ج ١٦، ص : ٤٧
قبل من صلاحها، والمهد : الموضع يهيّأ للصبى ويوطّأ له والجمع مهود، والكتاب :
الإنجيل، مباركا : نفّاعا للناس، أو ثابتا فى دين اللّه، الجبار : المتعظم الذي لا يرى لأحد عليه حقا، والشقي : العاصي لربه.
الإيضاح
(فأتت به قومها تحمله قالوا : يا مريم لقد جئت شيئا فريا) أي إن مريم حين أمرت أن تصوم يومها، ولا تكلم أحدا من البشر، وأنها ستكفى أمرها ويقام بحجتها - سلمت أمرها إلى اللّه، واستسلمت لقضائه، فأخذت ولدها وأتت به قومها تحمله، فلما رأوها كذلك أعظموا ما رأوا، واستنكروا وقالوا يا مريم، لقد جئت أمرا عظيما منكرا.
ثم زادوا تأكيدا فى توبيخها وتعييرها فقالوا :
(يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء، وما كانت أمك بغيا) أي يا من أنت من نسل هارون أخى موسى، كما يقال للتميمى يا أخا تميم، وللمصرى يا أخا مصر، أو يا من أنت شبيهة بذلك الرجل المسمى بهذا الاسم الذي كنت تتأسّين به فى العبادة والزهد - ما كان أبوك بالفاجر وما كانت أمك بالبغىّ، فمن أين لك هذا الولد ؟ !.
أخرج أحمد ومسلم والترمذي والنسائي وعبد بن حميد وابن أبى شيبة وغيرهم عن المغيرة بن شعبة قال « بعثني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى أهل نجران فقالوا : أ رأيت ما تقرءون (يا أخت هارون) وموسى قبل عيسى بكذا وكذا، قال فرجعت، فذكرت ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال : ألا أخبرتم أنهم كانوا يسمون بالأنبياء والصالحين قبلهم »
وهذا التفسير النبوي يغنى عن سائر ما روى عن السلف فى ذلك.
(فأشارت إليه) أي فأشارت إلى عيسى أن كلّموه، وإنما اكتفت بالإشارة ولم تأمره بالنطق، لأنها نذرت للرحمن صوما عن الكلام، أو اقتصرت على ذلك


الصفحة التالية
Icon