ج ١٣، ص : ١٥١
(وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ) أي ويخلق فيهم الضلال عن الحق الذي ثبّت المؤمنين عليه بحسب إرادتهم واختيارهم، لسوء استعدادهم وميلهم مع شهوات النفوس وتدسيتها بصنوف الشرور والمعاصي، سنة اللّه فى عباده، ولن تجد لسنة اللّه تبديلا.
والمراد بالظالمين هنا الكفار، لأنهم ظلموا أنفسهم بتبديلهم فطرة اللّه التي فطر الناس عليها وعدم اهتدائهم إلى القول الثابت.
أخرج ابن جرير وابن أبى حاتم والبيهقي عن ابن عباس رضى اللّه عنهما « إن الكافر إذا حضره الموت تنزل عليه الملائكة عليهم السلام يضربون وجهه ودبره، فإذا دخل قبره أقعد فقيل له من ربك ؟ لم يرجع إليهم شيئا وأنساه اللّه تعالى ذكر ذلك، وإذا قيل له من الرسول الذي بعث إليك ؟ لم يهتد له ولم يرجع إليه شيئا، فذلك قوله تعالى :(وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ) ».
(وَيَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ) أي وبيده تعالى الهداية والإضلال بحسب ما تقتضيه سننه العامة التي سنها فى عباده، بحسب استعداد النفوس وقبولها لكل منهما، فلا تنكروا قدرته على اهتداء من كان ضالا ولا ضلال من كان منكم مهتديا، فإن بيده تصريف خلقه، وتقليب قلوبهم، يفعل فيهم ما يشاء.
[سورة إبراهيم (١٤) : الآيات ٢٨ الى ٣١]
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ (٢٨) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ (٢٩) وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (٣٠) قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ (٣١)
تفسير المفردات
البوار : الهلاك، يقال رجل بائر وقوم بور كما قال :« وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً » ويصلونها : يقاسون حرها، والأنداد : واحدهم ندّ وهو المثل والشبيه، والمصير : المرجع، والبيع : الفدية، والخلال : المخالّة والصداقة.