ج ١٣، ص : ١٦١
لا يشعر بإلهام أو شىء خفى، ولكن الحقيقة أن أفعال الإنسان قد تكون نتيجة تفكيره واختباراته ويكون سبب حركاتها ظاهرا وقد تكون أفعاله غير منطبقة على تفكيره واختباراته ولكنه مع ذلك يندفع إلى العمل، وكثيرا ما نشاهد أشخاصا لا يفكرون فى الحج مدة طويلة، ولكن فجأة وبدون سبب ظاهر يصممون على الحج وينفذون إرادتهم، وهذا العمل ظاهره الاختيار طبعا ولكنهم مدفوعون بقوة مسيطرة عليهم أشبه بالغريزة أو الوحى.
وقد أجاب اللّه إبراهيم إلى دعائه، فألهم الناس الحج فى آلاف السنين وإلى ما شاء اللّه، لا فى مدى حياته فحسب وفى هذا إظهار لقدرة الخالق وصدق وعده اه.
(لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) أي رجاء أن يشكروا تلك النعمة بإقامة الصلاة وأداء واجبات العبودية.
وفى هذا إيماء إلى أن تحصيل منافع الدنيا إنما هو ليستعان بها على أداء العبادات وتحصيل الطاعات، وفى دعائه عليه السلام مراعاة للأدب والمحافظة على الضراعة وعرض الحاجة واجتلاب الرأفة، ومن ثم منّ اللّه عليه بالقبول وإعطاء المسئول، ولا بدع فى ذلك فهو خليل الرحمن وأبو الأنبياء جميعا.
(رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ) أي أنت تعلم ما تخفى قلوبنا حين سؤالك ما نسأل، وما نعلن من دعائنا فنجهر به.
(وَما يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) أي ولا يخفى على اللّه شىء يكون فى الأرض أو فى السماء، لأن ذلك كله ظاهر متجلّ له، لأنه مدبره وخالقه، فكيف يخفى عليه.
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ) أي الحمد للّه الذي وهب لى وأنا آيس من الولد لكبر سنى - ولدين : إسماعيل وإسحاق.
(إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ) أي إن ربى لسميع دعائى الذي أدعو به من قولى :
«
اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ »
وقد كان إبراهيم سأله الولد


الصفحة التالية
Icon