ج ١٣، ص : ١١٧
لغيرهم، ذكر هنا لرسوله أن وظيفته التبليغ، ولا يهمه ما سينالهم من الجزاء فعلينا حسابهم، وهل هم فى شك من حصول ما توعدناهم به وهم يرون بلادهم تنقص من جوانبها بفتح المسلمين لها وقتل أهلها وأسرهم وتشريدهم، واللّه يحكم فى خلقه كما يريد، وقد حكم للمسلمين بالعز والإقبال، وعلى أعدائهم بالقهر والإذلال - ثم بين أن قومه ليسوا ببدع فى الأمم فقد مكر من قبلهم بأنبيائهم ولم يكن مكرهم ليضيرهم شيئا فكانت العاقبة للمتقين، وأهلك اللّه القوم الظالمين، وسيعلم الكافرون حين يحل بهم العذاب، لمن حسن العاقبة ؟ ثم ذكر إنكار اليهود لرسالته وأمره بالجواب عن ذلك بأن اللّه شهد له بأنه صادق فيها، فأيده بالأدلة والحجج، وفى شهادته غنى عن شهادة أىّ شاهد آخر، وكذلك شهد من آمن من أهل الكتاب بأنهم يجدون وصفه فى كتبهم.
الإيضاح
(وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) أي إن أريناك أيها الرسول فى حياتك بعض الذي نعد هؤلاء المشركين باللّه من العقاب على كفرهم، أو توفيناك قبل أن نريك ذلك، فما عليك إلا تبليغ رسالة ربك، لا طلب صلاحهم ولا فسادهم، وعلينا محاسبتهم ومجازاتهم بأعمالهم، إن خيرا فخير وإن شرا فشر، ونحو الآية قوله تعالى :« فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ. لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ. إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ. فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ. إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ. ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ ».
(أَ وَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها ؟ ) أي أشكّ أولئك المشركون من أهل مكة الذين يسألونك الآيات، ولم يروا أنا نأتى الأرض فنفتحها لك أرضا بعد أرض، ونلحقها بدار الإسلام، ونذهب منها أهلها بالقتل والأسر والإجلاء ؟ أليس هذا مقدمة لما أوعدناهم بحصوله، ونذيرا بما سيحل بهم من النكال والوبال فى الدنيا والآخرة لو تدبروا، فما لهم عن التذكرة معرضين ؟.