ج ١٥، ص : ١٤٣
حالهم وقبح يزّتهم،
روى أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم قال لما نزلت الآية : الحمد للّه الذي جعل فى أمتى من أمرت أن أصبر نفسى معه.
ثم أكد هذا النهى بقوله :
(وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) أي ولا تطع فى تنحية الفقراء عن مجلسك من جعلنا قلبه غافلا عن ذكر اللّه، لسوء استعداده، واتباع شهواته، وإسرافه فى ذلك غاية الإسراف، وتدسيته نفسه، حتى ران الكفر والفسوق والعصيان على قلبه، وتمادى فى اجتراح الآثام والأوزار.
وفى ذلك تنبيه إلى أن الباعث لهم على استدعاء الطرد غفلة قلوبهم عن جناب اللّه، والعمل على ما يقرّب منه، وشغلهم بالأمور الحسية حتى خفى عليهم أن الشرف بحلية النفس لا بزينة الجسد وزخرف الحياة من اللباس والطعام والشرف.
وبعد أن أمر رسوله صلى اللّه عليه وسلّم أن لا يلتفت إلى قول أولئك الأغنياء الذين قالوا إن طردت أولئك الفقراء آمنا بك - أمره أن يقول لهم ولغيرهم على طريق التهديد والوعيد : هذا هو الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر، وقد أشار إلى ذلك بقوله :
(وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ، فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) أي قل أيها الرسول لأولئك الذين أغفلنا قلوبهم عن الذكر، واتبعوا أهواءهم : هذا الذي أوحى إلىّ هو الحق من عند ربكم، وهو الذي يجب عليكم اتباعه والعمل به، فمن شاء أن يؤمن به ويدخل فى غمار المؤمنين، ولا يتعلل بما لا يصلح أن يكون معذرة له فليفعل، ومن شاء أن يكفر به وينبذه وراء ظهره فأمره إلى اللّه، ولست بطارد لأجل أهوائكم من كان للحق متّبعا، وباللّه وبما أنزل علىّ مؤمنا.
وخلاصة ذلك - إننى فى غنى عن متابعتكم، وإننى لا أبالى بكم ولا بإيمانكم، وأمر ذلك إليكم، وبيد اللّه التوفيق والخذلان، والهوى والضلال، وهو لا ينتفع بإيمان