ج ١٣، ص : ١٥٣
الإيضاح
عدّد سبحانه الأسباب التي أوقعت هؤلاء الأشقياء ومن شايعهم فى سوء المنقلب وحصرها فى ثلاثة :
(١) (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً) أي ألم تعلم وتعجب من قوم بدّلوا شكر النعمة غمطا لها وجحودا بها، كأهل مكة الذين أسكنهم اللّه حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شىء وجعلهم قوّام بيته، وشرّفهم بإرسال رسوله محمد صلى اللّه عليه وسلّم من بينهم، فكفروا بتلك النعمة فأصابهم الجدب والقحط سبع سنين دابا وأسروا يوم بدر، وصفّدوا فى السلاسل والأغلال، وقتل منهم العدد العديد من صناديدهم ورجالاتهم ممن كانوا يضنّون بهم ويحتفظون بمواضعهم ليوم كريهة وسداد ثغر.
(وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ) أي وأحلوا من شايعهم على الكفر دار الهلاك الذي لاهلاك بعده.
ثم بين هذه الدار فقال :
(جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ) أي هذه الدار هى جهنم دار العذاب التي يقاسون حر نارها، وبئس المستقر هى لمن أراد اللّه به النكال والوبال.
(٢) (وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) أي واتخذوا اللّه الواحد الأحد الفرد الصمد الذي ليس كمثله شى ء - أندادا وشركاء من الأصنام والأوثان، أشركوهم به فى العبادة كما قالوا فى الحجّ : لبيك لا شريك لك، إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك.
(٣) (لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ) أي لتكون عاقبة أمر الذين شايعوهم على ضلالهم، الصدّ والإعراض عن سبيله القويم ودينه الحنيف، والوقوع فى حمأة الكفر والضلال.
ولما حكى اللّه عنهم هذه الهنات الثلاث، تبديل النعمة، واتخاذ الأنداد والأمثال، وإضلال قومهم، أمر نبيه أن يقول لهم على سبيل التهديد والوعيد : سيروا على ما أنتم عليه، فإنه لا فائدة فى نصحكم وإرشادكم والعاقبة النار.