ج ١١، ص : ٩٥
الإيضاح
(وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ) أي ذلك الإيثار لمتاع الدنيا والغرور بها هو ما يدعو إليه الشيطان، فيوقع متّبعيه فى جهنم دار النكال والوبال واللّه يدعو عباده إلى دار السلام، إذ يأمرهم بما يوصّل إليها.
(وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) أي ويهدى من يشاء إلى الطريق الموصّل إليها بلا تعويق، لأنه طريق مستقيم لا عوج فيه وهو الإسلام : عقائده وفضائله وأحكامه.
وأصل الهداية الدلالة بلطف، وهى إما بالتشريع ببيانه وتفصيله للناس عامة، وإما بالتوفيق للسير على سنن الدين والاستقامة عليه، وهى خاصة بالمستعدين للعمل به، ومن ثم قيدها بالمشيئة.
(لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) أي للذين أحسنوا أعمالهم فى الدنيا المثوبة الحسنى أي التي تزيد فى الحسن على إحسانهم وهى مضاعفتها بعشرة أمثالها أو أكثر، وجاء هذا المعنى فى قوله :« لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى » أي ولهم زيادة على هذه الحسنى فوق ما يستحقون على أعمالهم بعد مضاعفتها.
وقد ورد من طرق عدة أن هذه الزيادة هى النظر إلى وجه اللّه الكريم وذلك هو أعلى مراتب الكمال الروحي الذي لا يصل إليه إلا المحسنون العارفون فى الآخرة.
(وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ) أي ولا يغشى وجوههم شىء مما يغشى الكفرة من الغبرة التي فيها سواد، ولا أثر هوان ولا كسوف بال.
(أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) أي أولئك الذين هذه صفتهم هم أصحاب الجنة وسكانها وهم ساكنون فيها أبدا، فهى لا تبيد فيخافوا زوال نعيمهم، ولا هم بمحرجين منها، فتنغّص عليهم لذاتهم.
(وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها) أي والذين عملوا السيئات فى الدنيا


الصفحة التالية
Icon