ج ١٦، ص : ٤٣
ونحو الآية قوله فى سورة آل عمران :« كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ».
(ولنجعله آية للناس) أي وفعلنا ذلك لنجعل خلقه برهانا على قدرتنا، فقد خلقنا أباهم آدم من غير ذكر ولا أنثى، وخلقنا عيسى من أنثى فحسب، وخلقنا بقية الذرية من ذكر وأنثى، وإلى الأولين أشار القائل :
ألا رب مولود وليس له أب وذى ولد لم يلده أبوان
(ورحمة منا) أي ورحمة من اللّه لعباده، إذ بعثه نبيا يدعوا إلى عبادته وتوحيده.
(و كان أمرا مقضيا) أي قد قضاه اللّه فى سابق علمه، ومضى به حكمه، فلا يغير.
ولا يبدّل :« ما يبدل القول لدى وما أنا بظلام للعبيد ».
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٢٢ الى ٢٦]
فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا (٢٢) فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا (٢٣) فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (٢٤) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا (٢٥) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (٢٦)
تفسير المفردات
فانتبذت : أي فاعتزلت، قصيا : أي بعيدا من أهلها وراء الجبل، فأجاءها المخاض :
أي فألجأها واضطرها، والمخاض : الطلق حين تحرك الولد للخروج من البطن والنسى :
(بفتح النون وكسرها) الشيء الحقير الذي من شأنه أن ينسى ولا يذكر ولا يتألم لفقده كالوتد والحبل، والمنسى : ما لا يخطر بالبال لتفاهته، والسرىّ : السيد الشريف،


الصفحة التالية
Icon