أو يموت فى داخل الجسم ثم يخرج منه تحلّ محله موادّ حية جديدة حتى يفنى جسد كل حيوان فى سنين قليلة ويتجدد غيره.
(لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ) أي إنه تعالى يعيدهم لأجل جزائهم بالعدل، فيعطى كل عامل حقه من الثواب الذي جعله لعمله، وهذا المعنى قد جاء فى آيات كثيرة كقوله :« وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً » وقوله :« وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ ».
والعدل فى الأمور كلها مما يتطلبه الإيمان كما قال :« لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ » وقال :« قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ».
والجزاء بالعدل لا يمنع أن يزيدهم ربهم شيئا من فضله ويضاعف لهم كما وعد على ذلك فى آيات أخرى، منها قوله :« لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ » وقوله :« لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ ».
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ) أي إن