ج ١٢، ص : ١٣٤
بإرادة السوء منها - ذكر هنا تبرئة يوسف لنفسه وحكم قريبها فى القضية بعد بعد بحث وتشاور بين زوجها وأهلها، ثم علم الزوج ببراءة يوسف وثبوت خطيئتها.
الإيضاح
(قالَ هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي) أي هى طلبتنى فامتنعت وفررت كما ترى، وقد قال هذه المقالة وهتك سترها خوفا على النفس والعرض، ولا شك أن هذه حال تحتاج إلى بحث وتشاور وأخذ وردّ لم يبينه لنا الكتاب الكريم وإن كان لا بد أن يحصل حتما كما هو مقتضى العادة والعقل، لأن المقصد من القصة بيان نزاهة يوسف وفضائله لتكون عبرة لغيره.
وكانت الأمارات دالة على صدق يوسف لوجوه :
(١) إن يوسف كان مولى لها، وفى مجرى العادة أن المولى لا يجرؤ أن يتسلط على سيدته ويتشدد إلى مثل هذا.
(٢) إنهم رأوا يوسف يعدو عدوا شديدا ليخرج، ومن يطلب امرأة لا يخرج على هذا النحو.
(٣) إنهم رأوا الزينة قد بدت على وجه المرأة، ولم يكن لها من أثر على وجه يوسف.
(٤) إنهم لم يشاهدوا من أخلاق يوسف فى تلك الحقبة الطويلة ما يؤيد مثل هذه التهمة أو يقوى الظن عليه بأنه هو الطالب لا الهارب.
وقد أظهر اللّه لبراءته ما يقوّى تلك الدلائل الكثيرة التي تظاهرت على أن بدء الفتنة كانت منها لامنه وأنها هى المذنبة لا هو وذلك ما أشار إليه بقوله :
(وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ. وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ) أي وحكم ابن عمّ لها مستدلا بما ذكر، وكان عاقلا حصيف الرأى فقال : قد سمعنا جلبة وضوضاء ورأينا