ج ١٣، ص : ٧١
الذل والهوان لا يتحولون عنها ولا يبرحونها كفاء ما سولت لهم أنفسهم من سىء الأعمال وما اجترحوا من الموبقات والشرور والآثام :« كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ ».
وبعد أن ذكر تكذيبهم للرسول صلى اللّه عليه وسلّم فى إنكار عذاب يوم القيامة ذكر جحودهم لعذاب الدنيا الذي أوعدهم به، وكانوا كلما هددهم بالعذاب قالوا له جئنا به وطلبوا منه إنزاله، وهذا ما أشار إليه بقوله :
(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ) أي ويستعجلونك بالعقوبة التي هددوا بها إذا هم أصروا على الكفر استهزاء وتكذيبا كما حكى اللّه عنهم فى قوله :« وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ » وفى قوله « وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ » وفى قوله « سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ».
(قَبْلَ الْحَسَنَةِ) أي قبل الثواب والسلامة من العقوبة، وكان صلى اللّه عليه وسلّم يعدهم على الإيمان بالثواب فى الآخرة وحصول النصر والظفر فى الدنيا.
(وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ) أي ويستعجلونك بذلك مستهزئين بإنذارك منكرين وقوع ما تنذرهم به، والحال أنه قد مضت العقوبات الفاضحة النازلة على أمثالهم من المكذبين المستهزئين، فمن أمة مسخت قردة، وأخرى أهلكت بالرجفة، وثالثة أهلكت بالخسف إلى نحو أولئك.
(وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ) أي وإن ربك لذو عفو وصفح عن ذنوب من تاب من عباده فتارك فضيحته بها فى يوم القيامة، ولو لا حلمه وعفوه لعاجلهم بالعقوبة حين اكتسابها كما قال « وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ ».
(وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ) لمن يجترح السيئات وهو متماد فى غوايته سادر