ج ١٦، ص : ١٦٥
ولا يفعل بهم ما فعل بغيرهم من عذاب الاستئصال، كما قال :« بل الساعة موعدهم » لعجّل لهم العذاب كفاء ما قاموا به من تكذيب الرسول وإيذائه.
وقد جعل العلماء من الحكمة فى تأخير العذاب أنه ربما تاب بعضهم أو خرج من أصلاب بعضهم من يؤمن، فيكون فى ذلك إكرام لنبيّه، ورحمة لأمته، وتكثير لسواد أتباعه، وإلى ذلك
أشار صلّى اللّه عليه وسلّم بقوله :« وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه اللّه إلىّ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا ».
وبعد أن أخبر سبحانه بأنه لا يهلك أحدا قبل استيفاء أجله - أمره بالصبر على ما يقولون فقال :
(فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار) أي فاصبر أيها الرسول على ما يقول هؤلاء المكذبون بآيات اللّه من نحو قولهم : إنك لساحر، وإنك لمجنون، وإنك لشاعر، واشتغل بتنزيه اللّه تعالى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها وفى ساعات الليل المختلفة وفى أطراف النهار، والمراد من مثل ذلك عموم الأوقات،
وفى صحيح مسلم سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول :« لن يلج النار أحد صلّى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ».
فى الصحيحين وغيرهما من حديث جرير قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم « إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون فى رؤيته، فإن استطعتم ألا تغلبوا عن صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا وقرأ هذه الآية ».
وعن أبى هريرة قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم « يقول اللّه تعالى يا بن آدم تفرّغ لعبادتى أملأ صدرك غنى وأسدّ فقرك، وإن لم تفعل ملأت صدرك شغلا ولم أسد فقرك ».
وعن زيد بن ثابت سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول :« من كانت الدنيا همه، فرّق اللّه عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له ».


الصفحة التالية
Icon