ج ١٦، ص : ٣٦
عن مباضعة النساء، أ بأن تقوّينى على ما ضعفت عنه من ذلك، وتجعل زوجى ولودا وأنت القادر على ما تشاء، أم بأن أتزوج زوجا غير تلك العاقر ؟
وخلاصة ذلك - إنه يستثبت ربه الخبر عن الوجه الذي يكون من قبله الولد الذي بشره به، لا إنكار منه لذلك وكيف يكون منه الإنكار لذلك وهو المبتدئ مسألة ربه به بقوله : فهب لى من لدنك وليا.
وإجمال المعنى - إنه تعجب حين أجيب إلى ما سأل وبشّر بالولد، وفرح فرحا شديدا وسأل عن الوجه الذي يأتيه منه الولد، مع أن امرأته عاقر لم تلد من أول عمرها، والآن قد كبرت وهو قد كبر وعتا : أي يبس عظمه ونحل ولم يبق له قدرة على قربان النساء، وكأنّه يقول : إنى حين كنت شابا وكهلا لم أرزق الولد لاختلال أحد السببين وهو عقم المرأة، أ فحين اختل السببان أرزقه ؟
(قال كذلك) أي قال اللّه تعالى : الأمر كما قلت، فسنهب لك الولد مع ما أنتما عليه من العقم والشيخوخة.
ثم علل هذا بقوله :
(قال ربك هو على هين) أي قال ربك الذي عوّدك الإحسان : خلق ولد منكما على هذه الحال هيّن، فإنى إذا أردت شيئا كان دون توقف على الأسباب العادية التي رسمتها للحمل والولادة.
ثم ذكر له ما هو أعجب مما سأل عنه فقال :
(و قد خلقتك من قبل ولم تك شيئا) أي وليس خلق الغلام الذي وعدتك أن أهبه لك مع كبر سنك وعقم زوجك بأعجب من خلق البشر جملة من العدم، فإن خلق آدم ما هو إلا أنموذج لسائر أفراد الجنس، مستتبع لجريان آثاره عليه، فإبداعه عليه السلام على هذا النمط إبداع لجميع أفراد ذريته، والقادر على خلق الذوات والصفات من العدم المحض يكون أجدر بالقدرة على تبديل الصفات بخلق الولد من الشيخ والشيخة.