ج ١٣، ص : ١٦٦
نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ) أي وحوّف أيها الرسول القوم الظالمين، وازجرهم عما هم عليه من الظلم شفقة بهم - هول يوم العذاب وشدته حين يقولون من الهلع والجزع :
ربنا أرجعنا إلى الدنيا، وأمهلنا أمدا قريبا، نجب فيه دعوة الرسل إلى توحيدك، وإخلاص العبادة لك، بعد أن جحدنا ذلك.
ثم رد عليهم مقالتهم بقوله :
(أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ) أي وحينئذ يقال لهم على سبيل التوبيخ والتقريع : ألم تحلفوا فى الدنيا أنكم إذا متّم لا تخرجون لبعث ولا حساب كما حكى اللّه عنهم « وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لا يبعث اللّه من يموت » فذوقوا وبال أمركم.
أخرج البيهقي عن محمد بن كعب القرظي أنه قال : لأهل النار خمس دعوات يجيبهم اللّه تعالى فى أربع منها، فإذا كانت الخامسة لم يتكلموا بعدها أبدا يقولون :
«
رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا، فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ ؟ » فيجيبهم اللّه عزّ وجلّ « ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ، وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا، فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ » ثم يقولون :« رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ » فيجيبهم جل شأنه :« فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا » الآية، ثم يقولون :« رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ » فيجيبهم تبارك وتعالى :« أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ » الآية، ثم يقولون :« رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ » فيجيبهم جل جلاله « أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ » فيقولون « رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ » فيجيبهم جلا وعلا « اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ » فلا يتكلمون بعدها إن هو إلا زفير وشهيق وحينئذ ينقطع رجاؤهم ويقبل بعضهم ينبح فى وجه بعض وتطبق عليهم جهنم. اللهم إنا نعوذ