ج ١٦، ص : ٦٧
خلفهم ممن أضاعوا واجباته، وأقبلوا على شهوات الدنيا ولذاتها، وأعقب هذا بذكر ما ينالهم من النكال والوبال فى الآخرة إلا من تاب وأناب، فإن اللّه يقبل توبته، ويحسن عاقبته، ويجعله من ورثة جنة النعيم، ولا ينقصه شيئا من جزاء أعماله. قال مجاهد : نزلت هذه الآية فى قوم من هذه الأمة يتراكبون فى الطرق كما تراكب الأنعام، لا يستحيون من الناس، ولا يخافون من اللّه فى السماء.
وأخرج أحمد وابن حبان والحاكم فى جماعة آخرين عن أبى سعيد الخدري قال :
سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وتلا هذه الآية قال :« يكون خلف من بعد ستين سنة أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا، ثم يكون خلف يقرؤن القرآن لا يعدو تراقيهم، ويقرأ القرآن ثلاثة : مؤمن، ومنافق، وفاجر ».
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن عقبة بن عامر قال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال :« سيهلك من أمتى أهل الكتاب وأهل اللبن قلت يا رسول اللّه ما أهل الكتاب ؟ قال : قوم يتعلمون الكتاب يجادلون به الذين آمنوا. قلت وما أهل اللبن ؟ قال : قوم يتبعون الشهوات، ويضيعون الصلوات ».
الإيضاح
(فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات) أي فجاء من بعد الأنبياء الذين ذكروا - خلف سوء خلفوهم فى الأرض كاليهود والنصارى ومن على شاكلتهم من أهل الضلال، إذ تركوا الصلوات المفروضة عليهم، وآثروا شهواتهم على طاعة اللّه، فانكبوا على شرب الخمور، وشهادة الزور، ولعب الميسر، وإتيان الفاحشة خفيّة وعلانية.
ثم ذكر عاقبة أعمالهم، وسوء مآلهم فقال :
(فسوف يلقون غيّا) أي شرا وخسرانا، لإهما لهم أداء واجبات الدين، وانهما كهم فى المعاصي والآثام.