ج ١٦، ص : ٣٨
(فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا) أي فأومأ إليهم وأشار كما جاء فى الآية الأخرى « إلا رمزا » أي سبحوا اللّه ونزهوه عن الشريك والولد، وعن كل نقص طرفى النهار.
وقد كان أخبرهم بما بشر به قبل وجود الآية، فلما تعذّر عليه الكلام أشار إليهم بحصول ما بشّر به من ذلك الأمر العجيب فى مجرى العادة فسرّوا به.
فلما ولد وبلغ سنا يؤمر فيه مثله قلنا :
[سورة مريم (١٩) : الآيات ١٢ الى ١٥]
يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (١٢) وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا (١٣) وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا (١٤) وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (١٥)
تفسير المفردات
الكتاب : هو التوراة، والقوة : الجد والاجتهاد، والحكم والحكمة : الفقه فى الدين، وحنانا : أي عطفا على الناس، وزكاة : أي طهارة من الذنوب والآثام، تقيا : أي مطيعا لأمر ربه، منتهيا عما نهى عنه، وبرا بوالديه : أي كثير البر والإحسان إليهما، جبارا :
أي متعاليا عن قبول الحق والإذعان له، عصيا : أي مخالفا أمر مولاه، سلام : أي أمان من اللّه عليه.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه دعاء زكريا ربه أن يهبه غلاما سريا، وذكر أنه أجاب طلبه وجعل لذلك أمارة يعلم منها وقت الحمل به - ذكر هنا أنه بعد أن ظهر ذلك المولود إلى عالم الوجود وترعرع ونما، أمره بالجد والعمل لطاعته، وجعله برّا بوالديه، لا يعصى أوامر ربه، ولا يتعالى عن قبول الحق.


الصفحة التالية
Icon