ج ١٣، ص : ١٠٣
ثم أتبع ذلك بالتيئيس منه وبالتهديد بقارعة تحل بهم، وبتسلية النبي صلى اللّه عليه وسلم على استهزائهم به.
أخرج ابن أبى شيبة وابن المنذر وغيرهما عن الشعبي قال : قالت قريش لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : إن كنت نبيا كما تزعم فباعد جبلى مكة أخشبيها (اسمى الجبلين) هذين مسيرة أربعة أيام أو خمسة، فإنها ضيقة حتى نزرع فيها ونرعى، وابعث لنا آباءنا من الموتى حتى يكلمونا ويخبرونا أنك نبى، أو احملنا إلى الشام أو اليمين أو إلى الحيرة حتى نذهب ونجىء فى ليلة كما زعمت أنك فعلته فنزلت هذه الآية.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس أنهم قالوا : سيّر بالقرآن الجبال، قطّع بالقرآن الأرض، أخرج به موتانا، فنزلت.
الإيضاح
(كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) أي كما أرسلنا إلى الأمم الماضية رسلا فكذبوهم، كذلك أرسلناك فى هذه الأمة، لتبليغهم رسالة اللّه إليهم، وكما أوقعنا بأسنا ونقمتنا بأولئك، فليحذر هؤلاء من حلول النقم بهم.
وخلاصة ذلك - إننا كما أرسلنا إلى أمم من قبلك وأعطيناهم كتبا تتلى عليهم، أرسلناك وأعطيناك هذا الكتاب لتتلوه عليهم، فلما ذا يقترحون غيره ؟.
(وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ) أي وحالهم أنهم كفروا بمن أحاطت بهم نعمه، ووسعت كلّ شىء رحمته، ولم يشكروا نعمه وفضله عليهم، ولا سيما إحسانه إليهم بإرسالك وإنزال القرآن عليك. ، وهو الكفيل بمصالح الدنيا والآخرة كما قال تعالى :
« وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ ».
وكفرهم به أنهم جحدوه بتاتا أو أثبتوا له الشركاء.


الصفحة التالية
Icon