ج ١٤، ص : ٨٩
إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ ؟ وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ » وقوله :« لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً ».
(فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) أي فاسألوا أهل الكتب السابقة من اليهود والنصارى : أبشرا كانت الرسل إليهم أم ملائكة ؟ فإن كانوا ملائكة أنكرتم وإن كانوا بشرا فلا تنكروا أن يكون محمد صلى اللّه عليه وسلّم رسولا.
(بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ) تقول العرب زبرت الكتاب : أي كتبته كما قال تعالى « وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ » أي وما أرسلنا رسلا إلا رجالا بالأدلة والحجج التي تشهد لهم بصدق نبوتهم، والكتب التي تشمل التكاليف والشرائع التي يبلغونها من اللّه إلى العباد.
(وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) أي وأنزلنا إليك القرآن تذكيرا وعظة للناس، لتعرفهم ما أنزل إليهم من الأحكام والشرائع وأحوال القرون المهلكة بأفانين العذاب جزاء عنادهم مع أنبيائهم، وتبين لهم ما أشكل عليهم من الأحكام وتفصل لهم ما أجمل بحسب مراتبهم فى الاستعداد والفهم لأسرار التشريع.
(وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) أي وتوقعا منك، وانتظارا لتفكرهم فى هاتيك الأسرار والعبر، وإبعادا لهم عن سلوك سبيل الغابرين من المكذبين حتى لا يصيبهم مثل ما أصابهم.
ثم حذّرهم وخوّفهم مغبّة ما هم فيه من العصيان والكفر فقال :
(أَ فَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ. أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ. أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) أي أ فأمن الذين مكروا برسول اللّه من أهل مكة، وراموا صد أصحابه عن الإيمان باللّه أن يصيبهم بعقوبة من عنده :
(١) إما بأن يخسف بهم الأرض ويبيدهم من صفحة الوجود كما فعل بقارون من قبل.