ج ١٦، ص : ٧٢
(رب السماوات والأرض وما بينهما) فلا يجوز عليه النسيان، فإن من بيده ملكوت كل شىء، كيف يتصور أن تحوم حوله الغفلة والنسيان.
ثم بين ما ينبغى لرسوله أن يفعله بعد أن عرف هذا فقال :
(فاعبده واصطبر لعبادته) أي وإذ قد علمت أنه الرب المسيطر على ما فى السموات والأرض وما بينهما، القابض على أعنّتهما، فاعبده ودم على مشاقّ العبادة وشدائدها، وإياك أن يصدّك عنها ما يحدث من إبطاء الوحى وتقوّل المشركين الخرّاصين عن سببه :
ثم أكد الأمر بالعبادة بقوله :
(هل تعلم له سميا ؟ ) أي هل تعلم له شبيها ومثلا يقتضى العبادة لكونه منعما متفضلا بجليل النعم وحقيرها، ومن ثم يجب تعظيمه غاية التعظيم بالاعتراف بربوبيته، والخضوع لسلطانه ؟.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٦٦ الى ٧٢]
وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (٦٦) أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً (٦٧) فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (٦٨) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا (٦٩) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا (٧٠)
وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا (٧١) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا (٧٢)
تفسير المفردات
يذكر : أي يتذكر ويتفكر، لنحشرنهم : أي لنجمعنهم، جثيا : واحدهم جاث وهو البارك على ركبتيه، شيعة : أي جماعة تعاونت على الباطل وتشايعت عليه