ج ١٣، ص : ١١٣
ثم بين سبحانه أنه أرسل رسوله بلغة قومه كما أرسل من قبله رسلا بلغات أقوامهم فقال :
(وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا) أي وكما أرسلنا قبلك المرسلين وأنزلنا عليهم الكتب، أنزلنا عليك القرآن حكما عربيا بلسانك ولسان قومك ليسهل عليهم تفهم معناه واستظهاره. وسمى القرآن حكما : أي فصلا للأمر على وجه الحق - لأن فيه بيان الحلال والحرام وجميع ما يحتاج إليه المكلفون ليصلوا إلى السعادة فى الدنيا والآخرة.
وقد جاء بمعنى الآية قوله :« وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ».
ثم إن أهل مكة دعوه إلى أمور يشاركهم فيها فقال :
(وَ لَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) أي ولئن اتبعت أهواء هؤلاء الأحزاب ابتغاء رضاهم، كالتوجه إلى قبلتهم وعدم مخالفتهم فى شىء مما يعتقدونه.
(ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ) أي ليس لك من دون اللّه ولىّ ولا ناصر ينصرك، فينقذك منه إن هو أراد عقابك، ولا واق يقيك عذابه إن شاء عذابك، فاحذر أن تتبع أهواءهم وتنهج نهجهم.
وقد تقدم أن مثل هذا من وادي قولهم :(إياك أعنى واسمعي يا جاره) فهو إنما جاء لقطع أطماع الكافرين وتهييج المؤمنين على الثبات فى الدين لا للنبى صلى اللّه عليه وسلّم فهو بمكان لا يحتاج فيه إلى باعث ولا مهيّج.
ونزل : لما عابت اليهود رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم بكثرة النساء، فقالوا لو كان نبيا كما زعم لشغله أمر النبوة عن النساء.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً) أي وكما أرسلناك رسولا بشريا، كذلك بعثنا المرسلين قبلك بشرا يأكلون الطعام ويمشون فى الأسواق ويأتون الزوجات ويولد لهم.


الصفحة التالية
Icon